الروح الليبية الطيبة تظهر في شهر رمضان المُبارك
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
لا تمنع الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد الليبيين من الاحتفاء بشهر رمضان المبارك، فالأسرة الليبية تتحضر لاستقبال الشهر الكريم منذ غرة شعبان، وينشغل الجميع بتجهيز حاجيات استقبال الضيف المبارك، من زينة ومؤنة وتحضير النفس للعبادة والتأمل، في شهر أوله رحمة و أوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
وتشهد الأسواق الليبية في النصف الأخير من شهر شعبان حركة تجارية نشطة، فالعائلات تبدأ بالتسوق و التموين لشهر الصيام، و كل دار في ليبيا عليه أن يحضر مونة الزيت و السمن و الأرز و السكر والمعكرونة ولوازم الحلويات الرمضانية والشراب، لذلك يحرص رب كل أسرة على توفير جزء من دخله لمونة رمضان.
ومع أول هلال للشهر المبارك يتغير نظام حركة المجتمع الليبي، في الشرق و الغرب، الساحل و الجنوب، الكل يرتب أموره ليتفرغ لطقوس رمضان المميزة، تكثر الموالد و السهرات الرمضانية، ويصبح طقس التراويح وما بعدها من أجل أوقات الليالي الليبية، حيث يحرص الجميع على حضور التراويح في المساجد، وبعدها ينصرف الناس إلى سهرات عائلية يسودها التسامح و المحبة و الالفة وتستمر أحيانا إلى موعد السحور فجرا.
وتبدأ الاستعدادت لشهر رمضان مع دخول النصف الثاني من شهر شعبان، فبعد الاحتفاء بإحياء ليلة النصف من شعبان، تنطلق العائلات الليبية إلى الأسواق تشتري لوازم شهر الصيام وخصوصا مواد تحضير الحلويات التي تعدها نساء العائلة لسهرات ما بعد التراويح،. ومع اقتراب حلول شهر رمضان تبدأ الأسرة في شراء اللحوم بكميات كبيرة، خصوصا اللحم البلدي رغم غلاء أسعاره.
تجتمع الأسرة الليبية في اليوم الأول من رمضان ، أصولا وفرعا، أبناء و أحفادا و جدات و أجداد، ليكون أول إفطار للعائلة الكبيرة مجتمعة، و يتنوع الافطار من صحن الشوربة «الشربة العربية» والحليب والتمر، ويشرب الكبار فنجان القهوة المنكهة بمذاق حبة الكزبرة اليابسة بدلا من الهيل وتنتهي جلسة «تحليل الصيام» بذهاب الرجال في الغالب إلى الصلاة في مسجد الحي.
ويكثر الليبيون في الشهر الفضيل من تلاوة القرآن، ويحرصون على المشاركة في صلاة التراويح في المساجد، وقراءة الأدعية، كما يحرص الناس على صلاة القيام أو التهجد بعد منتصف الليل وحتى وقت السحور وتكثر في المساجد الدروس الدينية.
وبعد التراويح يتوجه الناس إلى محلات بيع الحلويات فقط لشراء “السفنز” وهو المصنوع من الدقيق والزبدة والسمن حيث يؤكل مقليا ساخنا، ويعد الضيافة الرئيسية في سهرات رمضان، يقدم مغموسا بالسكر أو العسل أو دبس التمر المسمى في ليبيا “رُب التمر”.
هي طقوس منها القديم ومنها الحديث، لكنها جميعا تعبر عن روح المجتمع الليبي الطيبة المحبة للحياة، والملتزمة بقداسة شهر القرآن، وان تكن السنوات العشر الأخيرة قاسية على الليبيين ألا انها لم تغير من اصالتهم وروحانيتهم المستمدة من أيام الزوايا التي كانت تعلم الناس الترفع عن الضغائن وعدم التكبر و حب الخير للناس جميعا ورفض التعصب و التشدد، وهي سمات يلمسها أي زائر لليبيا لدى ابناء هذا البلد الصحراوي الجميل و العريق.
آخر تحديث: 10 مارس 2024 - 17:09المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: حلويات رمضان رمضان في ليبيا شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
شهر شعبان.. سبب إكثار النبي من الصيام فيه
صيام شهر شعبان يُعد من السنن المحببة التي حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إحيائها لما تحمله من حكم وأسرار عظيمة. فقد ورد في الحديث الشريف عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: "قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس فيه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم".
الحكمة من صيام شهر شعبان
تنبع من كونه فرصة للتقرب إلى الله في وقت يغفل فيه كثير من الناس عنه، فهو يقع بين شهر رجب، أحد الأشهر الحرم التي حرّم الله فيها القتال، وشهر رمضان المبارك، شهر الصيام والعبادة.
هذه الغفلة تجعل صيام شعبان عملًا ذا أجر مضاعف، حيث يُظهر عبادة العبد وحرصه على طاعة الله بعيدًا عن المواسم التي يكثر فيها الإقبال على الطاعات.
دار الإفتاء المصرية تستطلع هلال شهر شعبان غدًاالفرق بين رفع الأعمال في شعبان وأيام الاثنين والخميس.. الإفتاء توضحكما أن شهر شعبان يشهد رفع أعمال العباد إلى الله سبحانه وتعالى، لذلك أحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يُرفع عمله وهو صائم، لما في الصيام من خضوع وطاعة وقرب من الله.
ومن الحكم الأخرى لصيام شعبان أنه يُعتبر فترة تدريبية للمسلمين على صيام شهر رمضان، حيث يُهيئ النفس والجسد للعبادة ويعوّدها على مشقة الصيام.
كذلك هو من أنواع الصيام التطوعي الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، مما يجعل إحيائه سنة مؤكدة تزيد من قرب العبد لربه.
شعبان أيضًا يُجسد رحمة الله بعباده، حيث يمنحهم فرصة لجبر ما فات من العبادة والاستعداد لاستقبال رمضان بخيرات الطاعات والعطايا.
كما أنه يُظهر أن الشهرة ليست معيار الأفضلية، فبينما ينشغل الناس برجب ورمضان، يغفلون عن فضل شعبان الذي يحمل من الخير ما لا يُحصى.
في النهاية، يبقى صيام شهر شعبان منحة إلهية وهبها الله للأمة الإسلامية ولنبيها الكريم، ليُذكّر الجميع أن العبادة ليست محصورة بمواسم بعينها، وإنما هي رحلة مستمرة في طريق القرب من الله.