لجريدة عمان:
2025-04-10@20:43:56 GMT

إنّهم يتلاعبون بالدوبامين!

تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT

من سيوقفُ إصبع السبابة التي ترسلُ رسائل مُضللة إلى الدماغ بأنّها ستتوقفُ عمّا قريب عن الضغط على شاشة الهاتف؟ لكنها في الحقيقة لا تفعل، بل تستمرئ في النقر المستمر، لتنقلنا -بشكل لا واعٍ- من إحساس كثيف بالغضب إلى الضحك إلى الإمتاع إلى الجوع إلى الرغبة في البكاء أو الغناء؟

عندما تحدثتُ مع ابني حول ذلك، قال لي ضاحكا: «إنّهم يتلاعبون بالدوبامين، ولذا فمشاعرنا شديدة التوهج والتناقض، لكن لأمد قصير جدا»!

ولا أدري حقًا إن كان «الدوبامين» هو ما يجعلنا نعيش بين شعورين قاسيين متناقضين.

ما إن يشرئب أحدهما برأسه حتى يقفز الآخر من مكان سحيق، الأول: ذلك الشعور الحاد بالخزي والعار والتخلي، الذي يدفعنا إلى مزيد من احتقار الذات المتمرغة في النعم إزاء ما يحصل في عالمنا العربي المُنهك، ثمّ ذلك الشعور المناقض والمعبأ بالإنكار والرغبة في التمتع بالحياة الطبيعية المألوفة لنا -لا سيما وأنّ رمضان بأجوائه الحميمية يطرقُ أبوابنا- أضف إلى ذلك الرغبة في الحصول على تأكيدات مستمرة بأنّ حياتنا المحصنة والمنيعة هي حقنا الأصيل. هكذا يعيش أغلبنا منذ ٧ أكتوبر في تخبط وبين أمل ويأس!

هنالك من سقط في قعر الدوامة فتملكه العجز إزاء الطرق المسدودة، وهنالك من عزل ذاته لحمايتها مما يدور، وكأنّنا مجرد متابعين لفيلم بائس، يمكن بضغطة زر واحدة تغيير وجهة المشاهدة!

نتزاحم على محال البيع لشراء قوائم الأطعمة، فينصرفُ تفكيرنا في الأطباق التي سنحضرها لإفطار سعيد في رمضان. نفكرُ بدفء المساء ولمّة العائلة التي لا يوازيها شيء.

لكننا في غمرة التحضيرات، توجعنا خناجر الحقيقة لأيام، لساعات، لدقائق، لثوانٍ، عندما نتذكر وجود آلاف النازحين دون طعام كافٍ، دون شعور بالأمان، ولعلنا نفكر آنذاك: هل يمكن لتبرعاتنا أن تُرمم الخيبة؟ هل يمكن للمقاطعة أن تصنع فرقا ضئيلا؟ هل يمكن للخشوع والصلوات والدعاء أن يُنسينا ما عبروه من مآزق مفصلية في التاريخ البشري المتحضر؟ وهل يمكن للمسلسلات الكوميدية وبرامج التسلية أن تنزع جثثهم وصراخهم وما قالوه قبل الموت من رؤوسنا؟

يقول سبينوزا: «كل شيء يسعى نحو الاستمرارية في كيانه الخاص»، ونحن أيضا نرغبُ في أن نلتحم بحياتنا الطبيعية وتفاصيلها، أن نتجاهل التوحش العارم الذي يعرضه الإعلام لنا لحظة بلحظة، فنسعى إلى قليل من النأي. لكن ثمّة ما يُعيدنا، ثمّة ما يُبعثر اطمئنانا، ما يخدش انسجامنا مع أكثر لحظاتنا توهجا! إذ يتبدى لنا أنّ الانسلاخ من معاناة الإنسان الدامية، تلك الآلام غير المُحتملة التي تنهشُ بأجسادهم وأرواحهم، هو جحودٌ يعيد صورتنا المعاصرة إلى قرون الإبادات المنهجية والمتعمدة.

السؤال الذي لا يهدأ في أدمغتنا: ماذا يمكثُ تحت قشرة الحرب؟ وكيف تتعفن جذورنا العميقة والأشواط التي قطعتها البشرية في سبيل أن تتغلب على إنسانها البدائي الهمجي، ذلك الذي رأيناه على نحو شديد الفجاجة، يغرسُ سُميته القاتلة في صلب كل ما ظنناه متينًا وعميقًا كالشرائع والقوانين والمبادئ الكبرى؟

هنالك من يتلاعب بالدوبامين طوال الوقت، هذا ما أشعرُ به بكثافة هذه الأيام. وبما أنّ الكتابة هي محاولة صغيرة لركل حجر صغير في المياه الآسنة، لتعرية ما يعبرنا من كآبة وقلق في وقت يصعب على أحدنا أن يجد «أناه» الذائبة في «الكل»، فإنني سأتذكر ما قاله الروائي والشاعر الإنجليزي توماس هاردي: «إذا كان هنالك سبيل نحو الأفضل، فإنّ علينا أن نلقي نظرة شاملة على الأسوأ»، فما الأسوأ الذي نخشاه؟ الحرمان من رفع مشاهدات الحسابات على سبيل المثال؟ الحرمان من الجوائز الزائفة؟ من الاستثمارات الأجنبية في البلاد؟ ألا تبدو هذه المخاوف هي الأكثر تطرفا والأكثر غرائبية إزاء مصير الإنسان في حرب غير متناظرة؟ وفي أمد زمني غير معلوم؟

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إخلاء سبيل نجل الفنان محسن منصور بكفالة في واقعة دهس سبّاك بأكتوبر

قررت جهات التحقيق المختصة في الجيزة، إخلاء سبيل أحمد محسن منصور، نجل الفنان محسن منصور، وذلك على خلفية تورطه في حادث دهس عامل بمنطقة 6 أكتوبر، مقابل كفالة مالية قدرها 20 ألف جنيه.

وكانت أجهزة الأمن قد تلقت بلاغًا يفيد بوقوع حادث تصادم نتج عنه وفاة أحد الأشخاص بأحد شوارع منطقة أكتوبر، حيث انتقلت قوة أمنية على الفور إلى موقع البلاغ، وتم العثور على جثة شاب في الثلاثين من عمره.

وبحسب التحريات التي أجراها رجال المباحث، فإن المتوفى يُدعى محمود عبد المجيد، 30 عامًا، ويعمل سبّاكًا، وقد كان يعمل في موقع إنشائي داخل كمبوند بمنطقة أكتوبر قبيل وقوع الحادث.

وكشفت التحريات أن «محمود» كان يسير على قدميه أثناء خروجه من موقع العمل، قبل أن تصدمه سيارة ملاكي يقودها أحمد محسن منصور، ما أدى إلى وفاته في الحال.

عقب الحادث، تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة من ضبط نجل الفنان، وتم التحفظ على السيارة المستخدمة في الحادث، قبل أن تُحال الواقعة إلى جهات التحقيق المختصة التي قررت الإفراج عنه بكفالة مالية.

اقرأ أيضاًحادث مأساوي في أكتوبر.. القبض على نجل فنان شهير بتهمة قتل شاب دهسًا بسيارته

سيارة نقل جماعي تدهس أحد المارة بالنزهة والأمن يضبط السائق

مقالات مشابهة

  • إيكواس تُعرب عن قلقها إزاء التصعيد في أفريقيا: ماذا يحدث بين مالي والجزائر؟
  • لو سمعوا من ديفيد هيل... ما الذي كان يمكن تجنّبه؟
  • “الصليب الأحمر”: جريمة قتل المسعفين يجب أن تكون نقطة تحول في الحرب
  • لهجة أمريكية تصالحية إزاء إيران: نبحث عن تفاهم وأرضية مشتركة
  • إخلاء سبيل ابن الفنان محسن منصور بكفالة فى واقعة دهس عامل بـ 6 أكتوبر
  • إخلاء سبيل نجل الفنان محسن منصور بكفالة في واقعة دهس سبّاك بأكتوبر
  • حماس: لا سبيل لاستعادة المحتجزين الإسرائيليين إلا بالتفاوض
  • وزراء الاتحاد الأوروبي يعربون عن أسفهم إزاء الرسوم الأميركية
  • الأغذية العالمي: قلقون إزاء وقف الولايات المتحدة تمويل المساعدات الغذائية الطارئة
  • الأمم المتحدة تعرب عن قلقها إزاء وضع المدنيين جنوب شرق السودان