مرت أسابيع على إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأركان حكومته عزمه اجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والذي واجه مطالبة أميركية بضمان سلامة المدنيين قبل شن الهجوم.
ومع اشتداد الانتقادات الدولية للاستهداف المركز للمدنيين من قِبَل قوات الاحتلال، فقد أكدت حكومة الاحتلال أنها تعتزم وضع خطة لترحيل سكان المدينة واللاجئين إليها والبالغ عددهم 1.
واليوم، ومع حلول شهر رمضان المبارك، تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها أمام قرار صعب للاستمرار بعملية تعتقد أنها ضرورية لتحقيق النصر الكامل الذي تحدث عنه نتنياهو.
حسابات معقدةتأتي هذه المعركة المفترضة في ظل شكوك وخلافات عميقة في إسرائيل ترتكز إلى جدوى الاستمرار في الحملة العسكرية، طالما أنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها، وهي القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتحرير الأسرى الإسرائيليين لديها.
وهناك العديد من الانتقادات من مستويات سياسية وعسكرية ولرؤساء وزراء سابقين لاستمرار العملية لأنها لم تحقق هدفها، إضافة إلى دعوات للانتقال لمفاوضات الأسرى مع حماس، على أن يستكمل العدوان بعد ذلك.
وهذا ما يؤمن به عضوا مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت، وما دعا إليه رئيسا وزراء سابقان هما إيهود أولمرت وإيهود باراك وغيرهم من العسكريين السابقين.
كما تستند هذه الدعوات إلى الاتهام الواضح والصريح لنتنياهو بأنه يريد إطالة أمد الحرب من أجل الحفاظ على حكومته، وتجنيب نفسه المحاكمة بتهمة الفساد والفشل في توقع هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
في المقابل، يسعى نتنياهو لتنفيذ الهجوم على رفح لأنه يريد إعطاء الفرصة لجيش الاحتلال لتحقيق صورة نصر من خلال تضييق الخناق على حركة حماس وقيادتها السياسية والعسكرية.
وهو يرى أن النجاح في قتل أي من رموز الحركة سيحسّن من شعبيته ويعطيه صورة نصر بما يطيل من عمر حكومته، بل إنه يحاول من خلال استمرار الضغط العسكري دفع قادة حماس وعلى رأسهم يحيى السنوار للاستسلام أو القبول بالإبعاد إلى خارج الأرض المحتلة كما حصل مع ياسر عرفات في لبنان عام 1982، وهو العرض الذي لم تقبل به قيادة حماس.
كما أن استمرار الحرب هو حبل النجاة لنتنياهو بصرف النظر عن نتائجها، وهو الأمر الذي يزيد من خلافاته مع خصومه الذين يجدون في ظل الحرب صعوبة بالدعوة لانتخابات تطيح بنتنياهو.
ويسوق نتنياهو ووزير حربه مسوغات لاجتياح رفح، واحتلال معبر صلاح الدين (فيلادلفيا)، بالرغبة في محاصرة حماس في آخر معاقلها، والحيلولة دون وصول الإمدادات والسلاح لها من خلال أنفاق التهريب على طول الخط.
ولكن الصحيح أن معظم هذه الأنفاق أغرقتها مصر بالمياه ولم تعد تعمل فضلا عن الأسوار والاستحكامات المصرية التي تمنع التهريب، أضف إلى ذلك أن المقاومة باتت تصنع سلاحها بيدها.
استكمال السيطرة على غزة
كما تعتبر حكومة نتنياهو أن هذه المعركة تستهدف استكمال السيطرة على قطاع غزة، مع استكمال بناء المنطقة العازلة بعرض كيلومتر واحد على امتداد حدود غزة مع الكيان ومصر، وهو ما يؤمّن لها تحجيم قدرات المقاومة على استهداف الكيان، ويمكّن المستوطنين من العودة لغلاف غزة.
ومع ذلك فلا يمكن ضمان أمن المستوطنين طالما بقيت المقاومة فاعلة، ولم تنجح الحرب في تحجيمها أو إضعافها بشكل كبير، إذ يكفي أن تطلق رشقة صاروخية واحدة حتى يتبدد أمن المستوطنين.
وقد أكدت مصادر إسرائيلية أن الاحتلال يستعد في إطار تصور ما بعد الحرب لتمكين عشائر فلسطينية لا تنتمي لا لحماس ولا لفتح بحكم غزة مدنيا، وهو ما رفضته العديد من العشائر الفلسطينية، الأمر الذي يجعل من الصعب تنفيذه.
وترفض هذه الحكومة التعامل مع المقترح الأميركي بتمكين السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها من حكم غزة، ذلك أنها تريد منع وجود أي كينونة فلسطينية في الضفة والقطاع.
ومن ناحية ثانية، فقد ثبت أن جيش الاحتلال لم ينجح إلا في تحييد بضعة آلاف من عناصر المقاومة من أصل نحو 35 ألف مقاتل، ولم يفكك إلا أجزاء بسيطة من أنفاق المقاومة، وهذا ما قاله رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي مارك وارنر قبل نحو أسبوعين.
وهذا يجعل مهمة جيش الاحتلال أصعب بكثير في تفكيك قدرات المقاومة في منطقة لا تزال فيها 4 كتائب عسكرية لحماس لم تشارك بعد في المعركة، ولم تمس أنفاقها بشكل كبير.
ظروف المعركة ومعطياتها
ومن الواضح أن حكومة الاحتلال لا تزال تنتظر نتائج مفاوضات التهدئة قبل أن تباشر بهجومها البري على رفح، وقد سبق لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن هدد بأن قواته ستهاجم رفح إذا فشلت مفاوضات الهدنة.
وقد حذرت أوساط أمنية في إسرائيل وكذلك الولايات المتحدة من أي تصعيد في رمضان في الضفة وغزة، تحسبا لتوسع رقعة الصراع.
ولا تزال المفاوضات عالقة عند نقاط أساسية أهمها التعهد بالانسحاب الإسرائيلي من غزة مع نهاية المرحلة الثالثة في اتفاقية الإطار التي تم التوصل لها في باريس، وإعادة تمركز قوات الاحتلال في الشريط العازل الذي تحتله، والسماح للمدنيين المهجرين من الجنوب بالعودة إلى بيوتهم في الشمال.
فيما لا تزال معادلة الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين مقابل أسرى الاحتلال من المدنيين في المرحلة الأولى نقطة خلاف بين الطرفين.
واللافت أن نتنياهو لا يزال يسعى لإفشال محادثات الهدنة، فهو تارة يقيد صلاحيات المفاوضين وتارة أخرى لا يتشاور مع مجلس الحرب في التعليمات التي يعطيها لهم، وثالثة بالطلب عبر الوسطاء من المقاومة أن تعطيه أسماء الأسرى دون أن يتخذ مجلس حربه قرارا بذلك، وهو ما ردت عليه حماس، بأن ذلك لن يكون دون ثمن.
ويؤكد الكاتب الإسرائيلي رفيف دروكر الصحفي في هآرتس هذا الأمر عندما يقول إن نتنياهو يدرك أن الجيش وجميع الوزراء في مجلس الحرب متفقون على الحاجة إلى الصفقة، "لكن هذه الصفقة ستفشل مهمة نتنياهو الأكثر أهمية، وهي بقاء الائتلاف الذي في عضويته بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير".
كما أن الإدارة الأميركية تسعى لإنجاز هدنة وتضغط على حكومة نتنياهو، من أجل إنقاذ مكانة بايدن المتدهورة في الانتخابات خصوصا في أوساط الشباب والعرب.
وجاءت زيارة غانتس لواشنطن ولقاؤه مع كمالا هاريس نائبة الرئيس، وموفد الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، كرسالة لنتنياهو بأن هذه الإدارة قادرة على التعامل مع خصومه ودعمهم.
غير أن نتنياهو لا يزال يقاوم الضغوط الأميركية بل إنه يراهن على سقوط بايدن في الانتخابات، وقدوم دونالد ترامب ليؤمّن له تغطية كاملة للاستمرار في الحكومة.
وعوضا عن الموقف الأميركي، فإن نتنياهو على وشك أن يفقد حلفاءه الغربيين بسبب الاستهداف المكثف للمدنيين، وتعطيل دخول المساعدات والتسبب بمجاعة في شمال غزة، بل وحتى استهداف شاحنات المساعدات كما حصل في مجزرة الطحين التي راح ضحيتها أكثر من 100 فلسطيني. وكانت هذه السياسة هي ما أوصلت حكومته لمحكمة العدل الدولية التي أثبتت تهمة الإبادة الجماعية على الكيان.
حسابات الهجوم
ورغم أن الحديث عن هجوم رفح تراجع إلى حد كبير في الآونة الأخيرة لصالح الحديث عن تفاصيل الهدنة، فإن استمرار تعثرها قد يفتح الباب لاستخدام إسرائيل للهجوم كعملية ضغط على حماس للقبول بالموقف الإسرائيلي، خصوصا أن الرئيس بايدن حاول إلقاء الكرة بملعب حماس في التوصل لاتفاق الهدنة.
ورغم ذلك تواجه حكومة نتنياهو معضلة كبيرة تتعلق بمصير 1.4 مليون فلسطيني في رفح، وكيفية الإيفاء بالمطالب الأميركية والغربية بتجنيبهم الحرب ومنع وقوع مجازر كبيرة في صفوفهم في حال اندلاع الحرب دون تأمينهم.
ولم تفصح حكومة الاحتلال عن حل محدد، وإن كانت صحيفة واشنطن بوست نقلت عن مسؤول إسرائيلي أن هناك خطة إخلاء تتضمن إنشاء 15 مخيما على شاطئ البحر في كل منها 25 ألف خيمة، لاستيعاب اللاجئين في رفح قبل بدء الهجوم عليها.
وتتعلق المعضلة الإسرائيلية بموقف الفلسطينيين ومدى استجابتهم لمخطط تهجير جديد في ظل معاناتهم أصلا من التهجير من الشمال إلى رفح، كما تحتاج هذه الخطة إلى تمويل مالي كبير لا يعتقد أن توافق عليه أي دولة طالما بقيت حكومة نتنياهو لا تتعاون مع الإدارة الأميركية لا في موضوع الهدنة ولا في موضوع ما بعد الحرب والدولة المستقلة.
بل ربما تقوم حكومة المتشددين بمجازر وتفجيرات على الحدود تدفع بمئات الآلاف من الفلسطينيين للتوجه إلى رفح المصرية، وتشكيل واقع ستتعامل معه مصر- رغم رفضها لموضوع التهجير- لإيوائهم في العريش، وهي المنطقة التي تستطيع إيواء عشرات الآلاف في الشقق السكنية الفارغة الموجودة بها، والتي بالإمكان توسيعها لتستوعب مئات الآلاف.
خيار الاجتياح
ومن قراءة الموقف الإسرائيلي، وحدود الضغوط الأميركية عليه، فيرجح أن تذهب حكومة نتنياهو إلى خيار الاجتياح، شريطة نجاحها في إيواء لاجئي رفح لتجنب مجازر كبيرة. وإلا فإن هذه العملية قد تكون سببا في تغييرات مهمة في المواقف الدولية من العدوان، واستفزازا للموقف الأميركي باللجوء إلى تقييدات في تزويد السلاح أو حتى ربما رفع الغطاء عنها في الأمم المتحدة.
وقد بدأ الاحتلال بالقصف المركز على بعض الأهداف في رفح، ويريد أن يستكمل العدوان لاحتلال كامل غزة، وفرض رؤيته السياسية بتمكين فلسطينيين غير مؤطرين في حماس أو حتى فتح من حكم غزة، وتحويل وضعها إلى ما يشبه وضع الضفة الغربية!
وهذا ما يعبر عن شعار النصر الكامل لنتنياهو، وإن كانت نتيجته غير مؤكدة، بل تكاد تكون مستحيلة، لأن جيش الاحتلال لم يحكم السيطرة على الشمال وخان يونس، وهناك شك كبير في أن يتمكن من فعل ذلك في رفح بسبب صمود المقاومة واحتفاظها بجزء مهم من قوتها حتى الآن.
أما قضية التوقيت، فهي ترتبط إلى حد بعيد بالإنجاز المتحقق في صفقة الهدنة، وما إذا امتدت هذه المحادثات إلى شهر رمضان، والوقت الذي سيأخذه الاحتلال في نقل اللاجئين الفلسطينيين إلى خارج رفح.
أما على صعيد النتائج المرجوة لإسرائيل، فلا يبدو أن هذه المعركة ستختلف عن سابقاتها من حيث الفشل في تحقيق أهدافها، بل ربما ستكون بداية النهاية للمعركة بعد أن يفشل الاحتلال في تحقيق أهدافه.
وهناك عاملان يمكن أن يوقفا الهجوم، وبالتأكيد ليس منهما الضغوط الأميركية، الأول يتمثل بسقوط حكومة نتنياهو، والثاني نجاح المقاومة في تحقيق اختراق وإلحاق هزائم ميدانية للاحتلال في الشمال أو خان يونس، تجعله يحوّل اهتمامه لهاتين المنطقتين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حکومة نتنیاهو جیش الاحتلال لا تزال فی رفح
إقرأ أيضاً:
حملة مشبوهة ضد المقاومة بغزة.. من يقودها ومن المستفيد؟
الثورة / متابعات
في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من 18 شهرًا، شهدت الساحة الفلسطينية محاولات منظمة لتحريض الرأي العام ضد المقاومة ومحاولة زعزعة الحاضنة الشعبية.
وتأتي هذه الحملات التي يقودها الاحتلال وتنخرط فيها أطراف محسوبة على السلطة الفلسطينية وحركة فتح، التي غابت عن المشهد طوال فترة الحرب، ثم عادت لتوظيف أدواتها الإعلامية في تحريض الشعب الفلسطيني ضد فصائل المقاومة، في تماهِ واضح مع الخطاب الإسرائيلي. فكيف تفسَّر هذه المحاولات؟ ومن المستفيد منها؟
تحريض إعلامي متماهِ مع الاحتلال
منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، كثفت جهات في حركة فتح والسلطة هجماتها الإعلامية على المقاومة، متجاهلة الجرائم الإسرائيلية المستمرة بحق الفلسطينيين.
المثير للدهشة أن هذا الخطاب يتناغم بشكل كبير مع التصريحات الإسرائيلية، حيث استغل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو التظاهرات الشعبية في غزة ليزعم أنها دليل على نجاح سياسات إسرائيل، كما دعا وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس سكان القطاع للخروج في مظاهرات ضد حماس.
وانطلقت قبل يومين تظاهرة في شمال غزة نادت لوقف الحرب والإبادة، وسرعان ما دخل على خطها مجموعة من الأفراد الذين رددوا هتافات مسيئة للمقاومة والشهداء الأبطال.
وأفردت القنوات العبرية وقنوات موالية لها مساحات واسعة للتغطية الإعلامية لحملات التحريض ضد المقاومة، واستضافت شخصيات محسوبة على فتح وأعطتها منصة للهجوم على حماس والمقاومة وتبرير إبادة الاحتلال، وهو ما يؤكد استغلال الاحتلال لهذه الأحداث لمحاولة تفجير الجبهة الداخلية في غزة.
وعمل هاربون من غزة، على تأجيج التحريض ونشر فيديوهات مفبركة لتظاهرات قديمة وضخ دعوات لتظاهرات جديدة كان اللافت أنها تجاهر بأنها ضد المقاومة وتتجاهل أصل السبب في الإبادة المستمرة منذ 18 شهرًا.
استغلال المعاناة لضرب وحدة الصف الفلسطيني
يرى مراقبون أن السلطة الفلسطينية تحاول توجيه الغضب الشعبي الناتج عن العدوان الإسرائيلي نحو المقاومة بدلاً من تحميل الاحتلال المسؤولية الحقيقية عن الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون.
وفي هذا السياق، يؤكد المحلل السياسي ذو الفقار سويرجو أن الشعب الفلسطيني أصبح أكثر وعيًا بهذه المحاولات، مشيرًا إلى أن الاحتجاجات في غزة لم تكن رفضًا للمقاومة، بل صرخة غضب من المعاناة المتفاقمة بسبب الحرب.
وأضاف سويرجو في تصريح صحفي أن محاولة السلطة استغلال هذه الاحتجاجات للتحريض ضد المقاومة ستفشل، لأنها تتجاهل حقيقة أن الاحتلال هو من يمارس القتل والتدمير، مؤكدًا أن الأولى بفتح والسلطة توجيه هجومها نحو حكومة الاحتلال، بدلاً من تأجيج الخلافات الداخلية.
دور الإعلام الإسرائيلي في التحريض
وكشف الصحفي الإسرائيلي هاليل روزين، من القناة الـ14 العبرية، أن حكومة الاحتلال تراهن على الضغوط الداخلية في قطاع غزة كبديل عن الحرب البرية.
ويرى مراقبون أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى إشعال الانقسام الداخلي الفلسطيني، لإضعاف المقاومة وتهيئة الأجواء لأي ترتيبات سياسية مستقبلية تخدم المصالح الإسرائيلية.
مواقف فلسطينية ترفض التحريض
من جانبه، أدان القيادي الوطني عمر عساف محاولات “الاستغلال الرخيص” لمعاناة سكان غزة، مؤكدًا أن الإعلام الإسرائيلي وأذرعه يحاولون تأجيج الشارع الفلسطيني لضرب وحدة الصف الوطني.
وأضاف عساف أن الشعب الفلسطيني مُجمِع على خيار المقاومة، وأن أي محاولات لتحريضه ضدها لن تنجح، لأن الجميع يدرك أن الاحتلال هو العدو الحقيقي، وأن أي محاولات داخلية لضرب المقاومة تصب فقط في مصلحة إسرائيل.
وفي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، تحاول بعض الأطراف الداخلية استغلال معاناة الشعب الفلسطيني في غزة لضرب المقاومة وتشويه صورتها.
لكن الوعي الشعبي الفلسطيني يبقى الحاجز الأكبر أمام هذه المخططات، حيث يدرك الفلسطينيون أن الاحتلال هو العدو الحقيقي، وأن وحدة الصف هي السلاح الأقوى في مواجهة الجرائم الإسرائيلية.
أوسع من التنسيق الأمني
في الأثناء، قال الكاتب الصحفي عبدالرحمن يونس إن محاولات السلطة الفلسطينية وحركة فتح لتأجيج الرأي العام في غزة ضد المقاومة تأتي في سياق أوسع من التنسيق الأمني والسياسي مع الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن هذه التحركات ليست جديدة، لكنها باتت أكثر وضوحًا في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر.
وأضاف يونس أن “السلطة غابت عن المشهد الفلسطيني طوال فترة الحرب، ولم تقدم أي دعم حقيقي لأهالي غزة، لكنها اليوم تعود فقط لتحريض الشارع ضد المقاومة، متناسية أن الاحتلال هو من يمارس الإبادة بحق الفلسطينيين.”
وأشار إلى أن الإعلام العبري يروج لهذه الحملات التحريضية، مما يؤكد وجود تماهي بين الخطاب الإعلامي للسلطة وخطاب الاحتلال، موضحًا أن “نتنياهو نفسه استشهد بالاحتجاجات في غزة ليبرر استمرار الحرب، وهذا دليل على أن هناك من يخدم الأجندة الإسرائيلية من الداخل الفلسطيني.”
وأكد يونس أن “الشعب الفلسطيني يدرك تمامًا هذه الألاعيب السياسية، ولن يقع في فخ تحميل المقاومة مسؤولية ما يجري، لأن الاحتلال هو العدو الأول والأخير، والمقاومة هي الخيار الوحيد أمام شعب يتعرض للقتل والدمار منذ عقود.”
وختم بقوله: “السلطة بدلًا من أن توجه سهامها نحو الاحتلال، تهاجم المقاومة وتروج لرواية الاحتلال، وهذا سقوط سياسي وأخلاقي ستكون له تبعات على المشهد الفلسطيني برمته.”