بوابة الوفد:
2024-07-03@13:56:20 GMT

لا من هنا.. ولا من هناك

تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT

البلدان كبصمة الإصبع، متفردة فى خصائصها ومواردها وتاريخها وطبائع أهلها، لذلك ما يَصلح لبلد ويُصلِح شأنها ليس بالضرورة يناسب أخرى، وهنا تكمن أزمة استيراد البرامج الجاهزة للإصلاح السياسى أو الاقتصادى، وافتح قوسين وأضف بينهما أى قطاع تريد فالمساحة تحتمل، وهنا أيضًا ربما نجد الإجابة عن السؤال التائه فى حقول المنطق: لماذا لم تستطع الحكومات رغم اختلافها وتعاقبها وتنوعها أن تجد برنامجًا واضحًا لحل أزماتنا المستعصية والخروج منها؟

لمزيد من الإيضاح نسرد قصتين، الأولى كتبها عبدالله النديم تحت عنوان «عربى تفرنج» وتدور حول شخصية «معيط وزعيط»، تقول الحكاية إن أحد الفلاحين وُلِد له ولد فسماه «زعيط»، وتركه يلعب فى التراب وينام فى الوحل حتى صار يقدر على تسريح الجاموسة، وكان يعطيه كل يوم أربعة أمخاخ من البصل، وفى العيد كان يقدم له «اليخني» ليمتعه بأكل اللحم بالبصل، وبينما كان «زعيط» يسوق الساقية، مر بهما أحد التجار فنصح «معيط» بأن يرسل ابنه إلى المدرسة ليتعلم ويصير إنسانًا، فأخذ «معيط» بالنصيحة وسلم ابنه إلى المدرسة، فلما أتم العلوم الابتدائية أرسلته الحكومة إلى أوروبا، وبعد أربع سنوات ركب «زعيط» الوابور عائدًا إلى بلاده، ومن فرح «معيط» بعودة ابنه من بلاد الخواجات ذهب يستقبله، ثم اندفع ليحتضنه ويقبله، فدفعه «زعيط» فى صدره وقال: سبحان الله.

. عندكم يا مسلمين مسألة الحضن دى قبيحة جدًا، «معيط»: أمال يا بنى نسلم على بعض إزاى؟ «زعيط»: قول «بون اريفي» وحط إيدك فى ايدى مرة واحدة وخلاص.

 وبعد تلك الصدمة من الدفع والتهكم والعجرفة، ذهب معيط بولده زعيط إلى الكفر، وقامت أمه «معيكة» وعملت له طاجنًا مملوءًا لحمًا ببصل، فلما رآه «زعيط» قال لها: ليه كترتى من الـ«.... »، «معيكة»: من الـ ايه يا زعيط، «زعيط»: من البتاع اللى اسمه ايه، «معيكة»: اسمه ايه يا ابنى الفلفل، «زعيط»: نونو ال دى.. البتاع اللى ينزرع، «معيكة»: الغلة يا ابنى، «زعيط»: نونو دى اللى يبقى له راس فى الأرض، «معيكة»: والله يا ابنى ما فيه ريحة التوم، «زعيط»: البتاع اللى يدمع العينين اسمو «أونيون»، «معيكة»: والله يا ابنى ما فيه أونيون ولا حاجه.. دا لحم ببصل، «زعيط»: سی سا.. بصل بصل، «معيكة»: يا زعيط يا ابنى نسيت البصل وأنت كان أكلك كله منه!!

على عكس القصة الأولى تأتى الثانية وإن كان يجمعهما التشابه فى النتائج، حيث اختار المخرج الكبير يوسف شاهين النجمة «داليدا» لتقوم بدور«صديقة» الفلاحة المطحونة التى تصارع قسوة الحياة فى فيلم «اليوم السادس»، فظهرت «داليدا» كفلاحة «خوجاية» جاءت لهجتها مصرية «متكسرة»، وصرخت فى أحد المشاهد قائلة: «يا ربى أنا عملتوا هاجة أسان ده كلوا.. ده هرام.. هرام يا ربى»، تلك اللهجة المصرية «المتكسرة» المتفرنجة التى يمكن ملاحظتها بسهولة كلما نطقت «داليدا» خلال الفيلم، والتى لا تتناسب مع فلاحة مصرية مقهورة شكلًا ومضمونًا.

قالت الناقدة «ماجدة خير الله» وقتها، إنه لا يمكن أن نتهم يوسف شاهين بالجنون أو المخاطرة، فإن المسائل محسوبة ومدروسة، حيث إن الفيلم إنتاج فرنسى مصرى، ولا يعتمد كلية على عرض الفيلم فى القاهرة، ولكن الفيلم سوف يعرض على الغرب الذى لن يلاحظ لهجة «داليدا» البعيدة عن اللهجة المصرية، ولكنه سوف يستمتع بأدائها، ويغفر لها تلك الهفوات التى يلاحظها المشاهد المصرى، الذى يكتشف أيضًا مع تلك اللهجة المصرية المتفرنجة أن داليدا فلاحة أجنبية «تخمس» السجائر مع الصبية، فى فيلم تدور أحداثه خلال فترة انتشار الكوليرا عام 1947!

هكذا تكمن المشكلة فى استيراد برامج جاهزة للإصلاح أو إسناد برامج الإصلاح «للمتفرنجين»، فنصبح أمام برامج تخاطب المشاهد الغربى وتنسى المتفرج المصرى، برامج تتعجرف على أصحاب الأرض وتتبرأ منهم مثلما فعل «زعيط» مع «معيط» و«معيكة»، فتصير النتائج مسخًا «لا من هنا ولا من هناك».

الخلاصة.. إننا فى حاجة شديدة إلى أن نكون نحن، ونعى ونعرف ماهيتنا ونبنى عليها وننطلق منها وفقًا لترتيب أولوياتنا، نحن فى حاجة إلى ابتكار برامج للإصلاح تنبع منا، برامج نُفَصلها ونصنعها لما نريد أن نكون عليه.

فى النهاية.. أعرف أن الأمر ليس سهلًا، ولكنه حتمى الحدوث طال الزمن أو قصر، إذا أردنا إصلاحًا حقيقيًا يضعنا فى مصاف الدول المتقدمة، ويحمينا من بطشها وتوحشها.

رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب لا من هنا ولا من هناك

إقرأ أيضاً:

برامج دراسية حديثة تناسب سوق العمل في الجامعات التكنولوجية

كشف الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عن وجود برامج دراسية حديثة تناسب سوق العمل في الجامعات التكنولوجية. 

وأشار وزير التعليم العالي إلى أن الجامعات التكنولوجية تعتمد بشكل أساسي على تطبيق واستغلال التكنولوجيا في خدمة المجتمع، وتعمل على تزويد الطلاب بالمهارات والخبرات اللازمة لتلبية احتياجات سوق العمل. 

وأشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى ما تقدمه الجامعات التكنولوجية من برامج دراسية حديثة تُلبي احتياجات مجتمع الصناعة ومُتطلبات سوق العمل.

تشجيع الشراكات بين الجامعات التكنولوجية والمؤسيات الصناعية

وأكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي أن الخطة المُستقبلية للنهوض بالتعليم التكنولوجي الفني تركز على تشجيع الشراكات الأكاديمية سواء على المستوى المحلي أو الدولي وتفعيل المزيد من آليات التعاون بين المؤسسات التعليمية والصناعية مع الجامعات التكنولوجية خاصة في ظل الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي التي تم إطلاقها في مارس 2023.

وأوضح وزير التعليم العالي أن التعاون في مجال التعليم التكنولوجي والتقني مع المؤسسات والمعاهد التعليمية التقنية المُتميزة بدول الاتحاد الأوروبي يُعد خطوة نحو فتح آفاق للتقدم الصناعي وتشجيع المنتج الوطني وفق رؤية مصر 2030.

وأضاف الدكتور أحمد الصباغ مستشار وزير التعليم العالي للتعليم الفني والتكنولوجي، أن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا بالمسارات المهنية في التعليم الجامعي لإتاحة فرص لطلاب التعليم الفني داخل الجامعات التكنولوجية في ظل تزايد الطلب على منظومة التعليم العالي، لافتًا إلى أنه توجد 10 جامعات تكنولوجية حاليًا تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في قطاع التعليم العالي، ومؤكدًا أن جهود إتاحة فرص تعليمية متميزة وبمعايير عالمية للطلاب داخل مصر، يأتي من أجل مواكبة متطلبات سوق العمل محليًا وإقليميًا ودوليًا.
 

وشهد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي والسفير ميشيل دواروني سفير إيطاليا، توقيع مذكرة تفاهم رباعية مُشتركة بين جامعة القاهرة الجديدة التكنولوجية والمعهد التقني العالي للتقنيات الجديدة للصنع في إيطاليا، وشركة دانيللي الإيطالية، ومعهد دون بوسكو في برنامج تكنولوجيا الميكاترونكس.

جاء ذلك على هامش مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي الذي تستضيفه القاهرة تحت عنوان "مصر والاتحاد الأوروبي"، برعاية وتشريف الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وأورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية. 

كما شهد الوزير والسفير الإيطالي توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية والمعهد التقني العالي للتقنيات الجديدة للصنع في إيطاليا وشركة بوليجون سوليوشنز الإيطالية ومعهد الدون بوسكو في برنامج التكنولوجيا الطبية الحيوية.
 

مقالات مشابهة

  • «الريادة» يطالب الحكومة الجديدة تعزيز برامج الحماية الاجتماعية وضبط الأسعار
  • "أصغر وزير للحكومة".. أحمد موسى يكشف تفاصيل جديدة بشأن وزراء الإسكان والمالية والأوقاف (فيديو)
  • جدال بين ويجز ومتابعيه لهذا السبب
  • والد طفل شبرا للمحكمة: بهدلوا ابنى.. والقاضي يرد: الكل هياخد حقه بالقانون
  • ابنى مدرسة.. تمجد اسمك
  • معيط: تعاون مصر مع البنك الدولي نموذج في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية
  • وزيرة التضامن: انخفاض نسبة الأمية بين مستفيدي تكافل إلى 45%
  • الجمهور يشيد بأغنية" قطر جيلك" لـ عمر كمال وحسن شاكوش
  • مواقع النفايات.. ملاذ آمن للكلاب السائبة و حملات المكافحة.. بدائية
  • برامج دراسية حديثة تناسب سوق العمل في الجامعات التكنولوجية