الجزيرة:
2025-01-06@11:19:37 GMT

هل يجتاح جيش الاحتلال رفح؟

تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT

هل يجتاح جيش الاحتلال رفح؟

مرت أسابيع على إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأركان حكومته عزمه اجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والذي واجه مطالبة أميركية بضمان سلامة المدنيين قبل شن الهجوم.

ومع اشتداد الانتقادات الدولية للاستهداف المركز للمدنيين من قِبَل قوات الاحتلال، فقد أكدت حكومة الاحتلال أنها تعتزم وضع خطة لترحيل سكان المدينة واللاجئين إليها والبالغ عددهم 1.

4 مليون نسمة دون أن تحدد إلى أين بالضبط.

واليوم، ومع حلول شهر رمضان المبارك، تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها أمام قرار صعب للاستمرار بعملية تعتقد أنها ضرورية لتحقيق النصر الكامل الذي تحدث عنه نتنياهو.

حسابات معقدة

تأتي هذه المعركة المفترضة في ظل شكوك وخلافات عميقة في إسرائيل ترتكز إلى جدوى الاستمرار في الحملة العسكرية، طالما أنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها، وهي القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتحرير الأسرى الإسرائيليين لديها.

وهناك العديد من الانتقادات من مستويات سياسية وعسكرية ولرؤساء وزراء سابقين لاستمرار العملية لأنها لم تحقق هدفها، إضافة إلى دعوات للانتقال لمفاوضات الأسرى مع حماس، على أن يستكمل العدوان بعد ذلك.

وهذا ما يؤمن به عضوا مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت، وما دعا إليه رئيسا وزراء سابقان هما إيهود أولمرت وإيهود باراك وغيرهم من العسكريين السابقين.

كما تستند هذه الدعوات إلى الاتهام الواضح والصريح لنتنياهو بأنه يريد إطالة أمد الحرب من أجل الحفاظ على حكومته، وتجنيب نفسه المحاكمة بتهمة الفساد والفشل في توقع هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.

في المقابل، يسعى نتنياهو لتنفيذ الهجوم على رفح لأنه يريد إعطاء الفرصة لجيش الاحتلال لتحقيق صورة نصر من خلال تضييق الخناق على حركة حماس وقيادتها السياسية والعسكرية.

وهو يرى أن النجاح في قتل أي من رموز الحركة سيحسّن من شعبيته ويعطيه صورة نصر بما يطيل من عمر حكومته، بل إنه يحاول من خلال استمرار الضغط العسكري دفع قادة حماس وعلى رأسهم يحيى السنوار للاستسلام أو القبول بالإبعاد إلى خارج الأرض المحتلة كما حصل مع ياسر عرفات في لبنان عام 1982، وهو العرض الذي لم تقبل به قيادة حماس.

كما أن استمرار الحرب هو حبل النجاة لنتنياهو بصرف النظر عن نتائجها، وهو الأمر الذي يزيد من خلافاته مع خصومه الذين يجدون في ظل الحرب صعوبة بالدعوة لانتخابات تطيح بنتنياهو.

ويسوق نتنياهو ووزير حربه مسوغات لاجتياح رفح، واحتلال معبر صلاح الدين (فيلادلفيا)، بالرغبة في محاصرة حماس في آخر معاقلها، والحيلولة دون وصول الإمدادات والسلاح لها من خلال أنفاق التهريب على طول الخط.

ولكن الصحيح أن معظم هذه الأنفاق أغرقتها مصر بالمياه ولم تعد تعمل فضلا عن الأسوار والاستحكامات المصرية التي تمنع التهريب، أضف إلى ذلك أن المقاومة باتت تصنع سلاحها بيدها.

استكمال السيطرة على غزة

كما تعتبر حكومة نتنياهو أن هذه المعركة تستهدف استكمال السيطرة على قطاع غزة، مع استكمال بناء المنطقة العازلة بعرض كيلومتر واحد على امتداد حدود غزة مع الكيان ومصر، وهو ما يؤمّن لها تحجيم قدرات المقاومة على استهداف الكيان، ويمكّن المستوطنين من العودة لغلاف غزة.

ومع ذلك فلا يمكن ضمان أمن المستوطنين طالما بقيت المقاومة فاعلة، ولم تنجح الحرب في تحجيمها أو إضعافها بشكل كبير، إذ يكفي أن تطلق رشقة صاروخية واحدة حتى يتبدد أمن المستوطنين.

وقد أكدت مصادر إسرائيلية أن الاحتلال يستعد في إطار تصور ما بعد الحرب لتمكين عشائر فلسطينية لا تنتمي لا لحماس ولا لفتح بحكم غزة مدنيا، وهو ما رفضته العديد من العشائر الفلسطينية، الأمر الذي يجعل من الصعب تنفيذه.

وترفض هذه الحكومة التعامل مع المقترح الأميركي بتمكين السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها من حكم غزة، ذلك أنها تريد منع وجود أي كينونة فلسطينية في الضفة والقطاع.

ومن ناحية ثانية، فقد ثبت أن جيش الاحتلال لم ينجح إلا في تحييد بضعة آلاف من عناصر المقاومة من أصل نحو 35 ألف مقاتل، ولم يفكك إلا أجزاء بسيطة من أنفاق المقاومة، وهذا ما قاله رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي مارك وارنر قبل نحو أسبوعين.

وهذا يجعل مهمة جيش الاحتلال أصعب بكثير في تفكيك قدرات المقاومة في منطقة لا تزال فيها 4 كتائب عسكرية لحماس لم تشارك بعد في المعركة، ولم تمس أنفاقها بشكل كبير.

ظروف المعركة ومعطياتها

ومن الواضح أن حكومة الاحتلال لا تزال تنتظر نتائج مفاوضات التهدئة قبل أن تباشر بهجومها البري على رفح، وقد سبق لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن هدد بأن قواته ستهاجم رفح إذا فشلت مفاوضات الهدنة.

وقد حذرت أوساط أمنية في إسرائيل وكذلك الولايات المتحدة من أي تصعيد في رمضان في الضفة وغزة، تحسبا لتوسع رقعة الصراع.

ولا تزال المفاوضات عالقة عند نقاط أساسية أهمها التعهد بالانسحاب الإسرائيلي من غزة مع نهاية المرحلة الثالثة في اتفاقية الإطار التي تم التوصل لها في باريس، وإعادة تمركز قوات الاحتلال في الشريط العازل الذي تحتله، والسماح للمدنيين المهجرين من الجنوب بالعودة إلى بيوتهم في الشمال.

فيما لا تزال معادلة الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين مقابل أسرى الاحتلال من المدنيين في المرحلة الأولى نقطة خلاف بين الطرفين.

واللافت أن نتنياهو لا يزال يسعى لإفشال محادثات الهدنة، فهو تارة يقيد صلاحيات المفاوضين وتارة أخرى لا يتشاور مع مجلس الحرب في التعليمات التي يعطيها لهم، وثالثة بالطلب عبر الوسطاء من المقاومة أن تعطيه أسماء الأسرى دون أن يتخذ مجلس حربه قرارا بذلك، وهو ما ردت عليه حماس، بأن ذلك لن يكون دون ثمن.

ويؤكد الكاتب الإسرائيلي رفيف دروكر الصحفي في هآرتس هذا الأمر عندما يقول إن نتنياهو يدرك أن الجيش وجميع الوزراء في مجلس الحرب متفقون على الحاجة إلى الصفقة، "لكن هذه الصفقة ستفشل مهمة نتنياهو الأكثر أهمية، وهي بقاء الائتلاف الذي في عضويته بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير".

كما أن الإدارة الأميركية تسعى لإنجاز هدنة وتضغط على حكومة نتنياهو، من أجل إنقاذ مكانة بايدن المتدهورة في الانتخابات خصوصا في أوساط الشباب والعرب.

وجاءت زيارة غانتس لواشنطن ولقاؤه مع كمالا هاريس نائبة الرئيس، وموفد الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، كرسالة لنتنياهو بأن هذه الإدارة قادرة على التعامل مع خصومه ودعمهم.

غير أن نتنياهو لا يزال يقاوم الضغوط الأميركية بل إنه يراهن على سقوط بايدن في الانتخابات، وقدوم دونالد ترامب ليؤمّن له تغطية كاملة للاستمرار في الحكومة.

وعوضا عن الموقف الأميركي، فإن نتنياهو على وشك أن يفقد حلفاءه الغربيين بسبب الاستهداف المكثف للمدنيين، وتعطيل دخول المساعدات والتسبب بمجاعة في شمال غزة، بل وحتى استهداف شاحنات المساعدات كما حصل في مجزرة الطحين التي راح ضحيتها أكثر من 100 فلسطيني. وكانت هذه السياسة هي ما أوصلت حكومته لمحكمة العدل الدولية التي أثبتت تهمة الإبادة الجماعية على الكيان.

حسابات الهجوم

ورغم أن الحديث عن هجوم رفح تراجع إلى حد كبير في الآونة الأخيرة لصالح الحديث عن تفاصيل الهدنة، فإن استمرار تعثرها قد يفتح الباب لاستخدام إسرائيل للهجوم كعملية ضغط على حماس للقبول بالموقف الإسرائيلي، خصوصا أن الرئيس بايدن حاول إلقاء الكرة بملعب حماس في التوصل لاتفاق الهدنة.

ورغم ذلك تواجه حكومة نتنياهو معضلة كبيرة تتعلق بمصير 1.4 مليون فلسطيني في رفح، وكيفية الإيفاء بالمطالب الأميركية والغربية بتجنيبهم الحرب ومنع وقوع مجازر كبيرة في صفوفهم في حال اندلاع الحرب دون تأمينهم.

ولم تفصح حكومة الاحتلال عن حل محدد، وإن كانت صحيفة واشنطن بوست نقلت عن مسؤول إسرائيلي أن هناك خطة إخلاء تتضمن إنشاء 15 مخيما على شاطئ البحر في كل منها 25 ألف خيمة، لاستيعاب اللاجئين في رفح قبل بدء الهجوم عليها.

وتتعلق المعضلة الإسرائيلية بموقف الفلسطينيين ومدى استجابتهم لمخطط تهجير جديد في ظل معاناتهم أصلا من التهجير من الشمال إلى رفح، كما تحتاج هذه الخطة إلى تمويل مالي كبير لا يعتقد أن توافق عليه أي دولة طالما بقيت حكومة نتنياهو لا تتعاون مع الإدارة الأميركية لا في موضوع الهدنة ولا في موضوع ما بعد الحرب والدولة المستقلة.

بل ربما تقوم حكومة المتشددين بمجازر وتفجيرات على الحدود تدفع بمئات الآلاف من الفلسطينيين للتوجه إلى رفح المصرية، وتشكيل واقع ستتعامل معه مصر- رغم رفضها لموضوع التهجير- لإيوائهم في العريش، وهي المنطقة التي تستطيع إيواء عشرات الآلاف في الشقق السكنية الفارغة الموجودة بها، والتي بالإمكان توسيعها لتستوعب مئات الآلاف.

خيار الاجتياح

ومن قراءة الموقف الإسرائيلي، وحدود الضغوط الأميركية عليه، فيرجح أن تذهب حكومة نتنياهو إلى خيار الاجتياح، شريطة نجاحها في إيواء لاجئي رفح لتجنب مجازر كبيرة. وإلا فإن هذه العملية قد تكون سببا في تغييرات مهمة في المواقف الدولية من العدوان، واستفزازا للموقف الأميركي باللجوء إلى تقييدات في تزويد السلاح أو حتى ربما رفع الغطاء عنها في الأمم المتحدة.

وقد بدأ الاحتلال بالقصف المركز على بعض الأهداف في رفح، ويريد أن يستكمل العدوان لاحتلال كامل غزة، وفرض رؤيته السياسية بتمكين فلسطينيين غير مؤطرين في حماس أو حتى فتح من حكم غزة، وتحويل وضعها إلى ما يشبه وضع الضفة الغربية!

وهذا ما يعبر عن شعار النصر الكامل لنتنياهو، وإن كانت نتيجته غير مؤكدة، بل تكاد تكون مستحيلة، لأن جيش الاحتلال لم يحكم السيطرة على الشمال وخان يونس، وهناك شك كبير في أن يتمكن من فعل ذلك في رفح بسبب صمود المقاومة واحتفاظها بجزء مهم من قوتها حتى الآن.

أما قضية التوقيت، فهي ترتبط إلى حد بعيد بالإنجاز المتحقق في صفقة الهدنة، وما إذا امتدت هذه المحادثات إلى شهر رمضان، والوقت الذي سيأخذه الاحتلال في نقل اللاجئين الفلسطينيين إلى خارج رفح.

أما على صعيد النتائج المرجوة لإسرائيل، فلا يبدو أن هذه المعركة ستختلف عن سابقاتها من حيث الفشل في تحقيق أهدافها، بل ربما ستكون بداية النهاية للمعركة بعد أن يفشل الاحتلال في تحقيق أهدافه.

وهناك عاملان يمكن أن يوقفا الهجوم، وبالتأكيد ليس منهما الضغوط الأميركية، الأول يتمثل بسقوط حكومة نتنياهو، والثاني نجاح المقاومة في تحقيق اختراق وإلحاق هزائم ميدانية للاحتلال في الشمال أو خان يونس، تجعله يحوّل اهتمامه لهاتين المنطقتين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حکومة نتنیاهو جیش الاحتلال لا تزال فی رفح

إقرأ أيضاً:

رهانات نتنياهو على “ترامب” تصطدم بصمود ومفاجآت المقاومة

يمانيون../
عندما تتواتر التقارير حول صعوبات عودة مستوطني الشمال في فلسطين المحتلة بسبب الأضرار التي الحقتها المقاومة في لبنان وبسبب انتظار تقدير المستويات السياسية والأمنية وحالة عدم اليقين لدى المستوطنين، وعندما تدب الخلافات الداخلية في الكيان على خلفية أزمة التجنيد ويُقال وزير الحرب غالانت من الكنيست ويتربص بنتنياهو في الليكود أملاً في إطاحة قريبة به، وعندما تتصاعد الصراعات الداخلية في الكيان بسبب إهدار فرص التسوية السياسية والاستمرار في الحرب، فإن صورة النصر التي يحاول الكيان تصديرها تصبح باهتة، وتنتفي تماماً مع صور الرعب والهرولة للملاجئ، بسبب الصواريخ اليمنية المتصاعدة وصواريخ غزة وتصريحات الصمود والتلويح بالعودة للقتال الصادرة من لبنان.

ومع تقديرات سائدة بأن نتنياهو ينتظر استلام الرئيس ترامب رسميًا، يبرز سؤال كبير حول رهانات نتنياهو وما ينتظره من هذه الإدارة الجديدة رغم ما بات معلوماً في السياسة بالضرورة من قاعدة مفادها أن الإدارات تشكل مجرد واجهات لنخبة إستراتيجية أمريكية تدير الصراعات والهيمنة، وأن جميع الإدارات تجتهد في حماية المشروع الصهيوني وفرضه على المنطقة باعتباره رأس حربة أمريكا في المنطقة وأداة متقدمة لها في الصراع الدولي، وما الذي يمكن أن يقدمه ترامب أكثر مما قدمته إدارة بايدن الصهيوني وفقاً لاعترافه وتفاخره بذلك؟

وقبل الخوض في هذا السؤال واستكشاف رهانات نتنياهو، يجب إبراز المستجدات الصادمة للكيان، والتي أعاقت صورة النصر وحالة الزهو التي حاول تصديرها، والتي تمثلت في غزة ولبنان واليمن، بل وحتى في سورية التي ظن العدو أنها أصبحت لقمة سائغة بعد سقوط النظام وصدور إشارات من سورية الجديدة بأنها لا تنوي الاشتباك وأنها ترغب في التطبيع.

أولاً: في غزة:

نتنياهو الذي حاول برفعه لخرائط الشرق الأوسط الجديد وتوظيفه لسقوط النظام السوري التوغل وكسب الأرض باعتبارها فرصة تاريخية سانحة، اصطدم بصواريخ تنطلق من شمال غزة التي تطبق بها خطة الإخلاء والتدمير وتبدع الفرقة 252 في الإجرام باجتهادات شخصية في التدمير والجريمة المنظمة، كانت أحدث فضائحها ما كشفته “هآرتس”، في تحقيق نشرته حول قائد الفرقة 252، يهودا فاخ الذي نفذ عمليات في قطاع غزة من تلقاء نفسه، وسمح لشقيقه بتشكيل قوة خاصة للهدم والتخريب بعيداً عن سلطة جيش الاحتلال.

وقد نفذت المقاومة في غزة عمليات جديدة ضد قوات الاحتلال المتوغلة في جباليا، وكشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مقتل 40 عسكرياً إسرائيلياً، منذ بدء العملية العسكرية المستمرة بمحافظة شمال غزة في تشرين الأول الماضي.

ثانياً: في لبنان:

ونتنياهو الذي يتمادى في الخروقات في جنوب لبنان محاولاً توظيف وقف إطلاق النار في تصدير صورة مزعومة بأن المقاومة مردوعة، اصطدم بتصريحات الصمود من كل المستويات السياسية بحزب الله، بأن الصبر على الخروقات ما هو إلا احترام للاتفاقيات والتعهدات، وأن اليوم 61 سيكون مختلفاً وسيشهد كلاماً آخر.

وأكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن المقاومة مستمرة، وقد استعادت عافيتها، ولديها من الإيمان والثّلة المؤمنة ما يمكّنها من أن تصبح أقوى.

كما أكد نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله الحاج محمود قماطي أن المقاومة حاضرة وجاهزة وقوية ومستعدة، وبالنسبة لاتفاق وقف إطلاق النار إما أن يكون هناك التزام من الجميع وإما لا يكون هناك التزام من الجميع أيضاً، وأن الحزب التزم بالصبر 60 يوماً، وفي اليوم الـ 61 يوم آخر والموضوع سيتغير وتصبح القوات الموجودة قوات احتلال، وسيتم التعامل معها على هذا الأساس.

ثالثاً: في اليمن

اصطدم نتنياهو ورعاته من نخبة الحرب الأمريكية بصواريخ اليمن التي تدك عمقه وتدشن معادلة المطار بالمطار ومحطة الكهرباء بنظيرتها، في مشهد أثبت عجز منظومات الدفاع الصهيونية والأمريكية عن حماية الكيان، والأهم هو استهداف الراعي الأمريكي بشكل مباشر عبر استهداف حاملات الطائرات الأمريكية وإسقاط طائرات أميركا بشكل أصبح روتينياً ومعتاداً.

وخلال الأسابيع الأخيرة، أطلق اليمن صواريخ باليستية كل ليلة تقريباً، الأمر الذي أدى لإرسال ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ.

وما تفعله اليمن هو باختصار إعلان عن وجود محور للمقاومة لا يزال ينسق بين جبهاته ومنها من يقوم بالتهدئة ومنها من يقوم بالتصعيد، بينما هناك استمرارية لإيلام الكيان واستهداف عمقه، وأن أمريكا لا تستطيع حماية الكيان، وأنها ستتورط مع الكيان باستهدافها واستهداف مصالحها وهيبتها.

رابعا: في سورية

ورغم المشهد الاستراتيجي البائس بسقوط النظام وسيطرة الصهاينة على مواقع استراتيجية بشكل غير مسبوق، فإن هناك شواهد لبذور مقاومة قابلة لإحياء حركات مقاومة جديدة ظهرت عبر احتجاجات على التوغلات الصهيونية ورفض بعض المخاتير لإملاءات وأوامر العدو بالإخلاء، وبرزت مخاوف في مراكز الدراسات الأمريكية ودوائر الاستخبارات من وجود فرص كبيرة لإحياء المقاومة في سورية، على غرار ما حدث بالعراق عقب الاحتلال الأمريكي ودور إيران وحزب الله في تبني الشباب المقاوم وتشكيل حركات مقاومة في وقت قصير.

وربما كانت كلمة السيد الخامنئي موحية ولها دلالات كبيرة عندما استرشد بتجربة الشهيد قاسم سليماني ودوره في تبني ثلة من الشباب المقاوم الرافض للاحتلال وبناء المقاومة العراقية، وتأكيد السيد الخامنئي بثقة بالغة على حتمية طرد أمريكا على يد الشباب السوري المقاوم.

رهانات الكيان على ترامب

وحول رهانات نتنياهو والكيان على استلام ترامب للحكم، فإن هذه الرهانات ربما تستند إلى دعم ترامب القوي للكيان خلال فترة ولايته الأولى، عندما شكل سابقة أولى للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان ونقل السفارة الأمريكية إليها، وهو ما جعل نتنياهو يشيد بترامب على هذه الخطوة، وشبهه بالرئيس هاري ترومان، ووزير الخارجية البريطاني اللورد بلفور، والإمبراطور الفارسي كورش الكبير.

كما أصبحت أمريكا في عهد إدارة ترامب الأولى أول دولة في العالم تعترف بسيادة “إسرائيل” على مرتفعات الجولان وهو ما يشكل رهانًا على اعترافه بضم جبل الشيخ والأراضي الجديدة التي استولى عليها العدو مؤخراً.

كما أن دعم ترامب للكيان وفقاً للتقارير، يعكس ارتباطه الشخصي بالدولة اليهودية، بما في ذلك الروابط العائلية من خلال صهره الصهيوني المتحمس، جاريد كوشنر الذي لديه مصالح تجارية في “إسرائيل” والذي انضم إلى إدارته كمستشار كبير، فضلاً عن تاريخ من الصداقة الوثيقة مع نتنياهو.

وربما يعظم رهانات نتنياهو ما أقدم عليه ترامب من اختيارات وترشيحات شملت جمهوريين لديهم سجل طويل من الدعم القوي لإسرائيل والآراء المتشددة بشأن إيران، مثل ماركو روبيو، المرشح الذي اختاره ترامب لمنصب وزير الخارجية، ومايك والتز، مستشار الأمن القومي المعين، وهما من المؤيدين للكيان منذ فترة طويلة، وكذلك اختيار ترامب للنائب إليز ستيفانيك، والمعروفة بانحيازها الكبير للصهاينة، لتكون سفيرته لدى الأمم المتحدة.

كما أعلن ترامب أنه اختار حاكم أركنساس السابق مايك هاكابي سفيراً له في الكيان. وطالما جاهر هاكابي بعدة تعليقات تدعم التوسع الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، رافضاً القول، إن الأراضي الفلسطينية تحت “الاحتلال” وقال: لا يوجد شيء مثل الضفة الغربية؛ إنها يهودا والسامرة، ولا يوجد شيء اسمه المستوطنات، وهو ما يشكل رهاناً لنتنياهو بالتجرؤ على ضم الضفة واعتراف إدارة ترامب بذلك.

ولكن الأمور لا تسير بهذه السلاسة، لأن هناك تناقضات وفجوات بين الرهانات والواقع، وخاصة في ظل وجود مقاومة تفجر هذه التناقضات.

فقد تعهد ترامب أيضاً بإنهاء الحروب في غزة وأوكرانيا، مما يشير إلى أنه قد يكون غير صبور إزاء التكاليف المالية للحرب بالنسبة للولايات المتحدة ووقوع خسائر محتملة.

وترامب مطالب بتحقيق التوازن بين الحفاظ على الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط ودعم الكيان من جهة، واحتواء التحدي العسكري والجيواقتصادي من جانب الصين، من جهة أخرى.

كما أن ترامب قد يكون مستعداً لاستمرار ممارسة سياسة الضغط القصوى على إيران ولكن غير مستعد للتورط عسكرياً بحرب مباشرة معها.

وقد بدا ترامب بالفعل خلال حملته الانتخابية غير متحمس للحرب مع إيران، وقال في نوفمبر الماضي “لا أريد أن ألحق الضرر بإيران”، وفي مقابلة أجريت معه في أكتوبر، أوضح نائب الرئيس المنتخب جيه دي فانس أن “إسرائيل” والولايات المتحدة قد يكون لديهما أحياناً مصالح متباينة، “ومصلحتنا تكمن في عدم الدخول في حرب مع إيران”.

وكذلك فإن هناك نخبة عسكرية واستراتيجية واقتصادية تتحكم في قرارات البيت الأبيض وليست الأمور متروكة لأهواء الرؤساء وطبائعهم، وهذه النخبة تعلم أن تورط أميركا في الحرب سيذهب بهيبتها وقد ينهي مصالحها ووجودها بالمنطقة، ولهذا تفضل أن ينوب الكيان عنها والاكتفاء بالدعم العسكري والسياسي.

وهنا يأتي صمود المقاومة كمفجر لصواعق التناقض بين الراعي الأمريكي وكيانه الوظيفي الصهيوني، حيث هناك جبهات مثل اليمن وإيران لا يستطيع الكيان التعاطي معها بمفرده دون تدخل أمريكي وتحالف دولي، يصعب تشكيله بسبب جرائم الحرب الصهيونية الصريحة، وبسبب إبداء المقاومة شجاعة المواجهة لأمريكا شخصياً عبر نموذج اليمن الذي أسقط الطائرات واستهدف حاملاتها.

وإذا ما أصر الكيان على التمادي في حربه وتصدير صورة المنتصر فإنه سيجد عمقه مستهدفاً من جميع الجبهات من اليمن ولبنان وانزلاقات قد تجر إيران للمواجهة، ومفاجآت قد تحدث من سورية من مقاومات وليدة لم يحتسب لها، ويجد الأمريكي نفسه متورطاً في الصراع، ويجد الكيان جبهته الداخلية أكثر تفتتاً وانقساماً وصراعاً بعد إهدار جميع فرص التهدئة والتسوية السلمية.

موقع العهد الاخباري – إيهاب شوقي

مقالات مشابهة

  • حماس: عملية إطلاق النار شرق قلقيلية رد بطولي على جرائم الاحتلال
  • بعد عملية قلقيلية | هكذا علقت حماس .. وجنون تصريحات وزراء الاحتلال
  • إبراهيم النجار يكتب: خيارات نتانياهو.. أحلاها مُر!!
  • حماس: عملية رام الله رسالة رد على جرائم الاحتلال وحرب الإبادة
  • رهانات نتنياهو على “ترامب” تصطدم بصمود ومفاجآت المقاومة
  • متظاهرون في الاحتلال يهاجمون نتنياهو
  • والدة المحتجزة ليري الباج: نحتاج لأفعال من نتنياهو وحكومته لإعادة المحتجزين
  • حماس تنشر مقطع لمحتجزة إسرائيلية تبكي بعد 450 يومًا من الحرب (شاهد)
  • نتنياهو يوافق على تفويض كافٍ للوفد الإسرائيلي قبيل توجهه لقطر
  • عراقجي: مستقبل المقاومة في المنطقة واعد وحزب الله يعيد بناء قوته بشكل منظم