بوابة الوفد:
2025-01-27@19:47:57 GMT

لا من هنا.. ولا من هناك

تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT

البلدان كبصمة الإصبع، متفردة فى خصائصها ومواردها وتاريخها وطبائع أهلها، لذلك ما يَصلح لبلد ويُصلِح شأنها ليس بالضرورة يناسب أخرى، وهنا تكمن أزمة استيراد البرامج الجاهزة للإصلاح السياسى أو الاقتصادى، وافتح قوسين وأضف بينهما أى قطاع تريد فالمساحة تحتمل، وهنا أيضًا ربما نجد الإجابة عن السؤال التائه فى حقول المنطق: لماذا لم تستطع الحكومات رغم اختلافها وتعاقبها وتنوعها أن تجد برنامجًا واضحًا لحل أزماتنا المستعصية والخروج منها؟

لمزيد من الإيضاح نسرد قصتين، الأولى كتبها عبدالله النديم تحت عنوان «عربى تفرنج» وتدور حول شخصية «معيط وزعيط»، تقول الحكاية إن أحد الفلاحين وُلِد له ولد فسماه «زعيط»، وتركه يلعب فى التراب وينام فى الوحل حتى صار يقدر على تسريح الجاموسة، وكان يعطيه كل يوم أربعة أمخاخ من البصل، وفى العيد كان يقدم له «اليخني» ليمتعه بأكل اللحم بالبصل، وبينما كان «زعيط» يسوق الساقية، مر بهما أحد التجار فنصح «معيط» بأن يرسل ابنه إلى المدرسة ليتعلم ويصير إنسانًا، فأخذ «معيط» بالنصيحة وسلم ابنه إلى المدرسة، فلما أتم العلوم الابتدائية أرسلته الحكومة إلى أوروبا، وبعد أربع سنوات ركب «زعيط» الوابور عائدًا إلى بلاده، ومن فرح «معيط» بعودة ابنه من بلاد الخواجات ذهب يستقبله، ثم اندفع ليحتضنه ويقبله، فدفعه «زعيط» فى صدره وقال: سبحان الله.

. عندكم يا مسلمين مسألة الحضن دى قبيحة جدًا، «معيط»: أمال يا بنى نسلم على بعض إزاى؟ «زعيط»: قول «بون اريفي» وحط إيدك فى ايدى مرة واحدة وخلاص.

 وبعد تلك الصدمة من الدفع والتهكم والعجرفة، ذهب معيط بولده زعيط إلى الكفر، وقامت أمه «معيكة» وعملت له طاجنًا مملوءًا لحمًا ببصل، فلما رآه «زعيط» قال لها: ليه كترتى من الـ«.... »، «معيكة»: من الـ ايه يا زعيط، «زعيط»: من البتاع اللى اسمه ايه، «معيكة»: اسمه ايه يا ابنى الفلفل، «زعيط»: نونو ال دى.. البتاع اللى ينزرع، «معيكة»: الغلة يا ابنى، «زعيط»: نونو دى اللى يبقى له راس فى الأرض، «معيكة»: والله يا ابنى ما فيه ريحة التوم، «زعيط»: البتاع اللى يدمع العينين اسمو «أونيون»، «معيكة»: والله يا ابنى ما فيه أونيون ولا حاجه.. دا لحم ببصل، «زعيط»: سی سا.. بصل بصل، «معيكة»: يا زعيط يا ابنى نسيت البصل وأنت كان أكلك كله منه!!

على عكس القصة الأولى تأتى الثانية وإن كان يجمعهما التشابه فى النتائج، حيث اختار المخرج الكبير يوسف شاهين النجمة «داليدا» لتقوم بدور«صديقة» الفلاحة المطحونة التى تصارع قسوة الحياة فى فيلم «اليوم السادس»، فظهرت «داليدا» كفلاحة «خوجاية» جاءت لهجتها مصرية «متكسرة»، وصرخت فى أحد المشاهد قائلة: «يا ربى أنا عملتوا هاجة أسان ده كلوا.. ده هرام.. هرام يا ربى»، تلك اللهجة المصرية «المتكسرة» المتفرنجة التى يمكن ملاحظتها بسهولة كلما نطقت «داليدا» خلال الفيلم، والتى لا تتناسب مع فلاحة مصرية مقهورة شكلًا ومضمونًا.

قالت الناقدة «ماجدة خير الله» وقتها، إنه لا يمكن أن نتهم يوسف شاهين بالجنون أو المخاطرة، فإن المسائل محسوبة ومدروسة، حيث إن الفيلم إنتاج فرنسى مصرى، ولا يعتمد كلية على عرض الفيلم فى القاهرة، ولكن الفيلم سوف يعرض على الغرب الذى لن يلاحظ لهجة «داليدا» البعيدة عن اللهجة المصرية، ولكنه سوف يستمتع بأدائها، ويغفر لها تلك الهفوات التى يلاحظها المشاهد المصرى، الذى يكتشف أيضًا مع تلك اللهجة المصرية المتفرنجة أن داليدا فلاحة أجنبية «تخمس» السجائر مع الصبية، فى فيلم تدور أحداثه خلال فترة انتشار الكوليرا عام 1947!

هكذا تكمن المشكلة فى استيراد برامج جاهزة للإصلاح أو إسناد برامج الإصلاح «للمتفرنجين»، فنصبح أمام برامج تخاطب المشاهد الغربى وتنسى المتفرج المصرى، برامج تتعجرف على أصحاب الأرض وتتبرأ منهم مثلما فعل «زعيط» مع «معيط» و«معيكة»، فتصير النتائج مسخًا «لا من هنا ولا من هناك».

الخلاصة.. إننا فى حاجة شديدة إلى أن نكون نحن، ونعى ونعرف ماهيتنا ونبنى عليها وننطلق منها وفقًا لترتيب أولوياتنا، نحن فى حاجة إلى ابتكار برامج للإصلاح تنبع منا، برامج نُفَصلها ونصنعها لما نريد أن نكون عليه.

فى النهاية.. أعرف أن الأمر ليس سهلًا، ولكنه حتمى الحدوث طال الزمن أو قصر، إذا أردنا إصلاحًا حقيقيًا يضعنا فى مصاف الدول المتقدمة، ويحمينا من بطشها وتوحشها.

رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب لا من هنا ولا من هناك

إقرأ أيضاً:

منافسة مع الأمريكيين.. أصبحت هناك صحوة إيطالية لشراء منازل البلاد الرخيصة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أعلنت العديد من البلدات الإيطالية المهجورة خططًا لبيع المنازل بسعر بخس في السنوات الأخيرة، غير أنّ مدينة سامبوكا دي سيشيليا في صقلية حقّقت النجاح الأكبر بينها.

وشهدت عمليات بيع المنازل في سامبوكا طلبًا كبيرًا، فسارع المشترون الأمريكيون إلى شراء المنازل المعروضة بسعر مخفض في البلدة الواقعة على التل، لقاء يورو واحد رمزي في عام 2019، و2 يورو في عام 2021.

وبلدة سامبوكا غير المعروفة إلى حد كبير في السابق، حتى بالنسبة لبعض الإيطاليين، رحّبت منذ ذلك الوقت، بالعديد من الأمريكيين لدرجة أنه أُطلق عليها لقب "أمريكا الصغيرة في إيطاليا".

لكن بحسب رئيس بلدية المدينة، جوزيبي كاتشوبّو، فقد تغيرت الصيحة لدى المشترين الأمريكيين أو تباطأت. والآن أصبح الإيطاليون هم من يشترون المنازل المهجورة في البلدة.

"أمريكا الصغيرة في إيطاليا"

أطلق على مدينة سامبوكا لقب "أمريكا الصغيرة في إيطاليا" بسبب عدد الأشخاص الآتين من الولايات المتحدة الذين اشتروا منازل هناك في السنوات الأخيرة.Credit: Simone Padovani/Awakening/Alamy Stock Photo

وأوضح كاتشوبّو لـCNN أنه "قد حدث أمر غريب مع هذه الدفعة الثالثة من المنازل المعروضة للبيع بالمزاد، فاعتقدنا أن المزيد من الأميركيين سيتقدمون بطلبات، لذلك أذهلنا بسبب كون معظم مقدّمي الطلبات من الإيطاليين من جميع أنحاء إيطاليا لأول مرة على الإطلاق". 

وطرحت سامبوكا عشرات المساكن في السوق على مر السنين في محاولة لإعادة إحياء المجتمع الذي عانى من انخفاض بعدد السكان، مع انتقال السكان إلى مدن أكبر.

لذا عندما طرحت البلدة مجموعة جديدة من المنازل للبيع في مزاد مقابل مبلغ رمزي قدره 3 يورو في نوفمبر/ تشرين الثاني، توقع كاتشوبّو أن تصلهم مئات العروض من المشترين الأميركيين مجدّدًا. لكن المفاجأة كانت في انتظاره.

وللمرة الأولى، شكّل الإيطاليون الشريحة الأكبر من المزايدين الذين نجحوا في شراء أحد المنازل. وباستثناء مشتر أميركي واحد، كان الباقون من دول أوروبية أخرى، بينهم ثلاثة إيطاليين.

خطة إعادة الإحياء اشترى مورابيتو وسورفارو هذا المسكن الحجري الذي تبلغ مساحته 35 مترًا مربعًا في المدينة الصقلية.Credit: Paolo Morabito

وأفاد كاتشوبّو أن "الأميركيين بدأوا في إحياء سامبوكا، ولقد اشتروا 18 منزلاً متهالكًا في المزاد العلني في الجولتين الأوليين، وأكثر من 100 عقار جاهز للاستخدام بشكل خاص".

تصدّرت سامبوكا عناوين الأخبار العالمية في العام 2019، عندما نشرت CNN خبر الجولة الأولى من المنازل المعروضة للبيع مقابل يورو واحد، ما أثار موجة من الإقبال على العقارات تتألّف في الغالب من المشترين الأميركيين. 

يعتقد رئيس البلدية كاتشوبّو أن السبب في ذلك يعود إلى اهتمام المشترين الأميركيين، فأدرك الإيطاليون أخيرًا مدى جودة المنازل الرخيصة، وبدأوا بالمشاركة أيضًا.

ولفت رئيس البلدية إلى أنّ "المشترين الإيطاليين جميعهم من الشباب، وهذا أيضًا يشكل مفاجأة كبيرة. إنهم ليسوا متقاعدين، بل أشخاص يمكنهم أيضًا العمل عن بُعد".

يخطط الزوجان لإنفاق نحو 30 ألف يورو (حوالي 30810 دولارا أمريكيا) لتحويل العقار إلى ملاذ لقضاء العطل والتأجير.Credit: Paolo Morabito

وعلّق رئيس البلدية "لقد أدركوا أخيرًا جمال وجاذبية صقلية، بكل ما فيها من مزايا". 

المستشار المالي باولو مورابيتو، 25 عامًا، من ميسينا في شمال شرق صقلية، وصديقه المهندس المعماري برونو سورفارو، 28 عامًا، من منطقة كالابريا في جنوب إيطاليا، من بين هؤلاء.

الثنائي، اللذان عرضا حوالي 2،281 دولارًا، أصبحا الآن مالكين لمسكن حجري صغير مساحته 35 مترًا مربعًا مع شرفة بانورامية.

وهما يُخطّطان لإنفاق حوالي 30،810 دولارًا لتحويل العقار إلى ملاذ لقضاء العطل والإيجار.

وقال مورابيتو، الذي يعشق المدن القديمة، إنه لم يزر سامبوكا أبدًا حتى علم بشعبيتها الأخيرة.

وأفاد: "لذا عندما قمت بذلك، فكّرت، ’لماذا نترك مثل هذه الفرص للأجانب‘؟ يجب علينا نحن الإيطاليين، الذين غالبًا ما نكون كسالى للغاية، أن نستيقظ ونشتري هذه العقارات أيضًا".

"كنا غافلين" دفع الإيطالي كريستيان سالوتشي 1,000 يورو (حوالي 1027 دولارًا) لهذا المنزل الذي تبلغ مساحته 70 مترًا مربعًا، والمخططات. Credit: Giuseppe Cacioppo

ولفت مورابيتو إلى "أننا كنا غافلين حتى الآن عن أماكن مثل سامبوكا، المليئة بالمنازل الفارغة المهجورة".

أنفق كريستيان سالوتشي، 47 عامًا، وهو مزايد إيطالي من منطقة إميليا رومانيا، حوالي 1،027 دولارًا على منزل مساحته 70 مترًا مربعًا، ويخطط لإنفاق حوالي 102،700 دولارًا لإعادة تصميمه.

وقال: "لقد رأيت فرصة للاستثمار، وملاذًا قريبًا لقضاء العطل العائلية مع زوجتي وابني".

وأعرب سالوتشي عن عدم اعتقاده "بأن الإيطاليين يدركون إمكانات شراء ومنح حياة جديدة للمنازل التي يبلغ سعرها يورو واحد".

وكان بول كانيترا، موظف حكومي يبلغ من العمر 45 عاماً من نيوجيرسي، المشتري الأميركي الوحيد في المزاد الثالث.

.كان بول كانيترا (أقصى اليمين)، في الصورة مع رئيس بلدية المدينة جوزيبي كاتشوبو (أقصى اليسار) واثنين آخرين من الحضور، المزايد الوحيد الفائز من الولايات المتحدة هذه المرة.Credit: Paul Kanitra

مقالات مشابهة

  • بالمصرى الغِنىَ غِنىَ النفس والتربية والأخلاق.. مش بالمال والمظاهر الكدابة
  • القطط والمرأة الحامل: هل هناك خطر حقيقي؟
  • منافسة مع الأمريكيين.. أصبحت هناك صحوة إيطالية لشراء منازل البلاد الرخيصة
  • هل هناك فضل للمتوفى إذا مات يوم الجمعة؟ الشيخ الماجد يجيب .. فيديو
  • نائب رئيس مصر أكتوبر : هناك اهتمام بقضايا الوعي السياسي بين أعضاء الأحزاب
  • الإذاعة الإسرائيلية: هناك اتصالات تجرى مع الوسطاء للإفراج عن أربيل يهود
  • رئيس مركز دندرة الثقافي: هناك محاولات لطمس الهوية الإنسانية
  • طارق فهمي: هناك حرص من الإدارة الأمريكية الجديدة على التواصل مع مصر
  • عبد الحليم علي يحرر محضر ضد جيرانه فى المقطم|ماذا حدث هناك
  • الولايات المتحدة: هناك حاجة ماسة لتمديد وقف إطلاق النار في لبنان