السيرة النبوية المقارنة.. خدمة جديدة للسيرة
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
لا تعرف البشرية – في عالم الكتابة – رسولًا ولا شخصًا نال قسطًا وافرًا من الكتابة، كما نال النبي- محمد صلى الله عليه وسلم – فقد كان الاهتمام بتدوين سيرته وسُنته، منذ صحابته الكرام- رضي الله عنهم- والأجيال التي تلتهم، وتنوعت خدمة سيرته حسب اهتمام كل عالم أو كاتب تناولَها.
ولا يخلو عصر من كتابات تتناول سيرته – صلى الله عليه وسلم – سواء مجملة بتفاصيلها، والتحقيق والسبر لها، أو من خلال مواقف معينة فيها، صدر ذلك عن محبين له – صلى الله عليه وسلم – ومبغضين شانئين كذلك، فقد كانت سيرته موضع اهتمام الجميعِ: المحبين، والكارهين، والمنصفين المحايدين.
وما اشتهر من التناول لسيرته، جرى في خطَّين رئيسين: الخط الأول: خط يعنى بالسرد التاريخي، حيث يتناول السيرة منذ ميلاده – صلى الله عليه وسلم – أو ما قبل ميلاده، ودراسة الأجواء السابقة له، وما صحب هذا الميلاد، وحتى الوفاة، وما تبعها من أحداث.
وهذا الخط بداخله خطوط علمية أيضًا، بين من يجمع كل ما يرد، وإن لم يدقق في الأسانيد، أو من يجمع ويمحّص الإسناد، ويثبت ما صحّ، وينبه لما لم يصح أو ضعف، وهناك خط آخر داخله، وهو تناول هذه السيرة، ثم الخروج منها بدروس وعظات وعِبر، سواء كانت التركيز على دروس عامة، أو خاصة منها.
أما الخط الثاني لدراسة السيرة النبوية، فقد بدأ منذ القدم كذلك، وهو خط يعنى بدراسة جانب معين في سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم- يركز عليه، وقد بدأ في التراث بكتب شمائل النبي – صلى الله عليه وسلم – أو خصائصه، ككتب القاضي عياض، والمقريزي، وغيرهما.
وفي العصر الحديث ازدهر هذا الجانب في دراسة سيرته، فخصصت كتب لموضوعات محددة في السيرة، كما رأينا "عبقرية محمد" للعقاد، و"إنسانيات محمد" لخالد محمد خالد، و"نبي البِر" للإبياري، و"نبي الإنسانية" لأحمد حسين، و"محمد رحمة الله للعالمين" ليوسف القرضاوي، و"محمد في حياته الخاصة" لنظمي لوقا، و"الرسول القائد" لمحمود شيت خطاب، و"رحمة للعالمين" للمنصوري الهندي، وكذلك وجدنا عند الغربيين عدة كتابات، ما بين المنصف والمتحامل.
خط ثالث جديد لدراسة السيرةبقي خط لم يطرق كثيرًا في تناول السيرة النبوية، بل أزعم أنه لم يتم تناوله إلا قليلًا لدى بعض الكتّاب، وهو تناول لا يتعلّق بالسيرة ذاتها فقط، بل يتعلق بها من حيث من تناولوها ككتّاب ومؤلفين في سيرة النبي، صلى الله عليه وسلم.
وهي ما يمكن أن نطلق عليها: السيرة النبوية المقارنة، أي: يتم المقارنة بين تناول كل مؤلف لحدث معين في السيرة، حيث إن كل مؤلف يتناولها من حيث ثقافته، ولغته الأدبية، واستعداده النفسي والعقلي للسيرة، فيخرج بإبداعات وإشراقات عظيمة، تغيب هذه النظرات والتأملات، عندما تقرأ منفردة في ثنايا سطور كتاب كبير عن سيرة النبي، صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان الفقهاء لديهم فقه مقارن، يتم فيه مقارنة الأقوال والاستنباطات الفقهية، والدوافع والأسباب، والفلسفة الفقهية وراء هذا القول، وما يبنى عليه، وكذلك في علم التفسير هناك مقارنات بين أقوال المفسرين في تأملاتهم وإبداعاتهم للقرآن الكريم، في نصّ واحد ثابت، وهو القرآن الكريم، فإن مثل هذه الدراسات أيضًا إذا تمت على مستوى كتّاب السيرة النبوية، فسنخرج بلون جديد يخدم سيرة النبي، صلى الله عليه وسلم.
الكتّاب والشعراء يركّزون على الأحداث الكبرى في السيرة، كالمولد، والبعثة، والهجرة، والغزوات الكبرى، بينما يغفل الكثيرون عن تفاصيل يسيرة في السيرة، لكنها تحمل دلالات ومعاني في غاية الأهمية والجدوى العلمية والإيمانية
نموذج البيوميلا أعلم أحدًا قام بهذا الجهد، سوى الدكتور محمد رجب البيومي – رحمه الله – في مقال وحيد له، ولم يكتبه من باب الدعوة لهذا اللون، بل كمقال لفت فيه النظر لزاوية مهمة في كتابة السيرة، فقد كتب مقالًا بعنوان: من روائع السيرة النبوية: الرسول يبكي ولده إبراهيم، ووضعه في كتابه: (في ميزان الإسلام)، فهو يتحدث عن وفاة إبراهيم ابن النبي- صلى الله عليه وسلم- وقد أنجبه من مارية القبطية، وتوفي صغيرًا.
فرصد البيومي هذا الموقف في كتابات بعض الأدباء والمفكرين ممن عنوا بكتابة السيرة النبوية من المعاصرين، فاختار أربعة من كبارهم، وهم: عباس العقاد، وطه حسين، وأحمد حسن الزيات، ومحمد حسين هيكل.
ورغم أن الحادث لا يستغرق في كتب السير أكثر من نصف صفحة، وعلى الأكثر صفحة، إلا أن قريحة هؤلاء الأدباء جادت بكتابات في غاية النفاسة، تنوعت في التناول بناء على تنوع الكاتب، فالعقاد يميل في أسلوبه إلى خطاب العقل أولًا، ثم الوجدان، وطه حسين يميل إلى خطاب الوجدان أولًا، ثم العقل، أما الزيات فقد استلهم من الحدث عظة وعِبرة له، لفقده أحد أبنائه، فاستلهم من موقف النبي – صلى الله عليه وسلم – ما يعينه، وما يعين كل فاقد لأحد من أبنائه، أما هيكل فقد كان يميل في أسلوبه إلى السرد والتحليل في لغة أدبية دافقة.
دليل صدق ونبوةولو أن البيومي – رحمه الله – وسّع دائرة النظر والمقارنة بين أدباء عصره، في تناولهم هذا الحدث كنموذج، لوجد عند كاتب مصري قبطي هو الدكتور نظمي لوقا، تناولًا مختلفًا عن الأربعة الذين استشهد بهم، يضاف إلى ما طرحوه بلا شك، ولكنها نظرة رجل غير مسلم لمحمد – صلى الله عليه وسلم – فقد استلهم لوقا من حادث وفاة ابن النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد حدثت حادثة كونية في ذلك، حين كسفت الشمس، فقال أناس: كسفت لوفاة إبراهيم، فقال – صلى الله عليم وسلم – : "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، ولا يخسفان أو يكسفان لموت أحد"، التقط لوقا هذه الجملة، ليقول: إن هذه العبارة هي دليل صدق نبوة محمد، فلو كان مدعيًا للنبوة، لاغتنم فرصة تقديس أسرته وأبنائه، وصمت عن هذا الكلام، وهو سلوك الأدعياء، لكنه نبي، فرفض ذلك، وصوب، ورد الأمر كله لله – سبحانه وتعالى -في إطار ظاهرته الكونية.
نماذج أخرى مؤيدة للطرحوإذا تركنا النموذج الذي ساقه البيومي، وذهبنا لنماذج أخرى، فسنجد نماذج فوق الحصر، تبين أن كل فقيه أو أديب نظر للحدث النبوي من زاوية غير ما نظر إليها الآخر، والمقارنة والجمع بين هذه النظرات يعطي صورة واضحة كاملة عن النبوة.
ومن ذلك ما رأيناه من تأمل فقيه أديب، ومفكر أديب، الأول: يوسف القرضاوي، والثاني: خالد محمد خالد، عندما نظر كل منهما لحديث قاله رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ونصه: "من قتل وزغًا في أول ضربة، كتبت له مئة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك"، فلماذا كانت الضربة الأولى بمئة حسنة، وما دونها، دونها، يعلل ذلك القرضاوي بنظرة الفقيه فيقول: إن الحسنات في درجاتها من المئة لما دونها، هي مكافأة على حسن التصويب؛ لأنه مطلوب للمسلم، حتى إذا ما واجه أعداءه كانت لديه المهارة.
بينما خالد محمد خالد يقول: إن المكافأة بالحسنات هنا، هي دعوة للرحمة، فإن كان لا بد من قتل الوزغ، فخلّصه من الحياة سريعًا، فإن تعدد الضربات يشعره بالألم.
وإذا نظرنا – مثلًا – لخطبة الوداع التي ألقاها النبي – صلى الله عليه وسلم – في حجة الوداع، ورحنا ننظر لما قاله كتّاب السيرة النبوية، فسنجد كل واحد منهم، قد عنون لها بعنوان مختلف، بحسب ما رآه قضية مركزية فيها، أو موضوعًا جوهريًا يتعلق بها، وفي تناول كل منهم لنصوصها، وما حوته من تعاليم.
فإذا ذهبنا للغزالي في (فقه السيرة) أو البوطي في (فقه السيرة)، أو الكتب التي تناولت حقوق الإنسان في الإسلام، واتخذت من خطبة الوداع متّكَأ ومنطلقًا، فسنقف على تأملات وإبداعات عند وضعها جنبًا إلى جنب، ستكون أشبه بحبات عقد من اللؤلؤ، كانت متناثرة، رغم أهميتها في سياقها العلمي، لكن جمعها في كل حدث منفرد، يجمع إبداعات وتجليات هذه العقول والأقلام في الموضوع أو الموضع الواحد.
هذا اللون الجديد في تناول السيرة النبوية، بما أسميناه: السيرة النبوية المقارنة، إن جازت وصحّت التسمية، يخدم السيرة في التقاط الدرر التي في بطون الكتب، وبخاصة في الأحداث الفرعية أو غير المشهورة في السيرة.
فالكتّاب والشعراء يركّزون على الأحداث الكبرى في السيرة، كالمولد، والبعثة، والهجرة، والغزوات الكبرى، بينما يغفل الكثيرون عن تفاصيل يسيرة في السيرة، لكنها تحمل دلالات ومعاني في غاية الأهمية والجدوى العلمية والإيمانية.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات صلى الله علیه وسلم السیرة النبویة سیرة النبی فی السیرة فی تناول تناول ا
إقرأ أيضاً:
أكلة في رمضان أوصى بها النبي تجعل الله وملائكته يصلون عليك .. هل تعرفها؟
يتصدر عنوان أكلة في رمضان مؤشرات البحث طوال الشهر لتلك السيدات اللاتي تحتار في إفطار كل يوم من رمضان، إلا أنه عندما تتعلق أكلة في رمضان أوصى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فإن هذا يلفت انتباه الجميع وليس السيدات فقط ، حيث ينبغي علينا اغتنام كل نفحات ورحمات شهر الخير، وهو شهر الصيام باتباع هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ، والذي منه أكلة في رمضان أوصى بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، كإحدى السنن النبوية الشريفة الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدائمًا ما يرشدنا لكل ما فيه خير وصلاح وفلاح لأمته جمعاء، وكل الأعمال التي يغفر الله تعالى بها الذنوب، ويأتي من بينها أكلة في رمضان ، حيث يحين موسم اغتنام الخيرات في رمضان والتي تتنوع وتزداد مع كل يوم صيام جديد في رمضان ، ومن كثرة وصايا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحرص على أكلة في رمضان تنبع أهمية معرفتها باعتبارها إحدى السنن النبوية الرمضانية المهجورة التي لا يعرفها الكثيرون .
قالت دار الإفتاء المصرية ، إنه فيما ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، أنه أوصى بالحرص على أكلة في رمضان تجعل الله وملائكته يُصلون عليك ويستغفرون لك، منوهة بأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أوصى بالحرص على أكلة السحور، لأن الله سبحانه وتعالى وملائكته يدعون ويستغفرون لمن يتسحر.
وأوضحت «الإفتاء» ، أن السَّحُور هو الطعام الذي يأكله الإنسان أو يشربه في آخر الليل ، وسمي سحورًا لأنه يؤكل في وقت السحر، وهو آخر الليل، مشيرة إلى أن السحور لغة: طعام السحَر وشرابه، قال ابن الأثير: هو بالفتح اسم ما يُتسحر به وقت السحر من طعام وشراب، وبالضم المصدر والفعل نفسه، أكثر ما روي بالفتح.
وتابعت: وقيل: إن الصواب بالضم؛ لأنه بالفتح الطعام والبركة، والأجر والثواب في الفعل لا في الطعام، والسَّحَر - بفتحتين-: آخر الليل قبيل الصبح، والجمع أسحار، وقيل: هو من ثلث الليل الآخر إلى طلوع الفجر.
ونبهت إلى أن السحور يستعان به على صيام النهار، وإلى ذلك أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ، وَبِالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ» أخرجه ابن ماجه في "سننه".
و أشارت إلى أن كل ما حصل من أكل أو شرب حصل به فضيلة السحور؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ فَلا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ» أخرجه أحمد في "مسنده"، وعليه: فالسحور سنَّة يثاب المسلم على فعلها، فينبغي للمسلم المحافظة على هذه السنة.
السحور في رمضانيعد السحور في رمضان أحد المنافع التي تُعين المسلم على صيام مقبول، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك خيرًا أو نفعًا لأمته إلا وأخبرها به، فأوصى النبي - صلى الله عليه وسلم -بالسحور لأنه من أكثر ما يُعين المُسلم ليتم صومًا مقبولًا، و هناك سببين لذلك، أولهما أنه يقوي المُسلم على العبادة والطاعات في نهار رمضان؛ لأن الجائع قد يشعر بفتور أو كسل.
كما أن السحور فيه مدافعة لسوء الخُلق بالنسبة للصائم، والذي يُسببه الجوع والعطش خاصة في فصل الصيف، وهذه هي البركة، التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم-فقال: «تسحروا؛ فإن في السحور بركة».
بركات سحور رمضانورد من بركات سحور رمضان ، أولها بشارة بالبركة، يسوقها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته في خير الشهور وأفضلها، وفي أشرف الأوقات وأطهرها، في شهر رمضان وفي وقت السَّحر الذي يكون قبيل طلوع الفجر، ومنه جاء اسم: السحور.
ومن بركات سحور رمضان ، أنهم كانوا يسمون السحور بالغداء؛ لأنه بدل منه، وقد سماه صلى الله عليه وسلم: «الغداء المبارك» من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، وهو أحد مظاهر العبادات في شهر رمضان المبارك، حرصت عليه الأمة منذ مشروعية صيام رمضان إلى يومنا هذا، قَالَ ابن المنذر: أجمع العلماء أنه مندوب إليه.
و كان يسمى أيضًا: أكلة بركة، قال ابن الملقن: «ولا يبعد أن يكون من جملة بركته ما يكون في ذَلِكَ الوقت من ذكر المتسحرين وقيام النائمين وصلاة المتهجدين، فإن الغالب ممن قام يتسحر يكون منه ذكر وصلاة واستغفار، وشبهه مما يثابر عليه في رمضان».
وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله عشرة مواضع لبركة السحور فقال: «الْبَرَكَةَ فِي السُّحُورِ تَحْصُلُ بِجِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَهِيَ: اتِّبَاعُ السُّنَّةِ، وَمُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَالزِّيَادَةُ فِي النَّشَاطِ، وَمُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ، وَالتَّسَبُّبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ إِذْ ذَاكَ، أَوْ يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَلَى الْأَكْلِ، وَالتَّسَبُّبُ لِلذِّكْرِ، وَالدُّعَاءِ وَقْتَ مَظِنَّةِ الْإِجَابَةِ، وَتَدَارُكُ نِيَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَغْفَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ».
وينبغي على المسلم أن ينهج منهج الأنبياء والصالحين وليحرص على أكلة السحر فإنها مباركة ومعينة على تحمل الصيام بالنهار، وفيها يكثر الذكر وتصفو النفس للعبادة والتفكر، وقد فضل الله تعالى هذه الأمة بهذه الأكلة واختصها بها، ففي صحيح مسلم (1096): عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ»، ومن هنا فإن السحور قربة لله تعالى واتباع لهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وثانيًا البركة في السحور تشمل الوقت والنفس والعمل، وثالثًا أن خصوصية الأمة الإسلامية بطعام السحور، ورابعًا فضل وقت السحر، وخامسًا حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم أمته.