غزة ومسقط.. وانكشاف كينونة الشعوب الأخرى
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
د. عبدالله باحجاج
تناولتُ وغيري من الكتاب والصحفيين، نتائج ودروس الحرب الجنونية التي يشُنُّها الصهاينة وحلفاؤهم على غزة منذ أكثر من 5 أشهر، وكلما نُعمِّق التفكير فيها، يظهرُ لنا الكثير؛ منها يُمكن إصدار أحكام فورية بشأنها، ومنها يحتاج الحكم للمُعطى الزمني ونضوجه، والنتيجة الصارخة للوعي، تكمن في الانكشاف المُتصاعِد لنُبل الشعوب الأوروبية والأمريكية ومواقفها المشرفة من جرائم الإبادة الجماعية والتجويع والتهجير واستمرار الحرب.
ما نطرحه في مقال اليوم يخرج من مختبر النضوج الزمني؛ أي بعد مرور هذه الفترة الزمنية الطويلة للحرب على غزة، ولبلادنا تجربة سابقة وفريدة من نوعها في انكشاف هذه الكينونة، تعرّفتُ عليها صدفةً من خلال صديقي الباحث زاهر بن سيف بن سلطان المسكري، عندما تواصلت معه أثناء كتابة هذا المقال، للتعرف على نتائج تجربة "مركز التعريف بالإسلام" التابع لجامع السلطان قابوس الأكبر ببوشر، والغائبة عن الرأي العام العُماني، سيكون لنا معها– أي التجربة– ربما أكثر من مقال، وستتفقون معي في ختام هذا المقال على أن التجربة لم توفّ أدنى حقها من الاهتمام الإعلامي والصحفي، وأن رسالتها تفوق الفهم المتصور عنها، وأنها تستلزم تطويرها ودعم روادها، وأنَّ لها السبق في انكشاف كينونة الشعوب الأخرى النبيلة– كما سيأتي لاحقًا باختصار وبعيد شهر رمضان بإسهاب- أبرَزَتها مسقط من خلال إيمانها بمسؤولية التعريف بالإسلام، واستنطقتها غزة من خلال حجم آلامها البشعة.
ونتيجة انكشافات– غزة ومسقط– تبيّن أنَّ الشعوب التي تختلف معنا– عقلًا ووجدانًا– هي في أمسِّ الحاجة لنا، ونحن مسؤولون عن مفاهيمها الخاطئة، وعن ابتعادها عن الدين؛ لأنها لم تجد الرسالة المُناسبة التي تصل لعقولها ووجدانياتها، وكذلك المُرسِل الواعي والناضج الناقل لها، فتاهت في خطابات الجماعات الآيديولوجية المُسلَّحة والأفكار الإقصائية.. ومن جهتنا، غرقنا في نظرتنا التقليدية لهذه الشعوب بأنها "كافرة وجانحة في غرائزها الحيوانية"، ولم نفصلها عن مواقف سياسييها وأنظمتها، حتى كشفت عن نفسها بنفسها بمواقف تُعبِّر عن نُبلها، وعن استقلاليتها عن حكوماتها، فخرجت للشوارع غاضبةً على الإبادة الجماعية والحرب على غزة، وأصبح الآن من الأهمية تغيير نظرتنا ومفاهيمنا عنها، وتحديدًا وفق الآتي:
إعادة النظر في كل من يختلف معنا "عقلًا ووجدانًا" على مستوى الشعوب. التفرقة بين السياسيين والشعوب.ذلك أنَّ مفهومنا عن الغربي "الكافر" أصبح مُتغيِّرًا بالعلامة المئوية الكاملة، فلم يعد ذلك الكائن الذي لا يؤمن بالله الخالق والمتحكم فيه الغرائز المادية والأنانية الكاملة، أو المُلحد التائه في مفهومه الخاطئ، أو ذلك الوحش الذي قتلت دولته الملايين من الأبرياء بغير ذنب.. وإنما ذلك الإنسان الذي غابت عنه الرسالة الإسلامية الصحيحة، ومُرسلها المؤهَّل، واعتباره مشروعَ مسلمٍ يتحتِّم أن تصل إليه الرسالة الصحيحة بالمرسل الناضج والمؤهل، وهذا ما يفعله مركز التعريف بالإسلام التابع لجامع السلطان قابوس الأكبر؛ فهو فعلًا- كما يصف- بأنه مركز إشعاع إسلامي يبعثُ من مسقط برسالة الإسلام الى شعوب دول العالم، لكي يقنعهم بأنَّ كل معتقداتهم مصدرها الإسلام، وأن دين كل الشعوب واحد وهو الإسلام، وأن دين الله هو الإسلام؛ لذلك يقوم بأدوار التعريف والتصحيح والتأكيد، تدرون بكم لغة؟ بـ17 لغةً من بينها: الأسبانبة والبرتغالية واليابانية والروسية والهندية بخمس لغاتها، والكورية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية، وكل سائح يأتي للجامع سيجدُ من يتحدث بلغته، وسيجد المؤهل لهذه الرسالة، وأغلبية المُعرِّفِين عُمانيون، والكثير منهم متطوعون، ومن بينهم متقاعدون. أتدرون كم دخل الإسلام عام 2023 من الوفود السياحية التي تأتي لجامع السلطان قابوس الأكبر؟ نحو 545 نطقوا بالشهادة، وما بين 10 إلى 7 آلاف تأثروا. وبعد عودتهم لبلدانهم أعلن الكثير منهم إسلامهم، والناطقون بالشهادة والمتأثرون من جنسيات مختلفة.
هكذا يكشفُ جامع السلطان قابوس الأكبر عبر مركزه الفكري التعريف بالإسلام كينونة الشعوب الأجنبية عامة، ومدى قابليتها لتقبُّل أي نتيجة بعد عملية فكرية وعقلانية، وهذا ما يدعم ما ذهبنا إليه سابقًا من ضرورة تغيير نظرتنا للشعوب التي تختلف معنا "عقلًا ووجدانًا"، وجعلها من ضمن أولويات الاستهداف لاستدراك مسيرها في الحياة في الوقت المناسب. وكما كشف لي زاهر المسكري أن الكثير من السياح ينهارون بالبكاء في ختام الحوارات معهم ومناقشاتهم؛ لأنها تكشف قربهم للإسلام وتزيل الالتباس المصطنع في معتقداتهم. وهنا ندعو الى تكريم المُعرِّفِين بأعلى الأوسمة الوطنية في البلاد لأدوارهم الوطنية والإسلامية، وهذا أقل حقوقهم.. كما ندعو وسائل الاتصال المختلفة إلى إبراز دور الجامع ومركزه في نشر التعريف بالإسلام ونشر الثقافة والأخلاق العُمانية. ومن خلال اطلاعنا على أدواره سالفة الذكر، تظهر لنا الغاية الكبرى التي أرادها السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- من إقامة صرح ديني ومعماري في قلب العاصمة مسقط، وتحديًدا في ولاية بوشر؛ لكي يكون مركز إشعاع للشعوب جمعاء، يجد فيه المختلف غايته، والتائه ضالته، ويظهر كينونتهم لتصويب الخطأ في المعتقد أو لدواعي العيش المشترك.
وكل من تابع المُظاهرات والاحتجاجات الشعبية في الكثير من عواصم العالم وبالذات الأوربية والأمريكية، مُطالِبةً بوقف الإبادة الجماعية ووقف الحرب في غزة، ستظهر له صور مختلفة عن الكينونة الإنسانية لشعوب هذه الدول، سيظهر الكائن النبيل المُنحاز للحق الوجودي للإنسان ولحقوقه التاريخية في الأرض والكرامة والعيش الإنساني داخل وطنه. ولنا هنا مثال نقدمه من آخر إحداثيات الأحداث المناصرة لغزة، وهو غضب ولاية تكساس، فقد كان غضبًا راديكاليًا ضد الرئيس جو بايدين الذي سيخوض الشهر المُقبل انتخابات الرئاسة الأمريكية، فقد صرخت في وجهه مطالبة بوقف الإبادة والحرب، فيما امتطى فرسان الولاية الخيول وبالعلم الفلسطيني، وهي امتداد للمظاهرات الحاشدة في المدن الأوروبية مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا. الحشود الأمريكية ضد الحرب تعيد الذاكرة بالتأثير القوي للاحتجاجات المعارضة ضد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في حرب فيتنام 1964، وفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة جالوب، والذي أوضح أن غالبية متزايدة من الأمريكيين ترى أن التدخل الأمريكي في فيتنام كان خطأً. وتقول مصادر إنَّ هذا الخطأ قد أيده بعد ذلك بسنوات المسؤول عن تخطيط هذه الحرب، وهو وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت ماكنمار.
وسيدفع الرئيس بايدين ثمن انحيازه المُطلق والأعمى لمرتكبي الإبادات الجماعية في انتخابات الرئاسة المقبلة، لكن لا يمكن الرهان عليه ولا على نظيره المقبل، ولا غيرهما، فكل سياسي لن يأتي لهرم السلطة السياسية إلّا برافعة الصهاينة. لكن في المُقابل، نتفق مع اختلاف التأثير في الدول الأوروبية كبريطانيا وفرنسا وألمانيا، ففيها بدأ الرأي العام الغربي يؤثر بقوة في مواقف حكوماته على بعض النتائج، وسنتشهد هنا بفوز جورج جالواي في الانتخابات الفرعية البريطانية، وقد فُسِّرَ فوزه على أنه استفتاء على الحرب في غزة. المثال الآخر تراجع زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمز عن مواقفه التي أيّد فيها قطع الماء والكهرباء عن غزة.
النتيجة العميقة التي نخرج بها من أحداث غزة، أن هناك فجوة عميقة تتسع بين السياسيين والشعوب في أوروبا وأمريكا، ووفق ما ذكره كاتب أمريكي مشهور، فإنَّ 90% من أعضاء مجلس النواب الأمريكي لم يطلبوا وقف الإبادة والحرب، مقابل 70% من الشعب الأمريكي يدعون إلى وقفها عاجلًا، وهي نتيجة تكشف كينونة الشعوب واختلافها عن سياسييها، وأن هذا الاختلاف يتسع ويتعاظم، وتكشف أن هذه الشعوب بحاجة لنا الآن أكثر من أي وقت مضى.. لكن من خلال إعمال الذكاء الفكري.
فهل تغيَّرت نظرتنا للشعوب الأخرى في ضوء أحداث غزة، وفي ضوء تجربة مسقط المؤسسية والاحترافية؟
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الرّسوم الجمركية الأمريكية.. محاولات لحماية الدولار من السقوط
يمانيون../
أثار معركة دولية منذ أيام بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبقية دول العالم على خلفية ما يسمى “بالرسوم الجمركية”.. فما طبيعة هذه المعركة وما حيثياتها؟
يعمل ترامب على ابتزاز العالم، من خلال فرض رسوم جمركية بطريقة غير قانونية، بهدف التوصل إلى مفاوضات يجري الترتيب لها، والتي تخدم الدولار، والمتمثلة في التفاف اليهود وتحديداً عائلة روتشيلد على سندات الخزانة العالمية المستثمرة في سندات الخزانة الأمريكية، وهناك خطط للالتفاف عليها بطريقه غير مسبوقة في العالم.
من المعروف أن الآجال في السندات قصيرة لمدة ثلاثة أشهر أو سنة، ومتوسطة ست سنوات وثلاثين عاماً، ولكن اليوم وظيفة ترامب ومن يقف خلفه، بهذا الاستفزاز المتمثل في فرض الرسوم الجمركية، تتمثل بتمديد آجال سندات الخزانة واستثماراتها، خاصة العربية، وهي ذات حجم كبير إلى مائة عام، وسيصنع خزانة وسندات خزانة خاصة بالاتحاد الأوروبي عسكرية، وهذا لأول مرة يسمع بها العالم منذ 50 عاماً، وفي الواقع فإن هذه الرسوم عملية نهب واحتيال بطريقه غير مسبوقة.
الجذور الحقيقية لأزمة الرسوم الجمركية:
وفي السياق يقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمد أحمد الآنسي: إن جذور أزمة الرسوم الجمركية، تعود إلى التعامل بالربا في النظام المالي العالمي المفروض على جميع الدول الغربية والعربية، حيثُ يمارس الربا ويخلق أموالاً رابية منتفخة تبرز في أشكال التضخم”.
ويضيف “أن الربا معروف بأنه من الأنشطة التي يحبها اليهود ويمارسونها، بغض النظر عن آثارها السلبية على الآخرين، والربا في معناه الاقتصادي يخلق أموالاً ليس لها قيمة، والاقتصاد عند العقلاء، وكما حماه الله رب العالمين، يجب أن يكون العائد المالي فيه من مصدرين لا ثالث لهما، المصدر الاول من بيع سلعة لها قيمة ونفع، والثاني مقابل أجرة على عمل فيه نفع.
ويضيف الآنسي أن الجذور الحقيقية هي محاولات للهروب من الربا الناتج عن السياسة المالية الأمريكية، حيثُ إن الدولار الأمريكي هو العملة الوحيدة في العالم التي تحظى بأن يتحمل العالم أعباء تضخمها، فعندما فرض الدولار كعملة في التبادل التجاري بين الدول، أصبح التضخم الربوي موزعاً على العالم، بمعنى أن العالم يتحمل أعباء الربا وأعباء ومشاكل الاقتصاد الأمريكي.
الاستثمارات العربية في الغرب:
وفي ظل هذه الأزمة الأمريكية الاقتصادية الناتجة جراء الرسوم الجمركية، يؤكد الخبير الاقتصادي الآنسي، أن الدول العربية والإسلامية سوف تخسر، وذلك من خلال حجم الاستثمارات العربية المحسوبة على الأمّة الإسلامية، في دول الغرب، التي يوجد فيها مجموعة من الصناديق التي من المؤسف تسمى سيادية وهي ولا علاقة لها بالسيادة لماذا؟ لأن أموالها ذات الحجم الكبير مسخرة في خدمة اليهود منذ أن تأسست.
ويبين أن من أبرز هذه الصناديق العربية، صندوق جهاز أبوظبي للاستثمار، الذي يصل إجمالي أصوله إلى 853 مليار دولار، وأيضاً هناك هيئة الاستثمار الكويتية التي يصل إجمالي الأصول فيها إلى 803 مليار دولار، هذا بالنسبة لإحصائيات أخر 2023، وكذلك صندوق الاستثمار العام السعودي الذي يصل إجمالي أصوله النقدية المالية إلى 776 مليار دولار، وجهاز قطر للاستثمار الذي يصل إجمالي أصوله إلى 475 مليار دولار، ومؤسسة دبي للاستثمار تصل أصولها إلى 320 مليار دولار، وشركة مبادلة للاستثمار الإماراتية تصل أصولها إلى 276 ملياراً، شركة أبوظبي التنموية القابضة أصولها تصل إلى 157 ملياراً ، حياة الإمارات للاستثمار 87 مليار دولار، جهاز الاستثمار العماني 20 مليار دولار، ممتلكات صندوق استثمار خاص بالبحرين 18 مليار دولار، إجمالي أصول هذه الصناديق العشرة فقط الخليجية العاملة ثلاثة تريليونات و760ملياراً، هي مسخرة في خدمه الدولار.
وبحسب الآنسي فإن تلك الأموال يقدمها العرب دائماً لخدمة الدولار، العملة القشة التي لولا هذا السند والدعم العربي لما استمر الدولار إلى اليوم، ولكان قد سقط، حيثُ كان الدولار على وشك السقوط الحتمي في 1971، وسارع آل سعود لإنقاذه، من خلال التزامهم ببيع النفط بالدولار، وتوريد العوائد إلى البنوك الأمريكية في الغرب، تحت عنوان الاستثمار في سندات الخزانة، وبالتالي فإن هذه هي المحركات التي تعمل على تدوير الدولار وتوزيعه في العالم، وهي التي تعمل على توزيع التضخم في العالم.
بمعنى آخر أنها تقوم بتوزيع مشاكل الدولار على الشعوب، ولولا هذه الروافع المالية لما استمر الدولار، ولما استمر الطغيان الأمريكي، ولما استمرت الهيمنة الأمريكية، ولما استمر النهب الذي يقوم به اليهود المصرفيون وأدواتهم.
ابتزاز وتهديد:
في الواقع، فإن الرسوم الجمركية كما يقول الدكتور محمد الآنسي، هي مجرد تهديد وابتزاز؛ لكي يتمكن ترامب من فرض إجراءات أخرى مهمة جداً، للدولار والاقتصاد الأمريكي الذي يوشك على السقوط، والمتمثلة في ترتيبه لعمليات نهب غير مسبوقة، وسوف تنعكس آثارها السلبية على الشعوب وسوف يكون الضحايا هم الفئات المستضعفة والمستهلكة.
ويوضح أن مساعيَ ترامب لها نتائج خطيرة على الاقتصاد الأمريكي، منها رفض الشعوب التداول بالدولار، وهذا ما نتمنى أن يحدث، حيثُ تتحرر الشعو1ب من هيمنة الدولار الأمريكي، والتبعية له؛ لأنها جميعاً متضررة.
ويؤكد الآنسي أن الأنظمة العربية والإسلامية العميلة، سبب رئيسي في هيمنة الدولار، حيثُ تعمل على جعل شعوبها أداةً للهيمنة الأمريكية الغربية وهيمنة الدولار والمصرفيين اليهود، حيثُ تقوم بفتح أبواب بلدانها لتكون أسواقاً للمنتجات الغربية، ولولا ذلك التواطؤ والعمالة العربية لما تحولت البلدان العربية من الاكتفاء الذاتي إلى الاستهلاك الذي عمل من أجله اليهود الكثير من المؤامرات حتى تحق لهم.
ووفق الآنسي فإن تحوّل الشعوب إلى الاستهلاك خاصة في موضوع الغذاء، شكل واحدة من أهم الروافع للدولار، ولأن من يمتلك الدولار ويمتلك المصارف هو نفس الفريق الذي يمتلك منظمات وشركات السيطرة على الغذاء وعلى المدخلات الزراعية، والتي تتمكن من تحريك كميات كبيرة من الدولار من خلال تحول الشعوب إلى مستهلكين، وهذا أدى إلى حصولها على إيرادات فرص لتوزيع التضخم الأمريكي.
السيطرة على الاقتصاد الزراعي:
وحول بداية السيطرة اليهودية والأمريكية على الاقتصاد الزراعي العربي، يؤكد الخبير الاقتصادي الآنسي، أن الحركة الصهيونية اليهودية استخدمت في بداية السيطرة على الاقتصاد الزراعي العربي، وذلك من خلال تعيين المجرم شارون عام 1977 وزيراً للزراعة في حكومة كيان العدوّ الإسرائيلي المحتل، والذي استمر من 1977 الى 1981، وعمل المجرم شارون خلال هذه المرحلة مع فريق من المخابرات الأمريكية والإسرائيلية على تحويل الشعوب العربية من الاكتفاء الذاتي إلى الاستيراد.
ويوضح أن “أبرز أسلحتهم كان المدخلات الكيماوية أو الكيميائية بكل أنواعها وكان أبرزها الأسمدة الكيميائية والمبيدات، مشيراً إلى أن الشركات اليهودية عملت على صناعة الأسمدة وجعلت من خصائصها أنها تحفز الطلب على المبيدات، حيثُ تقوم الأسمدة بدعم النباتات بمعادن صناعية أكثر من احتياجها، أكثر من المقادير التي أرادها الله، فيخرج الزائد في شكل سوائل ومواد على النبات وهذه تجذب الحشرات والكائنات وتحولها من كائنات حية كانت لها وظيفة طبيعية الى كائنات ضارة، وهذا العمل مدروس ومن أجل تحفيز الطلب على عدد من المبيدات؛ وصولاً إلى إنهاء الزراعة والاعتماد على الاستيراد.
في السبعينيات كان الدولار يوشك على السقوط، ومن ضمن المؤامرات التي حدثت تحويل الشعوب العربية من الاكتفاء الذاتي إلى الاستيراد والاستهلاك.
الأهداف الخفية:
وفي سياق متصل، ينوه الدكتور الآنسي، إلى أن “من الأهداف الخفية هي أن الأمريكيين يحاولون التهام مبالغ مالية كبيرة، تحت عناوين سندات خزانه ذات أجل طويل غير معروفه على العالم، وكذلك نهب الأموال العربية (الصناديق السيادية، وأموال شركات التأمين، وأموال صناديق التقاعد التي يعجبها الهرولة في الاستثمار في الحصول على أرباح ربوية سيلتهم الكثير منها).
أيضاً يرغب ترامب في الضغط على الشركاء في الناتو للاستثمار في سندات طويلة الأجل بخمسين عاماً واسمها سندات عسكرية، وهذا يعني أن هذه الأموال تخصص لشراء أسلحة من المصانع الأمريكية بشكل دائم باعتبارهم أعضاء في الناتو.
كما تتمثل الأهداف الخفية من الرسوم الجمركية التي تحاول أمريكا فرضها، في عملية احتيال ونهب تقوم به أمريكا على أموال المستثمرين في الغرب، حيثُ تهدف من خلال هذه الأزمة إلى الصناديق العشرة الخليجية التي يتم نهبها بسندات واستثمارات حكومية، بالإضافة إلى أموال البنوك التجارية وشركات التأمين الموضوعة كلها في بنوك الغرب.
وبعد أن ينهبونها تبدأ دورة أخرى من الاقتصاد الربوي القائم دائماً على دوره الازدهار والكساد، وهي محاولات تؤدي إلى السقوط الحتمي، والسقوط الاقتصادي الأمريكي في هذه المرحلة وشيك، واحتمالاته كبيرة.
وفي ختام حديثه، يعبر الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الآنسي، عن تمنياته “بأن تتخذ بعض الشعوب أو معظم الشعوب المظلومة، قرار التحرر من الهيمنة والعبودية الأمريكية الغربية، وهناك الكثير من الشعوب تعاني في معيشتها بسبب الدولار بسبب الربا، وبسبب توزيع التضخم على الشعوب، فالبنوك المركزية التابعة للدولار تقوم بمهمة نهب شعوبها خدمةً للدولار، ولهذا نأمل أن يحدث تحرر وقرار بالاستقلال عن الهيمنة الغربية التي مارست طغيانها وبلغت أضرارها مراحل كبيرة في معيشة الناس في حياتهم”.
عباس القاعدي |المسيرة