أصدر مجلس الأمن قرارا بوقف إطلاق النار فى السودان طوال شهر رمضان المبارك، وافقت عليه ١٤ دولة وامتنعت روسيا عن التصويت، وأصبح السؤال: هل يمكن أن يتم وقف إطلاق النار فى رمضان؟، وإذا تم هل سيستمر ويتحول إلى وقف إطلاق نار دائم ويفتح الباب أمام تسوية سياسية؟.
من الوارد أن يسفر هذا القرار عن وقف إطلاق النار طوال شهر رمضان، ولكن للوصول إلى تسوية سياسية لا بد من مراجعة الأخطاء التى حدثت طوال الفترة السابقة وحولت المسار فى السودان من بلد يسعى لانتقال ديمقراطى إلى حرب أهلية.
والحقيقة أن المعضلة الأساسية ترجع إلى أنه منذ نجاح الثورة فى إسقاط حكم البشير والمجتمع الدولى حاضر فى مسار البلد السياسى، وقام بتأسيس نموذج قائم على اقتسام السلطة بين أطراف متناقضة، سواء كانت قوى سياسية مدنية أو عسكرية، وأنتج مرحلة هشة قائمة على المواءمات التى تعمق الخلافات فى الواقع وتخفيها فى العلن حتى انفجرت فى وجه الجميع بالمواجهات الدموية بين الجيش والدعم السريع.
وقد يرى البعض أن حالة السودان لم يكن فيها بديل إلا البحث فى صيغة نظام تقاسم للسلطة كمخرج لانقسامات الواقع المعاش، فبلد مثل السودان كانت هناك قوى مختلفة صنعت الثورة فيه، واعتبر كثيرون أنها تمت بشراكة مدنية عسكرية فأصبح الحل فى مشروع انتقالى قائم على تقاسم السلطة بين هذه الأطراف.
والحقيقة أن هذا الكلام نظريا صحيح، ولكنه يشترط وجود سلطة قادرة على إدارة مؤسسات دولة قوية وراسخة، وللأسف فإن السلطة الانتقالية السابقة فى السودان ورثت مؤسسات دولة ضعيفة ومنقسمة وحزبية، ولذا فمن الطبيعى فى حال وجود سيولة فى السلطة وهشاشة وضعف يصل فى بعض الأحيان للغياب فى مؤسسات الدولة أن يصبح الهدف الأول هو بناء السلطة ثم البحث فى اقتسامها بين فرقاء الساحة السياسية.
مطلوب البحث عن نموذج أو إطار جديد لا يعيد إنتاج نموذج تقاسم السلطة، إنما يجب أن يعطى ثقته لطرف أو مشروع سياسى يكون محل توافق بين معظم الأطراف، ويحول المجتمع الدولى دفة جهوده من التركيز على خلق سلطة ضعيفة مفتتة للسيطرة عليها، أو خوفا من إعادة إنتاج النظام القديم والديكتاتورية، إلى بناء سلطة واحدة توحد مؤسسات الدولة وتقويها وتؤسس لنظام رئاسى ديمقراطى فى السودان، بعيدا عن النظام البرلمانى الذى أثبت عدم فاعليته وفتح الباب أمام الانقلابات السياسية.
لا يجب أن تستمر الضغوط الدولية لصالح بناء نظام منقسم وضعيف، فلم ينجح نموذج «اقتسام السلطة» فى السودان، وأنتج حربا بدلا من انتقال ديمقراطى، كما أنه فشل فى أن يحدث أى توافق فى الواقع وليس على الورق داخل ليبيا، وأن التوافق على بناء سلطة ومؤسسات الدولة- وليس تقاسمها- يجب أن يكون الهدف الأساسى لأى تسوية.
عمرو الشوبكي – المصري اليوم
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فى السودان
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يعلن عن تقديم 1.6 مليار يورو كمساعدات للسلطة الفلسطينية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
اعرب الاتحاد الاوروبي عن عزمه تعزيز السلطة الفلسطينية كجزء من حل الدولتين الذي يدعون إليه، على الرغم من معارضة إسرائيل.
واعلنت مصادر دبلوماسية اوروبية - حسبما ذكرت صحيفة "لوفيجارو" الاخبارية الفرنسية اليوم /الإثنين/ - إن الاتحاد الأوروبي اعلن عن تقديم مساعدات بقيمة 6ر1 مليار يورو للفلسطينيين مع تخصيص أكثر من نصف هذا المبلغ لتعزيز السلطة الفلسطينية.
وأكدت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشئون البحر الأبيض المتوسط "دوبرافكا سويكا" في لوكسمبورج، قبل بدء اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي: "سنعلن عن حزمة كبيرة" من المساعدات المالية.
أوضح المفوض الأوروبي أن "هذا أمر بالغ الأهمية لأننا نريد أن نعرف كيف ستحكم السلطة الفلسطينية، ليس الضفة الغربية فحسب، بل غزة أيضا".. مضيفا أن الإصلاحات الأولية، لا سيما في المجال الاجتماعي، قد بدأت بالفعل.
ودعا عدد من الوزراء الأوروبيين إلى العودة إلى وقف إطلاق النار في غزة، حيث يستمر الوضع في التدهور.
وقال وزير الخارجية الفرنسي "جان نويل بارو" إنه "يتعين علينا العودة إلى وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وإطلاق سراح الرهائن".
ومن المقرر أن يجتمع رئيس الوزراء الفلسطيني "محمد مصطفى" مع وزراء من الدول الأعضاء السبعة والعشرين بعد ظهر اليوم /الاثنين/ لتقييم الوضع ومناقشة الإصلاحات التي يطالب بها الاتحاد الأوروبي.
يذكر أنه في شهر يوليو الماضي، أعلن الأوروبيون عن تقديم 400 مليون يورو كمساعدات للفلسطينيين، وجعلوا الإفراج عن مساعداتهم الإضافية مشروطا بإجراء إصلاحات داخل السلطة الفلسطينية.
وكانت فرنسا الأسبوع الماضي قد اعلنت أنها قد تعترف بالدولة الفلسطينية "في شهر يونيو المقبل" في مؤتمر سترأسه بالاشتراك مع المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة بنيويورك.