يبدو أن إدارة بايدن -التي تشعر بالقلق من كارثة إنسانية جديدة- تفكر في سُبُل منع إسرائيل من استخدام الأسلحة الأمريكية، إذا هاجمت المنطقة كثيفة السكان حول مدينة رفح.

لم يتخذ الرئيس بايدن وكبار مستشاريه أي قرار حول فرض «مشروطية» على استخدام أسلحة الولايات المتحدة. لكن حقيقة أن المسؤولين يناقشون هذه الخطوة المتشددة كما يبدو تُظهِر في حدِّ ذاتها تزايد قلق الإدارة الأمريكية بشأن الأزمة في غزة وخلافها الحاد مع القادة الإسرائيليين حول الهجوم على رفح.

قال مارتن آنديك سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل مرتين «على إسرائيل إدراك أن مستوى إحباط إدارة بايدن حول سوء تعاملها مع الوضع الإنساني في غزة بلغ حدَّه». وأضاف «إذا شنت إسرائيل هجوما على رفح بدون حماية كافية للسكان المدنيين النازحين قد تعجل بأزمة غير مسبوقة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تشمل حتى الإمدادات بالأسلحة».

نائبة الرئيس هاريس ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان شككا بشدة في خطة الهجوم على رفح في اجتماعين منفصلين يوم الاثنين الماضي مع بني غانتس عضو مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي الذي كان يزور واشنطن، حسب تقرير موقع آكسيوس الإخباري.

وعلى الرغم من أن غانتس يُعتبر المنافس السياسي الرئيسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلا أنهما كما ذُكِر يتفقان حول الهجوم على رفح لتدمير أربع كتائب لحماس هناك.

تخشى إدارة بايدن من أن خطة رفح «نصف مطبوخة» وستزيد الوضع الكارثي في غزة سوءا دون أن تنهي الحرب. ويقول مسؤولو الإدارة إنهم لم يروا خطة واضحة لكيفية حماية أكثر من مليون فلسطيني دفعهم القتال في الشمال إلى النزوح نحو منطقة رفح على الحدود المصرية.

قال بايدن في مكالمة مع نتنياهو الشهر الماضي: الهجوم على رفح «يجب ألا يحدث بدون خطة لها صدقية وقابلة للتنفيذ لضمان سلامة ودعم أكثر من مليون فلسطيني يحتمون هناك، حسب ملخص للمكالمة صادر عن البيت الأبيض».

الأحداث التي أعقبت تلك المكالمة لم تفعل شيئا سوى تعميق مخاوف الإدارة الأمريكية بأن إسرائيل ليست لديها مثل تلك الخطة اللازمة لنقل كل النازحين بأمان ولا تتعامل بطريقة كافية مع محنة المدنيين الفلسطينيين عموما.

أي حدٍّ من إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل سيشكل مفارقة حادة في العلاقة معها ويسبب ضجة سياسية. الحالة الشبيهة نوعا ما بذلك تتمثل في الخطوة التي اتخذها الرئيس جيرالد فورد ووزير الخارجية هنري كيسنجر عام 1975 «بإعادة تقييم» العلاقات الأمريكية الإسرائيلية واقتراح خفض المساعدات العسكرية للضغط على إسرائيل كي توافق على اتفاق سحب القوات في سيناء بعد الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1973.

أصر فورد وكسينجر على موقفهما في مواجهة انتقاد مكثف من مؤيدي إسرائيل وفي آخر الأمر قدمت إسرائيل تنازلات وتم حل النزاع بعد عدة أشهر.

بحظرها استخدام العون العسكري الأمريكي للهجوم على رفح يمكن للإدارة المحاججة بأنها تتخذ خطوة شبيهة بتفاهمها مع أوكرانيا حول الصواريخ الأمريكية بعيدة المدى وعدم استخدامها لاستهداف أرضٍ سوفييتية.

اشتد قلق الإدارة الأمريكية من أن إسرائيل لم تخطط بما فيه الكفاية بالنسبة للمدنيين في غزة بعد مقتل أكثر من مائة فلسطيني وإصابة 700 آخرين بجراح الأسبوع الماضي في حادثة قافلة المساعدات شمالي غزة. وقال مسؤولون أمريكيون إن إسرائيل سمحت بدخول قافلة الشاحنات الفلسطينية لكنها لم توفر الأمن اللازم لمنع الكارثة.

بعدما كانت إدارة بايدن تأمل على مدى أشهر في نتائج أفضل في غزة بدأت في الإعداد للأسوأ أو على الأقل لما هو أكثر احتمالا. محاولة تلافي وقوع كارثة في رفح مثال واحد على ذلك. لكن هنالك أمثلة أخرى.

ركزت إدارة بايدن آمالها في تخفيف التصعيد على خطة لإطلاق سراح الرهائن قبل رمضان تحقق هدنة في القتال لفترة 6 أسابيع على الأقل إلى جانب مسار لتيسير المساعدات الإنسانية. لكن حماس حتى الآن ترفض القبول بوقف إطلاق النار المطروح على الطاولة. لذلك تفكر الإدارة الأمريكية فيما ستفعله إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع بداية رمضان.

من بين الخيارات ربما محاولة الإدارة الأمريكية ممارسة المزيد من الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن. كما تخطط الإدارة أيضا لتحرك منفرد يستهدف غمر غزة بفيضان من المساعدات الإنسانية عبر الإسقاط الجوي والقوافل البرية وإنشاء منصة عائمة جديدة للإنزال البحري من السفن.

ثمة مؤشر آخر على الواقعية وهو إقرار الإدارة بأن خططها المعقدة لما بعد حرب غزة بما في ذلك شق مسار نحو دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية قد تكون غير قابلة للتنفيذ هذا العام حتى إذا انتهت الحرب غدا.

خلف التوتر المتزايد مع نتنياهو إحساسُ بايدن بأن إسرائيل لا تنصت إلى تحذيرات ونصح الولايات المتحدة وأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ظلت «شارعا باتجاه واحد». تشعر الإدارة أنها تدعم مصالح إسرائيل بتكلفة سياسية كبيرة في الداخل والخارج في حين لا يستجيب نتنياهو للمطالب الأمريكية.

تحاجج إسرائيل بقولها إن أية فجوة بين الولايات المتحدة والسياسة الإسرائيلية ستفيد فقط حماس. لكن إسرائيل لا تقدم تنازلات لتضييق تلك الفجوة. ببساطة بايدن يريد أن تكون إسرائيل حليفا طيبا وأن تحمي المصالح الأمريكية وأرواح المدنيين الفلسطينيين في سعيها لإنهاء الحرب المريعة التي بدأت في 7 أكتوبر.

وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة لم يكن ليخطر يوما ما على البال. لكن مع انحسار صبر الولايات المتحدة يبدو أن مسؤولي الإدارة الأمريكية بدأوا يفكرون فيه.

ديفيد اجنيشس روائي وصحفي يكتب عن الشؤون الخارجية لصحيفة واشنطن بوست.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإدارة الأمریکیة الولایات المتحدة الهجوم على رفح إدارة بایدن فی غزة

إقرأ أيضاً:

البيت الأبيض: الفرنسيون لا يتكلمون الألمانية بفضل الولايات المتحدة

ردّت الرئاسة الأمريكية، أمس الإثنين، على تصريحات النائب الأوروبي الفرنسي رافاييل غلوكسمان، الذي طلب من الأمريكيين "أن يعيدوا تمثال الحرية"، مؤكّدة أنّ "الفرنسيين لا يتكلمون الالمانية اليوم بفضل الولايات المتحدة دون سواها".

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت: "بفضل الولايات المتحدة دون سواها، فإن الفرنسيين لا يتكلمون الألمانية اليوم، وينبغي تالياً أن يكونوا ممتنّين جداً لبلدنا العظيم"، واصفة غلوكسمان بأنه "سياسي فرنسي صغير غير معروف".

2. As the press secretary for this shameful Administration said: without your nation, France would have "spoken German." In my case, it goes further: I would simply not be here if hundreds of thousands of young Americans had not landed on our beaches in Normandy. pic.twitter.com/Yy4ELT7OuL

— Raphael Glucksmann (@rglucks1) March 17, 2025

وكان غلوكسمان البالغ 45 عاماً، والمعروف بدفاعه عن أوكرانيا وأوروبا وبانتقاداته لترامب، قال أول أمس الأحد، خلال لقاء "سنقول للأمريكيين الذين اختاروا الاصطفاف إلى جانب الطغاة، للأمريكيين الذين يطردون الباحثين بسبب ممارستهم الحرية العلمية: (أعيدوا لنا تمثال الحرية. لقد قدّمناه لكم هدية، لكن يبدو أنكم تحتقرونه)".

وفي رسالة مطوّلة نشرها على منصة إكس، أمس الإثنين، ردّ غلوكسمان الذي حلّ ثالثاً في فرنسا في الانتخابات الأوروبية التي أجريت في العام 2024، والتي خاضها ضمن قائمة تحالف بين حزب "بلاس بوبليك" والحزب الاشتراكي، على موقف "الإدارة المخزية" لترامب، توجّه فيها بالإنكليزية "إلى الأمريكيين".

'It's only because of the US, the French are not speaking German right now.'

White House Press Secretary Karoline Leavitt sends a message to French MEP Raphaël Glucksmann, who called for the US should return the Statue of Liberty.https://t.co/DaI7veKhUS

???? Sky 501 pic.twitter.com/o494DwbxT3

— Sky News (@SkyNews) March 17, 2025

وقال غلوكسمان: "ببساطة لما كنت هنا لو لم يقم مئات آلاف الشبان الأمريكيين بإنزال على شواطئنا في النورماندي". وتابع "لكنّ أمريكا التي ينتمى إليها هؤلاء الأبطال قاتلت الطغاة، ولم تتملّقهم. كانت عدو الفاشية، وليس صديقة لبوتين. كانت تساند المقاومة ولا تهاجم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وكانت تحتفي بالعلم"، معتبراً أن "أمريكا هذه تستحق أفضل بكثير من خيانة أوكرانيا وأوروبا وكراهية الأجانب أو الظلامية".

وأضاف "تمثال (الحرية) ملككم، لكن ما يجسّده ملك للجميع، وإذا لم يعد العالم الحر يهمّ حكومتكم، فسنحمل الشعلة هنا في أوروبا"، واصفاً طلبه بإعادة التمثال بأنه "رمزي" و"نداء استفاقة"، ومعرباً عن أمله في أن يجتمع الأمريكيون والأوروبيون في المستقبل "في النضال من أجل الحرية والكرامة".

9. No one, of course, will come and steal the Statue of Liberty.

The statue is yours. But what it embodies belongs to everyone.

And if the free world no longer interests your government, then we will take up the torch, here in Europe.

— Raphael Glucksmann (@rglucks1) March 17, 2025

مقالات مشابهة

  • المتحدثة باسم البيت الأبيض: الفرنسيون لا يتحدثون الألمانية الآن بسبب أمريكا.. فيديو
  • البيت الأبيض يؤكد تشاور الإسرائيليين مع إدارة ترامب بشأن الهجوم على غزة
  • البيت الأبيض: الفرنسيون لا يتكلمون الألمانية بفضل الولايات المتحدة
  • البيت الأبيض: إسرائيل تشاورت مع إدارة ترامب قبل شن غاراتها على غزة
  • البيت الأبيض: إسرائيل تشاورت معنا قبل الغارات على غزة
  • البيت الأبيض: إسرائيل تشاورت معنا بشأن غاراتها على غزة
  • البيت الأبيض: إسرائيل أبلغت إدارة ترامب بشأن الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة
  • البيت الأبيض: إسرائيل استشارتنا في الغارات على غزة
  • البيت الأبيض: لا يمكن لأي قوة عرقلة الملاحة في البحر الأحمر
  • البيت الأبيض: الحوثيون استهدفوا السفن الأمريكية أكثر من 300 مرة منذ 2023