مبادرات تعليمية في غزة تعيد الأمل والحياة للأطفال
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
غزة- أمام مستودعات تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، عثرت "أم يامن" على بعض كتب المنهاج الدراسي لأطفالها، كانت بالنسبة لها كنزا وساعدتها في متابعة دروسهم بعد انقطاع عن الدراسة منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
لأم يامن أبو عجينة 5 أطفال، أصغرهم رضيع، والآخرون في سن المدرسة، ونزحت بهم مع زوجها من منزلهم في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع في الأسبوع الثالث للحرب، وتقول للجزيرة نت "طال بنا المقام في هذه الخيمة، ولا نعلم متى تنتهي الحرب، ومستقبل الأطفال والطلاب في علم الغيب".
كانت الكتب الدراسية التي عثرت عليها أم يامن في طريقها للنيران، التي التهمت الكثير منها طوال شهور الحرب وقد أصبحت وسيلة الغزيين لإعداد ما يتوفر لديهم من طعام شحيح.
أبت أم يامن (35 عاما) أن تذهب أوقات أطفالها الـ4 سدى دون فائدة، ووجدت في التعليم الذاتي فرصة لتتابع معهم دروسهم، وتقول هذه الأم التي كانت تعمل في صيدلية وانقطعت عن العمل منذ اندلاع العدوان "الحمد لله تشجع أطفالي على المبادرة والتعليم ووجدوا في الكتب متنفسا من الضغوط ويهربون معها من تداعيات الحرب".
فاطمة بالصف الثامن أساسي وهي كبرى أشقائها، شعرت بسعادة غامرة عندما رأت الكتب لأول مرة منذ أن تركت منزلها ومدرستها في شمال القطاع.
تقول والدتها أم يامن إن "فاطمة متفوقة في دراستها وحافظة للقرآن الكريم كاملا، وكذلك إخوتها يامن بالصف السابع، وعائشة بالثالث، ومؤمن بالأول، جميعهم من المتفوقين في دراستهم، وكانوا سعداء بالعودة إلى الدراسة ولو مؤقتا داخل خيمة".
ومع الحماس الذي وجدته السيدة الغزية لدى أبنائها وسعادتهم بمتابعة دروسهم التعليمية، تشجعت مع زوجها وجابا ما تبقى من مكتبات تعمل في مدينة رفح بحثا عن كتب مساعدة وشارحة للمنهاج الدراسي، وتضيف "الحمد لله يعتمدون على أنفسهم ويستغلون أوقاتهم ويساعدهم زوجي أبو يامن فيما يستعصي عليهم من دروس".
وتعطلت الحياة التعليمية المدرسية والجامعية في القطاع الساحلي الصغير، وتبدو العودة إليها ضبابية مع استمرار الحرب الضارية التي دمرت كل الجامعات والمعاهد المتوسطة، ومئات المدارس الحكومية والتابعة للأونروا.
ومن بين مبادرات تعليمية فردية وجماعية باتت منتشرة في مراكز الإيواء في المدارس وفي الخيام، تبرز مبادرة المعلم النازح محمد الخضري (38 عاما)، التي بدأت بتعليمه الذاتي لأطفاله الـ3 في مركز إيواء بمدينة دير البلح وسط القطاع.
وللخضري واحدة من حكايات الحرب المثيرة، فقد كان في عداد الشهداء لنحو 9 ساعات، ووثقته مستشفى الشفاء كشهيد في 7 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قبل أن يعود إلى الحياة من جديد بنجاح الدفاع المدني في انتشاله من تحت أنقاض منزله المدمر في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وبعد 3 أيام قضاها يتلقى العلاج ومع تقدم الدبابات نحو المستشفى، نزح الخضري مع أسرته إلى وسط القطاع، ويقول للجزيرة نت "الحياة موقف ولابد للإنسان من بصمة، وعدم الركون لليأس والخنوع، ومن هنا كانت مبادرتي لتعليم الأطفال والتفريغ النفسي عنهم".
ويحمل هذا المعلم درجة الماجستير في مناهج طرق التدريس، ويعمل محاضرا في جامعات غزة، وفي إطار مبادرته التعليمية الطوعية يتجول في مدارس النزوح ومخيمات الخيام في مناطق جنوب القطاع على مدار الأسبوع، مستهدفا الأطفال في سن التعليم الأساسي من الأول حتى السادس.
تركز مبادرة الخضري على تعليم مادة اللغة العربية، والتفريغ النفسي، باستخدام أساليب حديثة كانت كفيلة بإقبال عدد كبير من الطلبة والأهالي عليها، كالحكواتي والأسلوب القصصي والدمى والرسم بالألوان، مقدرا عدد المستفيدين -منذ إطلاق مبادرته قبل نحو شهر ونصف- بزهاء 4 آلاف طفل.
وفي محاكاة للبيئة التعليمية الواقعية، يبدأ الخضري يومه مع الطلبة بطابور الصباح وتحية العلم، وتضم المجموعة الواحدة نحو 60 طالبا وطالبة، يفترشون الأرض داخل الخيام ومراكز الإيواء والنزوح، ويقول الخضري إن "التفاعل الذي أجده من الأطفال يُظهر الجانب المشرق والأمل في مستقبل أفضل، وأننا شعب يستحق الحياة".
وفي مدرسة الطائف وهي واحدة من مراكز الإيواء في غرب رفح، استلهم أمين المكتبة فيها رائد أبو طعيمة من إقبال الأطفال على استعارة الكتب، فكرة مبادرته "نضوي شمعة"، ويقول للجزيرة نت "كان إقبال أطفال النازحين على المكتبة ملفتا، وأردت تعزيز شغفهم بالقراءة والمطالعة، ومن هنا كانت المبادرة".
ومع مبادرين ومتطوعين تم تخصيص صف تعليمي وآخر ترفيهي للتفريغ النفسي، يوفر للأطفال -على مدار 3 أيام أسبوعيا- تعلم المواد الدراسية الأساسية والانخراط في أنشطة غير منهجية بهدف تخليصهم من ضغوط الحرب وآلامها، بحسب أبو طعيمة.
ليان أبو سعد (9 أعوام) طالبة نازحة من مدينة غزة، تحرص على المشاركة في أنشطة المبادرة، وتقول للجزيرة نت "كنت فاقدة الأمل بالعودة للتعليم، والحرب طولت والسنة ضاعت، لكن هذه المبادرة أعادت لي بعض الأمل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت مدینة رفح
إقرأ أيضاً:
المؤتمر الدولي الخامس لطب الأطفال والرعاية الحرجة للأطفال يختتم أعماله في دبي
اختتمت في دبي، أعمال المؤتمر الدولي الخامس لطب الأطفال والرعاية الحرجة للأطفال، الذي نظمه مستشفى القاسمي للنساء والولادة والأطفال، التابع لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، تحت شعار “من الابتكار إلى الأثر: نحو تطوير طب الأطفال”.
واستقطب المؤتمر أكثر من 52 متحدثاً محلياً وإقليمياً ودولياً من التخصصات الطبية المختلفة، إلى جانب مئات المشاركين من الأطباء والممرضين والكوادر الصحية في الدولة والمنطقة، وناقش أحدث التطورات السريرية والتقنيات الذكية في رعاية صحة الأطفال، من خلال برنامج علمي حافل بالجلسات الحوارية والمحاضرات التخصصية وورش العمل العملية.
وأكد سعادة الدكتور عصام الزرعوني، المدير التنفيذي لقطاع الخدمات الطبية بالإنابة في مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، أن المؤتمر يجسد التزام المؤسسة المستمر بالارتقاء بمنظومة الرعاية الصحية للأطفال، وتعزيز جاهزيتها بالاعتماد على البحث والابتكار، مشيراً إلى أن تطوير طب الأطفال يمثل أحد المحاور الرئيسية في إستراتيجيتها لبناء نظام صحي مستدام قائم على الجودة والتميز، بما يتماشى مع رؤية دولة الإمارات في تعزيز صحة المجتمع ورفاهيته.
وقال إن المؤتمر يعد منصة إستراتيجية تجمع الخبراء من دول العالم المختلفة؛ لتبادل التجارب وصياغة رؤى مشتركة لمستقبل طب الأطفال، وتوسيع آفاق التعاون العلمي في مجالات العناية المركزة والبحث السريري، بما يسهم في تحسين جودة الحياة للأطفال داخل الدولة وخارجها.
من جانبها، ذكرت الدكتورة صفية سيف الخاجة، مديرة مستشفى القاسمي للنساء والولادة والأطفال، أن المؤتمر يعكس الدور المحوري الذي يؤديه المستشفى بصفته مركزاً متخصصاً في تطوير خدمات طب الأطفال والرعاية الحرجة، موضحة أن البرنامج العلمي للمؤتمر صمم ليغطي أحدث المستجدات في مجالات أمراض الجهاز التنفسي والكلى والجهاز العصبي والقلب والأمراض المعدية وأمراض الغدد الصماء والسكري والجهاز الهضمي وأمراض الدم والمناعة عند الأطفال، إضافة إلى تنظيم جلسات متخصصة حول أهمية توظيف الذكاء الاصطناعي في الطب والرعاية الحرجة للأطفال.
وأضافت أن الورش التدريبية التي سبقت انطلاق المؤتمر، بما في ذلك ورشة حول الذكاء الاصطناعي في الطب، وأخرى عن مرض الربو واضطرابات الصفير “الأزيز التنفسي” عند الأطفال وتخطيط القلب والدماغ واستخدام جهاز التصوير بالموجات فوق الصوتية، هدفت إلى تعزيز مهارات الكوادر الصحية، بما يترجم توجه المؤسسة نحو الاستثمار في التعليم الطبي المستمر وتبني الحلول المبتكرة.
وشهد المؤتمر برنامجاً موسعاً تضمن أكثر من ثماني جلسات علمية متوازية على مدى يومين تناولت أحدث الممارسات العلاجية والبحوث السريرية في تخصصات طب الأطفال، بمشاركة خبراء من الولايات المتحدة وأيرلندا والكويت وقطر والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة.
كما وفر الحدث منصة تفاعلية لتبادل المعرفة بين العاملين في القطاع الصحي، وتسليط الضوء على التجارب الوطنية الرائدة في تطوير الخدمات الطبية للأطفال، بما يعزز مكانة دولة الإمارات مركزاً إقليمياً رائداً للتميز والابتكار في الرعاية الصحية.وام