حذر مقال في صحيفة "نيويورك تايمز" من أن قيادة الولايات المتحدة للعالم في اضمحلال، إذ لم تعد تمتلك الوسائل اللازمة للوفاء بوعودها التي تطلقها في مجال السياسة الخارجية.

وأوضح الصحفي الأميركي كريستوفر كالدويل في مقاله أنه استند في تحذيره إلى ما ورد في كتاب جديد بعنوان "هزيمة الغرب"، لمؤلفه الفرنسي إيمانويل تود، وهو مؤرخ وعالم أنثروبولوجيا شهير.

وسبق لتود أن تنبأ بانهيار النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، وذلك في كتاب آخر صدر في عام 2002 تحت عنوان "ما بعد الإمبراطورية".

شعور بخيبة أمل تجاه أميركا

ويقول كالدويل إن المؤلف الفرنسي يشعر بخيبة أمل متزايدة تجاه الولايات المتحدة، بل بات معاديا لها.

وبدا الصحفي الأميركي وكأنه يوافق على الحجج التي ساقها تود في كتابيه، حيث استهل مقاله في "نيويورك تايمز" باقتباس عبارات موحية وردت في خطاب الرئيس جو بايدن عن حالة الاتحاد الذي ألقاه صباح الجمعة، والذي انتقد فيه نظيره الروسي فلاديمير بوتين على غزوه أوكرانيا.

وفي الخطاب، قال بايدن "إذا كان أي شخص في هذه القاعة يعتقد أن بوتين سيتوقف عند أوكرانيا، فأنا أؤكد لكم أنه لن يفعل ذلك".

قلق بايدن

وأتبع الرئيس الأميركي ذلك بالقول -عند لقائه رئيس الوزراء السويدي أولف كريستيرسون، الذي تعد بلاده أحدث عضو ينضم إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)- إن "أوروبا في خطر".

ولا يزال بايدن -كما يعتقد كاتب المقال- "مصمما على أنه لن يكون هناك داع لأن يدافع الجنود الأميركيون عن أوروبا، بل إن متحدثا باسم البيت الأبيض ذهب أبعد من ذلك الأسبوع الماضي عندما صرح بأن من "الواضح تماما" أن استخدام قوات أميركية برية مسألة غير مطروحة للنقاش.

ووفقا للمقال، فإن احتمال أن تُقدِم روسيا على مزيد من التوغلات هي الحجة الأقوى التي اعتمدت عليها واشنطن في جر "الناتو" إلى أتون الحرب، وفي جذب أعضاء جدد إلى الحلف الأطلسي.

ولكن إذا كانت مثل هذه التوغلات مدعاة لقلق حقيقي -كما يقول كالدويل- فإن استخدام قوات برية سيكون أحد خيارات الولايات المتحدة وحلفائها بطبيعة الحال.

"إن الأساس المنطقي لمشاركة الناتو في الحرب الروسية الأوكرانية يصبح أكثر غموضا في ذات الوقت الذي يتوقع فيه المرء أن تكون أكثر وضوحا".

الأوروبيون والأميركيون سئموا من الحرب

وبحسب المقال، فقد أضحت هذه مشكلة، ذلك أن الأوروبيين -شأنهم شأن الأميركيين- قد سئموا من الحرب، وتزداد شكوكهم في قدرة أوكرانيا على الانتصار فيها. ولعل الأمر الأكثر أهمية أن الأوروبيين لا يثقون بأميركا "التي لم تفعل شيئا كثيرا في هذه الحرب لتبديد تلك الشكوك بشأن دوافعها وكفاءتها، التي برزت إبان حربها على العراق قبل عقدين من الزمن".

ويعود كالدويل إلى الحديث عن رؤى المؤلف الفرنسي إيمانويل تود، الذي يعتبره من المنتقدين لضلوع الولايات المتحدة في أوكرانيا، إذ يرى أن الإمبريالية الأميركية "لم تعرض بقية دول العالم للخطر فحسب، بل نالت من الشخصية الأميركية".

ومن المظاهر التي تدل على تراجع الدور الأميركي في العالم، أن روسيا استطاعت تحدي العقوبات ومصادرة أصولها التي فرضتها واشنطن في سعيها إلى تدمير الاقتصاد الروسي.

ولم تعد القاعدة الصناعية للولايات المتحدة ولحلفائها الأوروبيين كافية لتزويد أوكرانيا بالعتاد -وبخاصة المدفعية- اللازم لتحقيق الاستقرار، ناهيك عن الفوز بالحرب.

تحولات ثقافية أعمق وطويلة الأمد

ويؤكد تود أن "انغماس" الأميركيين "المتهور" في الاقتصاد العالمي كان خطأ، فالولايات المتحدة باتت تصنع سيارات أقل مما كانت عليه في ثمانينيات القرن الماضي، وتنتج قمحا بكميات أقل.

على أن من الأسباب التي يسوقها المؤلف الفرنسي في كتابه الأخير -طبقا لكادويل- تلك التي تنطوي على ما يسميها "تحولات ثقافية أعمق وطويلة الأمد"، ويقصد بذلك طموح كثير من الأفراد في الغرب إلى العمل على إدارة الأمور وقيادة الأفراد في مجالات العمل، "وهم يريدون أن يصبحوا سياسيين وفنانين ومدراء، وهو أمر لا يتطلب دائما تعلم أمور معقدة فكريا".

وأشار في هذا الصدد إلى أن الولايات المتحدة تعاني من هجرة الأدمغة داخليا، إذ ينصرف الشباب عن المهن التي تتطلب مهارات عالية، إلى مهن أخرى في مجالات مثل القانون والشؤون المالية وغيرهما.

ويقول كالدويل إن تود انتقد تراجع قيم الأسرة في المجتمعات الأنغلو أميركية التي يقل فيها دور الأب، ولا تتوافق مع ثقافات تقليدية في دول مثل الهند، أو حتى مع ثقافات حديثة "أكثر أبوية" مثل روسيا.

ويشدد المؤلف الفرنسي على أن الثقافات التقليدية لديها الكثير مما تخشاه من ميول الغرب التقدمية، وربما تقاوم التحالف مع الدول التي تتبنى تلك القيم في سياساتها الخارجية. ويعتقد تود أن بعض القيم الغربية "غارقة في السلبية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

البنتاجون يرد على مؤشرات احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووية في أوكرانيا

قالت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» إنه لا توجد مؤشرات حول استعدادات روسية لاستخدام سلاح نووي في أوكرانيا، مضيفة في بيان رسمي مساء الثلاثاء، أنه لا توجد حاجة ملحة لتغيير موضع واشنطن النووى، كما أن الولايات المتحدة ليست في حالة حرب مع روسيا.

ماذا قال الكرملين؟

ومن جانبه، قال ديمترى بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن استخدام القوات المسلحة الأوكرانية للأسلحة الغربية غير النووية ضد الاتحاد الروسى يمكن أن يؤدى، بموجب العقيدة النووية الروسية الجديدة، إلى رد نووى، وذلك بموافقة الرئيس فلاديمير بوتين على تحديث العقيدة النووية الروسية مساء الثلاثاء.

وبحسب ما ذكرت وكالة تاس، إن «بيسكوف» أكد أن العقيدة النووية الجديدة ينبغى أن تصبح موضوع تحليل عميق داخل روسيا وخارجها، مضيفا أن الاتحاد الروسى يعتبر استخدام الأسلحة النووية إجراء شديد، لكن هذا التحديث للعقيدة كان مطلوبا لجعل الوثيقة تتماشى مع الموقف السياسى الحالى.

وتابع المتحدث باسم الكرملين، حديثه قائلا إن العملية الخاصة التى تشنها روسيا فى أوكرانيا، تم إجرائها فى سياق حرب أطلها الغرب ضد الاتحاد الروسى، وأن الجيش الروسى يراقب عن كثب التقارير التى تتحدث عن خطط استخدام صواريخ طويلة المدى فى منطقة كورسك الروسية.

الغرب يستخدم أوكرانيا لهزيمة روسيا 

وبعد وقت قصير من الحديث عن تحديث العقيدة النووية في روسيا، أكد «بيسكوف»، إن الغرب يواصل استخدام أوكرانيا كأداة لإلحاق الهزيمة بروسيا، مضيفا لوكالة الإعلام الروسية، أن الخط الساخن الخاص للطوارئ بين الكرملين والبيت الأبيض، والذي أنشئ بعد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، غير مستخدم حاليًا.

وأوضح المتحدث باسم الكرملين، معلقًا على تقارير ذكرت أن واشنطن أعطت الضوء الأخضر لأوكرانيا لاستخدام أسلحة أمريكية الصنع لضرب عمق روسيا، أن ساسة الغرب يواصلون مساعيهم لإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، متهمًا إياهم باستخدام أوكرانيا لتحقيق مبتغاهم.

وكانت الولايات المتحدة في طليعة الدول التي قدمت الدعم لأوكرانيا، وبحسب الموقع الرسمي للبنتاجون، فقد قدمت واشنطن مساعدات أمنية لكييف تفوق قيمتها 43 مليار دولار منذ بدء العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا في 24 فبراير 2022.

وجدد حلف شمال الأطلسي «الناتو»، الأسبوع الماضي، دعمه لأوكرانيا وتعهد بتقديم مساعدات إضافية لها، في أعقاب تقارير تفيد بإرسال كوريا شمالية قوات قتالية إلى روسيا.  

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي: أوكرانيا قد تخسر الحرب إذا خفضت الولايات المتحدة المساعدات
  • البنتاجون يرد على مؤشرات احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووية في أوكرانيا
  • خصائص صاروخ أتاكمز الأميركي الذي قصفت به أوكرانيا روسيا
  • هل يُسارع الغرب في إبرام تسوية حول أوكرانيا؟
  • «زيلينسكي»: سوف نخسر الحرب إذا توقفت الولايات المتحدة عن مساعدة أوكرانيا
  • عاجل - الكرملين يرد على قرار بايدن: الغرب يستغل أوكرانيا لتدمير روسيا
  • «دميتري بيسكوف»: الغرب يحاول استخدام أوكرانيا لهزيمة روسيا
  • أول تعليق من الكرملين على قرار بايدن: الغرب يستخدم أوكرانيا كأداة لتدميرنا
  • اتحاد المستأجرين: الأجرة في العقود القديمة من باب النظام العام الذي لا يجوز مخالفته
  • تحليل غربي: هل هزيمة الحوثيين ممكنة وهدف استراتيجي لترامب؟ (ترجمة خاصة)