يشاهد العالم بكثير من الوجع والأسى وقائع الحرب الوحشية التي يشنها الكيان الصهيوني على النساء والأطفال في غزة، ويطالع التقارير المؤكدة بوفاة أكثر من ثلاثين ألف فلسطيني أغلبهم من النساء والأطفال باعتراف الرئيس الأمريكي جوزيف بادين في خطاب حالة الاتحاد يوم الخميس 7 مارس 2024م، وأمام هذه الفجائع المتتابعة التي تمزّق الروح والوجدان، قد تطرق الأذهان أسئلة منطقية من قبيل: لماذا الحرب؟ وهل الحروب قديمة قدم الإنسان؟ أم هي ابتكار مرتبط بحدوث الدول؟ وهل الإنسان مجبول فطريا على الحرب أم هي أمر عارض بالنسبة له؟ وهل الحرب معيقة للتطور الحضاري الإنساني أم هي حافز له وداعم؟
يقرر مؤسس علم الاجتماع العربي ابن خلدون في مقدمته الشهيرة أن «الحروب وأنواع المقاتلة لم تزل واقعة في الخليقة منذ برأها الله».
أما المؤرخ العسكري البريطاني مايكل هوارد فيرى في كتابه «The Causes of Wars» أن نشوء الأمم مرتبط جذريا بالتعرف على الذات، وتحديد الهويات، وعسكرة الدول في قبالة الآخر ذي الهوية المفارقة، وأن هذه العسكرة تنتهي عادة بالحروب بين الأمم، وأن التاريخ المدون للحروب بين البشر يؤكد هذه الحقيقة، فخوف أسبرطة من تنامي القوة الأثينية هو سبب الحرب البيلونيزية وتحالف أسبرطة مع الفرس ضد الأثينيين، كما أن خوف بريطانيا من تنامي قوة ألمانيا هو سبب الحرب العالمية الأولى، فالحروب في نظر هوارد ليست أزلية كما ذهب ابن خلدون، وإنما هي مرتبطة بنشوء الدول التي نعلم أنها اختراع حديث في مسيرة التطور الحضاري للإنسان. يؤكد الفيلسوف والعسكري البروسي -ألمانيا حاليا- الجنرال كارل فون كلاوزفيتز في كتابه «عن الحرب» رأي هوارد بأن الحروب إنما هي مرتبطة حصرًا بقيام الدول، حيث اعتبر أن الحرب ليست مجرد تسلية أو تمضية للوقت، وما من مكان فيها للحماس الأهوج اللامسؤول، بل هي وسيلة جادة نحو نهاية جادة، وإنها عمل من أعمال السياسة. وهذا التعبير «عمل من أعمال السياسة» أصبح قاعدة استراتيجية لدى الفلاسفة السياسيين والمخططين العسكريين، فلا تكاد تجد مفكرًا يتعاطى مع قضية الحرب دون الإحالة إلى مقولة كلاوزفيتز هذه. في معرض حوار فكري حول الدوافع النفسية للحروب وكيفية تجنيب العالم شرورها تم برعاية عصبة الأمم المتحدة عام 1933 بين الفيزيائي الألماني ألبرت أنشتاين، والطبيب النفسي والفيلسوف النمساوي سيجمويند فرويد، قدم كل منهما رؤيته حيث ذهب أنشتاين إلى أن «شهوة القوة المميزة للطبقة الحاكمة»، و«جماعة الاقتصاديين الجشعين» الذين يرون في الحرب مناسبة لتوسيع سلطتهم وتعزيز اهتماماتهم الشخصية هي من يدفع بالأمم نحو الاحتراب. ثم يتساءل: كيف للوسائل التي يستخدمها هؤلاء في إلهاب حماس الجماهير بهذا العنفوان حتى يضحوا بحياتهم؟ فيجيب: «هناك إجابة واحدة فقط معقولة، وهي أن الإنسان بداخله نزعة للكراهية والتدمير، في الأوضاع العادية يكون هذا الميل مستترا، ولا يظهر سوى في الظروف غير المعتادة، إلا أن استدعاءه وترقيته إلى سلطة الهوس الجمعي مهمة سهلة نسبيا». يجيب فرويد على تساؤل أنشتاين بإجابة كلاسيكية متوائمة ومنهجه في التحليل النفسي للإنسان القائم على غريزتي «حب البقاء والتدمير»، حيث يقول: «إنه لمبدأ عام أن تسوى صراعات المصالح بين البشر عن طريق العنف، وهو أمر ثابت في مملكة الحيوان»، وهذا الرأي موافق لفكرة أزلية الحرب التي تحدث عنها ابن خلدون. ثم يردف فرويد قائلا: إن الغرض الأساسي من المعركة هو إجبار طرف التخلي عن اعتراضه، وإن القتل وسيلة للقضاء على ذلك الاعتراض بشكل دائم كما أنه يرهب الآخرين من محاولة الاعتراض. إن الأصل في الحروب كما يراها فرويد هو «سيطرة الأقوى، سيطرة العنف الغاشم، أو العنف المدعوم بالفكر» أي الذي يتم تبريره عقليا لزيادة حماس المقاتلين، أما الدافع الذي يؤدي بالجماهير للاستسلام لخطاب الكراهية والعنف فمرجعه إلى «غريزة التدمير والقتل» الموجودة فطريا في الإنسان مثلما توجد «البقاء والاتحاد»، ويرى فرويد أن كلا الغريزتين ضروريتان للحياة، وأن أحدهما لا يستطيع العمل «بمعزل عن الأخرى، وإنها تكون مصحوبة دائما، أو كما نقول مخلوطة، بكمية محددة من الغريزة الأخرى». أما فيما يتعلق بعلاقة الحرب بالتطور الحضاري للإنسان، فيمايز فرويد بين الحروب التي تأتي بالشر ومثل لها -مدفوعا بموقفه المعادي للإسلام- بحروب المغول والترك، في قبال الحروب التي اعتبرها طريقا للسلام مثل حروب الدولة الرومانية التي منحت بحسب رأيه دول البحر المتوسط سلاما لا يقدر بثمن.
إذن فالحروب بحسب فرويد ليست شرا مطلقا، بل قد يكون لها جوانب إيجابية تساهم في التطور الحضاري للإنسان، وتؤدي إلى بناء سلام دائم وبالتالي نمو حضاري للمجتمعات. وهذا الرأي الإيجابي من الحرب هو ما أكد عليه هيرقليطس الذي يعتبر أحد أقدم فلاسفة اليونان الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد حيث يقول: «يجب على الإنسان أن يعرف أن الحرب عامة والشريعة هي النزاع، وكل شيء يبرز إلى حيز الوجود عن طريق النزاع والضرورة... والحرب تستدعي الحقيقة من الخفاء إلى الوجود وتنتزع منها الحجاب، إنها تظهر الضرورة، تظهر العقل الكلي. إن الحرب هي شريعة المغتربين الباحثين عن التكامل، وبفضل الحرب تتأسس الحقيقة ويتأسس الإنسان ويتأسس العقل». والحقيقة لدى الفلاسفة تمثل المعرفة، والعقل يمثل منهج التفكير، وهما بلا شك أساس الثقافة ونهضة المجتمعات وتطور الحضارات.
وقد أكد القرآن الكريم على حقيقتين جليتين فيما يتعلق بالموقف من الحرب، الأولى: هي أن فكرة الحرب مناقضة لميل الإنسان السوي، فالإنسان ليس محاربا بالطبع كما يقول فرويد، وإنما هو محارب بالضرورة وإلزامات الواقع. الحقيقة الثانية: هي أن الحرب قد تحمل خيرا كثيرا للإنسان في ذاته وفي اجتماعه وفي التطور الحضاري للبشرية، وهذا التنصيص نجده متكررا في آيات كثيرة ربما أبرزها قوله تعالى: «كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم» البقرة: 216. المدهش في هذا المعنى القرآني الذي يبشر بمنافع غير مرئية للحرب أنه لم يربط تلك المنافع بضرورة النصر في الحرب، بل ترك مسألة تحققها مستقلة عن نتيجة المعركة، فقد يهزم الجيش ولكن ذلك لا يمنع من حدوث منافع للأمة قد لا تتنبه لها إذا ما كانت نظرتها جزئية ومرتبطة بحسابات الربح والخسارة القريبة والمادية الحاضرة.
ويؤكد عالم الحضارات الأمريكي ويل ديورانت في موسوعته «تاريخ الحضارة» هذه المعاني القرآنية بالقول إن الحروب هي من يخلق الرئيس والملك والدولة، وأن الدولة أمها الملكية وأبوها القتال، وأن العنف هو الأداة التي خلقت الدولة وأن الحرب هي الأداة المختارة للانتخاب الطبيعي بين الأمم والجماعات البدائية، وأنها حفزت الإنسان على الاختراع وصنع آلات أصبحت أدوات نافعة للاجتماع البشري مثل السكك الحديدية التي كانت تستخدم للحروب ولكنها تستخدم الآن في النقل والمواصلات، والبث الإذاعي الذي كان يستخدم للاستخبارات العسكرية واليوم للإعلام، ويمكننا إضافة الإنترنت التي كانت أداة لتواصل وحدات الجيش الأمريكي والآن هي أساس التواصل بين العالم.
إذن ليست الحرب بالضرورة شر محض، فقد يكون فيها فوائد ومنافع ونتائج إيجابية قد لا تتكشف للناس في الوهلة الأولى، خاصة إذا ما كانت نتيجة الحرب المباشرة هي هزيمة جيشهم وقتل الكثير من أفراد المجتمع أطفالا ونساء وتدمير ممتلكاتهم واحتلال أرضهم، وهذه الخلاصة المعرفية هي بالضبط ما ينبغي استحضاره ونحن نشاهد الهمجية التي يمارسها الاحتلال الصهيوني في غزة من قتل للنساء والأطفال وتهديم للبيوت والمدارس والمستشفيات ومنع الطواقم الإغاثية من إيصال الدواء والغذاء للمحتاجين.
إن معركة غزة لم تنتهِ بعد، وهناك احتمال كبير أن تفشل إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة وهي استرجاع الأسرى، وتفكيك حماس، وقتل قادتها، وهذا الفشل العسكري سيعني بلا ريب فشلا سياسيا للقيادة الصهيونية التي تركت جميع الخيارات السياسية واتجهت إلى الحرب كمحاولة لاسترجاع بعض هيبتها التي تبخرت في 7 أكتوبر 2023 حين تمكن مجموعة صغيرة من المقاومين من اقتحام أكبر القلاع العسكرية الإسرائيلية، وأشدها تحصينا، وأسر جنودها وضباطها، والاستيلاء على ملفاتها السرية العسكرية والاستخباراتية. ومع هذا الصمود الفلسطيني أمام مجازر الكيان الصهيوني وعملية الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل بدعم لا محدود من أمريكا وبريطانيا وألمانيا وكندا وأستراليا، استطاع الفلسطينيون أن يعيدوا قضيتهم إلى وعي العالم كقضية إنسانية لا بد من حسمها، وكما تمكنوا من تحرير الشعوب في الشرق والغرب من السردية الصهيونية، وكشف زيف أكذوبة الحق الإسرائيلي في إقامة دولة يهودية في أرض مسروقة من الفلسطينيين، كما فضحت تضحياتهم مواقف رؤساء الدول الغربية الذين يزعمون الدفاع عن حقوق الإنسان أمام شعوبهم، بينما يقتصر تعريفهم للإنسان على الفرد الغربي دون غيره. إن حرب غزة هي بلا شك حتمية تاريخية وضرورة حضارية لرقي الإنسان المادي والأخلاقي، وسيكتب التاريخ في مدوناته المجيدة بأن هذه الحرب كانت البداية لسلسة من الأحداث الإقليمية والدولية التي ستسهم في استعادة الحق الفلسطيني، وفي تفكيك العقيدة الصهيونية وربما زوالها إلى الأبد، وفي تغيير الفلسفة الأخلاقية الانتهازية التي تسيطر على المجتمعات الغربية، وفي تصور الفرد العربي والمسلم لعلاقته مع ذاته ومع الآخر، وفي استعادة الإنسانية وعيها بأهمية العدل والإحسان وعالمية حقوق الإنسان.
زكريا بن خليفة المحرمي كاتب وطبيب عماني مهتم بقضايا الفكر
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ابن خلدون أن الحرب
إقرأ أيضاً:
أستاذ علم الاجتماع: تربية الأجيال الجديدة على المنهج العلمي للتمييز بين الحقيقة والشائعة
أكدت د. هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع السياسى، أن الحرب النفسية ليست كالحروب المعتادة التى تعتمد على استخدام السلاح فى مواجهة السلاح، والجيوش فى مواجهة الجيوش، بل إنها لا تقتصر على الجيوش التى تواجه بعضها فى الحدود أو فى مواقع معيّنة، وإنما تمتد لتشمل الشعوب التى تنتمى إليها الجيوش.
وقالت «هدى»، فى حوارها مع «الوطن»، إن فكرة الحرب النفسية بدأت فى القرن العشرين لتصدير الخوف والفزع، وإحداث حالة من الفتنة بين الشعوب وجيوشها، فى نوع جديد يُضاف إلى أنواع الحروب، ونوّهت بأن تربية الأجيال الجديدة على المنهج العلمى القويم، تتيح لهم تحليل المعلومات والتمييز بين الحقيقة والشائعة.
ما أبرز أساليب الحرب النفسية التى تمارسها الدول؟
- الحروب غير المرئية تستهدف تأليب الرأى العام وتغيير السلوكيات والقناعات، وعند الحديث عن أبرز الأساليب التى تم استخدامها فى الحرب النفسية، يمكن أن نأخذ مثالاً من الحركة الصهيونية سنة 1948، حيث كانت الحرب النفسية التى انتهجتها الحركة آنذاك تهدف إلى بث رسالة «لن تستطيع أن تقاومنا»، فى محاولة لبث فكرة أنهم القوة الغاشمة بالمنطقة، التى لا يمكن الانتصار عليها، فى وقت كانت فيه أعداد الجيوش العربية وإمكانياتها محدودة جداً، وتمثّل الجانب النفسى من تلك الحرب فى تهجير القرى من سكانها وتشريدهم خارجها، ورغم أن السكان كانوا يقاومون، إلا أنهم تعرّضوا لأشكال من التهجير من بلادهم وأوطانهم، منتهجين سياسة المغول فى مثل تلك الحروب النفسية، حيث كانوا يدخلون قرية ضعيفة ومسالمة ويقترفون فظائع، مثل قتل الرجال بشكل وحشى واغتصاب النساء، ثم يتركون بعض الناجين، ليبلغوا الرسالة إلى الباقين من أبناء الشعب.
كيف تختلف الحرب النفسية عن الحروب التقليدية أو العسكرية؟ وما الذى يجعلها أكثر خطورة على المجتمع؟
- الحروب النفسية مختلفة تماماً عن الحروب التقليدية، فهى ليست بالسلاح أو المدافع، ولكن عن طريق زعزعة النفوس وبث الأفكار الهدّامة فى الشعوب، ومن المهم أن نفهم كيف يمكن أن تؤثر الحرب النفسية على المجتمع، فالأعداء يسعون لضرب ملامح الشخصية الوطنية، التى تُعرف بالشخصية المنضبطة، حيث يتم ترويضها تجاه الخطر. وعندما يتعرّض المجتمع لخطر ما، يتجلّى ذلك فى تصرّفات الأفراد. وبالتالى نجد أن تلك الحرب النفسية تستهدف تفكيك الضمير الجمعى للشعب، مما يؤدى إلى فقدان الإحساس بالأمان الفردى والمجتمعى. فنحن نرى كيف أن الحرب النفسية يمكن أن تجعل الأفراد يشعرون بعدم الأمان حتى فى منازلهم، بسبب تلك الممارسات النفسية التى تمارس عليهم.
ما أهم الأدوات المستخدَمة فى الحروب النفسية لتأليب الرأى العام وتغيير قناعات الأفراد؟
- بالنسبة للأدوات المستخدمة فى الحرب النفسية، فهى تتنوّع إلى عدة أساليب، من أبرزها المنابر البعيدة التى يمكن أن تكون خارج نطاق رقابة المؤسسات الدينية. تُستخدم هذه المنابر لنشر الأفكار والأيديولوجيات التى يمكن أن تُؤدى إلى تفكيك التماسك الاجتماعى ووحدة الأفراد من خلال بث الأفكار الخبيثة، حيث يستخدم أصحاب الآراء تلك المنابر للتعبير عن أفكارهم ومعتقداتهم الهدّامة، ومن هذا المُنطلق يمكننا أن نُدرك أن الحرب النفسية لها تأثير عميق على المجتمع والأفراد، وتتطلب وعياً جماعياً لمواجهتها.
كيف تستغل القوى التى تشن حروباً نفسية وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى لتحقيق أهدافها؟
- وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى تُعد بيئة نشطة لشن الحروب النفسية والشائعات، حيث تُستخدم هذه المنصات كمنابر لتوجيه أفكار المواطنين، من خلال نشر أفكار خبيثة لتحقيق أهداف الدول التى تمارس تلك الحروب. كما أنّ من بين الأدوات التى تُسهم فى تشكيل وعى المواطن بجانب الإعلام، هناك دور للمدارس كذلك.
ماذا عن دور الشائعات والمعلومات الزائفة فى هذه الحروب؟ وكيف يمكن للمجتمع مواجهتها؟
- لمواجهة الشائعات وتأثيراتها الخطيرة، يجب تقديم الحقائق المجرّدة باستمرار، والرد على الشائعات والأكاذيب من خلال منابر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى، التى تُعد الوسيلة الأكثر انتشاراً فى المجتمعات.
كما أنّه من المهم أيضاً تربية الأجيال على المنهج العلمى القويم، مما يتيح لهم تحليل المعلومات والتمييز بين الحقائق والشائعات.
لذا يجب تعزيز ثقافة التحرّى عن الدقة فى المجتمعات من خلال تكثيف مبادرات التوعية بخطورة الشائعات فى هدم وتفكيك ثوابت المجتمع ووحدته، لا سيما فى المجتمعات التى تعانى من الأمية وانعدام التعليم.
إحداث تغيير حقيقىيمكن للحروب النفسية إحداث تغيير فى سلوكيات الأفراد، وبالتالى فى قيم المجتمع. فالتواصل مع المجتمعات الريفية هو أمر حيوى، وهناك حاجة للاستماع إليهم وفهم ثقافاتهم، للتعرّف على الآليات المناسبة لحمايتهم من الأفكار الخبيثة وزيادة الوعى لديهم. فالتوجّه من القمة إلى القاعدة دون الاستماع إلى الناس قد يُفقد الرسائل أهميتها، وهو ما يتطلب تبنى استراتيجية التوجّه من القاعدة إلى القمة، بمعنى البدء بتوعية المجتمعات الريفية التى لم تحظَ بقسط كبير من التعليم، وزيادة توعيتها، وصولاً إلى النُّخب.
ففى فترات الأزمات، إذا ما توافرت مقاومة من الأفراد والمجتمعات، فإن تلك الحروب النفسية لن تجد بيئة خصبة لتنمو فيها، لذا يجب تعزيز الهوية الجماعية والوعى العام لمواجهة التأثيرات السلبية لتلك الحروب.