من سيوقفُ إصبع السبابة التي ترسلُ رسائل مُضللة إلى الدماغ بأنّها ستتوقفُ عمّا قريب عن الضغط على شاشة الهاتف؟ لكنها في الحقيقة لا تفعل، بل تستمرئ في النقر المستمر، لتنقلنا -بشكل لا واعٍ- من إحساس كثيف بالغضب إلى الضحك إلى الإمتاع إلى الجوع إلى الرغبة في البكاء أو الغناء؟
عندما تحدثتُ مع ابني حول ذلك، قال لي ضاحكا: «إنّهم يتلاعبون بالدوبامين، ولذا فمشاعرنا شديدة التوهج والتناقض، لكن لأمد قصير جدا»!
ولا أدري حقًا إن كان «الدوبامين» هو ما يجعلنا نعيش بين شعورين قاسيين متناقضين.
هنالك من سقط في قعر الدوامة فتملكه العجز إزاء الطرق المسدودة، وهنالك من عزل ذاته لحمايتها مما يدور، وكأنّنا مجرد متابعين لفيلم بائس، يمكن بضغطة زر واحدة تغيير وجهة المشاهدة!
نتزاحم على محال البيع لشراء قوائم الأطعمة، فينصرفُ تفكيرنا في الأطباق التي سنحضرها لإفطار سعيد في رمضان. نفكرُ بدفء المساء ولمّة العائلة التي لا يوازيها شيء.
لكننا في غمرة التحضيرات، توجعنا خناجر الحقيقة لأيام، لساعات، لدقائق، لثوانٍ، عندما نتذكر وجود آلاف النازحين دون طعام كافٍ، دون شعور بالأمان، ولعلنا نفكر آنذاك: هل يمكن لتبرعاتنا أن تُرمم الخيبة؟ هل يمكن للمقاطعة أن تصنع فرقا ضئيلا؟ هل يمكن للخشوع والصلوات والدعاء أن يُنسينا ما عبروه من مآزق مفصلية في التاريخ البشري المتحضر؟ وهل يمكن للمسلسلات الكوميدية وبرامج التسلية أن تنزع جثثهم وصراخهم وما قالوه قبل الموت من رؤوسنا؟
يقول سبينوزا: «كل شيء يسعى نحو الاستمرارية في كيانه الخاص»، ونحن أيضا نرغبُ في أن نلتحم بحياتنا الطبيعية وتفاصيلها، أن نتجاهل التوحش العارم الذي يعرضه الإعلام لنا لحظة بلحظة، فنسعى إلى قليل من النأي. لكن ثمّة ما يُعيدنا، ثمّة ما يُبعثر اطمئنانا، ما يخدش انسجامنا مع أكثر لحظاتنا توهجا! إذ يتبدى لنا أنّ الانسلاخ من معاناة الإنسان الدامية، تلك الآلام غير المُحتملة التي تنهشُ بأجسادهم وأرواحهم، هو جحودٌ يعيد صورتنا المعاصرة إلى قرون الإبادات المنهجية والمتعمدة.
السؤال الذي لا يهدأ في أدمغتنا: ماذا يمكثُ تحت قشرة الحرب؟ وكيف تتعفن جذورنا العميقة والأشواط التي قطعتها البشرية في سبيل أن تتغلب على إنسانها البدائي الهمجي، ذلك الذي رأيناه على نحو شديد الفجاجة، يغرسُ سُميته القاتلة في صلب كل ما ظنناه متينًا وعميقًا كالشرائع والقوانين والمبادئ الكبرى؟
هنالك من يتلاعب بالدوبامين طوال الوقت، هذا ما أشعرُ به بكثافة هذه الأيام. وبما أنّ الكتابة هي محاولة صغيرة لركل حجر صغير في المياه الآسنة، لتعرية ما يعبرنا من كآبة وقلق في وقت يصعب على أحدنا أن يجد «أناه» الذائبة في «الكل»، فإنني سأتذكر ما قاله الروائي والشاعر الإنجليزي توماس هاردي: «إذا كان هنالك سبيل نحو الأفضل، فإنّ علينا أن نلقي نظرة شاملة على الأسوأ»، فما الأسوأ الذي نخشاه؟ الحرمان من رفع مشاهدات الحسابات على سبيل المثال؟ الحرمان من الجوائز الزائفة؟ من الاستثمارات الأجنبية في البلاد؟ ألا تبدو هذه المخاوف هي الأكثر تطرفا والأكثر غرائبية إزاء مصير الإنسان في حرب غير متناظرة؟ وفي أمد زمني غير معلوم؟
هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
إخلاء سبيل الشيف الشربيني بكفالة 20 ألف جنيه في واقعة دهس نجل زوجته عامل دليفري
أخلت نيابة الشيخ زايد، سبيل الشيف الشربيني بكفالة 20 ألف جنيه على ذمة التحقيقات، في القضية رقم ٥٢٦٨ لسنة ٢٠٢٤ جنح أول الشيخ زايد الخاصة بدهس عامل دليفري بسيارة رانج روفر ملك الشيف الشربيني بمدينة الشيخ زايد.
إخلاء سبيل الشيف الشربيني بكفالة 20 ألف جنيه في واقعة دهس نجل زوجته عامل دليفريقررت نيابة الشيخ زايد حبس نجل زوجة الشيف الشربيني، في اتهامه بدهس عامل دليفري بسيارة رانج روفر ملك الشيف الشربيني بمدينة الشيخ زايد، مع إخضاع المتهم لتحليل تعاطي المواد المخدرة والكحوليات، لبيان مدى تعاطيه للمخدرات وقت وقوع الحادث.
أفاد الشيف الشربيني خلال التحقيقات بأنه مالك السيارة المتسببة في الحادث، ولكن نجل زوجته هو الذي كان يقودها وقت وقوع الحادث، وأوضح أنه حضر إلى مكان الحادث بعد تلقيه اتصالا هاتفيا من نجل زوجته.
وأشار إلى أنه لم يعلم شيئا عن وفاة الضحية إلا بعد أن اطلع على التحقيقات، وأنه انتقل إلى موقع الحادث، في محاولة للتعامل مع الوضع، ولكن انصرفت سريعا، خوفا من الاعتداء على من قبل المواطنين الغاضبين.
أقوال شقيق ضحية سيارة الشيف الشربيني أمام النيابة |ماذا قالتواصل نيابة أول وثان الشيخ زايد، الاستماع لأقوال شقيق عامل دليفري ضحية الدهس من نجل زوجة الشيف الشربيني.
وقال شقيق المجني عليه في التحقيقات ؛ إنه تلقى اتصالا هاتفيا بتعرض شقيقه لحادث سير، ونقله إلى مستشفى الشيخ زايد التخصصي، وفور وصوله تعرف على جثمانه بثلاجة الموتى فحرر محضرا بقسم الشرطة.
وأضاف شقيق المجني عليه بالتحقيقات أنه شاهد دراجة شقيقة النارية مهشمة أمام قسم الشرطة والسيارة المتسببة في الحادث.
مدير ضحية سيارة الشربيني .. كان بيستعد لزفافه وكان آخر يوم عمل له يوم الحادثكشف مدير عامل الدليفري، ضحية الدهس من سيارة الشيف الشربيني، أن الضحية كان يستعد للزواج، يوم 6 ديسمبر المقبل، حيث طلب أمس من مديره إجازة الزواج، ويوم الحادث كان آخر أيام عمله قبل الإجازة ليسافر إلى محافظة بني سويف والاستعداد لحفل زفافه.
مواصلة التحقيقات في واقعة دهس عامل دليفري بسيارة ملك الشيف الشربينيكما تباشر نيابة أول وثان الشيخ زايد، التحقيق في دهس عامل دليفري بسيارة ملك الشيف الشربيني أمام كمبوند زايد 2000.
وكشفت مصادر قيام المتهم (ابن زوجة الشيف الشربيني) بتسليم نفسه، حيث اصطحبه الشيف الشربيني إلى ديوان قسم شرطة الشيخ زايد أول وتم إخطار النيابة العام وترحيله لسراي النيابة لبدء التحقيق معه.
وكشفت التحقيقات أن المتهم قائد السيارة مرتكبة الحادث ابن الزوجة الثانية للشيف الشربيني وليس ابنه.
وفي وقت لاحق، حضر لمقر القسم مالك السيارة الشيف شربيني ، محل الواقعة وبصحبته نجل زوجته "طالب 16 سنة – لا يحمل رخصة قيادة، وقال: إن نجل زوجته هو مرتكب الحادث وفر هاربًا من مكان الحادث عقب تعطل السيارة خشية تعرض المواطنين له وتعرف الشاهد على مرتكب الواقعة.
الداخلية كشف تفاصيل حادث الشيف الشربينيوكشفت أجهزة الأمن بوزارة الداخلية ملابسات ما تم تداوله بشأن اصطدام سيارة ابن زوجة الشيف الشربيني، بدراجة نارية ووفاة قائدها بالجيزة وتحفظ أجهزة الأمن على الشيف الشربيني وابن زوجته.
وكانت أجهزة وزارة الداخلية، تتابع ما تم تداوله على عدد من المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعى بشأن اصطدام سيارة الشيف الشربيني بدراجة نارية مما أدى إلى وفاة قائدها بالجيزة.
وكان قسم شرطة أول الشيخ زايد بالجيزة قد تلقى بلاغا بوقوع حادث تصادم ومتوفى، وبالانتقال تبين أنه حال سير السيارة المشار إليها اصطدمت بدراجة نارية من الخلف، مما أدى إلى وفاة قائد الدراجة النارية، وأفاد أحد شهود الواقعة بأن قائد السيارة فر هاربًا عقب وقوع الحادث وتوقف على بعد مسافة 100 متر لحدوث عطل بالسيارة وترجل منها وفر هاربًا.
وتم اتخاذ الإجراءات القانونية والتحفظ على السيارة ومالكها وابن زوجته وتولت النيابة العامة التحقيق.