عربي21:
2024-12-28@18:00:28 GMT

الميناء المؤقت رأس جسر لما بعده

تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT

عملية إدخال المساعدات إلى غزة اتخذت شكل فيلم هوليوودي، بدا كما لو أنه مشتق من مشاهد الأفلام التي أُنتجت عن الحرب العالمية الثانية.

كان المتفرجون في قاعات السينما يشاهدون ما يوصف عسكرياً بعمليات الإنزال أو الإبرار التي كانت في تلك الحرب تمطر آلاف الجنود خلف الخطوط، بينما في حرب غزة تمطر صناديق «ساندويشات».



منذ بداية الحرب، والعالم يهتم بإدخال المساعدات الإغاثية أكثر من اهتمامه بوقف الحرب، وكان هذا بمثابة اختبار ميداني للقدرات، أظهر على مدى أشهر طويلة عجزاً مطبقاً في أمر إدخال ما دون الحد الأدنى من المستلزمات الحياتية لمليونين ونصف مليون آدمي، فُرض على كل فرد منهم أن يقضي نحبه أو ينتظر، إمّا بالسيف أو بوسائل أخرى، وكأن القول الشائع «من لم يمت بالسيف مات بغيره» قيل عن هذه الحرب.

أقامت إسرائيل سداً لا ثغرات فيه يمنع دخول المساعدات التي تكدست وراء المعابر الحدودية حيث شوهدت آلاف الشاحنات تنتظر إشارة من يد جندي إسرائيلي كي تدخل إلى حيث يتم التفتيش الذي يستغرق ساعات، وأحياناً أياماً، ما حدا بدول الجوار مصر والأردن إلى إرسال مساعداتهم عبر الطائرات، وكانت هذه الوسيلة المبتكرة في بلادنا فاتحة لأن تحذو أميركا حذوها فترسل «حاملات الساندويشات». ولسوء حظ المنتظرين على الأرض المحروقة أن بعض أطفالهم مات سحقاً تحت الصناديق الهابطة من السماء.

حتى هذه الوسيلة الإبداعية لم تحل المشكلة، فبقي الإسرائيليون على عنادهم يدخلون المساعدات بالقطارة، وبالحجم الذي يحددونه، ومقياسهم الوحيد ما يضر أو ينفع خطط الحرب.

أميركا التي ظهرت في هذه الحكاية بالذات، كأصغر دولة في العالم، ترغب في إيصال مساعدات ولم تستطع، وبعد أن وصلت اللعبة مع إسرائيل، حد استحالة زيادة المسموح به ولو بشاحنة واحدة، قررت معالجة الأمر من البحر، ولكن بما لا يزعج إسرائيل، ما دامت كل الصناديق تخضع لتفتيش منها، وما دامت الثغرة البحرية التي فُتحت في الجدار المغلق تنسجم مع ما كانت تطرحه إسرائيل قبل هذه الحرب، من حلول لحياة المحاصرين، ومنها ما هو أكثر من ميناء طوارئ، بل مدينة عائمة على سطح البحر، بما يعني أن إسرائيل تواصل حصارها براً، وبصورة مطلقة وتفتح ثغرة تتحكم منها بالهواء الذي يتنفسه أهل غزة.

الأميركيون كما أعلن الرئيس بايدن في خطاب حالة الاتحاد يأتون هذه المرة على خلاف المرة السابقة، فبدل حاملات الطائرات العملاقة التي وصلت لدعم إسرائيل وحمايتها من احتمالات اتساع نطاق الحرب بعد موقعة السابع من أكتوبر، وهي في قاع الإحباط والانهيار المعنوي، ها هي تأتي لحماية نتائج الحرب المشتركة بينها وبين إسرائيل، التي ما زالت توصف باليوم التالي.

لا يوجد في السياسات والاستراتيجيات عمل إنساني أو خيري، فهذه مصطلحات تصلح لأن تكون أغلفة لبرامج وأجندات تنطلق من الاعتبارات والحسابات المجردة، كما تصلح للتسويق في المنابر والمحافل دون أن يكون لها أي مغزًى يتعدى ذلك.

الميناء المؤقت هو شكل من أشكال الحضور الأميركي في سيناريوهات ما بعد الحرب، وباللغة العسكرية هو رأس جسر لإنزالات، ليس بالضرورة أن تكون جنوداً ودبابات ومدافع، وإذا ما سلّمنا بحقيقة أنها حرب مشتركة عنوانها «حماس» وهدفها المباشر إنهاء حكمها وسلاحها، فإن كل ما سيأتي في اليوم التالي وما بعده سيكون مشتركاً ومنسقاً بدقة مع الإسرائيليين، دون استبعاد التنسيق، ولو من الدرجة الثانية مع غيرهم.

إن أميركا في حرب غزة ليست مجرد ميناء مؤقت حتى نحاكمه كما لو أنه مؤامرة، ونطالب أميركا بالتراجع عنها، ولا مجرد وسيط لإنجاز هدنة وتبادل، إنها المهندس الشامل لنفوذها في المنطقة وفي كل العالم ولأذرعها الإقليمية التي تتفق معها على إنهاء حكم «حماس» في غزة، وتقويض رأس ماله الأساسي، السلاح.

إن كل خطوة وكل جملة تقال من البيت الأبيض ومن أقل دبلوماسي أميركي لا تقال كردّ فعل، وإنما كجزئية من كل شامل.

أميركا التي تتحدث عمّا بعد الحرب أكثر مما تتحدث عن الحرب ذاتها، ليست بحاجة إلى إرسال قوات لغزة، فالجنود الإسرائيليون أو مزدوجو الجنسية يكفون ويزيدون، ورؤوس الجسور الأميركية المنتشرة في جميع جغرافيات الشرق الأوسط تحتاج إلى استكمال ضروري، وهذه المرة في غزة، وذلك وفق منطق أن نفوذ الدول وخصوصاً العظمى منها لا يقف عند حد، نسمي ذلك احتلالاً أو عدواناً أو مؤامرة، فكل التسميات جائزة وجوهرها واحد... النفوذ.

كيف يُواجَه ذلك؟ هذا هو السؤال، والجواب بيد حملة السلاح وليس بيد حملة الأقلام.

(الشرق الأوسط اللندنية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المساعدات غزة امريكا غزة مساعدات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل ترتكب جرائم إنسانية لا مثيل لها وتمنع دخول المساعدات الإنسانية والإمدادات الشتوية

◄ تجمّد 4 أطفال حتى الموت في مُخيمات مواصي خان يونس
◄ وفاة طبيب داخل خيمته نتيجة البرد القارس
◄ مجمع ناصر الطبي يستقبل 6 حالات يوميا تعاني من انخفاض درجة حرارة الجسم
◄ "اليونيسيف" تحذر من ارتفاع عدد الوفيات بسبب البرد
◄ "الأونروا": الأغطية والإمدادات الشتوية عالقة منذ أشهر في انتظار الموافقة على دخولها

الرؤية- غرفة الأخبار
دخل فصل الشتاء على الفلسطينيين في قطاع غزة وهم نازحون في خيام بعدما دمر جيش الاحتلال منازلهم أو أجبرهم على الخروج منها، ليكون البرد سلاحا جديدا ينضم إلى أسلحة أخرى تحصد أرواح الغزيين وخاصة الأطفال.
ولقد شهدت الأيام الأخيرة تجمّد 4 أطفال حديثي الولادة حتى الموت في مُخيّمات النازحين بمنطقة المواصي في خان يونس جنوب قطاع غزة، بسبب انخفاض درجات الحرارة وعدم القدرة على الوصول إلى مأوى دافئ.
وقال مدير وحدة حديثي الولادة في مجمع ناصر الطبي الدكتور عايد الفرا، إن المستشفى يستقبل يوميا 5 إلى 6 حالات من انخفاض درجة حرارة الجسم لدى الأطفال حديثي الولادة تحتاج جميعها إلى تدخّل فوري.
كما قالت وزارة الصحة الفلسطينية؛ إنَّ الطبيب أحمد الزهارنة الذي يعمل ضمن الطاقم الطبي في "مستشفى غزة الأوروبي" في خان يونس، استشهد نتيجة البرد القارس، وقد عُثر على جثته داخل خيمته في منطقة المواصي، جنوبي قطاع غزة.
وفي ظل التطورات الإنسانية الخطيرة التي يشهدها قطاع غزة، حذر المدير الإقليمي لمنظمة "اليونيسف" لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إدوارد بيغبيدر، من مخاطر ارتفاع عدد الوفيات بين الأطفال والرضع الفلسطينيين الذين يعيشون في خيام وملاجئ مؤقتة في قطاع غزة بسبب انخفاض درجات الحرارة.
ونقل المكتب الصحافي للمنظمة عن بيغبيدر قوله: "تشير الأيام الأخيرة من العام إلى عدم وجود نهاية للتهديدات التي تواجه الأطفال في غزة، وبحسب الأنباء التي وردت قُتل ما لا يقل عن 11 طفلاً في الهجمات خلال الأيام الثلاثة الماضية، والآن نرى أيضاً أطفالاً يموتون من البرد وعدم توفر السكن المناسب".
وأضاف بيغبيدر أنه بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، توفي أربعة أطفال رضع بسبب انخفاض حرارة الجسم في الأيام الأخيرة، مبينا "بما أنه من المتوقع أن تنخفض درجات الحرارة أكثر في الأيام المقبلة، لذلك يمكننا أن نفترض (وقوع) المأساة حيث سيموت المزيد من الأطفال بسبب الظروف اللإنسانية مع انعدام حماية من البرد".
بدوره، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني إن أطفال غزة يتجمدون حتى الموت بسبب البرد ونقص المأوى.
وأوضح لازاريني، في تغريدة عبر حسابه بمنصة "إكس"، أن الأغطية والإمدادات الشتوية ظلت عالقة منذ أشهر في انتظار المُوافقة على دخولها إلى غزة.
ودعا لازاريني إلى وقف فوري لإطلاق النار في القطاع، والسماح بدخول الإمدادات الأساسية المطلوبة بشدة، بما في ذلك الموجهة للاستجابة للحاجة التي يفرضها فصل الشتاء.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل ترتكب جرائم إنسانية لا مثيل لها وتمنع دخول المساعدات الإنسانية والإمدادات الشتوية
  • بلدية الميناء تستنكر الحملة المغرضة التي استهدفتها اثر حادثة انهيار مبنى الزيلع
  • الأولى منذ اندلاع الحرب..وصول أول قافلة مساعدات إلى جنوب الخرطوم
  • اعترافات إسرائيلية بتنفيذ سياسة التجويع بغزة وتحذيرات من تبعاتها على الاحتلال
  • تعليق المساعدات الدولية لليمن وتحذير أممي من مساعي إسرائيل لتعطيل مطار صنعاء
  • أميركا تتهم حماس بعرقلة التوصل لصفقة تبادل مع إسرائيل
  • «الأمة القومي» يرحب بوصول أول قافلة مساعدات إنسانية للخرطوم منذ بداية الحرب
  • دخول قافلة مساعدات إماراتية تضم 8 شاحنات إلى غزة
  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • إسرائيل تقتل 5 صحافيين في غزة في قصف سيارتكم التي تحمل رمز الصحافة