مخاوف أوروبية مبكرة من احتمال عودة ترامب
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
رغم أن المدة الزمنية المتبقية لإجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة نحو 9 أشهر، فإن العين الأوروبية تركز على حساب أدق تفاصيل الحملة الانتخابية ترقبا للساكن القادم في البيت الأبيض، خاصة مع استعداد الأوروبيين لانتخاب برلمانهم القادم.
وبعد 3 أشهر، سيدعى 370 مليون أوروبي إلى مراكز الاقتراع لتجديد برلمانهم، مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الأميركي على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، والهاجس الذي يؤرق العواصم الرئيسية في أوروبا هو إمكانية عودة الجمهوري دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
والسؤال الذي يشغل أوروبا حاليا هو: كيف تؤثر العودة المحتملة للملياردير الأميركي الذي لا يخفي ازدراءه للاتحاد الأوروبي وأولوياته -التي من بينها دعم أوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية ومكافحة تغير المناخ– على صناديق الاقتراع في الاتحاد الأوروبي بدوله الـ27؟
هذا السؤال الرئيسي تصحبه أسئلة أخرى، منها هل سيعزز هذا الاحتمال الصعود المرجح لليمين المتطرف؟ أم أنه على العكس سيشجع الناخبين على توحيد صفوفهم والتصويت لصالح أوروبا أكثر ثباتا؟
يلخص الوضع سيباستيان ميلار من معهد جاك ديلور -الذي مقره باريس- قائلا: "بالنسبة إلى أوروبا، تشكل ولاية جديدة لترامب في البيت الأبيض علامة تعجب كبيرة وعلامة استفهام ضخمة في الوقت نفسه".
أما سوزي دينيسون -المحللة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية- فتؤكد أن "سيناريو ترامب" سيعود بعواقب وخيمة على المشروع الأوروبي لسنوات، مضيفة أن عديدا من الأولويات الأوروبية سيصبح تحقيقها "أصعب بكثير". لكنها تأسف، لأن هذا السؤال لن يكون بالضرورة في قلب مناقشات الحملة الانتخابية للبرلمان الأوروبي.
وستخضع نتيجة التصويت في انتخابات البرلمان الأوروبي، التي ستجرى في الفترة من السادس إلى التاسع يونيو/حزيران المقبل لانتخاب 720 نائبا، لتدقيق كبير لأن التوازن بين الأطياف السياسية يحدد مسار السباق على "المناصب العليا" أي رئاسات المؤسسات الرئيسية: البرلمان والمفوضية ومجلس الاتحاد الأوروبي.
لليمين، دُرّ!قبل أقل من 100 يوم على انتخابات البرلمان الأوروبي، تشير استطلاعات الرأي بوضوح إلى صعود اليمين القومي المناوئ للتكامل الأوروبي، مع وجود مجموعة واسعة من الفروق الدقيقة والمواقف في داخله حسب كل بلد.
ويبدو حزب الشعب الأوروبي (يمين) في وضع جيد يسمح له بالاحتفاظ بموقعه بوصفه قوة سياسية كبرى، يليه الاشتراكيون والديمقراطيون. لكن المرتبة الثالثة تبقى أكثر غموضا؛ فكتلة "أوروبا المتجددة" (وسطيون وليبراليون) التي تحتل هذا الموقع حاليا قد تتفوق عليها مجموعة الهوية والديمقراطية (يمين متطرف).
ويتوقع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن يحتل "الشعبويون المناهضون لأوروبا" المرتبة الأولى في 9 من الدول الأعضاء، ومن بينها فرنسا، والمجر، وإيطاليا، وهولندا.
وترى رايتشل ريزو من الفرع الأوروبي للمجلس الأطلسي أن "هناك لغة مشتركة تتمحور حول تهديد الهجرة، لكن من الصعب تحديد التأثير الحقيقي لذلك على المستوى الأوروبي".
ويفترض أن يشكل الوضع الاقتصادي الحالي السيئ تربة خصبة للقوى المناهضة للتكامل الأوروبي. فعلى الرغم من أن المستهلكين بدؤوا يلمسون تراجع التضخم، فليس من المتوقع حدوث أي تحسن اقتصادي قبل الانتخابات.
وخفض البنك المركزي الأوروبي مؤخرا توقعاته للنمو في منطقة اليورو لعام 2024 إلى 0.6%، مقابل 0.8% في تقديراته السابقة.
الاقتصاد أولايعتقد نحو 3 من كل 4 أوروبيين أن مستوى معيشتهم سينخفض هذا العام، ويؤكد واحد من كل اثنين تقريبا أن هذا المستوى انخفض بالفعل، حسب دراسة أجريت في ديسمبر/كانون الأول الماضي لـ"يوروباروميتر" (استطلاعات للرأي تجرى منذ 1974 باسم المؤسسات الأوروبية ومن بينها المفوضية).
وتوضح دينيسون أن "هناك عوامل مختلفة تهمّ الناخبين في مختلف البلدان الأوروبية، لكن هناك عاملا أساسيا واحدا في كل مكان، هو الوضع الاقتصادي". وتبقى معرفة إلى أي مدى سينجح ترامب، الذي يرى -في تجمعاته الانتخابية- عدم شعبيته في أوروبا تقديرا له، في محاولته التأثير على المناقشة الأوروبية.
ويؤشر اجتماع ترامب في فلوريدا يوم الجمعة الماضي مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان -الذي يوصف بـ"المشاغب" في القمم الأوروبية والزعيم الوحيد في دول الاتحاد الذي يحافظ على علاقات وثيقة مع الكرملين– إلى نية الرئيس الأميركي السابق أن يظل "المدمّر الأكبر للتعددية عموما، والاتحاد الأوروبي خصوصا".
من جانبه، يؤكد ميلار أن احتمال عودة ترامب "يثير القلق" داخل أوروبا، وهذا يصب في صالح الأحزاب الحاكمة، موضحا أنه "بقدر ما يزداد تهديد ترامب وبقدر ما تزداد عدوانية روسيا، يتقلص الاستعداد للقفز إلى المجهول".
ويتابع أنه "في قضايا مثل السياسة الزراعية المشتركة، يجد اليمين المتطرف ضالته في بيروقراطية بروكسل، والمعايير المبالغ فيها، لكن عندما يتعلق الأمر بأوروبا في مواجهة بقية العالم، فالأمر مختلف تماما".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
دبلوماسي روسي سابق: الأزمة الأوكرانية جزء من إعادة ترتيب الأمن الأوروبي الأطلسي
أكد ألكسندر زاسبكين، الدبلوماسي الروسي السابق، أن الأزمة الأوكرانية لا يمكن فصلها عن الأوضاع الأمنية الأوسع في المنطقة الأورو-أطلسية، مشيرًا إلى أن المفاوضات بين موسكو وواشنطن يجب أن تركز أولًا على إقامة نظام أمني مشترك قبل البحث في القضايا الإقليمية الأخرى.
نفى زاسبكين، خلال مداخلة مع الإعلامية فيروز مكي، ببرنامج "مطروح للنقاش"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، وجود أي ترابط بين الحرب الأوكرانية والملف النووي الإيراني، رغم التكهنات التي تشير إلى احتمالية تأثير العلاقات الروسية-الإيرانية على مجريات المفاوضات بين أوكرانيا والولايات المتحدة، قائلاً إن كل قضية لها سياقها الخاص، وإن الحديث عن ربط الملفات لا يعكس الواقع الحقيقي للمفاوضات الجارية.
الصراع الأوكراني الروسيأوضح زاسبكين أن الحرب في أوكرانيا هي جزء من الصراع الأكبر حول الأمن في أوروبا، حيث تسعى روسيا إلى إعادة هيكلة الترتيبات الأمنية في المنطقة، وليس فقط حل النزاع الأوكراني بمعزل عن بقية القضايا، مؤكدًا أن الحوار الروسي-الأمريكي يجب أن يبدأ من هذه النقطة الأساسية، لأن الأجندة طويلة ومعقدة، لكنها تعتمد في جوهرها على إعادة التوازن الأمني بين روسيا والغرب.
تطرق زاسبكين إلى الاختلافات بين إدارتي الرئيس دونالد ترامب والرئيس السابق جو بايدن، مشيرًا إلى أن ترامب أقل التزامًا تجاه أوروبا وحلف الناتو، حيث يرى أن العبء الأمني يجب أن تتحمله أوروبا نفسها بدلًا من الاعتماد على واشنطن، بينما قبل ذلك كان هناك بوادر لتحولات في المعسكر الغربي، مما يتطلب من روسيا أن تعيد تقييم استراتيجيتها في مواجهة هذه التغيرات.
اختتم زاسبكين حديثه بالإشارة إلى أن روسيا تراقب التغيرات في مواقف الدول الأوروبية، خاصة مع تصاعد نقاشات داخل أوروبا حول مستقبل العلاقة مع الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن هذه المستجدات قد تؤثر على شكل المفاوضات القادمة، مما يستوجب وضوحًا في الرؤية الروسية حول التعامل مع الغرب خلال المرحلة المقبلة.