ماذا نعرف عن روابط القرى التي يبحث الاحتلال عن نموذج يشببها في غزة؟
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
تعيد ما كشفته المقاومة الفلسطينية، ووسائل إعلام عبرية، من محاولة الاحتلال، خلق فوضى في قطاع غزة، عبر خطة تتعاون فيها مع عشائر وعائلات كبرى في القطاع، لإدارة شؤونه، بدلا من حركة حماس، ما عرف في التاريخ الفلسطيني بروابط القرى.
وكشفت قناة "كان" العبرية مؤخرا أن خطة "الجيش الإسرائيلي" لما بعد الحرب في غزة، تتضمن تقسيم القطاع إلى مناطق ونواح تحكمها العشائر، وتتولى مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية، بحيث تسيطر كل عشيرة على منطقة.
وظهرت فكرة ما عرف بروابط القرى في عام 1976، عبر الجنرال يغئال كرمون، الحاكم العسكري لمدينة الخليل، خلال اجتماع مع رئيس بلدية الخليل محمد علي الجعبري، من أجل البحث عن قيادة بديلة لمنظمة التحرير وإضعاف نفوذها، لكن التطبيق الفعلي بدأ بعد ذلك بعام.
وتصدر تطبيق فكرة روابط القرى، مناحيم ميلسون، مستشار الشؤون العربية في مقر القيادة العسكرية للضفة، وبدأ البحث عن شخصيات تقبل التعامل مع الاحتلال، من أجل خلق جسم جديد، لتولي شؤون الفلسطينيين في الضفة.
وتزامن البحث عن تشكيل روابط القرى، مع وجود الوزير الأردني السابق، مصطفى دودين، والذي شغل منصب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومتين، في بلدته دورا الخليل، وهو الشخصية الذي وجد فيه ميلسون ضالته ليتولى هذه المهمة.
وأعلن رسميا عن تشكيل روابط القرى، في تموز/يوليو 1978، وبدأت بما يعرف برابطة قرى الخليل، وكان يرأسها دودين، وخرجت بشعارات تتحدث عن مساعدة المزارعين الفلسطينيين، ودعمهم وتطوير أساليب الزراعة.
وكان الاحتلال يستهدف من خلال، تشكيل جسم عميل له، السيطرة على الفلسطينيين في الضفة الغربية، عبر تقليل الاحتكاك المباشر معهم، وترك هذه المهمة لعملائه.
وعملت روابط القرى على إثارة النعرات والعنصريات بين الفلسطينيين، بمكافة مكوناتهم، خاصة سكان المدن والفلاحين منهم، ورغم الدعم الذي تلقته من الاحتلال، إلا أنها قوبلت من عموم الفلسطينيين بالرفض باعتبارها جسما عميلا للاحتلال.
وقدم الاحتلال، إغراءات للفلسطينيين، من خلال قيادة روابط القرى، من أجل جذبهم إليها، وخاصة الفلاحين منهم، عبر المشاريع الزراعية والمساعدات، وسعى بعد ذلك إلى توسيعها لتشمل مسائل الصحة والتربية والخدمات العامة.
لكن في المقابل، وبالإضافة إلى الإغراءات، خضع الفلسطينيون للترهيب من قبل الاحتلال، بأن المشاريع في القرى والبلدات لن يتم السماح بها، إلا عبر بوابة روابط القرى، والتي ستشرف عليها بصورة مباشرة.
تمدد الروابط:
بعد نجاح الاحتلال بتجربته في خلق رابطة الخليل، بدأت التمدد إلى المدن الفلسطينية الأخرى، فنشأت رابطة رام الله، بعد تهديد المخاتير في المدينة، ونصب على رأسها يوسف الخطيب مختار بلدة بلعين عام 1980.
أما في عام 1981،أعلن الاحتلال قيام رابطة بيت لحم، وتولى رئاستها بشارة قمصية من بلدة بيت ساحور، والذي أعلن تأييده للتفاوض مع الاحتلال، وما يعرف بالسلام معه.
وشكلت بعد ذلك روابط في كل من نابلس برئاسة جودة صوالحة وجنين برئاسة يونس كمال الحنتولي، وقلقيلية برئاسة إسماعيل مرزوق عودة.
وبدأ الاحتجاج الأول على روابط القرى، وعمالتها للاحتلال، في نابلس، بعد تظاهر السكان ضد تشكيلها، ما دفع الاحتلال لمواجهتهم وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.
تبع ذلك نشاط كبير للنقابات المهنية والهيئات الاجتماعية ومجالس الطلاب، لمواجهة تلك الروابط، واعتبارها أجساما عميلة للاحتلال، والسعي للتخلص منها.
ويعتبر اغتيال يوسف الخطيب رئيس رابطة قرى رام الله، مع نجله جميل، في أواخر 1981، بداية الشرارة لإنهاء الروابط التي اخترعها الاحتلال بقوة السلاح، من قبل الفلسطينيين، وهو ما دفع وزير حرب الاحتلال أرئيل شارون إلى تقديم السلاح للجسم العميل، وتزويده بعربات عسكرية وأجهزة اتصالات وتشكيل مليشيات مسلحة لإخضاع الفلسطينيين بالسلاح.
وقامت المليشيات التابعة لروابط القرى باستعراضات عسكرية، بأسلحتها وآلياتها التي حصلت عليها من الاحتلال، في المدن الفلسطينية، من أجل إرهاب الفلسطينيين، وتأكيد وجودها، وبدأت بممارسة دورها في قمعهم وإطلاق النار عليهم واغتيال كل من يواجه الاحتلال أو يواجههم.
وفي عام 1982، أصدر رئيس الوزراء الأردني، مضر بدران، بصفته الحاكم العسكري العام للضفة الغربية، والتي لم يكن قد جرى فك ارتباطها بالأردن، بإصدار أمر لرؤساء وأعضاء روابط القرى، الذين اعتبروا عملاء للاحتلال، بالانسحاب من الجسم المشكل، وإمهالهم مدة شهر للقيام بذلك، وإلا فسيحاكموا بتهمة التعامل مع العدو، وهذه التهمة وفقا للقانون العسكري الأردني، تصل عقوبتها إلى الإعدام.
نهاية سوداء
شهدت روابط القرى، نكسات متعددة، كان أبرزها استقالة وزير حرب الاحتلال، أرئيل شارون، بعد مذبحة صبرا وشاتيلا في لبنان، وقدوم وزير آخر، أقل حماسا لفكرة الروابط، وهو ما أدى إلى تراكم أزماتها وانفراط جمعها.
وبدأت الضربات لروابط القرى باستقالة رئيسها مصطفى دودين، دون توضيح الأسباب، في عام 1983، تبعه جميل الخطيب رئيس دائرة المشاريع فيها، إضافة إلى انهيار الجسم الإعلامي لها، والذي كان على شكل صحيفة تسمى المرآة.
ورغم الخدمات الكبيرة والعمالة التي قدمها دودين للاحتلال، إلا أنه وجه له تهم اختلاس مئات آلاف الشواكل من صندوق الاتحاد، وطالبه بإعادتها.
كما أن سلطات الاحتلال، ومن أجل تقويض روابط القرى، بعد فشلها بالمهام المطلوبة منها، فتحت الباب أمام تقديم شكاوى بحق مسؤوليها وأعضائها، وجرى التحقيق في اتهام يوسف الخطيب، رئيس رابطة رام الله وعدد من عناصره، بالاعتداء بالضرب على 66 فلسطينيا من قرية بدو وقطنة، فضلا عن توجيه اتهامات لجميل الخطيب ويوسف الخطيب وسمير قمصية باستعمال العنف والتهديد بالسلاح.
ورغم فتح ملفات تحقيق لعدد من مسؤولي روابط القرى، إلا أن بعضهم حصل على مكافأة بمنحه هوية الاحتلال، مثل تحسين منصور ويونس حنتولي، والبعض الآخر جرى تسهيل هروبه لخارج فلسطين مثل جميل العملة وسمير قمصية، أما بقية المسؤولين والعناصر، فباتوا موصومين بالعمالة بين أفراد المجتمع الفلسطيني بعد حل كافة روابط القرى وإنهاء هذا المشروع.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال غزة عملاء غزة الاحتلال عملاء المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی عام من أجل
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يوجه المحافظين بالتوسع في نموذج "سوق اليوم الواحد"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ترأس اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الاجتماع الرابع لمجلس المحافظين، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وذلك بحضور الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية.
واستهل رئيس الوزراء الاجتماع بالتقدم بخالص التهنئة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والمحافظين، وأبناء الشعب المصري، بمناسبة قرب حلول العام الميلادي الجديد، متمنياً أن يعيد الله هذه المناسبة على مصر وشعبها بالأمن والرخاء.
ووجه الدكتور مصطفى مدبولي المحافظين بأهمية المتابعة الميدانية الدورية للأسواق، للتأكد من توافر السلع المُختلفة بالكميات اللازمة؛ والأسعار المناسبة للمواطنين، مع العمل على زيادة المنافذ لطرح مختلف السلع لضمان اتساع دائرة المستفيدين منها.
وأشار رئيس الوزراء في هذا الصدد إلى أهمية التركيز على المبادرات الخاصة بطرح السلع بأسعار مخفضة، ضمن مساعي الدولة لتخفيف الأعباء عن المواطنين، مع التوسع في نموذج "سوق اليوم الواحد" بالعديد من المدن بالمحافظات المختلفة، على أن يتم تنظيمه على يومين وليس يوماً واحداً، حيث يمثل نموذجاً ناجحاً لتوفير السلع بأسعار مناسبة.
كما وجه الدكتور مصطفى مدبولي المحافظين بالمتابعة الدائمة للمنشآت الخدمية، للوقوف على أوضاع الخدمات المقدمة للمواطنين ومدى جودتها وتيسيرها، مشدداً أيضاً على ضرورة الاهتمام بشكاوى المواطنين وتكثيف اللقاءات بهم لتحقيق التواصل المباشر والمستمر معهم، بالإضافة إلى مواصلة اللقاءات الدورية مع أعضاء البرلمان للعمل على حل مشكلات دوائرهم، لافتاً كذلك إلى الأهمية البالغة لسرعة الرد على الشائعات بإيضاح الحقائق.
وخلال الاجتماع، عرض الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، الخطة العاجلة للاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية؛ بهدف الوصول إلى معدل إنجاب 2.1 لكل سيدة بحلول 2030، مستشهداً بإحصائيات معدلات الانجاب الكلي خلال الفترة من 2021 حتى 2023.
وأكد نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية، أنه سيتم العمل في الخطة العاجلة اعتباراً من أول يناير القادم ولمدة 6 أشهر في عدد 16 منطقة تستهدف ما يزيد عن 750 ألف نسمة، موزعين بمحافظات الوجه القبلي والبحري، وتشمل المناطق، مركز الفشن بمحافظة بني سويف، ومركز مغاغة بمحافظة المنيا، ومركز ديروط بمحافظة أسيوط، ومركز أبو تشت بمحافظة قنا، ومركز أرمنت بمحافظة الأقصر، ومركز أبو المطامير بمحافظة البحيرة، ومركز بلبيس بمحافظة الشرقية، ومركز زفتي بمحافظة الغربية، ومركز البدرشين بمحافظة الجيزة، ومركز منوف بمحافظة المنوفية، ومدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر، ومدينة السلوم بمحافظة مطروح، ومركز الداخلة بمحافظة الوادي الجديد، وأحياء العامرية والعجمي بمحافظة الإسكندرية، ومركز القنطرة غرب بمحافظة الإسماعيلية.
وأشار الدكتور خالد عبد الغفار، إلى أن الخطة العاجلة تستهدف تحسين الخصائص السكانية الاجتماعية والاقتصادية من خلال خفض البطالة، ونسبة الأمية وغياب الوعي، وخفض نسب زواج الأطفال، والقضاء على الجهل التعليمي، والحد من التسرب من التعليم، وذلك من خلال حزمة من الإجراءات تشمل تعظيم اللامركزية في إدارة الملف السكاني من خلال مشاريع محلية في المحافظات، والتطوير المؤسسي وتفعيل دور المجلس القومي للسكان بجميع محافظات الجمهورية، وكذا تطوير ورفع كفاءة مراكز الرعاية الصحية الأولية.
كما تضمن العرض خطة تقييم الإجراءات المقرر تنفيذها في إطار الخطة العاجلة وفق توقيتات زمنية محددة، بمتابعة مُباشرة من كل السادة المحافظين بالمحافظات المدرجة ضمن الخطة.
من جانبها، عرضت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، عدداً من الملفات، حيث تناولت حصراً للأراضي التي تصلح لإقامة مشروعات سياحية، وذلك في إطار توجه الدولة لتحفيز القطاع الخاص على التوسع في المشروعات السياحية لزيادة القدرة من الغرف الفندقية في مصر، وشملت الأراضي المقترحة 186 قطعة في 20 محافظة.
كما تطرقت الوزيرة إلى معدلات الأداء ونسب التنفيذ لإجراءات تقنين واسترداد أراضي الدولة، حتى 17 ديسمبر 2024، موضحة أنه تم التقدم بنحو 280 ألف طلب، في 18 محافظة، بنسبة إنجاز تخطت الـ 70%، وبلغ إجمالي الأراضي المستردة 19124 قطعة.
وفي سياق آخر، تطرقت الدكتورة منال عوض إلى جهود وزارة التنمية المحلية لرفع كفاءة 123 ألف منزل، ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، وذلك بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي ومؤسسات المجتمع المدني، مُشيرةً إلى أن هذه الجهود تستهدف رفع كفاءة منازل الفئات الأولى بالرعاية في قُرى المرحلة الأولى من مبادرة "حياة كريمة"، عبر جهود رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص.
كما أشارت الوزيرة إلى الاجتماع الذي عقدته مؤخرًا مع نوريا سانز، مدير مكتب اليونسكو الإقليمي بالقاهرة، بمشاركة عدد من المحافظين ونوابهم عبر تقنية "فيديو كونفرانس"؛ وذلك لتعريفهم بشبكة المدن المُبدعة التابعة لليونسكو وتشجيع المزيد من المدن المصرية على الانضمام إليها.
وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة منال عوض، إن انضمام المدن المصرية إلى شبكة اليونسكو للمدن المبدعة، يُسهم في تعزيز رؤية المدينة وهويتها الثقافية على المستوى العالمي، واستثمار أصولها الثقافية الفريدة لتعزيز السياحة المحلية وخلق فرص العمل، وتحسين جودة الحياة لسكانها والانخراط في شراكات ديناميكية، إلى جانب الاستفادة من موارد اليونسكو في دعم المبادرات الثقافية، وجذب الاستثمارات والموارد لها.