صحيفة أثير:
2025-03-20@05:17:26 GMT

سبرٌ لـ “أشجار تتبعها الطرقات” لطلال الغوّار

تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT

سبرٌ لـ “أشجار تتبعها الطرقات” لطلال الغوّار

أثير – مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري
لعلّني أقرأ أوّل مرة هذا النوع من الكتابة المفتوحة على كلّ الآفاق، كتابة يُوضع لها عنوان في واجهة الكتاب “سرد” لا نصوص سردية أو نثر مكثّف، لا شيء فقط.. سرد، ولك أن تقرأ أو تحجم على القراءة، فما كان عليّ إلا التوغّل في هذا المتن السرديّ، ولسان حالي يقول: سنرى بماذا سأخرج من هذه المغامرة، وثمّة صوت آخر يقول لي: اعتن به فصاحبه طلال الغوّار، قاسمك لحظات جميلة في البصرة أيام المربد وأهداك كتابين، وها أنت تتوغل في “أشجار تتبعها الطرقات”.

حقيقةً وصراحةً أدخلني الكاتب إلى عالمه وأنا ما زلت على عتبات النصّ، يا له من مخادع ذي أسلوب سلس وفيه الكثير من الإغراء، كمن يضع للقارئ ما يشتهي ليدخل النصّ، كأنه يضع جبنا وما يريده الفأر / القارئ، كي يتتبع ويصل إلى المصيدة، يصل إلى لذّة الفكرة والطرح معا، فلنواصل مع هذا المتن السردي الشعري وأوّل مقطع شدّني بصدقه واطلاعه على مراحل الكتابة من قلق وعزوف وتهاطل وبرود تامّ، هو هذه الفقرة الدّالة على أنّنا في حضرة كاتب قتلته الكتابة، جرّبها واكتوى بنارها، يقول طلال الغوّار هذا الأديب العراقي المتميّز:

“كثيرا ما أتوقّف عن كتابة الشعر لأيّام وأسابيع بل أحيانا لشهور، حتّى أكاد أحسّ وكأني توقفت نهائيا عن الكتابة، وليس ثمّة شيء يدفعني لأن أكتب، ممّا يسبّب لي وضعا في غاية الصعوبة بل ومحرجا أمام نفسي، وكأنّي أحمل همّا ثقيلا لا أعرف كنهه، وإحساسا غريبا ومزعجا، وكأنّ هاجس الشعر قد اختفى”.

يمرّ الكاتب بوجوه كثيرة في رحلة للذكرى، للحنين، للتأمّل، للمراجعة، للتصالح مع الذات، خاصة الذات الكاتبة، وقد قسّم متنه السرديّ إلى اثنين وعشرين نصّا يتداخل خلاله مع الأمكنة ومع الوجوه إضافة إلى القصيدة، وكلّ ما يخطر بباله وبهواجسه يطرحه على الأوراق، فمثلا يطرح موضوع الموت بشكل شعري فيقول:

“شجرة منفردة تنحني بغصونها وتتأمّل الأوراق الصفر التي تحتها، كأنّها ضجرة من وجود أيّامها المتساقطة وتنتظر ريحا كي تسفها بعيدا”

ثمّة نصوص كثيرة مسّتني وحاورتني وحاورتها، نصوص صادرة عن ذات أصيلة، لها في العراق حضور وأفراح وهموم ومآرب أخرى، وتأخذني معها إلى “الجسر” حيث أضاء الشهداء بدمائهم ومشى الصباح بخطواتهم، في هذا النصّ الحميمي الشعريّ يحمّل ذاته أكثر ممّا تتحمّله فالأسئلة كثيرة، ويشعر بها كما لو أنّها (أجنحة لطيور كثيرة تصطفق في رأسي)، ولكنّ الأهمّ ما أدخره لنصّ بعنوان “إيماءات” حيث يتحوّل إلى شاعر واضح وصريح، ويطرح جملة من هواجسه وقد اخترت لكم بعض المقاطع الغنيّة بالشعرية:
“خيّل لي
أنّ هذا النجم ليس إلاّ طائرا
إنّها هجرة الأفكار”
“عند الصباح
أفتح نافذتي وأنظر إلى البعيد
لا لكي أرى
‎أريد أن أتوحّد مع النهايات”

“ما أغربك أيّها الحبّ
ريشٌ ملوّن في الكلمات
وجمر متوهّج تحت الخطى”

“إلى أين تذهب بكَ القصيدة ؟
كلّ الطرقات التي تفتحها
وتسير في شجنها
لن توصلك إلى نفسك”

ربّما سؤال وجيه، ولكنّنا سنصل إلى المعنى الأدقّ والصور الجميلة والصدق والإخلاص مع النفس والناس والعالم، هكذا نكون قد أتممنا جولتنا في كتاب “أشجار تتبعها الطرقات” على أن نعود مرّة أخرى إلى كتاب بعنوان “نداء لصباحات بعيدة” وهو الكتاب الثاني الذي تلقيته كهدية في مربد العراق، مع الشكر لطلال الغوّار على المحبّة ومواصلة المسيرة الأدبية.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: مكتب تونس

إقرأ أيضاً:

مفاوضات خارج النص

خلافاً لما كان يحدث في ظل إدارة بايدن السابقة، تجري المفاوضات الدائرة حول غزة، في عهد إدارة ترامب الثانية، في جزء كبير منها بعيداً عن المسار المألوف، أو خارج النص، كما يقال، وهو ما اعتاد الجميع على رؤيته أو سماعه، حين كانت واشنطن وتل أبيب تتبادلان تقديم الاقتراحات، لكن سرعان ما تتنصل منها إسرائيل بأريحية تامة.

في أواسط يناير (كانون الثاني) الماضي، قبلت إسرائيل اتفاقاً لوقف إطلاق النار في غزة مكوناً من ثلاث مراحل، وكانت بصمة الرئيس الجديد هي من طبعت الاتفاق، الذي لم يكن يختلف كثيراً عن نسخة مماثلة عرضتها واشنطن في مايو/أيار الماضي، وظل يرفضها نتنياهو طوال الوقت.
هذا الاتفاق الذي بدأ سريانه في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، نفذ معظم مرحلته الأولى، لكن الانتقال إلى مرحلته الثانية لا يزال محور صراع بين إصرار نتنياهو على تمديد المرحلة الأولى، وتمسك الطرف الفلسطيني بالانتقال للمرحلة الثانية التي يفترض أن يناقش فيها الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة وإنهاء الحرب. ما دفع الوسيط الأمريكي إلى تقديم مقترح جديد تم تحديثه لاحقاً، يشي بإمكانية الذهاب إلى اتفاق جديد قد يكون شاملاً، بدلاً من الانتقال إلى المرحلة الثانية. إذ إن مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف المعدل، يعرض فكرة إطلاق سراح مزيد من الرهائن، واستئناف المساعدات الإنسانية، مقابل هدنة ال50 يوماً، ثم مراحل زمنية أخرى، يتم خلالها التفاوض حول الانسحاب وإنهاء الحرب. وبغض النظر عن ردود الطرفين على المقترح الأمريكي، فإن أسئلة كثيرة بدأت تثار في إسرائيل حول دورها في هذه المفاوضات وعدم قدرتها على رفض المقترحات الأمريكية، وما إذا كانت إدارة ترامب شريكة أم صاحبة قرار.
وتتحدث وسائل إسرائيلية عن أن نتنياهو يخشى معارضة ترامب أكثر من خشيته لسموتريتش (وزير المالية المتطرف) الذي يملك مفتاح بقائه في السلطة وعدم تفكيك الائتلاف الحاكم، كما أنه يخشى أن يواجه مصير زيلينسكي في البيت الأبيض مؤخراً. أما زعيم المعارضة يائير لابيد فقد طالب نتنياهو بالذهاب إلى صفقة شاملة وإنهاء الحرب، حتى لا يصبح استمرار وقف إطلاق النار بلا ثمن، في إشارة إلى المفاوضات حول إطلاق رهائن أحياء وجثث أمريكيين تعود لجنود يحملون الجنسية المزدوجة.
الأسوأ من ذلك، هو ما حدث من تفاوض أمريكي مباشر مع حركة «حماس» والذي تبين أنه من دون علم الإسرائيليين، رغم محاولات حكومة نتنياهو تغليفه بالتنسيق، والتباهي بأن الحكومة الإسرائيلية تسببت في إقصاء مبعوث ترامب المسؤول عن ملف الرهائن آدم بولر من منصبه، رغم أنه لم يصدر إعلان أمريكي رسمي بذلك، بل إن مسؤولين أمريكيين أكدوا بقاء بولر في منصبه.
وفي كل الأحوال، ثمة ما يشي بأن نتنياهو في ورطة داخلية وخارجية، وأنه لم يعد قادراً على وقف الخروج عن النص في مسار المفاوضات ولا العودة لاستئناف الحرب التي لا تزال واشنطن تكبح جماحها.

مقالات مشابهة

  • تحليل: المنتخب المغربي يواجه النيجر دون مخاوف كثيرة
  • خير ونفحات كثيرة .. أفضل الأعمال في العشر الأواخر من رمضان
  • «بيئة أبوظبي» تستعرض تجربتها باستخدام الطائرات المسيّرة في زراعة القرم
  • أحمد موسى يعلق على العدوان الإسرائيلي ضد غزة: نتنياهو لديه مشكلة كثيرة
  • تعاونيات الكتابة قفزة أم حفرة؟
  • "بيئة أبوظبي" تستعرض بالبحرين استخدام الطائرات المسيّرة لزراعة أشجار القرم
  • الأم المثالية بالقليوبية: مررت بصعاب كثيرة في حياتي وربنا أكرمني بأولادي
  • "تايربلس" تسلط الضوء على تدابير السلامة على الطرقات والعناية بالإطارات
  • رخروخ يستقبل وفدا من نواب المجلس الشعبي عن ولايتيّ المنيعة وعين صالح
  • مفاوضات خارج النص