سبرٌ لـ “أشجار تتبعها الطرقات” لطلال الغوّار
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
أثير – مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري
لعلّني أقرأ أوّل مرة هذا النوع من الكتابة المفتوحة على كلّ الآفاق، كتابة يُوضع لها عنوان في واجهة الكتاب “سرد” لا نصوص سردية أو نثر مكثّف، لا شيء فقط.. سرد، ولك أن تقرأ أو تحجم على القراءة، فما كان عليّ إلا التوغّل في هذا المتن السرديّ، ولسان حالي يقول: سنرى بماذا سأخرج من هذه المغامرة، وثمّة صوت آخر يقول لي: اعتن به فصاحبه طلال الغوّار، قاسمك لحظات جميلة في البصرة أيام المربد وأهداك كتابين، وها أنت تتوغل في “أشجار تتبعها الطرقات”.
حقيقةً وصراحةً أدخلني الكاتب إلى عالمه وأنا ما زلت على عتبات النصّ، يا له من مخادع ذي أسلوب سلس وفيه الكثير من الإغراء، كمن يضع للقارئ ما يشتهي ليدخل النصّ، كأنه يضع جبنا وما يريده الفأر / القارئ، كي يتتبع ويصل إلى المصيدة، يصل إلى لذّة الفكرة والطرح معا، فلنواصل مع هذا المتن السردي الشعري وأوّل مقطع شدّني بصدقه واطلاعه على مراحل الكتابة من قلق وعزوف وتهاطل وبرود تامّ، هو هذه الفقرة الدّالة على أنّنا في حضرة كاتب قتلته الكتابة، جرّبها واكتوى بنارها، يقول طلال الغوّار هذا الأديب العراقي المتميّز:
“كثيرا ما أتوقّف عن كتابة الشعر لأيّام وأسابيع بل أحيانا لشهور، حتّى أكاد أحسّ وكأني توقفت نهائيا عن الكتابة، وليس ثمّة شيء يدفعني لأن أكتب، ممّا يسبّب لي وضعا في غاية الصعوبة بل ومحرجا أمام نفسي، وكأنّي أحمل همّا ثقيلا لا أعرف كنهه، وإحساسا غريبا ومزعجا، وكأنّ هاجس الشعر قد اختفى”. يمرّ الكاتب بوجوه كثيرة في رحلة للذكرى، للحنين، للتأمّل، للمراجعة، للتصالح مع الذات، خاصة الذات الكاتبة، وقد قسّم متنه السرديّ إلى اثنين وعشرين نصّا يتداخل خلاله مع الأمكنة ومع الوجوه إضافة إلى القصيدة، وكلّ ما يخطر بباله وبهواجسه يطرحه على الأوراق، فمثلا يطرح موضوع الموت بشكل شعري فيقول:
“شجرة منفردة تنحني بغصونها وتتأمّل الأوراق الصفر التي تحتها، كأنّها ضجرة من وجود أيّامها المتساقطة وتنتظر ريحا كي تسفها بعيدا”
ثمّة نصوص كثيرة مسّتني وحاورتني وحاورتها، نصوص صادرة عن ذات أصيلة، لها في العراق حضور وأفراح وهموم ومآرب أخرى، وتأخذني معها إلى “الجسر” حيث أضاء الشهداء بدمائهم ومشى الصباح بخطواتهم، في هذا النصّ الحميمي الشعريّ يحمّل ذاته أكثر ممّا تتحمّله فالأسئلة كثيرة، ويشعر بها كما لو أنّها (أجنحة لطيور كثيرة تصطفق في رأسي)، ولكنّ الأهمّ ما أدخره لنصّ بعنوان “إيماءات” حيث يتحوّل إلى شاعر واضح وصريح، ويطرح جملة من هواجسه وقد اخترت لكم بعض المقاطع الغنيّة بالشعرية:
“خيّل لي
أنّ هذا النجم ليس إلاّ طائرا
إنّها هجرة الأفكار”
“عند الصباح
أفتح نافذتي وأنظر إلى البعيد
لا لكي أرى
أريد أن أتوحّد مع النهايات”
“ما أغربك أيّها الحبّ
ريشٌ ملوّن في الكلمات
وجمر متوهّج تحت الخطى”
“إلى أين تذهب بكَ القصيدة ؟
كلّ الطرقات التي تفتحها
وتسير في شجنها
لن توصلك إلى نفسك”
ربّما سؤال وجيه، ولكنّنا سنصل إلى المعنى الأدقّ والصور الجميلة والصدق والإخلاص مع النفس والناس والعالم، هكذا نكون قد أتممنا جولتنا في كتاب “أشجار تتبعها الطرقات” على أن نعود مرّة أخرى إلى كتاب بعنوان “نداء لصباحات بعيدة” وهو الكتاب الثاني الذي تلقيته كهدية في مربد العراق، مع الشكر لطلال الغوّار على المحبّة ومواصلة المسيرة الأدبية.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: مكتب تونس
إقرأ أيضاً:
الصاغ علوي.. صدقي صخر يكشف عن شخصيته في مسلسل «النص» |صورة
شارك الفنان صدقي صخر، صورة من كواليس مسلسل «النص» بطولة النجم أحمد أمين، والمقرر عرضه ضمن موسم مسلسلات رمضان 2025.
ونشر صدقي صخر، الصورة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «إنستجرام» وعلق عليها: «الصاغ علوي، النص، رمضان2025».
View this post on InstagramA post shared by Sedky Sakhr (@sedkysakhr)
تفاصيل مسلسل النصيستند المسلسل إلى الكتاب التاريخي «مذكرات نشال»، للباحث أيمن عثمان، والذي نُشر لأول مرة في عام 1927 في جريدة "لسان الشعب".
يتناول الكتاب سيرته الشخصية ونضاله في التخلي عن عالم الجريمة، وقد أثار الكتاب ضجة واسعة وقتها لأنه يسلط الضوء على حياة النشالين في ذلك العصر.
يتناول "النص" من خلال هذا الكتاب أحداث تاريخية حقيقية وشخصيات هامة أثرت في سير تلك الفترة من الزمن.
ـأبطال مسلسل النصيشارك في بطولة مسلسل النص عدد من الفنانين المتميزين، منهم أحمد أمين، أسماء أبو اليزيد، عبد الرحمن محمد، حمزة العيلي، دنيا سامي، وسامية الطرابلسي، المسلسل من تأليف شريف عبد الفتاح، عبد الرحمن جاويش ووجيه صبحي، ويخرجه حسام علي.
اقرأ أيضاًقبل عرض الحلقة الأخيرة.. صدقي صخر يروج لـ «رقم سري» | صور
صدقي صخر يودع شخصية لطفي عبود بهذه الكلمات «صور»
صدقي صخر يدير ماستر كلاس للمخرج تامر محسن بمهرجان الجونة 2024