عربي21:
2024-10-03@04:59:01 GMT

الميناء المؤقت رأس جسر لما بعده

تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT

عملية إدخال المساعدات إلى غزة اتخذت شكل فيلم هوليوودي، بدا كما لو أنه مشتق من مشاهد الأفلام التي أُنتجت عن الحرب العالمية الثانية.

كان المتفرجون في قاعات السينما يشاهدون ما يوصف عسكرياً بعمليات الإنزال أو الإبرار التي كانت في تلك الحرب تمطر آلاف الجنود خلف الخطوط، بينما في حرب غزة تمطر صناديق «ساندويشات».



منذ بداية الحرب، والعالم يهتم بإدخال المساعدات الإغاثية أكثر من اهتمامه بوقف الحرب، وكان هذا بمثابة اختبار ميداني للقدرات، أظهر على مدى أشهر طويلة عجزاً مطبقاً في أمر إدخال ما دون الحد الأدنى من المستلزمات الحياتية لمليونين ونصف مليون آدمي، فُرض على كل فرد منهم أن يقضي نحبه أو ينتظر، إمّا بالسيف أو بوسائل أخرى، وكأن القول الشائع «من لم يمت بالسيف مات بغيره» قيل عن هذه الحرب.

أقامت إسرائيل سداً لا ثغرات فيه يمنع دخول المساعدات التي تكدست وراء المعابر الحدودية حيث شوهدت آلاف الشاحنات تنتظر إشارة من يد جندي إسرائيلي كي تدخل إلى حيث يتم التفتيش الذي يستغرق ساعات، وأحياناً أياماً، ما حدا بدول الجوار مصر والأردن إلى إرسال مساعداتهم عبر الطائرات، وكانت هذه الوسيلة المبتكرة في بلادنا فاتحة لأن تحذو أميركا حذوها فترسل «حاملات الساندويشات». ولسوء حظ المنتظرين على الأرض المحروقة أن بعض أطفالهم مات سحقاً تحت الصناديق الهابطة من السماء.

حتى هذه الوسيلة الإبداعية لم تحل المشكلة، فبقي الإسرائيليون على عنادهم يدخلون المساعدات بالقطارة، وبالحجم الذي يحددونه، ومقياسهم الوحيد ما يضر أو ينفع خطط الحرب.

أميركا التي ظهرت في هذه الحكاية بالذات، كأصغر دولة في العالم، ترغب في إيصال مساعدات ولم تستطع، وبعد أن وصلت اللعبة مع إسرائيل، حد استحالة زيادة المسموح به ولو بشاحنة واحدة، قررت معالجة الأمر من البحر، ولكن بما لا يزعج إسرائيل، ما دامت كل الصناديق تخضع لتفتيش منها، وما دامت الثغرة البحرية التي فُتحت في الجدار المغلق تنسجم مع ما كانت تطرحه إسرائيل قبل هذه الحرب، من حلول لحياة المحاصرين، ومنها ما هو أكثر من ميناء طوارئ، بل مدينة عائمة على سطح البحر، بما يعني أن إسرائيل تواصل حصارها براً، وبصورة مطلقة وتفتح ثغرة تتحكم منها بالهواء الذي يتنفسه أهل غزة.

الأميركيون كما أعلن الرئيس بايدن في خطاب حالة الاتحاد يأتون هذه المرة على خلاف المرة السابقة، فبدل حاملات الطائرات العملاقة التي وصلت لدعم إسرائيل وحمايتها من احتمالات اتساع نطاق الحرب بعد موقعة السابع من أكتوبر، وهي في قاع الإحباط والانهيار المعنوي، ها هي تأتي لحماية نتائج الحرب المشتركة بينها وبين إسرائيل، التي ما زالت توصف باليوم التالي.

لا يوجد في السياسات والاستراتيجيات عمل إنساني أو خيري، فهذه مصطلحات تصلح لأن تكون أغلفة لبرامج وأجندات تنطلق من الاعتبارات والحسابات المجردة، كما تصلح للتسويق في المنابر والمحافل دون أن يكون لها أي مغزًى يتعدى ذلك.

الميناء المؤقت هو شكل من أشكال الحضور الأميركي في سيناريوهات ما بعد الحرب، وباللغة العسكرية هو رأس جسر لإنزالات، ليس بالضرورة أن تكون جنوداً ودبابات ومدافع، وإذا ما سلّمنا بحقيقة أنها حرب مشتركة عنوانها «حماس» وهدفها المباشر إنهاء حكمها وسلاحها، فإن كل ما سيأتي في اليوم التالي وما بعده سيكون مشتركاً ومنسقاً بدقة مع الإسرائيليين، دون استبعاد التنسيق، ولو من الدرجة الثانية مع غيرهم.

إن أميركا في حرب غزة ليست مجرد ميناء مؤقت حتى نحاكمه كما لو أنه مؤامرة، ونطالب أميركا بالتراجع عنها، ولا مجرد وسيط لإنجاز هدنة وتبادل، إنها المهندس الشامل لنفوذها في المنطقة وفي كل العالم ولأذرعها الإقليمية التي تتفق معها على إنهاء حكم «حماس» في غزة، وتقويض رأس ماله الأساسي، السلاح.

إن كل خطوة وكل جملة تقال من البيت الأبيض ومن أقل دبلوماسي أميركي لا تقال كردّ فعل، وإنما كجزئية من كل شامل.

أميركا التي تتحدث عمّا بعد الحرب أكثر مما تتحدث عن الحرب ذاتها، ليست بحاجة إلى إرسال قوات لغزة، فالجنود الإسرائيليون أو مزدوجو الجنسية يكفون ويزيدون، ورؤوس الجسور الأميركية المنتشرة في جميع جغرافيات الشرق الأوسط تحتاج إلى استكمال ضروري، وهذه المرة في غزة، وذلك وفق منطق أن نفوذ الدول وخصوصاً العظمى منها لا يقف عند حد، نسمي ذلك احتلالاً أو عدواناً أو مؤامرة، فكل التسميات جائزة وجوهرها واحد... النفوذ.

كيف يُواجَه ذلك؟ هذا هو السؤال، والجواب بيد حملة السلاح وليس بيد حملة الأقلام.

(الشرق الأوسط اللندنية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المساعدات غزة امريكا غزة مساعدات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

تايمز: إيران أبلغت أميركا مسبقا بهجماتها وواشنطن حذرت إسرائيل

أفادت صحيفة "تايمز" اللندنية أن إيران أخطرت الولايات المتحدة مسبقا بأنها تنوي شن هجمات صاروخية، على إسرائيل، لكن دواعي ذلك لا تزال غامضة.

وقالت إن إسرائيل عندما تضرب لا توجه تحذيرا مسبقا، وإن أي شخص كان في المبنى السكني الذي يقبع تحته مخبأ قيادة حزب الله، يمكن أن يكون هو أول وآخر من علم بالقصف الذي أودى بحياة أمين عام حزب الله حسن نصر الله، يوم الجمعة الماضي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أكاديمية يهودية أميركية فقدت وظيفتها بسبب تأييدها الفلسطينيينlist 2 of 2لهذا تتناسب خطط ترامب للترحيل الجماعي مع التاريخ الأميركيend of list

واعتبرت أن إسرائيل أفضل استعدادا، وحتى عندما كانت الولايات المتحدة تحذر العالم من أن وابلا من الصواريخ الباليستية في طريقه إلى إسرائيل، دوت صافرات الإنذار في جميع أنحاء البلاد وضجت الهواتف المحمولة بالصرير عالي النبرة الذي يحث سكانها البالغ عددهم 10 ملايين نسمة على اللجوء إلى المخابئ والأقبية والغرف الآمنة.

كان حدثا متكررا

أما بالنسبة لسكان وسط إسرائيل وتل أبيب، فإن صافرات الإنذار تشكل –بحسب الصحيفة البريطانية- مصدر إزعاج أكثر من كونها سببا للذعر. فالهجمات الصاروخية من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة في أوقات التوتر – كما هو الحال الآن – هي حدث متكرر إن لم يكن يوميا.

وزادت الصحيفة أن معظم السكان يثقون في الدرع الصاروخي الإسرائيلي المعروف باسم القبة الحديدية، الذي أبقى الخسائر في صفوف المدنيين عند الحد الأدنى في هذه الجولة من القتال مع الفلسطينيين.

لكنها قالت إن الهجوم هذه المرة كان يمكن أن يكون أكثر خطورة. فهناك فرق كبير بين صاروخ باليستي متوسط المدى والصواريخ المصنوعة يدويا التي تطلقها حماس.

"فالصاروخ الباليستي يستغرق 12 دقيقة للوصول إلى إسرائيل من إيران مقارنة بنصف ساعة لصواريخ كروز والصواريخ الأخرى".

أبلغت واشنطن وموسكو مسبقا

ونقلت تايمز عن تقارير متعددة زعمها أن السبب الذي جعل الولايات المتحدة قادرة على إصدار تحذيرها لإسرائيل هو أن إيران أبلغت واشنطن وموسكو مسبقا بأن الصواريخ "وشيكة".

وتشير هذه التقارير مجتمعةً إلى حدوث "ارتباك" في طهران، وهو أمر متوقع بعد الضربات المدمرة التي تلقتها مؤخرا لمعنوياتها ومكانتها بين حلفائها.

وبحسب الصحيفة، فإن إيران آثرت انتهاج سياسة "الصبر الإستراتيجي" بدلا من شن حرب فورية، وذلك عقب مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، "الذي كان يدير شبكة المليشيات الإيرانية بالوكالة" في جميع أنحاء الشرق الأوسط، في يناير/كانون الثاني 2020، واغتيال إسرائيل في وقت لاحق من ذلك العام للعميد محسن فخري زاده، رئيس البرنامج النووي الإيراني.

الهدف على المدى الطويل

وذكرت أن مستشارين سياسيين لنظام طهران (لم تُسمِّهم) أوضحوا للصحفيين أن هدف إيران على المدى الطويل هو جر إسرائيل إلى صراعات متكررة مع جيرانها، إلى أن تتسبب الضغوط الداخلية والخارجية في نهاية المطاف في انهيارها من الداخل.

ووفقا للتايمز، فإذا كانت إيران قد أبلغت الولايات المتحدة فعلا وسمحت لإسرائيل بالاستعداد، فإن ذلك يعني أن إيران لا تزال على ما يبدو مترددة في مواجهة إسرائيل وجها لوجه.

وكانت الصحف الإسرائيلية كشفت، أمس الثلاثاء، أن وسطاء دبلوماسيين مع الغرب حذروا طهران من أن إسرائيل قد تكون مستعدة للقيام بالشيء الوحيد الذي يعتقد معظم المراقبين أنه سيدفع إيران إلى التحرك وهو هجوم عسكري مباشر على بنيتها التحتية الرئيسية، وعلى الأخص المواقع المرتبطة ببرنامجها النووي.

مقالات مشابهة

  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب
  • بو حبيب من أميركا: الإحتلال هو سبب المقاومة
  • تايمز: إيران أبلغت أميركا مسبقا بهجماتها وواشنطن حذرت إسرائيل
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها
  • صلوا من أجل إسرائيل.. هكذا اصطفت أميركا خلف حليفتها
  • إيران حذرت أميركا من التدخل بحماقة بعد هجومها الصاروخي على إسرائيل
  • أميركا تعلن تقديم 336 مليون دولار مساعدات إنسانية لدعم الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية
  • الدخول البري في لبنان.. أميركا ستضحي بالعالم كله من أجل إسرائيل
  • المبعوث الأمريكي للسودان يعرب عن ارتياحه لتحسن إيصال المساعدات الإنسانية للسودانيين  
  • واشنطن بوست: خطط إسرائيل بالتوغل البري في لبنان متوافقة مع أميركا