رشا عوض

لزعم بذكورية الخطاب القرآني: لغة القرآن الكريم هي اللغة العربية، ومن قواعدها انها تخاطب الجمع من الذكور والاناث بضمير المذكر، ولذلك لا يمكن ابدا استثناء النساء من الخطاب القرآني الذي يستخدم ضمير المذكر واعتبار انه موجه للرجال فقط!! يمكننا القول ان اللغة العربية شأنها شأن كثير من اللغات الإنسانية لغة ذات حمولة ذكورية تظهر في قاعدة التغليب(تغليب المذكر في مخاطبة جمع من النساء والرجال) ولكن القرآن ليس ذكوريا، بدليل انه لم يكتفي بقاعدة التغليب اللغوية وحوى آيات محكمات تذكر النساء والرجال جنبا الى جنب لإزالة اي لبس ولتأكيد قيمة المرأة ككيان مستقل وأصيل في تلقي الخطاب القرآني، مثل قوله تعالى “المؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر” “ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما”، المساواة بين الرجل والمرأة في الكرامة الانسانية والقيمة الروحية في الاسلام ليست موضع جدل ، وبالتالي المرأة المسلمة مؤهلة تماما لخوض المعركة ضد التمييز من حيث هي مسلمة متدينة ، هذا لا يعني ان المعركة سهلة، فهناك سرديات كاملة عن دونية المرأة تلتمس المشروعية من بعض الايات والاحاديث ، ولكن هزيمة هذه السرديات ممكنة جدا عبر مناهج فكرية قادرة على استكشاف الوجهة المقاصدية الكلية للاسلام ومتجاوزة لكثير من التفاسير والتراث الفقهي ليس فقط في الاحكام والاراء الجزئية بل في المناهج الفكرية التي انتجت هذه الاحكام والاراء وصبتها في قوالب مقدسة وجعلتها جزء لا يتجزأ من الدين.


*من اكثر القضايا اثارة للجدل السياسي وكثافة في الحضور الاعلامي في عالمنا المعاصر هي تلك المرتبطة بالمرأة، كثيرا ما افتقد في ذلك الجدل ذي الطابع التهييجي في كثير من الاحيان، افتقد الحضور الاصيل للمرأة كذات واعية مفكرة تختار اصالة عن نفسها بدلا من ان تكون مجرد ” لوحة اعلانات سياسية” او ” خشبة مسرح صماء” تعرض عليها مسرحيات صراع الحضارات وصراع الشرق والغرب وصراع الاسلام السياسي والعلمانية ، وفي كل تلك المسرحيات لا يتجاوز دور المرأة ” الكومبارس” نادرا ما نراها في دور المؤلفة او المخرجة او بطلة المسرحية!
موت الاف النساء من مضاعفات الحمل والولادة بسبب انعدام الرعاية الصحية الاولية والتكاليف الباهظة للوصول للمستشفيات لا يجتذب اهتمام الاعلام المحلي والعالمي الذي يشتعل نارا عندما تحاكم امرأة بسبب عدم ارتداء الحجاب او عندما تضطهد امرأة بسبب الحجاب فتجبر على خلعه مثلا!
في قضية الحجاب نفسها يتحول جسد المرأة الى ” بورد سياسي” يريد ان يعلن فيه العلمانيون عن علمنة الدولة والمجتمع كما يرغب اهل الاسلام السياسي ان يعلنوا فيه عن اسلمة الدولة والمجتمع ، وبالطبع تبرز اصوات وفية لقيم الحريات الشخصية والحريات العامة لمناصرة حرية الاختيار اولا بدلا من مناصرة الحجاب او السفور ، غالبا نجد هذه الاصوات في المجتمعات الغربية، اما في المجتمعات المسلمة ولا سيما العربية حيث تسود عقلية الوصاية على المرأة فإن اوضاع النساء تتلون بلون النظام الحاكم، فالقاسم المشترك بين النظم العلمانية والاسلامية في الدول العربية هو الدكتاتورية السياسية التي تتمدد الى القضايا الاجتماعية والتربوية فتجعل طابعها الاكراه الجماعي بقوة السلطة!
منع امرأة من دخول البرلمان في دولة ذات نظام علماني لانها ترتدي غطاء رأس لا يقل تهافتا عن منع اخرى في دولة ذات نظام اسلامي من دخول البرلمان لانها لا ترتدي هذا الغطاء!
* النوع الاجتماعي لا يصلح ان يكون هوية سياسية قائمة بذاتها، شأنه شأن الانتماء الاثني او القبلي، وبالتالي فان اي مشروع جاد في التصدي لقضية المرأة لا بد ان يكون قائما على مواءمات فلسفية ومقاربات فكرية بعقل مركب لا عقل تبسيطي او هتافي او سياسوي، فالنساء تفرقهن الانتماءات الفكرية والدينية والطبقية والانحيازات السياسية وتبعا لهذه الانتماءات تختلف مقارباتهن لقضية التمييز ضد المرأة نفسها وتختلف ادواتهن في مواجهتها بل تختلف حتى تعريفاتهن لما يعتبرنه تمييزا ضد المرأة!
*يجب ان يتوحد السواد الاعظم من النساء حول رفض ان تكون الانوثة مبررا لحبس المرأة على سبيل التأبيد في تراتبية اجتماعية ادنى واهلية قانونية ناقصة وحرمانها من حريتها واستيفاء حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما حكمت عليها بذلك الثقافة الذكورية لقرون طويلة ونسجت حول هذه الوضعية الظالمة اساطير وسرديات تمجدها وتشرعن استمراريتها، ولكن رغم عدالة هذه القضية ورغم انني وكثيرات من امثالي يعتقدن ان وحدة نساء الارض من اجل نصرتها، اي نصرة قضية المرأة ، فان نساء الارض وضمنا نساء السودان غير متحدات حول هذه القضية ، والمتحدات منهن حولها مختلفات حول خارطة الطريق الى نصرتها بل من بينهن ذوات الثقافة الذكورية الكارهات لسيرة قضية المرأة والمعاديات للنسوية والنسويات!
السؤال كيف نحتضن كنساء سودانيات تعدديتنا ونديرها؟ وكيف نجعل في القلب من هذه التعددية تيارا نسويا من التنويريات الاصيلات والديمقراطيات الراسخات القادرات على ربط نهضة النساء بمشروع للسلام المستدام والديمقراطية والتنمية ؟

الوسومرشا عوض

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: رشا عوض

إقرأ أيضاً:

"القومي للمرأة" يستقبل وفد ديوان حقوق الإنسان الكويتي لبحث التعاون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقبل المستشار سناء خليل نائب رئيس المجلس القومي للمرأة وفد ديوان حقوق الإنسان الكويتي والذى يضم  جاسم مبارك المباركي رئيس الديوان الوطني لحقوق الإنسان الكويتي، والمستشارة هدى عبدالمحسن الشايجي عضو مجلس إدارة الديوان الوطني لحقوق الإنسان الكويتي، ورئيس اللجنة الدائمة لحقوق الأسرة.

ويهدف اللقاء إلى الاطلاع على ملف تمكين المرأة المصرية وبحث سبل التعاون بين الجانبين.

ورحب المستشار سناء  خليل بأعضاء الوفد في المجلس، مشيرًا إلى أن الدستور المصري به أكثر من ٢٠ مادة تنصف المرأة المصرية، وبما يكفل لها الفرص المتكافئة ومشاركتها في المجتمع بدون تمييز، مستعرضًا مهام المجلس ودوره واختصاصاته.

وعرضت جيهان توفيق  رئيسة الإدارة المركزية لشؤون مكتب  رئاسة  المجلس الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة  ٢٠٣٠، والتي ترتكز علي ٤ محاور رئيسية.

واستعرضت دور فروع المجلس بالمحافظات ودور ميسرات المجلس فى جميع الحملات والمبادرات التوعوية التي يطلقها المجلس، وحملات طرق الابواب مشيرة الى دور مركز تنمية مهارات المرأة بالمجلس لتأهيل السيدات للدخول إلى سوق العمل وادارة المشروعات الصغيره والمتوسطة ومتناهية الصغر.

كما عرضت شيرويت ابراهيم المديرة العامة للتعاون الدولي، الاتفاقيات الدولية التى انضمت اليها مصر.

وعرضت أيضًا التقارير الدولية التى يقوم المجلس بتقديمها منها تقرير اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ، واتفاقية منهاج عمل بيجين حيث يتم عرض انجازات الدولة المصرية في شئون المرأة المختلفة بتلك التقارير، كما تم عرض اتفاقية إطار الشراكة مع الأمم المتحدة.

فيما أشارت ولاء سليم مديرة المتابعة والتقييم بمكتب شكاوي المرأة  إلى اختصاصات المكتب ، ودوره في تلقي الشكاوي والبلاغات وتقديم الاستشارات القانونية والعمل علي حلها مع الجهات الشريكة، وآليات تلقي الشكاوى والاستفسارات ومنها الخط المختصر 15115.

وأشاد  جاسم مبارك بالجهود المبذولة لتمكين المرأة في مصر، مشيرًا إلى أن دولة الكويت تعمل علي تعزيز حقوق المرأة وتنميتها وتطورها بناء علي قناعة راسخة بكون المرأة نصف المجتمع التي يجب أن تحظي بالمكانة الأمثل.

كما أشارت المستشار هدى عبدالمحسن الشايجي  إلى "اللجنة الدائمة لحقوق الأسرة" بالكويت، التي تهتم بشأن المرأة والطفل والأسرة، مشيرة إلي صدور قانون "الحماية من العنف الأسري" الذي نص علي وجوب وجود مركز إيواء للأسرة داخل كل محافظة بالكويت، مؤكدة أن مسألة الحقوق والحريات وعدم التمييز من المقومات الأساسية داخل المجتمع الكويتي.

مقالات مشابهة

  • وفد عضوات الشورى يشارك في اجتماعات مجموعة العشرين للبرلمانيات
  • "القومي للمرأة" يستقبل وفد ديوان حقوق الإنسان الكويتي لبحث التعاون
  • حيار: الذكاء الإصطناعي والشمول المالي رافعتان لتسهيل ولوج النساء للتنمية
  • بعد حصولها على جائزة مرموقة.. رسالة من «قومي المرأة» للباحثة سناء السيد
  • صندوق الشيخة فاطمة للمرأة اللاجئة يجدد شراكته مع «مفوضية شؤون اللاجئين»
  • صندوق الشيخة فاطمة للمرأة اللاجئة يجدد شراكته مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين
  • استبعاد النساء من المناصب القيادية فى مصر.. أرقام وتساؤلات
  • بعد مايا مرسي .. من رئيس القومي للمرأة الجديد؟
  • صندوق مكافحة الإدمان يهنئ الدكتورة مايا مرسي بمنصب وزيرة التضامن الاجتماعي
  • السيرة الذاتية للدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي