«الزينة الورق» ميراث الأجيال «ربنا ما يقطع لنا عادة»
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
«رمضان أهو هل هلاله.. يا حلاوة النور يا جماله».. على أغانى رمضان يتجمّع الصغار فى الشارع، يمسكون الزينة وتجول أعينهم على «البلكونات» لقياس ارتفاع السلم المستخدم فى تعليقها، فيحولون شوارعهم إلى جنة من الأنوار والبهجة، تحمل طيات الزمن الجميل، بدأت من صناعة الزينة الورقية، فى جلسات نقاشية مملوءة بحكايات يتداولها الأجداد بينهم، ويسمعها الصغار حتى كبرت معهم، وانتهت بشرائهم الزينة الجاهزة وتعليقها فى الشوارع، كما كان يفعل آباؤهم.
يستعيد خالد محمد، 16 عاماً، ذكرياته مع جده ووالده فى تزيين الشوارع، للاحتفال بشهر رمضان، إذ كان يرى الجيران يجتمعون مع أسرته، ويصنعون زينة من الورق، وكان يطلق عليها «شراشير»، وهى عبارة عن عدد كبير من الورق الأبيض، الخالى من الكتابة والحبر لإعطاء شكل أفضل، وتقطيعه شرائط طولية باستخدام المسطرة والمقص، وإعداد خليط لزج من الدقيق والمياه: «كنا بنجيب الورق نقطعه شرايط، وناخد أول شريطة نعملها دايرة، ونلزقها بالدقيق والميه، وندخل فيها شريطة تانية ونلزقها وهكذا».
زينة رمضان عادة موروثة فى عزبة أبودراعتُعد زينة رمضان عادة موروثة فى عزبة أبودراع، التابعة لمدينة المحلة الكبرى بالغربية، تناقلتها الأجيال بمرور الزمن حتى وصلت إلى «خالد»، وتعتمد على تجميع الورق من المنازل، وتقسيم الأهالى إلى مجموعات، يجلسون فى حلقات دائرية لإعداد الزينة، التى تستغرق 3 أيام: «الناس بتشترك كلها مع بعض، كنت باشوفهم وأنا طفل صغير، وأقعد أتفرج عليهم وأسمع الحكايات اللى بيقولوها».
اقترح أحد الجيران فى هذا العام شراء زينة جاهزة بدلاً من إعدادها لتوفير الوقت والجهد، وتعتبر المرة الأولى التى يتخلى فيها الأهالى عن عاداتهم فى صناعة الزينة بأنفسهم.
يشارك «أحمد» فى تزيين منطقته عندما كان بعمر 10 سنواتيعيش أحمد ماهر، 16 عاماً، فى شارع لويس بمدينة المحلة الكبرى، وبدأ يشارك فى تزيين منطقته، عندما كان بعمر 10 سنوات، يرى والده بمساعدة بعض الرجال والشباب، يتسلقون المنازل من خارجها باستخدام السلالم الخشبية لوضع الزينة، مما يعطى شكلاً جمالياً للبيوت، ثم يضعون فروع نور وزينة بطول الشارع: «كنت باشوفهم وأنا صغير، اتنين ماسكين السلم من تحت وحد واقف فوق بيعلق الزينة، ويفضلوا كده لحد لما يخلصوا الشارع كله، والنهارده إحنا اللى بنعمل ده».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: تزيين الشوارع زينة رمضان الزينة شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
أستاذ علم الاجتماع: تربية الأجيال الجديدة على المنهج العلمي للتمييز بين الحقيقة والشائعة
أكدت د. هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع السياسى، أن الحرب النفسية ليست كالحروب المعتادة التى تعتمد على استخدام السلاح فى مواجهة السلاح، والجيوش فى مواجهة الجيوش، بل إنها لا تقتصر على الجيوش التى تواجه بعضها فى الحدود أو فى مواقع معيّنة، وإنما تمتد لتشمل الشعوب التى تنتمى إليها الجيوش.
وقالت «هدى»، فى حوارها مع «الوطن»، إن فكرة الحرب النفسية بدأت فى القرن العشرين لتصدير الخوف والفزع، وإحداث حالة من الفتنة بين الشعوب وجيوشها، فى نوع جديد يُضاف إلى أنواع الحروب، ونوّهت بأن تربية الأجيال الجديدة على المنهج العلمى القويم، تتيح لهم تحليل المعلومات والتمييز بين الحقيقة والشائعة.
ما أبرز أساليب الحرب النفسية التى تمارسها الدول؟
- الحروب غير المرئية تستهدف تأليب الرأى العام وتغيير السلوكيات والقناعات، وعند الحديث عن أبرز الأساليب التى تم استخدامها فى الحرب النفسية، يمكن أن نأخذ مثالاً من الحركة الصهيونية سنة 1948، حيث كانت الحرب النفسية التى انتهجتها الحركة آنذاك تهدف إلى بث رسالة «لن تستطيع أن تقاومنا»، فى محاولة لبث فكرة أنهم القوة الغاشمة بالمنطقة، التى لا يمكن الانتصار عليها، فى وقت كانت فيه أعداد الجيوش العربية وإمكانياتها محدودة جداً، وتمثّل الجانب النفسى من تلك الحرب فى تهجير القرى من سكانها وتشريدهم خارجها، ورغم أن السكان كانوا يقاومون، إلا أنهم تعرّضوا لأشكال من التهجير من بلادهم وأوطانهم، منتهجين سياسة المغول فى مثل تلك الحروب النفسية، حيث كانوا يدخلون قرية ضعيفة ومسالمة ويقترفون فظائع، مثل قتل الرجال بشكل وحشى واغتصاب النساء، ثم يتركون بعض الناجين، ليبلغوا الرسالة إلى الباقين من أبناء الشعب.
كيف تختلف الحرب النفسية عن الحروب التقليدية أو العسكرية؟ وما الذى يجعلها أكثر خطورة على المجتمع؟
- الحروب النفسية مختلفة تماماً عن الحروب التقليدية، فهى ليست بالسلاح أو المدافع، ولكن عن طريق زعزعة النفوس وبث الأفكار الهدّامة فى الشعوب، ومن المهم أن نفهم كيف يمكن أن تؤثر الحرب النفسية على المجتمع، فالأعداء يسعون لضرب ملامح الشخصية الوطنية، التى تُعرف بالشخصية المنضبطة، حيث يتم ترويضها تجاه الخطر. وعندما يتعرّض المجتمع لخطر ما، يتجلّى ذلك فى تصرّفات الأفراد. وبالتالى نجد أن تلك الحرب النفسية تستهدف تفكيك الضمير الجمعى للشعب، مما يؤدى إلى فقدان الإحساس بالأمان الفردى والمجتمعى. فنحن نرى كيف أن الحرب النفسية يمكن أن تجعل الأفراد يشعرون بعدم الأمان حتى فى منازلهم، بسبب تلك الممارسات النفسية التى تمارس عليهم.
ما أهم الأدوات المستخدَمة فى الحروب النفسية لتأليب الرأى العام وتغيير قناعات الأفراد؟
- بالنسبة للأدوات المستخدمة فى الحرب النفسية، فهى تتنوّع إلى عدة أساليب، من أبرزها المنابر البعيدة التى يمكن أن تكون خارج نطاق رقابة المؤسسات الدينية. تُستخدم هذه المنابر لنشر الأفكار والأيديولوجيات التى يمكن أن تُؤدى إلى تفكيك التماسك الاجتماعى ووحدة الأفراد من خلال بث الأفكار الخبيثة، حيث يستخدم أصحاب الآراء تلك المنابر للتعبير عن أفكارهم ومعتقداتهم الهدّامة، ومن هذا المُنطلق يمكننا أن نُدرك أن الحرب النفسية لها تأثير عميق على المجتمع والأفراد، وتتطلب وعياً جماعياً لمواجهتها.
كيف تستغل القوى التى تشن حروباً نفسية وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى لتحقيق أهدافها؟
- وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى تُعد بيئة نشطة لشن الحروب النفسية والشائعات، حيث تُستخدم هذه المنصات كمنابر لتوجيه أفكار المواطنين، من خلال نشر أفكار خبيثة لتحقيق أهداف الدول التى تمارس تلك الحروب. كما أنّ من بين الأدوات التى تُسهم فى تشكيل وعى المواطن بجانب الإعلام، هناك دور للمدارس كذلك.
ماذا عن دور الشائعات والمعلومات الزائفة فى هذه الحروب؟ وكيف يمكن للمجتمع مواجهتها؟
- لمواجهة الشائعات وتأثيراتها الخطيرة، يجب تقديم الحقائق المجرّدة باستمرار، والرد على الشائعات والأكاذيب من خلال منابر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى، التى تُعد الوسيلة الأكثر انتشاراً فى المجتمعات.
كما أنّه من المهم أيضاً تربية الأجيال على المنهج العلمى القويم، مما يتيح لهم تحليل المعلومات والتمييز بين الحقائق والشائعات.
لذا يجب تعزيز ثقافة التحرّى عن الدقة فى المجتمعات من خلال تكثيف مبادرات التوعية بخطورة الشائعات فى هدم وتفكيك ثوابت المجتمع ووحدته، لا سيما فى المجتمعات التى تعانى من الأمية وانعدام التعليم.
إحداث تغيير حقيقىيمكن للحروب النفسية إحداث تغيير فى سلوكيات الأفراد، وبالتالى فى قيم المجتمع. فالتواصل مع المجتمعات الريفية هو أمر حيوى، وهناك حاجة للاستماع إليهم وفهم ثقافاتهم، للتعرّف على الآليات المناسبة لحمايتهم من الأفكار الخبيثة وزيادة الوعى لديهم. فالتوجّه من القمة إلى القاعدة دون الاستماع إلى الناس قد يُفقد الرسائل أهميتها، وهو ما يتطلب تبنى استراتيجية التوجّه من القاعدة إلى القمة، بمعنى البدء بتوعية المجتمعات الريفية التى لم تحظَ بقسط كبير من التعليم، وزيادة توعيتها، وصولاً إلى النُّخب.
ففى فترات الأزمات، إذا ما توافرت مقاومة من الأفراد والمجتمعات، فإن تلك الحروب النفسية لن تجد بيئة خصبة لتنمو فيها، لذا يجب تعزيز الهوية الجماعية والوعى العام لمواجهة التأثيرات السلبية لتلك الحروب.