كوزو أوكاموتو -الملقب بأحمد الياباني- مناضل قاتل لأجل القضية الفلسطينية، فنفذ أشهر عملية لفتت أنظار العالم إلى المنطقة، وألهمت المقاومة فكرة العمليات الاستشهادية ضد إسرائيل، وأصبح اللاجئ السياسي الوحيد في بلد لا يطبق سياسة اللجوء السياسي.

المولد والنشأة

ولد كوزو أوكاموتو في السابع من ديسمبر/كانون الأول 1947 في مدينة كوماموتو جنوبي اليابان.

وهو من أسرة تنتمي للطبقة المتوسطة، وله 6 إخوة وأخوت، وهو أصغرهم.

درس علم النبات وتعلم اللغة الإنجليزية والعبرية والعربية والصينية والروسية، فتميّز بين أقرانه بذكائه اللغوي وتمكنه من تعلم عدد من اللغات في زمن يسير.

كوزو أوكاموتو محاطا بجنود إسرائيليين في أثناء إحدى جلسات محاكمته سنة 1972 (غيتي) النشاط السياسي

انضم أوكاموتو في بداية شبابه عام 1966 إلى الجيش الأحمر الياباني وبدأ بالمشاركة في عملياته، وكان لهذا التنظيم فرع يهتم بالقضية الفلسطينية، وبدأ يتواصل عبر قائدته فوساكو شيغينوبو مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من خلال وديع حداد وغسان كنفاني، ثم اضطرت قيادته وبعض أعضائه لمغادرة اليابان والإقامة في لبنان في فبراير/شباط 1971.

عملية مطار اللد

يوم 30 مايو/أيار 1972 غادر 3 يابانيين مدينة روما الإيطالية على متن الطيران الفرنسي، متجهين إلى مدينة تل أبيب، وتحديدا مطار اللّد (بن غوريون).

وقرر ثلاثتهم القيام بعملية باسم الجيش الأحمر بالتعاون مع الجبهة الشعبية بهدف الانتقام لعملية تدمير أسطول طائرات الشرق الأوسط في مطار بيروت عام 1968، وكذا من أجل الرغبة في اغتيال عالم الأسلحة البيولوجية البروفيسور الإسرائيلي هارون كاتسير.

وبعد هبوط طائرة كل من ياسويوكي ياسودا وأوكوديرا تسويوشي وكوزو أوكاموتو، توجهوا إلى منطقة استلام الأمتعة، وبدؤوا بإخراج أسلحة رشاشة وقنابل يدوية، وأخذوا بإطلاق النيران على المسافرين فقتل 26 شخصا وجرح أكثر من 71 معظمهم من المسيحيين حملة الجنسية الأميركية من جزيرة بورتوريكو.

وفي قلب العملية، قتل ياسودا وانتحر تسويوشي بقنبلة يدوية كان يحملها، وبينما حاول أوكاموتو الفرار ألقي عليه القبض بسبب جروحه، وبسبب هذه العملية وما تبعها شدّدت شركات الطيران إجراءات تفتيش حقائب الركاب.

المحكمة والسجن

اعتقل أوكاموتو وخضع للمحاكمة، وفقا لقانون أنظمة الطوارئ التي أصدرتها سلطات الانتداب البريطاني عام 1945.

وفي أثناء التحقيق معه وعده ضباط التحقيق الإسرائيليون بأن يمكنوه من مسدس لينهي حياته إذا تعاون معهم خلال استجوابه، فوافق لأن ثقافته النضالية وثقافة تنظيمه تفضل الموت على السجن، إلا أن الإسرائيليين لم يمكنوه مما وعدوه به، وظل في السجن.

وعينت له المحكمة المحامي كريستمان ماكس، الذي عُرف بدفاعه عن المتهمين الإسرائيليين في ظل قانون الطوارئ.

عُذب في انتظار محاكمته، وتمنى أن ينال حكم الإعدام، الذي لم يصدر في إسرائيل إلا مرةً واحدة بحق النازي أدولف أيخمان، ويوم 23 يوليو/تموز 1973 حُكم عليه بـ3 أحكام بالسجن المؤبد.

وفي قاعة المحكمة صرح أوكاموتو قائلا: "إنني بصفتي جنديا في الجيش الأحمر الياباني أحارب من أجل الثورة العالمية، وإذا متُ فسأتحول إلى نجم في السماء".

وبعد أن توجهت أنظار العالم للعملية، خرج الأديب الفلسطيني غسان كنفاني بوصفه الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، وأعلن تبني الجبهة العملية بالتعاون مع الجيش الأحمر الياباني، فجاء رد الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) باغتياله في يوليو/تموز 1972.

قضى أوكاموتو معظم سنوات سجنه الـ13 في الحبس الانفرادي فأنهكت قواه العقلية والجسدية، وروى بعد خروجه أن الإسرائيليين كانوا يجبرونه على تناول الطعام بفمه ويداه مكبلتان من الخلف مثل الكلاب.

كوزو أوكاموتو في ظهور نادر يوم 30 مايو/أيار 2022 في فعالية للمقاومة الفلسطينية بلبنان (الفرنسية) إطلاق سراحه

حاول كل من الجيش الأحمر والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الضغط على الإسرائيليين، فتم اختطاف طائرة يابانية في هولندا في يوليو/تموز 1973، وتم اقتيادها إلى ليبيا وطالب الخاطفون بالإفراج عن أوكاموتو مقابل الإفراج عن الرهائن الذين كانوا على متن الطائرة، وبعد رفض الجانب الإسرائيلي الصفقة، أطلقوا سراح الطاقم والركاب وفجروا الطائرة.

وفي 20 مايو/أيار 1985، أبرمت الجبهة الشعبية (القيادة العامة) وإسرائيل اتفاقا لتبادل إطلاق الأسرى (عملية "الجليل")، وشمل الاتفاق أوكاموتو وعددا كبيرا من الأسرى العرب والفلسطينيين.

توجه أوكاموتو إلى ليبيا واستقبل بفرح غامر، ومن ليبيا ذهب لسوريا ثم إلى لبنان ببطاقة مزورة باسم ديسوكي نامبا على اسم الرجل الذي حاول اغتيال إمبراطور اليابان هيروهيتو حين كان وليا للعهد.

وأقام "المقاوم الياباني" في البقاع شرق لبنان، وتزوج خلال إقامته من ابنة فوساكو شيغينوبو مؤسسة الجيش الأحمر.

كوزو أوكاموتو يعيش لاجئا في لبنان منذ إطلاق سراحه عام 1985 (الفرنسية) اللجوء السياسي

وفي 15 فبراير/شباط 1997 في أثناء إقامة أوكاموتو في منزل الناشطة اللبنانية أمية عبود، ألقت السلطات القبض عليه وعلى عدد من رفاقه بتهمة الدخول إلى البلاد خلسة وتزوير مستندات، رغم أن أوكاموتو حرص -خلال السنوات العشر التي سبقت ذلك التاريخ- على تجديد إقامته بشكل قانوني.

وأصدر القاضي اللبناني سهيل عبد سامز يوم 31 يوليو/تموز 1997 حكما بالسجن 3 سنوات بحق أوكاموتو ورفاقه.

أطلق سراح المجموعة عام 2000 بعد انتهاء فترة حكمهم، وجددت الحكومة اليابانية مطالبة السلطات اللبنانية بتسليمهم، فانتفض الشارع اللبناني داعما لهم، لأنهم من أنصار القضية الفلسطينية، ولأنهم وقفوا ضد إسرائيل التي تحتل أراضي لبنان.

وتجمهر المئات أمام مبنى وزارة الداخلية اللبنانية، واجتمع عدد من الحقوقيين العرب واللبنانيين للدفاع عن حقوق المعتقلين اليابانيين والحيلولة دون تسليمهم إلى بلادهم، وسمى الإعلام اللبناني الاتفاق اللبناني الياباني "صفقة العار".

كوزو أوكاموتو نفذ عملية مطار اللد مع رفاقه اليابانيين (غيتي)

وزادت ضغوط الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية، تزامنا مع انتفاضة الشارع اللبناني والحقوقيين العرب، ليتم إطلاق سراح كوزو أوكاموتو عام 2000، ومنحه اللجوء السياسي في بلد لا يعترف بهذا الحق، واشترط عليه ألا يمارس أي نشاط سياسي وألا يظهر على وسائل الإعلام، وظل مكان إقامته غير معروف ويعيش رفقة زوجته مي شيغنوبو وولديهما.

أما رفاقه الأربعة فقد رحلوا في مارس/آذار 2000 من لبنان إلى الأردن، ثم إلى اليابان بصحبة دبلوماسيين يابانيين، وفور وصولهم مطار ناريتا-طوكيو في اليابان تم القبض عليهم واعتقلوا ثم أطلق سراحهم بعد 20 عاما، حسب مصادر الجبهة الشعبية.

ولا يزال أوكاموتو مطلوبا لحكومة اليابان، إذ تقدمت عام 2020 بطلب رسمي للسلطات اللبنانية لتسليمه على الرغم من بلوغه 73 عاما.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجبهة الشعبیة الجیش الأحمر یولیو تموز

إقرأ أيضاً:

غزة.. المقاومة تسلم ستة أسرى إسرائيليين للصليب الأحمر في رفح والنصيرات

يمن مونيتور/ وكالات

سلمت كتائب “عز الدين القسام”، الجناح المسلح لحركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، السبت، أسرى إسرائيليين للجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة ومخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى، وفي مدينة غزة.

جاء ذلك ضمن الدفعة السابعة من صفقة التبادل التي تشمل تسليم 6 أسرى إسرائيليين أحياء بينهم اثنان تم أسرهما عام 2014، في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) سلمت هشام السيد إلى الصليب الأحمر، ليصبح بذلك سادس محتجز تفرج عنه الحركة اليوم السبت.

وجاء في بيان مشترك للجيش وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) “بحسب المعلومات التي قدمها الصليب الأحمر، تم نقل رهينة آخر إليهم وهو في طريقه” لتسليمه إلى السلطات الإسرائيلية في قطاع غزة. ولاحقا أكد الجيش استلامه هشام السيد وهو من البدو وكان محتجزا في غزة منذ ما يقرب من عشر سنوات.

وفي مخيم النصيرات، سلمت كتائب “القسام” 3 أسرى إسرائيليين للجنة الصليب الأحمر بعد توقيع محضر التسليم الذي جهزته “القسام”.

وخلال مراسم التسليم، قبّل أسير إسرائيلي رأس اثنين من عناصر “القسام” خلال وقوفه على المنصة بمخيم النصيرات.

وغادر “الصليب الأحمر” موقع التسليم في النصيرات بعد تسلمه الأسرى الإسرائيليين الثلاثة.

من جانبه، أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه تسلّم ثلاثة أسرى إضافيين أفرجت عنهم حركة “حماس” في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

وأفاد بيان عسكري بأن وحدة من الجيش وجهاز الأمن (الشاباك) ترافق “المختطفين المحررين الثلاثة العائدين من قطاع غزة إلى إسرائيل”، وهم إيليا كوهين وأومير شيم توف وأومير وينكرت.

وفي وقت سابق السبت، تم تسليم الأسيرين تال شوهام، الذي قال متحدث من كتائب القسام، عند تلاوته قرار الإفراج عن الأسيرين من على منصة التسليم بمدينة رفح، إنه يعمل ضمن وحدة العمليات في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد”، والثاني أفيرا منغستو، الذي تم احتجازه عام 2014 في ظروف غامضة.

وسبق عملية التسليم، توقيع طاقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي على محضر تسليم الأسيرين جهزته كتائب “القسام”.

وفي وقت سابق، أفادت مصادر فلسطينية بأن “القسام” لن تجري للأسير “هشام السيد” مراسم التسليم المعتادة خلال الدفعات السابقة وذلك تقديرا لكونه فلسطينيا من الأراضي المحتلة عام 1948.

وهذه الدفعة هي آخر دفعة من الأسرى الأحياء التي يتم تسليمها في المرحلة الأولى من صفقة التبادل، حيث يتبقى تسليم جثامين 4 إسرائيليين فقط ضمن هذه المرحلة.

والجمعة، أعلنت “القسام” أسماء الأسرى الإسرائيليين الستة ضمن الدفعة السابعة، وهم “إيليا كوهن، وعمر شيم توف، وعومر فنكرت، وتال شوهام، وأفيرا منغستو، وهشام السيد”.

وفي المقابل من المقرر أن تفرج إسرائيل، السبت، عن 596 فلسطينيا بينهم 50 من ذوي أحكام المؤبدات، و60 من ذوي الأحكام العالية، و41 من أسرى صفقة “وفاء الأحرار” (غلعاد شاليط) عام 2011 المعاد اعتقالهم، و445 أسيرا من غزة تم اعتقالهم بعد 7 أكتوبر 2023.

وفي 19 يناير الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى يشمل 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، على أن يتم التفاوض في الأولى لبدء الثانية.

وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • حياة الأمين نصر الله في فكر النُّخب
  • شهيد الإسلام والإنسانية.. فصل جديد من الصمود والتحدي
  • المؤسسة الفلسطينية لمكافحة المقاومة.. ما الذي جرى لأجهزة السلطة؟
  • نائب ياباني يشيد بزيارة وزير التعليم وأهميتها لتحقيق الأهداف المشتركة
  • بهية الحريري بحثت مع وفد من الجبهة الشعبية أوضاع الفلسطينيين
  • الجبهة الشعبية تدعو الفلسطينيين للمشاركة الحاشدة غداً في تشييع السيد نصر الله
  • غزة.. المقاومة تسلم ستة أسرى إسرائيليين للصليب الأحمر في رفح والنصيرات
  • الجبهةالشعبية لتحرير فلسطين تدعو الفلسطينيين للمشاركة الحاشدة غداً بتشييع السيد نصر الله
  • باحثة من غزة: المقاومة الفلسطينية توجه رسائل قوية للاحتلال الإسرائيلي
  • موسم «السمك الناشف» ينطلق فى البحر الأحمر.. الوجبة الشعبية