بوابة الوفد:
2025-01-01@19:50:20 GMT

كيف نفهم روسيا 2-2

تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT

عطفا على مقال الأسبوع الماضى عن كتاب عاطف معتمد الرائع «روسيا وأوكرانيا..حرب عالمية غير معلنة» والصادر مؤخرا عن الشروق، يبدو واضحا أمامنا أن الحرب الروسية الأوكرانية التى اندلعت فى فبراير 2022 لم تبدأ وقتها فقط، وإنما هى متصلة وممتدة منذ زمن استقلال أوكرانيا.

وهنا فقد كان العنوان الأول للصراع هو شبه جزيرة القرم التابعة وقت الاستقلال لحدود أوكرانيا، غير أنها تمثل بعدا جيوسياسيا لروسيا بوجود ميناء سيفاستوبول الاستراتيجى فيها، ووجود سكان أقرب للروس لغويا وعرقيا.

لكن السبب لم يكن ذلك فقط، فهناك عامل آخر يتعلق بقوة روسيا الصاعدة عقب وصول بوتين إلى السلطة، وسعيه لاستعادة أمجاد بلاده، انطلاقا من مشروع، مخاصما للغرب ومنتقدا لتوجهاته، ورافضا لأطروحاته بما فيها تصوراته عن الديمقراطية والعولمة.

وهنا، فإن التاريخ والجغرافيا يلعبان دورا عظيما فيما هو حادث، فقد استولت روسيا على شبه جزيرة القرم فى القرن التاسع عشر الميلادى، واستفادت من ميناء سيفاستوبول الاستراتيجى لأزمنة طويلة، حيث مثل نقطة انطلاق للأسطول الروسى العظيم.

وبعد خروج القرم عن سيادتها فقد كان عليها الاختيار بين عدة خيارات أولها التخلى عنها وتأجير ميناء سيفاستوبول البحرى من أوكرانيا، أو تشجيع انفصال القرم عن أوكرانيا والسيطرة عليها سياسيا، أو غزو القرم وضمها بالقوة العسكرية.

وظلت الخيارات مطروحة حتى بدأ بوتين استعادة قوة بلاده باخضاع الشيشان وإقامة رئاسة تابعة له، ثم قمع محاولة جورجيا للاستقلال، ثم الهيمنة على أوكرانيا وافشال الثورة البرتقالية فيها، ومقاومة أى تحول فى السياسات ناحية الغرب. وبدت الفرصة سانحة عندما اشتعلت المظاهرات فى كييف ضد الرئيس الأوكرانى يانوكوفيتش سنة 2014 بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، إذ استغلت موسكو الفرصة وبعثت بمجوعة خاصة استولت على برلمان شبه جزيرة القرم، ورفعت عليه الأعلام الروسية وأجرت استفتاء للسكان لضمهم للاتحاد الروسى، وهو ما تم التصويت عليه بنسبة 97 فى المئة. 

غير أن استمرار تحالف أوكرانيا مع العالم الغربى، ودخولها فى شراكة مع الاتحاد الأوروبى، دفع روسيا إلى تشجيع بعض الأقاليم فى شرق أوكرانيا على الاستقلال، وقامت بدعمها ضد القوات الأوكرانية، لتستمر لعبة المشاكسات والحروب السرية وصولا للغزو المباشر.

ويرى عاطف معتمد أن الحرب التى شنتها روسيا مؤخرا تمثل مكاسب عديدة لكثير من الأطراف، عدا الشعب الأوكرانى، فروسيا والدول الغربية تربحان بأنهما تجربان أسلحة وتقنيات جديدة فى ساحة معارك حقيقية. وبشكل منفرد تربح امريكا بتنفيذها لسيناريو استنزاف روسيا فى معارك بعيدة عن الأرض الأمريكية، واستثمار الحرب فى تأجيج الروسوفوبيا (رهاب الروس) بين الشعوب الأوروبية.

كذلك يربح فلاديمير بوتين ببقائه فى السلطة منفردا دون محاسبة بعد أن استغل الحرب ليمرر تعديلا دستوريا جديدا يضمن بقاءه حتى 2036، رغم استمرار حكمه المباشر وغير المباشر لنحو أربعة وعشرين عاما مضت.

وهذا ما يعنى أنها ستستمر طويلا، خاصة أن روسيا تستخدم نموذج الحرب بالوكالة باتساع، إذ يشارك الجيش الشيشانى بقوة فى العدوان على أوكرانيا، تأكيدا للولاء لموسكو، كما يشارك عدد كبير من المقاتلين السوريين، فضلا عن قوات المرتزقة لشركة فاجنر.

وتفى الحرب بالوكالة بعدة مكاسب أولها تيسير ارتكاب أعمال لا إنسانية بغرض الترويع دون حساب واضح لجيش نظامى، فضلا عن التغلب على إشكالية التناقص السكانى لدى روسيا، حيث انخفض عدد سكانها من 148 مليون نسمة سنة 1990 إلى 145 مليون نسمة الآن، فضلا عن توفير فرص عمل لأبناء جنسيات دول حليفة مقابل أربعة وخمسة آلاف دولار شهريًا، وهو ما يحدث مع العناصر السورية التى تستعين بها روسيا فى حربها.

وتلك بعض اللمحات المهمة التى يقدمها لنا عاطف معتمد، ذلك المفكر الجدير بالمتابعة والاهتمام.

والله أعلم.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد حرب عالمية الحرب الروسية الأوكرانية ميناء سيفاستوبول

إقرأ أيضاً:

روسيا ترد على فكرة نشر قوات غربية في أوكرانيا

علّق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على مقترح يقضي بنشر قوات غربية لحفظ السلام في أوكرانيا كجزء من أي تسوية لوضع حد للأزمة الحالية.
وأكد لافروف، في مقابلة نُشرت اليوم الاثنين، أن بلاده تعارض هذه الفكرة.
يدور الحديث في عدد من العواصم الغربية عن إمكانية نشر قوات أجنبية في أوكرانيا لفرض تطبيق أي اتفاق للسلام، علما بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ناقشا المسألة أثناء اجتماع استضافته وارسو هذا الشهر.
وقال لافروف لوكالة الأنباء الروسية الرسمية "تاس"، في مقابلة نشرتها وزارة الخارجية اليوم الاثنين، إن موسكو تعارض هذه الفكرة وأفكارا أخرى يقترحها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
وأفاد لافروف "بالتأكيد لا نشعر بالرضا عن المقترحات التي طرحها ممثلو الرئيس المنتخب بشأن تأجيل عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي 20 عاما وإرسال قوة حفظ سلام إلى أوكرانيا تضم قوات بريطانية وأوروبية".
وسبق للكرملين أن أفاد بأنه "ما زال من المبكر جدا الحديث عن قوات لحفظ السلام".
وأكد ترامب، الذي سيتولى السلطة يوم 20 يناير المقبل، أنه قادر على التوصل إلى اتفاق للسلام بين روسيا وأوكرانيا في غضون 24 ساعة وأفاد بأنه سيستخدم دعم واشنطن المالي والعسكري لأوكرانيا المقدر بمليارات الدولارات للضغط على كييف.
وطرح بعض أعضاء فريقه أفكارا عدة تشمل نشر قوات أوروبية لمراقبة أي وقف لإطلاق النار على طول خط الجبهة الممتد على ألف كيلومتر، وتأجيل طموحات كييف للانضمام إلى الناتو لمدة طويلة.

أخبار ذات صلة روسيا: لم نتلق أي طلبات من سوريا لمراجعة وضع قواعدنا العسكرية الصومال 2024.. نجاح الحرب على الإرهاب وتطهير مناطق من «حركة الشباب» المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • أوكرانيا: هذه أكبر هزائم روسيا
  • روسيا تعلن رسميًا توقف نقل الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا
  • فى وداع عامٍ مضي، واستقبال عامٍ جديد
  • روسيا توقف إمدادات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا
  • روسيا توقف شحنات الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر أوكرانيا
  • في آخر يوم من السنة.. روسيا تخفض تدفق الغاز عبر أوكرانيا إلى أوروبا
  • روسيا تتهم إدارة بايدن بـإفراغ جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين لمساعدة أوكرانيا
  • والده أكد وفاته.. مقتل مدافع منتخب روسيا السابق في حرب أوكرانيا
  • روسيا ترد على فكرة نشر قوات غربية في أوكرانيا
  • هل يمكن إنهاء الحرب في أوكرانيا حاليا؟.. روسيا تجيب