نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرًا، حول الوضع الاقتصادي الصعب في مصر؛ حيث أشارت إلى أن البلاد تواجه أزمة اقتصادية متفاقمة، مما دفعها إلى بيع الأراضي والبنية التحتية لدول الخليج لجمع الأموال، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تثير مخاوف من فقدان السيادة الوطنية وتبعاتها على الاقتصاد والأمن الغذائي، مع تأكيدات من الحكومة المصرية بأن هذه الصفقات تسهم في تحسين الاقتصاد وخلق فرص عمل.



وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه بينما تواجه مصر نقصًا صارخًا في العملات الأجنبية، تستعد الإمارات لضخ 35 مليار دولار في البلاد خلال شهرين، معظمها أموال مخصصة لتطوير رأس الحكمة، وهي شبه جزيرة تبلغ مساحتها 170 مليون متر مربع، وتمتد على ما يقرب من 50 كيلومترًا من الشواطئ ذات الرمال البيضاء.

وأوضحت "يقف وراء هذا الاستحواذ صندوق الثروة السيادي الإماراتي وشركة أبوظبي التنموية القابضة، التي يرأسها الشيخ طحنون بن زايد، وهو شقيق زعيم الإمارات، محمد بن زايد آل نهيان، وترغب الشركة التي ستدير المشروع في جعل رأس الحكمة، "واحدة من أكبر المدن الجديدة التي يطورها اتحاد خاص" من خلال تحويلها إلى وجهة سياحية فاخرة، إلى جانب مركز مالي ومنطقة حرة".

وأفادت الصحيفة بأنه تم الإعلان عن هذه الاتفاقية وسط ضجة كبيرة حول مدينة في العاصمة الإدارية الجديدة، تسمى "وديان" أو "الماسة"، وهو مشروع ضخم آخر استثمرت فيه الإمارات بكثافة، وفي الوقت الذي تغرق فيه القاهرة في ديون تقدر بأكثر من 160 مليار دولار وتواجه أسوأ أزمة سيولة منذ عقود، فيما تفاقمت بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر وتضاؤل عائدات قناة السويس، فإن هذه الاستثمارات الضخمة تشكل نسمة من الهواء للقوة المصرية.

إنقاذ غير متوقع
ونقلت الصحيفة عن تيموثي كالداس، وهو المدير المشارك لمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، قوله إن عملية الإنقاذ غير المتوقعة هذه ستساعد على المدى القصير في وقف التدهور المذهل للاقتصاد، وسوف ينخفض التضخم، ولكن يجب عدم إغفال قدرة الحكومة على تبديد هذه الأموال دون استثمارها في مشاريع مستدامة، مؤكدًا أن شيئًا لن يتغير إذا استمرت الحكومة في نفس السياسة التي اتبعتها لمدة عشر سنوات؛ بمضاعفة المشاريع العملاقة الباهظة التكلفة والضعيفة الدخل لاقتصاد البلاد، والتي يستفيد منها فقط مجموعة من المؤيدين والمقربين من النظام.

وسوف يتم ضخ الدولارات من أبو ظبي على عدة دفعات؛ فقد تم بالفعل تحويل 10 مليارات دولار، والتي ستضاف إليها 14 مليار دولار إضافية في غضون شهرين؛ أما الـ11 مليار المتبقية فسوف تتكون من صرف الودائع الإماراتية الموجودة بالفعل في البنك المركزي المصري، والتي سيتم استخدامها لتمويل مشاريع مختلفة في جميع أنحاء البلاد.

وعلى المدى القصير، كان لهذا الضخ القياسي للسيولة تأثير بالفعل في إعادة تقييم السعر غير الرسمي للجنيه المصري، الذي كان في حالة انخفاض حر لعدة أشهر في السوق السوداء. 

وأوضحت الصحيفة أن اتفاقية رأس الحكمة تأتي ضمن سلسلة من الاستثمارات التي قامت بها دول شبه الجزيرة العربية على مدى السنوات العشر الماضية، لإنقاذ الاقتصاد المصري، وتذكر الصحفية المصرية، رباب عزا، أن "الودائع التراكمية لدول الخليج في البنك المركزي المصري بين سنتي 2013 و2023 بلغت نحو 28 مليار دولار، وكانت أبوظبي والرياض في مقدمة الداعمين لرئيس البلاد، عبد الفتاح السيسي، في 2013، بعد إطاحته بمحمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين".


وفي المقابل؛ يتوقع الممّولون الخليجيون أن تسهل السلطات المصرية عليهم الاستحواذ على العقارات والأصول في العديد من القطاعات التي تتراوح بين السياحة والزراعة والبنوك والموانئ وصناعة الأدوية، وتماشيًا مع صندوق النقد الدولي، يطالبون بإصلاحات هيكلية منذ سنة 2016، داعين إلى مزيد من الخصخصة، أو الحد من سيطرة الجيش على الاقتصاد أو إنشاء سعر صرف معوم لتسهيل الاستثمارات.

"الاتفاقيات وقعت دون علم المواطنين"
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم إعلان الحكومة المصرية احتفاظها بحصة 35 بالمائة من الأرباح المتوقعة من مشروع رأس الحكمة، إلا أن الاتفاق يفتقر إلى الشفافية، وبحسب الخبير الاقتصادي، إلهامي الميرغني، فإن "القنوات التي سيتم ضخ هذه المليارات فيها، والمشاريع التي سيتم إنفاق الأموال المتبقية غير معروفة، كما أنه بيع هذه الأصول، يُفقد البلاد السيطرة على مواردها بينما تستمر في الاستدانة، ويسبب خسارة في الموارد الإستراتيجية".

"ويضع الموانئ والمطارات تحت الرهن، وكل هذا من أجل اتفاقيات وقعت دون علم المواطنين، كما أكد على التكلفة البشرية لهذه المشاريع التي تؤدي إلى مصادرة العديد من أملاك السكان مقابل تعويضات هزيلة" يضيف المتحدث نفسه.

وبالتوازي مع هذه الاتفاقية؛ تجري السلطات منذ عدة أشهر مناقشات حول مشروع استثماري ضخم آخر، يمكن أن يرى النور في جنوب سيناء على البحر الأحمر، ومن الممكن أن تجتذب شبه جزيرة رأس جميلة أموالًا سعودية تقدر بنحو 15 مليار دولار لتطوير مشروع سياحي ضخم على شاطئ البحر.


وأضافت الصحيفة أنه "إلى جانب بيع العديد من الفنادق التاريخية والمرموقة لشركة شركة أبوظبي التنموية القابضة في شهر شباط/ فبراير مقابل 800 مليون دولار، تستعد الحكومة أيضًا لنقل إدارة مطاراتها إلى مشغلين من القطاع الخاص"، معلنة عن إطلاق دعوة دولية لتقديم العطاءات، بالإضافة إلى ذلك، صدق الرئيس السيسي على قانون يسمح ببيع الأراضي الصحراوية للمستثمرين الأجانب. 

واختتمت الصحيفة التقرير بقوله "إنه كما حدث سنة 2017 أثناء التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر للسعودية وأثار سخط الكثير من المصريين؛ فقد أثار مشروع رأس الحكمة ضجة على شبكات التواصل الاجتماعي لجزء من السكان، الذين ينظرون نظرة محبطة للغاية لبيع الأراضي والبنية التحتية والتراث التاريخي للبلاد".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي العملات الأجنبية الامن الغذائي العملات الأجنبية مصر المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملیار دولار رأس الحکمة

إقرأ أيضاً:

تعاقدات بـ 600 مليار دينار عراقي.. تفاصيل تنفيذ الشركات المصرية لمشروعات البنية التحتية

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إنّ الجديد في آفاق التعاون بين البلدين، وجود تفاهم في مجال النقل البري ومجال تعزيز المنافسة وفي التعاون بين أمانة بغداد، ومحافظة القاهرة والتعاون في مجال الآثار والمتاحة وفي مجال تكنولوجيا الاتصالات والإعلام.

رئيس الوزراء يصل العراق لترؤس وفد مصر باجتماعات الدورة الثالثة للجنة العليا صبحي يصل العراق للمشاركة باجتماعات المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب السوق العراقية

وأضاف «السوداني»، في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ونقلته قناة إكسترا نيوز، أنّ المنهج الإصلاحي الذي تبنته الحكومة طيلة عامين مكن الشركات المصرية من دخول السوق العراقية بشكل تخصصي وواسع، إذ يساهم عدد كبير من هذه الشركات في تنفيذ الكثير من مشروعات البنية التحتية والدخول في إطار الاستثمار في مختلف المجالات.

وتابع: «وصلت التعاقدات مع الشركات المصرية لتنفيذ مشروعات البنية التحتية إلى أكثر من 600 مليار دينار عراقي»، مؤكّدًا أنَّ الاستقرار السياسي والاجتماعي في العراق يضاف إلى النجاح في تجنيبه الصراع، وهما عاملان أساسيان لتحويل العراق كي يصبح الفرصة الأولى للاستثمار في المنطقة.

وذكر أنَّ البيئة الاستثمارية العراقية جاذبة للاستثمارات، في ظل وجود تشريعات صديقة لبيئة العمل، بالإضافة إلى الإصلاحات المختلفة، وكلها كانت خطوات مدروسة لجعل العراق ساحة تنموية واعدة، داعيا الشركات المصرية إلى الاستفادة من هذا المجال.

التعاون والشراكة الثلاثية

وأكّد أنَّ التفاهمات الحالية خلال زيارة الدكتور مصطفى مدبولي إلى العراق تأتي في إطار التعاون والشراكة الثلاثية مع الأردن، مشددًا على أنَّه لا مجال إلا الشراكة والتكامل والمضي في التفاهمات الثلاثية بين العراق ومصر والأردن.

مقالات مشابهة

  • الحكومة تعلن وصول طلبات الاستثمار في أذون الخزانة لـ7.6 مليار دولار.. تفاصيل
  • اقتصادية قناة السويس تعتمد 1,84 مليار دولار بالمنطقة الاقتصادية
  • تعاقدات بـ 600 مليار دينار عراقي.. تفاصيل تنفيذ الشركات المصرية لمشروعات البنية التحتية
  • محادثات إيجابية بين حكومة الشرع ووفد الحكومة الروسية على دعم سيادة سوريا وسلامة أراضيها
  • تويوتا تبيع 10.8 ملايين مركبة في 2024 وتواصل قيادة مصنّعي السيارات عالميا
  • تقرير لمعلومات الوزراء حول الاقتصاد الإبداعي وأهميته في التنمية الاقتصادية
  • مصر تبيع سندات دولية بملياري دولار بعد توقف 4 سنوات
  • التيار بكلام مثير عن تشكيل الحكومة.. ماذا أعلن؟
  • تحذير من روتين يومي في العراق: البلاد تنفق نحو 2 مليار دولار في الازدحام
  • شركة توزيع المنتجات النفطية تبيع أكثر من 11 مليار لتر من البنزين خلال 2024