الشارقة: علاء الدين محمود

أسدلت الستارة مساء أمس الأول الجمعة، بقصر الثقافة في الشارقة على فعاليات الدورة 33 من مهرجان أيام الشارقة المسرحية وسط حضور كبير تدافع لمشاهدة عرض «كيف نسامحنا»، لمسرح الشارقة الوطني، تأليف إسماعيل عبد الله وإخراج محمد العامري. العمل جاء محملاً بالعديد من القضايا والدلالات والمقاربات والإحالات، كما احتشد نص العرض بسرديات شاعرية وحواريات ملحمية شكلت حضورها المهيمن والطاغي لإنسان العالم العربي، حيث تضمن نص عبد الله نصوصاً من عيون الشعر الوطني الذي يبعث اليقظة ويحيي الهمم، فكان أن استدعى النص دعبل الخزاعي، ومحمود درويش ومظفر النواب، وسميح القاسم، وغيرهم من أصوات لم تنطفئ رغم رحيلها وكأن تلك القصائد تغالط خبر نعيها، حيث الأثر مازال باقياً وموجوداً، يذكر ويحاصر النسيان.

ولئن كان النص قد حمل هذا الفيض من المشهديات البديعة والدلالات واللغة الشاهقة، فإن مخرج العرض استطاع أن يصوغ قصيدته الخاصة عبر صناعة عرض يقترب من عالم الملحميات، فحشد الخشبة بالعلامات والإشارات والرموز الدرامية الدالة، فكان لكل علامة معنى، كما قام بتوظيف القطع الكبيرة من الديكور المتناسبة مع طبيعة العرض توظيفاً يحمل الكثير من الرؤى الفكرية والجمالية، إضافةً إلى توظيف كل عناصر السينوغرافيا بصورة خدمت العمل، حيث كانت الأزياء بأنواعها وألوانها بمنزلة علامات لها مدلولاتها، وعمل المخرج على صناعة شخصيات تفاعل معها الحضور، واستعان بالراوي كشاهد على العصر، وليربط بين التفاصيل المتناثرة في قلب وعمق الأحداث، إضافةً إلى المنولوجات التي تمرر القضية التي يحملها العرض.

قصة العرض

ينفتح «كيف نسامحنا» على مشهد امرأة في ساحة إعدام، يتدلى من عنقها حبل المشنقة، وتلقي بكلمات أخيرة بحمولة من الرفض والتمرد والتأسي على حال ساد وقيم ضيعت، وقبل أن يتم إعدام تلك المرأة وسط حماس علية القوم من طبقات التجار والأثرياء وأصحاب النفوذ، يتدخل فجأة أحد المسؤولين ليعلن عن تأجيل تنفيذ الحكم، نسبة لوفاة رئيس المحكمة العليا الذي لقي حتفه في حادث سير، وكان من المهم قانونياً حضوره، ونسبة لذلك الأمر الطارئ سيتم اختيار رئيس محكمة جديد خلال ساعة من الزمن، ليحضر تنفيذ إعدام تلك المرأة، فقد كان القوم على عجلة من أمرهم، ويريدون التخلص منها في أسرع وقت، فمن هي تلك المرأة التي يريد الجميع قطع رأسها وإسكات صوتها للأبد؟ الراوي يحمل لنا بعض التفاصيل المهمة التي تضيء على تلك المرأة التي كانت ترعى أيتاماً في سرداب بناية شاهقة، يسكنها صفوة المجتمع وعلية القوم من المسؤولين والمضاربين في البورصة والتجار ووجهاء المجتمع، كانوا يسكنون في الطوابق العليا من تلك البناية، بينما كانت المرأة وأيتامها يسكنون في أسفل قاع البناية حيث السرداب، لتجري الكثير من التفاصيل والأحداث التي تكشف عن عداء مفرط من قبل سكان العمارة تجاه تلك المرأة حامية البؤساء، فقد كانت مصدر إزعاج لهم ولمجتمعهم المخملي، كما أنها تشوه صورة مجتمع البناية الشاهقة، وكان وضعها بالنسبة إليهم شاذاً ومنفراً، كما أنها، أي المرأة كانت تعلم الكثير عن أسرارهم، وهنا، قرروا التخلص منها، فاقتادوها إلى المعتقل، وقاموا بتعذيبها، لكنها قاومت بجسارة، وقتلت أحدهم، ليجد الأعداء في ذلك الحدث فرصة لتقديم المرأة لساحة الإعدام، ليعود العرض مجدداً إلى المشهد الأول، حيث ساحة الإعدام، إذ العمل يعتمد على فكرة دائرية الحدث.. (عودة الأحداث إلى النقطة التي انطلقت منها)، غير أن المرأة لم تعدم في النهاية.

أداء لافت

جاء الأداء التمثيلي علامة مميزة في العرض، رفع من مستوى جودة العمل، من خلال قوة التقمص والتشخيص والتفاهم والتناغم بين الممثلين، والانضباط على مستويي الإيقاع الحركي واستخدام لغة الجسد، خاصة الرقص الأدائي. وقد نجح المخرج بالفعل في صناعة عرض يكون المتلقي فيه شريكاً أصيلاً عبر التقاط وتأويل العلامات، وتفسير المشهديات والدلالات.

رموز ودلالات

العرض وظف الرموز بصورة رائعة تخدم فكرة النص، فالمرأة لم تكن امرأة حقيقية، بل كانت إيحاءً يرمز إلى الأرض. ونصب العرض محكمة، ووجه العديد من الرسائل واللوم والعتاب وتأنيب الضمير، وهذا ما تحمله دلالة العنوان «كيف نسامحنا»؛ بخطاب موجه للذات الجمعية، كيف نسامح أنفسنا؟. وفي الندوة النقدية التي تلت العرض، كان هناك شبه إجماع يثني على العرض، فقد تبارى النقاد والمتداخلون في الإشادة بالنص وحمولته الشاعرية وبالأداء التمثيلي والرؤية الإخراجية.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الشارقة أيام الشارقة المسرحية تلک المرأة

إقرأ أيضاً:

بلقيس فتحي تحتفي بالأغنية اليمنية في يوم عيدها

متابعة بتجــرد: في الموعد المقرر سنويا في الأول من يوليو/تموز أحيا اليمنيون الاثنين “يوم الأغنية اليمنية” وهي المبادرة التي انطلقت قبل أربع سنوات للحفاظ على الهوية الثقافية وإدخال البهجة على بلد يعاني تبعات الحرب منذ نحو عقد من الزمن.

وبدأ الاحتفال بهذه المناسبة منذ الساعات الأولى من يوم الاثنين انطلاقا من منصات التواصل الاجتماعي، حيث شارك الآلاف من هواة الموسيقى مقاطع من أشهر الأغاني التراثية وصور كبار المطربين والملحنين اليمنيين، وصولا إلى الإذاعات والقنوات التلفزيونية المحلية التي أخرجت ما في جعبتها من أعمال فنية ارتبطت بذاكرة المستمع اليمني والعربي.

وشاركت الفنانة اليمنية بلقيس فتحي الاحتفال بـ”يوم الأغنية اليمنية”، حيث قامت  عبر خاصية الستوري على حسابها بإنستغرام بنشر مقطع من أوبريت أغنية “أنا اليماني وهذا زماني” التي أدتها رفقة نخبة من النجوم اليمنيين بينهم الموسيقار أحمد فتحي والنجمة ماريا قحطان وعمار العزكي وعمر ياسين.

وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني لرويترز إن “استمرار احتفاء اليمنيين، بتفاعل، والاهتمام بالأغنية اليمنية للسنة الرابعة في مختلف المناطق والأطياف، دليل أن الأغنية اليمنية وحدت منذ القدم مشاعر اليمنيين”، مضيفا “بينما كانت السياسة تفرق كانت الأغنية تجمع وتوحد”.

ولفت الصحفي والكاتب المهتم بالشأن الفني والثقافي مصطفى راجح لرويترز “لم يحتفي اليمنيون بالغناء كما فعلوا في سنوات الحرب في العشرية الماضية، وجدان الشعب يدرك باللاوعي ما الذي يعبر عنه ويحفظ له تماسكه في زمن الخراب واللحظات القاسية”.

وتابع راجح “يتعرف اليمنيون على أنفسهم بالاستماع لنغمات لحنية أنتجتها أجيال من الفنانين عبر تاريخ اليمن المديد. عرف اليمنيون فن الغناء منذ قديم الزمان، وكانت هذه الألحان التراثية الغنية تعبير عن هويتهم الوطنية، تعبير عن الذات اليمنية”.

عدت منظمة اليونسكو الغناء الصنعاني من التراث الثقافي اللامادي للإنسانية الذي ينبغي المحافظة عليه وصيانته وتعود أقدم الأغاني الصنعانية في قائمة اليونسكو للقرن الرابع عشر الميلادي. وهناك الغناء الحضرمي والعدني واللحجي.

وتتمتع الأغنية اليمنية بخصوصية شعرية ولحنية إيقاعية عززت من حضور أصواتها المتميزة في مختلف ألوانها مثل الصنعاني والحضرمي والتهامي والتعزي والعدني واللحجي وغيرها، ما جعل مجموعة من الشباب اليمنيين من فنانين وشعراء وأدباء يقررون تخصيص 1 من شهر يوليو/تموز هو يوم الأغنية اليمنية.

ويرى باحثون أن جميع هذه الألوان انبثقت من نبع واحد إلا أن تنوع الإيقاعات من منطقة إلى أخرى أفرز تنوعا لونيا في اللحن والأداء، وهو ما انعكس تنوعا في الرقصات، إذ لكل منطقة إيقاعاتها ورقصاتها وأغانيها.

وتتعدد اللهجات المحلية وتختلف الإيقاعات والنغمات والرقصات الشعبية من منطقة لأخرى في اليمن الذي استطاع على مدى العقود الماضية أن يقدم للساحة الغنائية العربية عشرات المطربين والمطربات البارزين أمثال محمد مرشد ناجي ومحمد سعد عبدالله وأيوب طارش وفيصل علوي وأمل كعدل وأحمد فتحي.

main 2024-07-04 Bitajarod

مقالات مشابهة

  • لهذا السبب... نادين الراسي تتصدر تريند جوجل في السعودية
  • محمود العزازي لـ «الوفد»: مسرحية «نوستالجيا 90 /80» جذبت الجمهور للمسرح من جديد
  • بلقيس فتحي تتألق بالقفطان الإماراتي بلمسة الذهب (صور)
  • نجاح أدبي وجماهيري.. شعبة الدراما باتحاد الكتاب تحتفي بصناع أوبريت "قمر الغجر".. أول عرض مسرحي يكشف قسوة وبشاعة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني بالأراضي المحتلة من إبادة وتطهير عرقي
  • 5 أفلام إماراتية تنافس في صالات العرض
  • بلقيس فتحي تحتفي بالأغنية اليمنية في يوم عيدها
  • مسرحية التليفزيون.. انطلاق العرض الأول للعمل بمهرجان العلمين
  • استبعاد النساء من المناصب القيادية فى مصر.. أرقام وتساؤلات
  • قبل توليها منصب وزيرة التضامن.. قضايا للمرأة شغلت عقل مايا مرسي
  • «مش روميو وجولييت» رسالة حب وتسامح