«كيف نسامحنا» الإماراتية.. أنشودة مسرحية تحتفي بالشعر
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
الشارقة: علاء الدين محمود
أسدلت الستارة مساء أمس الأول الجمعة، بقصر الثقافة في الشارقة على فعاليات الدورة 33 من مهرجان أيام الشارقة المسرحية وسط حضور كبير تدافع لمشاهدة عرض «كيف نسامحنا»، لمسرح الشارقة الوطني، تأليف إسماعيل عبد الله وإخراج محمد العامري. العمل جاء محملاً بالعديد من القضايا والدلالات والمقاربات والإحالات، كما احتشد نص العرض بسرديات شاعرية وحواريات ملحمية شكلت حضورها المهيمن والطاغي لإنسان العالم العربي، حيث تضمن نص عبد الله نصوصاً من عيون الشعر الوطني الذي يبعث اليقظة ويحيي الهمم، فكان أن استدعى النص دعبل الخزاعي، ومحمود درويش ومظفر النواب، وسميح القاسم، وغيرهم من أصوات لم تنطفئ رغم رحيلها وكأن تلك القصائد تغالط خبر نعيها، حيث الأثر مازال باقياً وموجوداً، يذكر ويحاصر النسيان.
ولئن كان النص قد حمل هذا الفيض من المشهديات البديعة والدلالات واللغة الشاهقة، فإن مخرج العرض استطاع أن يصوغ قصيدته الخاصة عبر صناعة عرض يقترب من عالم الملحميات، فحشد الخشبة بالعلامات والإشارات والرموز الدرامية الدالة، فكان لكل علامة معنى، كما قام بتوظيف القطع الكبيرة من الديكور المتناسبة مع طبيعة العرض توظيفاً يحمل الكثير من الرؤى الفكرية والجمالية، إضافةً إلى توظيف كل عناصر السينوغرافيا بصورة خدمت العمل، حيث كانت الأزياء بأنواعها وألوانها بمنزلة علامات لها مدلولاتها، وعمل المخرج على صناعة شخصيات تفاعل معها الحضور، واستعان بالراوي كشاهد على العصر، وليربط بين التفاصيل المتناثرة في قلب وعمق الأحداث، إضافةً إلى المنولوجات التي تمرر القضية التي يحملها العرض.
قصة العرض
ينفتح «كيف نسامحنا» على مشهد امرأة في ساحة إعدام، يتدلى من عنقها حبل المشنقة، وتلقي بكلمات أخيرة بحمولة من الرفض والتمرد والتأسي على حال ساد وقيم ضيعت، وقبل أن يتم إعدام تلك المرأة وسط حماس علية القوم من طبقات التجار والأثرياء وأصحاب النفوذ، يتدخل فجأة أحد المسؤولين ليعلن عن تأجيل تنفيذ الحكم، نسبة لوفاة رئيس المحكمة العليا الذي لقي حتفه في حادث سير، وكان من المهم قانونياً حضوره، ونسبة لذلك الأمر الطارئ سيتم اختيار رئيس محكمة جديد خلال ساعة من الزمن، ليحضر تنفيذ إعدام تلك المرأة، فقد كان القوم على عجلة من أمرهم، ويريدون التخلص منها في أسرع وقت، فمن هي تلك المرأة التي يريد الجميع قطع رأسها وإسكات صوتها للأبد؟ الراوي يحمل لنا بعض التفاصيل المهمة التي تضيء على تلك المرأة التي كانت ترعى أيتاماً في سرداب بناية شاهقة، يسكنها صفوة المجتمع وعلية القوم من المسؤولين والمضاربين في البورصة والتجار ووجهاء المجتمع، كانوا يسكنون في الطوابق العليا من تلك البناية، بينما كانت المرأة وأيتامها يسكنون في أسفل قاع البناية حيث السرداب، لتجري الكثير من التفاصيل والأحداث التي تكشف عن عداء مفرط من قبل سكان العمارة تجاه تلك المرأة حامية البؤساء، فقد كانت مصدر إزعاج لهم ولمجتمعهم المخملي، كما أنها تشوه صورة مجتمع البناية الشاهقة، وكان وضعها بالنسبة إليهم شاذاً ومنفراً، كما أنها، أي المرأة كانت تعلم الكثير عن أسرارهم، وهنا، قرروا التخلص منها، فاقتادوها إلى المعتقل، وقاموا بتعذيبها، لكنها قاومت بجسارة، وقتلت أحدهم، ليجد الأعداء في ذلك الحدث فرصة لتقديم المرأة لساحة الإعدام، ليعود العرض مجدداً إلى المشهد الأول، حيث ساحة الإعدام، إذ العمل يعتمد على فكرة دائرية الحدث.. (عودة الأحداث إلى النقطة التي انطلقت منها)، غير أن المرأة لم تعدم في النهاية.
أداء لافت
جاء الأداء التمثيلي علامة مميزة في العرض، رفع من مستوى جودة العمل، من خلال قوة التقمص والتشخيص والتفاهم والتناغم بين الممثلين، والانضباط على مستويي الإيقاع الحركي واستخدام لغة الجسد، خاصة الرقص الأدائي. وقد نجح المخرج بالفعل في صناعة عرض يكون المتلقي فيه شريكاً أصيلاً عبر التقاط وتأويل العلامات، وتفسير المشهديات والدلالات.
رموز ودلالات
العرض وظف الرموز بصورة رائعة تخدم فكرة النص، فالمرأة لم تكن امرأة حقيقية، بل كانت إيحاءً يرمز إلى الأرض. ونصب العرض محكمة، ووجه العديد من الرسائل واللوم والعتاب وتأنيب الضمير، وهذا ما تحمله دلالة العنوان «كيف نسامحنا»؛ بخطاب موجه للذات الجمعية، كيف نسامح أنفسنا؟. وفي الندوة النقدية التي تلت العرض، كان هناك شبه إجماع يثني على العرض، فقد تبارى النقاد والمتداخلون في الإشادة بالنص وحمولته الشاعرية وبالأداء التمثيلي والرؤية الإخراجية.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الشارقة أيام الشارقة المسرحية تلک المرأة
إقرأ أيضاً:
صفاء النجار تحتفي بأعمالها الأدبية في معرض القاهرة للكتاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهدت قاعة المؤسسات في بلازا "1"، ضمن فعاليات الدورة الـ56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة أدبية لمناقشة أعمال الكاتبة الدكتورة صفاء النجار، أدارها الناقد والكاتب الأردني حسين دعسة.
تطرقت الندوة إلى مسيرة النجار الأدبية، التي بدأت منذ عام 2004، حيث قدمت العديد من الأعمال البارزة، منها المجموعة القصصية "البنت التي سرقت طول أخيها"، التي تتميز بأسلوب السرد متعدد الأصوات، ومجموعة "حور العين تفصفص البسلة"، بالإضافة إلى روايتي "استقالة ملك الموت" و"الدرويشة".
وخلال اللقاء، عبرت الكاتبة عن امتنانها لشخصيات دعمت رحلتها، وعلى رأسهم الدكتورة فريدة النقاش، التي وصفتها بـ"صاحبة الكف الأخضر"، كما شكرت زوجها الكاتب محمد الباز وجريدة الدستور، التي نشرت مقالها "حكايتي مع الكتابة".
وفي إطار احتفائها بإبداعها، أعادت دار "مسافات" إصدار أعمالها ضمن دورة المعرض الحالية، ومنها رواية "استقالة ملك الموت"، التي تعود بطلتها، الطفلة حسنة الفقي، إلى الواجهة مجددًا بعد 20 عامًا على صدورها الأول.
شهدت الندوة نقاشًا معمقًا حول أسلوب صفاء النجار في السرد، إذ أشار الناقد حسين دعسة إلى قدرتها على تقديم شخصيات نابضة بالحياة، وتجسيد قضايا مجتمعية من زوايا متعددة.
كما تناول الحديث تطور أدواتها السردية عبر أعمالها المختلفة، وكيف نجحت في خلق عوالم أدبية تجمع بين الواقع والخيال.
كما أثارت أعمال النجار تفاعل الجمهور، حيث تساءل بعض الحاضرين عن تأثير البيئة الاجتماعية على كتاباتها، وعما إذا كانت تخطط لخوض تجارب جديدة في الرواية أو القصة القصيرة.
وردت الكاتبة بأنها ترى الأدب وسيلة لفهم الذات والمجتمع، وأنها تعمل حاليًا على مشروع أدبي جديد ستعلن عنه قريبًا.
في ختام الندوة، أكدت صفاء النجار أن إعادة إصدار أعمالها في هذه الدورة من المعرض يعد محطة مهمة في مسيرتها، معربة عن سعادتها بالتفاعل الكبير مع أعمالها، ومشيرة إلى أن الكتابة بالنسبة لها ليست مجرد مهنة، بل شغف ورسالة تستمر في تقديمها للقارئ العربي.