ذاكرة الأجداد.. تحكي قصص ترائي هلال رمضان ما بين الأمس واليوم
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
تنقل روايات الأجداد في كل عام, شريط ذكريات الماضي لحواس أحفادهم المستمعين لقصص تحري استطلاع هلال شهر رمضان المبارك، حيث يستذكر الأجداد حكايات الترائي قبل توسع علوم الفلك وأدوات الرصد الإلكترونية، وانعدام انتشار الراديو، والتلفاز حيث كانت المجتمعات المحلية تترقب إعلان واستطلاع رؤية الهلال بالعين المجردة دون غيرها، وعند رؤية الهلال يستبشر الأهالي بالخير وتعم الفرحة.
أساليب متنوعة تنقلها روايات الأجداد في إيصال خبر حلول شهر رمضان سواءً من خلال الأسلحة التقليدية لما يصدر عنها من ضجيج يدوي صداها القرى القريبة والمجاورة، أو عن طريق إشعال مجموعات من الحطب في أعالي الجبال بما يسمى “بالمشاعل” لترى الأعين المجاورة أدخنة الدلالة على إتمام شعبان، وكذلك ترقب سماع صوت المدافع الموجودة والقريبة من أماكن تجمع الناس، لتبلغهم هذه الأساليب بالخبر اليقين بموعد الشهر الفضيل.
وتجسد روايات الأجداد الذكريات السعيدة التي حملت في طياتها العديد من القصص عن قرب شهر رمضان المبارك, ناقليها إلى أحفادهم لإشباع فضولهم الدائم، في سرد المواقف الراسخة من خلال شريط الزمن لحياتهم وحياة آبائهم من قبلهم حين رؤية الهلال بالعين المجردة، قبل وجود ممكنات الاستطلاع الحديثة وأجهزة نقل الخبر في عولمة التكنلوجيا المعاصرة، حيث كانت أعينهم الخبيرة والثاقبة ذات البصر الحاد, بمثابة نبأ معلوم تحدد به علامات دخول شهر رمضان.
ويروي لـ “واس” المواطن عبدالجابر بن جابر أحمد الشيخ الذي بلغ من العمر قرابة 100 عام قائلاً:” إن استطلاع وتحري هلال شهر رمضان المبارك في كل عام, ارتبط بذاكرة الأجداد وينقله الآباء إلى الأجيال الأخرى، حيث كان فضول المعلومة لدينا ونحن صغار، تلازم أجدادنا لسماع قصص ترائي الهلال، ونمكث كل عام قبل غروب الشمس في جوٍ يسوده الهدوء بأعالي قمم جبال قريتنا، أو عبر أراضينا المنبسطة صافية الأجواء، نتحرى برفقتهم هلال شهر الخير, ونشاهد أمامنا التدرج الزمني لنزول قرص الشمس قبل الغروب, حتى احمرار الشفق، وقرب انسدال الغسق بنصف ساعة مما تثير هذه الألوان ومناظرها البهية المتغيرات التي تطرأ بها من إعجاب نتداول رواياته لأمهاتنا في المنازل بكل إعجاب.
ويضيف خلال حديثة: أجدادنا يذكرون لنا بحكمتهم التي يمتلكونها ورصانة معلوماتهم، ما جسدته الذكريات عن قرب شهر رمضان المبارك، والمواقف السعيدة التي حملت في طياتها العديد من القصص، والمواقف الجميلة في الترائي بالعين المجردة، قبل وجود ممكنات الاستطلاع المتطورة، وكذلك نشاهد ما يحظى به بعض أفراد القرية من تميز في حدة البصر وهم ندرة من الأشخاص، وعند رؤية الهلال, تعم الابتسامة على محيا الجميع, باستقبال الشهر الفضيل في جوٍ يسوده الألفة والمحبة والترابط بين أفراد العائلة الواحدة والمجتمع، مؤكدًا أن لرؤية هلال رمضان في الماضي طابعاً مختلفاً ومن هذه اللحظة نبدأ بالاحتفاء بقدوم شهر الخير، وتبادل التهنئة والتبريكات.
من جانبه أوضح لـ ” واس” الفلكي خبير مرصد الشمس ورصد الأهلة محمد بن ردة الثقفي, تطورات مراحل تحري رؤية هلال شهر رمضان في العصر الحديث، مشيرًا أنه في كل عام تستعد المراصد الفلكية الموثوقة في جميع مناطق المملكة في يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان لتحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك وهذا ما نعيشه حديثاً في نقلهم للخبر اليقين باستخدام كافة الأدوات التخصصية مثل التلسكوبات وكمرات التصوير الإلكترونية والدرابيل، التي أسهمت -ولله الحمد- في تطوير طرق تحرّي وثبوت رؤية الهلال، إذ لم تقتصر الرؤية في العصر الحديث على العين المجردة فقط، بل دعمت بالتقنية الحديثة لتتبع ولادة الهلال وقت النهار حتى مراحل ما بعد غروب الشمس.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية شهر رمضان المبارک هلال شهر رمضان رؤیة الهلال کل عام
إقرأ أيضاً:
«البروبي» طبق من التراث.. سيدات أسوان يحيين حرفة الأجداد بعد قرن من الانقراض
اشتهر أهالي قرية غرب أسون، على مستوى العالم، بإتقانهم وتميزهم فى حرفة يدوية يطلق عليها «البروبى»، ومع أن أناملهم قد هجرت غزلها منذ نحو 100 عام، فإنهم عادوا إليها مرة أخرى، ليحيوا مواهب أجدادهم، بعد نجاح المجلس التصديرى للحرف اليدوية والصناعات الإبداعية فى إعادة التراث النوبي لأطباق البروبى للاستخدام مرة أخرى، من خلال إلقاء الضوء عليه أثناء التدريب على الحرف اليدوية الذى تجريه جمعية الغلالاب بقرية غرب أسوان.
يحكى حمدي أبازيد، رئيس مجلس إدارة جمعية الغلالاب لتنمية المجتمع بقرية غرب أسوان، لـ«الوطن»، أن حرفة «البروبى» تراث خاص بأهالى قرية غرب أسوان على مستوى العالم، وكانت قد انقرضت: «حرفة البروبى تتحدث عن أصالة وجمال التراث النوبي بأسوان بأيادٍ مبدعة لأجدادنا منذ أكثر من قرن، والتى كانت تقوم بتطعيم خوص النخيل بسيقان الشعير الذهبية أو الملونة باستخدام الصبغة النباتية الصديقة للبيئة، والتي عادت للنور مرة أخرى، من خلال التدريب الذى تم لسيدات القرية على مدار 4 أيام بالجمعية».
تفعيل مبادرة «حقق حلمك»وشكر «أبازيد» المجلس التصديرى للحرف اليدوية والصناعات الإبداعية وكل الجهات الشريكة، لنجاحهم الكبير والمثمر فى تفعيل مبادرة «حقق حلمك»، من خلال برنامج دعم مقدمي الخدمات بالقطاع السياحى لتطوير مهارات أصحاب الحرف الإبداعية، والتى استهدفت جنوب الصعيد، وخاصةً أسوان، لتدريب الحرف اليدوية المختلفة، والذى تم من خلاله إحياء حرفة البروبى والحفاظ عليها من الانقراض.
تعلّم «البروبى» بقرية غرب أسوانسعادة شهدتها نادية محمد إسماعيل، المسئولة عن التدريب بجمعية الغلالاب بقرية غرب أسوان، غمرت المتدربات، وتحكى عما عاشته خلال فترة التدريب: «المتدربات كنّ سعيدات لتمكنهن من تعلّم البروبى، وبدأن بخطوة حقيقية فى الحفاظ على تراث أجدادهن، والتى بدأت خلال التدريب بعمل أول طبق بروبى، تم إنتاجه من جديد، ونشعر بالفخر فى هذه اللحظة التى يشهد لها التاريخ».
إعادة حرفة الأجداد إلى النورواحتفى المجلس التصديرى للصناعات اليدوية، عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، بحماس أهالي أسوان فى إعادة حرفة الأجداد إلى النور، معبرين عن ذلك بعبارات يغمرها الفخر بالتراث المصري: «ده نجاح للتراث المصرى كله، أسوان وأهلها كانوا وما زالوا مصدر الإلهام.. ناس بسيطة، لكن بداخلهم عزيمة تقدر تهز جبال.. لما بدأت جولة المجلس التصديرى للحرف اليدوية فى جنوب الصعيد تفعيلاً لمبادرة (صمم فى مصر)، كعلامة جماعية تدل على جودة المنتجات المصرية كان هدفنا واضح: نحافظ على تراثنا ونحميه».
ورغم كل التحديات، أثبت أهل أسوان أنهم دائماً على قدر التحدى، ونبدأ خطوة حقيقية نحو حلم أكبر وهو الحفاظ على تراثنا للأجيال الجاية، مشهد أول طبق بروبى تم إنتاجه بعد حوالى 100 سنة كان لحظة مهيبة، مليانة فخر وشعور إن تعبنا ما راحش هدر».