السيد عبدالملك الحوثي هو المفاجأة وليس اليمن
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
شعب اليمن العظيم لم يتغيّر في حبه لفلسطين ونهضته لنصرة القضايا العربية، وتاريخ ساحاته شاهد على ذلك. وقدرة، اليمن على تحقيق معجزات ترفع مكانة العرب في العمارة والحضارة واللغة لم تتغيّر ومنجزات اليمن حاضرة غير قابلة للإلغاء أو التهميش؛ الذي تغير هو أن اليمن وجد قائداً استثنائياً فذاً، عقائدياً حتى النخاع الشوكي، استراتيجياً من طراز رفيع.
لقد راقب اليمنيون مسيرة هذا القائد وتوثقوا من صدقه وعمق رؤيته وصواب منهجه فوثقوا به قائداً، وكان مرور الأيام والشهور والسنوات شاهداً على اتساع قاعدة هؤلاء الذين يتوثقون فيثقون. وشيئاً فشيئاً نجح السيد عبدالملك باستقطاب شرائح من النخب والمثقفين والشعراء والكتاب والمفكرين، وبإشعال مشاعر النخوة والشعور بالعزة والكرامة لدى الشعائر العربية العريقة في اليمن، فحصل على مبايعة هؤلاء كزعيم سياسيّ، دون أن يضعف ذلك من وهج عقائديّته والتزام محازبيه العقائديين وولائهم.
كانت تجربة السيد عبدالملك في حروب صعدة قبل ما سُمّي بالربيع العربي وما لحق اليمن منه، فرصة لبناء النواة الصلبة لتنظيم أنصار الله. وهي نواة ثقافية عقائدية نضالية وعسكرية، تشرّبت مع السيد عبدالملك أهمية الجمع بين خصوصيتها العقائدية ووطنية يمنية مخلصة، وعروبة صافية وإسلام منفتح، فتحوّلت تلك القبضة من المؤمنين الواثقين إلى قيادة يمنية موثوقة. وجاءت الثورات العربية التي فرضت حضورها في اليمن فرصة لحضور أنصار الله في معادلات حوارات يمنية، وفتحت الباب لتظهير مشروع سياسي يمني يحمله أنصار الله، ويتعرّف عليه اليمنيون، وعندما حان الوقت في عام 2014 نجح أنصار الله باستقطاب غالبية شعبية وعسكرية أتاحت انتفاضة بيضاء سيطرت على أغلب الجغرافيا اليمنية دون قتال، في ظل ولاية منتهية لرئيس ركيك ضعيف لا يشبه اليمن بشيء.
تعرّض اليمن خلال سنوات ما بعد الحرب الظالمة التي شنت عليه لتشويه كبير، وحصار أكبر، وكان المناخ العربي الشعبي والسياسي على مستوى الحكومات والأحزاب، عدائياً بحق اليمن وأنصار الله والسيد عبدالملك، ولم يفتّ ذلك في عضد اليمن وأنصار الله والسيد عبدالملك، بل زادهم تعلقاً بالصبر سلاحاً، والمثابرة على موقف الحق الدفاعي المشروع حتى تقف الحرب الظالمة. ورغم كل مرارة الحرب لم يتردّد اليمن وأنصار الله والسيد عبدالملك في مد اليد للجار الأبرز والأهم الذي تمثله السعودية والذي كان يقود الحرب، والمعادلة هي نكون أقوى معاً، والحرب بلا أفق، وذراع اليمن لن يكسر وإرادته لن تصادر ولن يكون حديقة خلفية لأحد، لكنه ليس مشروع عداء واستهداف وتآمر ضد أحد، خصوصاً السعودية، رغم الحرب، ورغم مشروعية الخلاف في النظرة للكثير من العناوين. والحرب على اليمن بنظر اليمن وأنصار الله والسيد عبدالملك هي حرب أميركية إسرائيلية، فلماذا يتحمل الجار والشقيق عبء ما تمثل من شرّ ويكون هو رأس حربتها؟
جاء طوفان الأقصى ليظهر لليمنيين والعرب والمسلمين والعالم، ماذا يمثل اليمن وكيف يفكّر أنصار الله، وماهية مشروع السيد عبدالملك، وانطلقت مسيرة نصرة غزة التي حوّلت البحر الأحمر إلى ممر مائي يحاصر منه كيان الاحتلال، وتعجز أميركا عن كسر الحصار. وأمسك اليمن بقيادة السيد عبدالملك بحق النقض (الفيتو) في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مقابل الفيتو الأميركي في مجلس الأمن، وكلما قال الأميركي لا لوقف الحرب على غزة ولا لفك الحصار عنها، قال اليمن لا لعبور السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية شركاء العدوان على غزة، فأكل العرب أصابعهم ندامة على ظلمهم لليمن، وهم يرونه بأمّ العين ينازل أميركا كل يوم ويفوز عليها، ويكتشفون كم هو الأميركي ضعيف عندما لا يمنحه العرب غطاء لحروبه. وكم هو اليمن عزيز الذي لم يستعمل قوته في البحر الأحمر لأجل ذاته، لكنه لم يبخل بوضعها في كفة الميزان عندما صارت نصرة غزة في الكفة الموازية، حتى صار علم اليمن وصور السيد عبدالملك وصوت العميد يحيى سريع من رموز فلسطين ونصرتها على مساحة العالم.
اليمن اليوم هو مفاجأة ما بعد الطوفان، وكما كان الطوفان مفاجأة أظهرت أن المفاجأة هي شعب غزة ومقاومتها الأقرب إلى أساطير الإغريق في صناعة البطولات، أظهرت مفاجأة اليمن المفاجأة السارة التي مثّلها وجود قائد تاريخي استثنائي عربي هو السيد عبدالملك الحوثي، يفخر اليمنيون بالانتساب إلى مدرسته، ويفخر كل عربي حر شريف بأنه يعيش في زمانه. ومَن سمعه بالأمس وهو يتحدث عن مقاومة حزب الله ويترافع عن إنجازاتها، تيقن بأن مدرسة الأخلاق التي افتتحتها المقاومة في السياسة الحديثة هي سر من أسرار انتصاراتها.
* رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
اليمن: لا سلام مع استمرار هجمات الحوثي ضد المدنيين والملاحة الدولية
عدن (الاتحاد)
أخبار ذات صلة «مجلس الأمن» يطالب الحوثي بإطلاق سراح طاقم «جالاكسي» «الحوثي» توسع شبكة الألغام في قرى ومناطق محافظة الحديدةأكد مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، أمس، أنه لا سلام مع الحوثيين في ظل استمرار هجماتهم ضد المدنيين في مناطق سيطرتهم وضد خطوط الملاحة الدولية.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» أن ذلك جاء لدى لقاء عضو مجلس القيادة، عيدروس الزبيدي، كلاً على حدة مع السفير الإسباني لدى اليمن جورجي هيفيا والقائم بالأعمال الروسي يفغيني كودروف لبحث الجهود الإقليمية والدولية لإحلال السلام في ظل استمرار تصعيد الحوثيين ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب.
وشدد الزبيدي على أن «جهود الأمم المتحدة والمجتمعين الإقليمي والدولي لا يمكن أن تثمر سلاماً في ظل استمرار انتهاكات الحوثي ضد الأبرياء في مناطق سيطرته واعتداءاته على القرى الواقعة على خطوط التماس وهجماته غير المبررة على السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن».
وأشار إلى ما يمثله ذلك التصعيد من مخاطر تهدد جهود السلام وتضاعف المعاناة الإنسانية بسبب الحرب التي أشعلتها جماعة الحوثي عام 2015.
ولفت إلى الجهود الإقليمية والدولية لمساندة الشعب اليمني والتخفيف من وطأة المعاناة الإنسانية التي يعيشها في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة جراء الحرب واستهداف الحوثيين للمنشآت الاقتصادية السيادية وفي مقدمتها موانئ تصدير النفط والغاز وسبل دعم الحكومة اليمنية لمواجهة الأزمة الاقتصادية.
واطلع الزبيدي من القائم بأعمال السفير الروسي على الإجراءات التي اتخذت لإعادة فتح مقر سفارة موسكو في عدن، مجدداً الترحيب بالقرار وتقديم كافة التسهيلات اللازمة لطاقم السفارة لضمان أداء مهامهم على أكمل وجه.
من جانبهما، أكد الدبلوماسيان الإسباني والروسي موقف بلديهما الداعم لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة المعترف بها دولياً ودعم الجهود الدولية والإقليمية الرامية لإنهاء الأزمة الإنسانية وإحلال السلام وتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن.
وفي سياق آخر، قتل جنديان من القوات اليمنية المشتركة أمس، إثر اشتباكات مع عناصر تابعة لتنظيم «القاعدة» الإرهابي، في محافظة أبين جنوبي البلاد.
وقالت القوات المشتركة في بيان إن «اشتباكات اندلعت بين القوات وعناصر تابعة لتنظيم القاعدة إثر هجوم شنه الأخير في وادي عومران، شرق مديرية مودية».
وأوضح البيان أن «القوات اليمنية تصدت للهجوم وتمكنت من إحباطه ما أسفر عن مقتل جنديين».
وأكد البيان سقوط قتلى وجرحى بين عناص التنظيم الإرهابي وفرار بقية العناصر من دون الإشارة إلى حصيلتهم.