عودة: حاسبوا نوابكم لتقويم أدائهم
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس ألقى عظة قال فيها: "بعدما علمتنا كنيستنا المقدسة فضيلتي التواضع والتوبة مع مثلي الفريسي والعشار والإبن الشاطر، تعلمنا اليوم أن الفضائل الروحية يجب أن تتوج بعمل الإحسان والبر تجاه المهمشين والفقراء والمعوزين والحزانى.
أضاف: "قال الرب في بداية عظته على الجبل: «من عمل وعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات» (مت 5: 19)، وينهيها قائلا: «ليس كل من يقول لي: يا رب، يا رب، يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات... فكل من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها أشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر» (مت 7: 21 و24). نفهم من كلام الرب أن الفضائل الروحية والأعمال تتكامل. كنيستنا، تعيد قراءة النصوص المذكورة من إنجيل متى (الإصحاحين 24 و25) في يوم الثلاثاء العظيم المقدس، قبل انطلاق الرب إلى الآلام الخلاصية، ويترافق ذلك مع ترتيلنا: «ها هوذا الختن يأتي في نصف الليل فطوبى للعبد الذي يجده مستيقظا...». هكذا تكون الكنيسة قد ذكرتنا، قبل الصوم وفي نهايته، بأن أعمال الرحمة واجب مسيحي إذا شئنا أن نرث الحياة الأبدية ونحصل على الخلاص. لهذا، تأتي قصة المرأة الزانية، التي سكبت طيبا على قدمي الرب يسوع قبل آلامه مباشرة، بعد مثلي العذارى والوزنات وإنجيل الدينونة، حيث يقول الرب لتلاميذه: «الفقراء معكم في كل حين» (مت 26: 11)."
وتابع: "نقيم اليوم، في أحد مرفع اللحم، تذكار المجيء الثاني لربنا يسوع المسيح، حين يأتي لدينونة جميع البشر، فنكون إما من خراف اليمين أو من جداء اليسار. لذا، تعلمنا كنيستنا، قبل بداية الرحلة نحو الفصح المقدس، أن الصوم يتلازم مع الصلاة، لكنه يترافق أيضا مع الإهتمام بالجائع والعطشان والغريب والعريان والمريض والمسجون، لكي يكون صوما نافعا. إن تعليم الرب الإهتمام بالمهمشين والغرباء والفقراء يتناسق مع تعليم أنبياء العهد القديم الملهم من الروح القدس، عن وجوب الإهتمام بالفقير واليتيم والغريب والأرملة. نسمع الرب قائلا على لسان النبي إشعياء: «حين تبسطون أيديكم أستر عيني عنكم، وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع. أيديكم ملآنة دما. إغتسلوا، تنقوا، إعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني، كفوا عن فعل الشر. تعلموا فعل الخير، أطلبوا الحق، أنصفوا المظلوم، أقضوا لليتيم، حاموا عن الأرملة. هلم نتحاجج يقول الرب، إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج» (1: 16-18). هذا المقطع نرتله يوم سبت النور مع ترنيمة: «قم يا الله واحكم في الأرض، لأنك ترث جميع الأمم»، لأننا إن عملنا الرحمة مع المحتاجين، نساهم في إرساء حكم الرب في الأرض، وحكمه هو المحبة والسلام والرحمة".
وقال: "الجديد في تعليم الرب أنه ماهى نفسه مع المستضعفين والمعوزين قائلا: «بما أنكم فعلتم ذلك بأحد إخوتي هؤلاء الصغار فبي فعلتموه». لقد وحد الرب نفسه مع أولئك، جاعلا إياهم بابا من أبواب الملكوت، وهذا الباب يحتاج منا جهادا ليفتح. لذا، دعوتنا اليوم أن نرى المسيح في كل إنسان حولنا، علنا نكون من ورثة الملكوت، ومن خراف اليمين. هذا الكلام موجه إلى كل إنسان يبتغي وجه الله الذي خلق الإنسان، كل إنسان، على صورته ومثاله. ومن أراد اتباع تعاليم المسيح والسير بحسب مشيئته، عليه أن يكرم الله في وجه كل إنسان. أليس هذا واجب كل مسؤول أيضا، أن يحسن تجاه وطنه بحسن معاملته لكل مواطن؟ أليست دعوة إلى المساواة بين الناس، وإلى خدمة الوطن عبر خدمة كل مواطن؟ وهل من خدمة أفضل من تأمين العيش الكريم للمواطن في وطن آمن ومستقر؟ لكن المواطن يئن وذوو السلطة يعيشون في عالم بعيد عن الواقع، في غياب رئيس لم ير النواب ضرورة لانتخابه. ما شجعهم على ذلك تقاعس المواطنين عن القيام بواجب مساءلتهم ومحاسبتهم. فعندما يقترع إنسان لنائب فلأنه اقتنع ببرنامجه وصدق وعوده. أليس من واجبه بعد حين مساءلته حول ما وعد به؟ أليس هذا من صميم الحياة الديمقراطية؟ لذا حاسبوا نوابكم لتقويم أدائهم. حاسبوهم على تقاعسهم في أداء واجباتهم التي يفرضها الدستور. وأول هذه الواجبات انتخاب رئيس للبلاد. هل حاسب مواطن نائبا على تخلفه عن أداء هذا الواجب؟"
أضاف: " قول كلمة الحق أو القيام بعمل يرضي الضمير هي أعمال ضرورية في حياة الوطن. الشهادة للحق، احترام عمل المؤسسات الدستورية وإبعادها عن التجاذبات السياسية، تحاشي النقاشات العقيمة، المراقبة والمحاسبة، إدانة المحسوبية والزبائنية والإستزلام والمحاصصة والتعطيل والتسلط والتطرف هي أمور بديهية عند من أراد بناء دولة، لكن يبدو أن لا إرادة إصلاح حقيقية في لبنان ولا أحد يريد بناء الدولة. نحن بحاجة إلى رجال دولة لا إلى مصطادي سلطة يستغلونها لقهر الناس وإتمام مصالحهم. نحن بحاجة إلى رجال دولة يحكمون لبنان بحكمة وتجرد، يحافظون عليه سيدا حرا مستقلا ولا يسمحون بأي تدخل أو وصاية أو استتباع. كل يوم يمر يزيد حجم الأزمة والوقت لا يستعاد. الوقت يمر ويمضي وهجرة الأدمغة تزيد وغير اللبنانيين يتكاثرون وقد لا يبقى لبناني ليطبقوا سياساتهم الفاشلة عليه".
وختم: "أملنا في أحد الدينونة أن يفحص كل نائب وزعيم وحاكم ضميره ويدين نفسه ويقوم سلوكه لكي يسمع صوت الرب قائلا له: أدخل إلى فرح ربك".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: کل إنسان
إقرأ أيضاً:
صلاة من أجل السلام في لبنان بذكرى الاستقلال في جامعة الروح القدس
رفعت جامعة الروح القدس – الكسليك الصلوات من أجل السلام في لبنان، بالذكرى الواحدة والثمانين لاستقلال لبنان، في لقاء أقيم في حرمها، بحضور رئيس الجامعة الأب طلال هاشم وأعضاء مجلس الجامعة وأسرتها التعليمية والإدارية والطلاب.
بدأ اللقاء بالنشيد الوطني، تلته صلاة رُفعت فيها "الطلبات والنوايا إلى الرب المخلّص من أجل وطننا الذي أثقلت الحرب كاهله فقطعت أوصاله ودمّرت خيراته وقتلت وشرّدت أبناءه، ليمنحه الرب نعمة السلام النابع منه وحده والقائم على الحق والعدالة والحرية والمحبة، وليطفئ نار الغضب وما في قلب البشر من حقد، وليتحقّق في بلدنا وفي العالم كلّه سلام الرب الذي يفوق كل خير والذي وعد به محبيه"، بحسب بيان للجامعة.
كما رُفعت الصلوات من أجل أن "يستقبل الرب في ملكوته السماوي كل من أهرقت دماؤهم في المناطق كافة، وأن يمنح العزاء لمحبيهم والشفاء للجرحى والرجاء لكل من فقد بيتًا أو رزقًا أو عزيزًا، والقوة لمن يعمل من أجل الحفاظ على قدسيّة الحياة البشرية، وألا يسمح بأن يتملك اليأس قلوبنا وأن يجدّد فينا الإيمان بلبنان وطن الرسالة والسلام لجميع أبنائه".
هاشم
وكانت كلمة لرئيس الجامعة قال فيها: "إن الاحتفال بالاستقلال هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة. فقد قرّرنا أن نصلي، لأن الصلاة هي أكثر ما نحن بحاجة إليه اليوم، وسط ما يشهده لبنان حاليًا وما شهده عبر الزمن من ظروف صعبة وأليمة".
وأكد "أهمية الصلاة لتجديد الإيمان وتعميقه، مع التشديد على ضرورة أن يبقى لدينا الأمل بلبنان أفضل، لأننا أبناء الرجاء".
ودعا إلى "التكاتف والانفتاح وقبول الآخر رغم الاختلاف، والتعامل مع بعضنا البعض بمحبة بعيدًا من الحقد والكراهية، حتى نتمكّن معًا من بناء الوطن الذي نطمح إليه".
وقال: "رغم كل ما نعيشه، فإن لبنان أنتج عظماء ومفكرين ومبدعين في كافة المجالات، ساهموا في تطويره وفي تطوير مجتمعات أخرى. كل فرد منا قادر على استثمار المواهب التي منحه إياها الله ليطوّر وطنه يرفع اسمه عاليا".
وفي ختام اللقاء أدّت الطالبة في الجامعة لين الحايك أغنية وطنية للسيدة فيروز من وحي المناسبة.