خواطر على هامش اليوم العالمي للمرأة
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
رشا عوض
لزعم بذكورية الخطاب القرآني: لغة القرآن الكريم هي اللغة العربية، ومن قواعدها انها تخاطب الجمع من الذكور والاناث بضمير المذكر، ولذلك لا يمكن ابدا استثناء النساء من الخطاب القرآني الذي يستخدم ضمير المذكر واعتبار انه موجه للرجال فقط!! يمكننا القول ان اللغة العربية شأنها شأن كثير من اللغات الإنسانية لغة ذات حمولة ذكورية تظهر في قاعدة التغليب(تغليب المذكر في مخاطبة جمع من النساء والرجال) ولكن القرآن ليس ذكوريا، بدليل انه لم يكتفي بقاعدة التغليب اللغوية وحوى آيات محكمات تذكر النساء والرجال جنبا الى جنب لإزالة اي لبس ولتأكيد قيمة المرأة ككيان مستقل وأصيل في تلقي الخطاب القرآني، مثل قوله تعالى “المؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر” “ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما”، المساواة بين الرجل والمرأة في الكرامة الانسانية والقيمة الروحية في الاسلام ليست موضع جدل ، وبالتالي المرأة المسلمة مؤهلة تماما لخوض المعركة ضد التمييز من حيث هي مسلمة متدينة ، هذا لا يعني ان المعركة سهلة، فهناك سرديات كاملة عن دونية المرأة تلتمس المشروعية من بعض الايات والاحاديث ، ولكن هزيمة هذه السرديات ممكنة جدا عبر مناهج فكرية قادرة على استكشاف الوجهة المقاصدية الكلية للاسلام ومتجاوزة لكثير من التفاسير والتراث الفقهي ليس فقط في الاحكام والاراء الجزئية بل في المناهج الفكرية التي انتجت هذه الاحكام والاراء وصبتها في قوالب مقدسة وجعلتها جزء لا يتجزأ من الدين.
*من اكثر القضايا اثارة للجدل السياسي وكثافة في الحضور الاعلامي في عالمنا المعاصر هي تلك المرتبطة بالمرأة، كثيرا ما افتقد في ذلك الجدل ذي الطابع التهييجي في كثير من الاحيان، افتقد الحضور الاصيل للمرأة كذات واعية مفكرة تختار اصالة عن نفسها بدلا من ان تكون مجرد ” لوحة اعلانات سياسية” او ” خشبة مسرح صماء” تعرض عليها مسرحيات صراع الحضارات وصراع الشرق والغرب وصراع الاسلام السياسي والعلمانية ، وفي كل تلك المسرحيات لا يتجاوز دور المرأة ” الكومبارس” نادرا ما نراها في دور المؤلفة او المخرجة او بطلة المسرحية!
موت الاف النساء من مضاعفات الحمل والولادة بسبب انعدام الرعاية الصحية الاولية والتكاليف الباهظة للوصول للمستشفيات لا يجتذب اهتمام الاعلام المحلي والعالمي الذي يشتعل نارا عندما تحاكم امرأة بسبب عدم ارتداء الحجاب او عندما تضطهد امرأة بسبب الحجاب فتجبر على خلعه مثلا!
في قضية الحجاب نفسها يتحول جسد المرأة الى ” بورد سياسي” يريد ان يعلن فيه العلمانيون عن علمنة الدولة والمجتمع كما يرغب اهل الاسلام السياسي ان يعلنوا فيه عن اسلمة الدولة والمجتمع ، وبالطبع تبرز اصوات وفية لقيم الحريات الشخصية والحريات العامة لمناصرة حرية الاختيار اولا بدلا من مناصرة الحجاب او السفور ، غالبا نجد هذه الاصوات في المجتمعات الغربية، اما في المجتمعات المسلمة ولا سيما العربية حيث تسود عقلية الوصاية على المرأة فإن اوضاع النساء تتلون بلون النظام الحاكم، فالقاسم المشترك بين النظم العلمانية والاسلامية في الدول العربية هو الدكتاتورية السياسية التي تتمدد الى القضايا الاجتماعية والتربوية فتجعل طابعها الاكراه الجماعي بقوة السلطة!
منع امرأة من دخول البرلمان في دولة ذات نظام علماني لانها ترتدي غطاء رأس لا يقل تهافتا عن منع اخرى في دولة ذات نظام اسلامي من دخول البرلمان لانها لا ترتدي هذا الغطاء!
* النوع الاجتماعي لا يصلح ان يكون هوية سياسية قائمة بذاتها، شأنه شأن الانتماء الاثني او القبلي، وبالتالي فان اي مشروع جاد في التصدي لقضية المرأة لا بد ان يكون قائما على مواءمات فلسفية ومقاربات فكرية بعقل مركب لا عقل تبسيطي او هتافي او سياسوي، فالنساء تفرقهن الانتماءات الفكرية والدينية والطبقية والانحيازات السياسية وتبعا لهذه الانتماءات تختلف مقارباتهن لقضية التمييز ضد المرأة نفسها وتختلف ادواتهن في مواجهتها بل تختلف حتى تعريفاتهن لما يعتبرنه تمييزا ضد المرأة!
*يجب ان يتوحد السواد الاعظم من النساء حول رفض ان تكون الانوثة مبررا لحبس المرأة على سبيل التأبيد في تراتبية اجتماعية ادنى واهلية قانونية ناقصة وحرمانها من حريتها واستيفاء حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما حكمت عليها بذلك الثقافة الذكورية لقرون طويلة ونسجت حول هذه الوضعية الظالمة اساطير وسرديات تمجدها وتشرعن استمراريتها، ولكن رغم عدالة هذه القضية ورغم انني وكثيرات من امثالي يعتقدن ان وحدة نساء الارض من اجل نصرتها، اي نصرة قضية المرأة ، فان نساء الارض وضمنا نساء السودان غير متحدات حول هذه القضية ، والمتحدات منهن حولها مختلفات حول خارطة الطريق الى نصرتها بل من بينهن ذوات الثقافة الذكورية الكارهات لسيرة قضية المرأة والمعاديات للنسوية والنسويات!
السؤال كيف نحتضن كنساء سودانيات تعدديتنا ونديرها؟ وكيف نجعل في القلب من هذه التعددية تيارا نسويا من التنويريات الاصيلات والديمقراطيات الراسخات القادرات على ربط نهضة النساء بمشروع للسلام المستدام والديمقراطية والتنمية ؟ الوسومرشا عوض
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: رشا عوض
إقرأ أيضاً:
مدير «تنمية موارد مطروح»: إطلاق مشروعات لدعم 700 سيدة معيلة بالمناطق الصحراوية
أعلن المهندس محمود الأمير، مدير مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح أنه تحت رعاية علاء الدين فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والدكتور حسام شوقي، رئيس مركز بحوث الصحراء، يقوم مشروع تعزيز القدرة على المؤايمة في البيئات الصحراوية بدعم المرأة المعيلة من خلال توفير مشروعات صغيرة مدرة للدخل.
وقال مدير المركز، في بيان اليوم، إن المشروع يجري تمويله من الحكومة المصرية والصندوق الدولي للتنمية الزراعية الإيفاد.
دعم 700 سيدة من المجتمعات المحليةوأضاف أنه سيتم تقديم الدعم لـ700 سيدة من المجتمعات المحلية منها مشروعات تربية الماعز والأعلاف اللازمة لبناء المشروع، ويأتي كخطوة مهمة لتحسين المستوى المعيشي للمرأة المعيلة في المناطق الصحراوية بدءًا من مدينة الضبعة وحتى السلوم.
وأوضح أن هذا المشروع يهدف إلى تلبية احتياجات المرأة المعيلة من خلال توفير فرص عمل مستدامة، ما يسهم في تحسين دخلها وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية، ويأتي هذا في إطار المعايير التي وضعتها إدارة تنمية المرأة بمركز التنمية المستدامة لموارد مطروح.
ولفت إلى أن المشروع يتضمن عقد عدد من الدورات التدريبية تهدف إلى تحسين الإنتاج وزيادة فعالية المشروعات الصغيرة للمرأة المعيلة، ويتلقى المشاركون التدريب اللازم لتطوير مهاراتهم في مجالات متعددة، ما يمكنهم من إدارة مشروعاتهم بشكل أفضل وتحقيق عوائد مالية أكبر، كما جرى توفير التوعية البيطرية من خلال فريق العمل بمشروع تعزيز القدرة على المؤايمة، ما يساعد السيدات في فهم كيفية العناية بالحيوانات وتحسين إنتاجيتها، وبالتالي زيادة دخل الأسرة.