راشد الغافري.. اسم عالمي في العلوم الجنائية
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
دبي: سومية سعد
جادت أرض الإمارات الطيبة بأبناء يقدرون المسؤولية لا تحركهم المصالح والمطامع، وإنما يحركهم عشق الوطن وضمائرهم الحية التي لا تنام من أجل تقديم كل ما بوسعهم إلى الوطن، قلوبهم مستظلة بثقة نسجها مؤسس الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.
الدكتور راشد حمدان الغافري، استطاع أن يحقق عدداً من الإنجازات العلمية ويكون سفيراً للمعرفة، وإنجاز الكثير من الأبحاث العلمية في الحمض النووي، ويمتلك سيرة عطرة بكثير من الإنجازات، واستطاع أن يكون اسماً عالمياً في العلوم الجنائية، فهو متخصص في «الجينوم»، وحاصل على براءة اختراع من منظمة «ويب»، وهو الأول في الحصول على درجة الأستاذية في المنطقة.
وقال المقدم الخبير الدكتور راشد حمدان الغافري، مدير المركز الدولي للعلوم الجنائية في شرطة دبي، ل«الخليج»: طموحي بلا حدود في علم الجينات الجنائي، حيث كانت البداية عندما منحتني الدولة بعثة دراسية إلى أستراليا، حيث مكثت 4 سنوات، وحصلت على البكالوريوس في العلوم الجنائية والكيمياء التحليلية، ولتميزي في البرنامج حصلت على استثناء من الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس الشرطة والأمن العام (القائد العام حينها)، لمواصلة دراستي للماجستير، والتحقت به بعد تخرجي في البكالوريوس بثلاثة أسابيع، في الدولة نفسها، وما هي إلا سنة واحدة، حتى حصلت على الماجستير في تخصص البصمة الوراثية الجنائية، بعدها باشرت العمل خبيراً في المختبر الجنائي في شرطة دبي، حيث مكثت سنتين، ثم أكرمني سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، بابتعاثي لنيل الدكتوراه، في تخصص البصمة الوراثية.
المختبرات الجنائية
وأسندت فكرة المشروع إلى بعض الإخفاقات التي تواجهها المختبرات الجنائية، ومن قراءتي ومتابعتي لأحدث التطورات في المجال، كما منحتني «جامعة موردوخ»، الأسترالية درجة الأستاذية في العلوم الجنائية، نتيجة حرصي منذ حصولي على درجة الدكتوراه، على الإسهام الفعال في المجال الأكاديمي، مع عملي خبيراً في الأدلة الجنائية، إذ إنني أول ضابط ينال درجة الأستاذية في العلوم الجنائية في المؤسسات الشرطية.
شكر وعرفان
وقال: أتقدم بخالص الشكر والعرفان إلى الفريق عبد الله خليفة المري، القائد العام لشرطة دبي، واهتمام القيادة العامة بتأهيل أفرادها وإتاحة الفرصة أمامهم للتميز أكاديمياً وعملياً، فقد منحت درجة أستاذ مساعد في الجامعة قبل سبع سنوات، حيث أدرّس طلبة الماجستير في التقنيات الحيوية في الجامعة منذ عام 2015 وحتى الآن. ثم منحتني «جامعة بوند» الأسترالية، درجة أستاذ مشارك، نظير جهودي في مجال نشر البحوث والدراسات والإشراف على طلبة الدراسات العليا في الجامعة، وأخيراً تُوّجت هذه الجهود بدرجة الأستاذية من جامعة موردوخ الأسترالية، وقدمها لي رئيس الجامعة في مقرّ عملي في القيادة العامة لشرطة دبي.
الأبحاث
يقول الغافري: قدمت 45 بحثاً محكّماً ومنشوراً في مجلات علمية عالمية حتى الآن منذ خوضي مجال البحث والتطوير، وأشرفت على 4 طلاب دكتوراه من مختلف الجامعات داخل الدولة وخارجها.
براءات اختراع
يقول: نلت براءتي اختراع البصمة الوراثية الذكرية، الأولى عام 2014، والثانية عام 2022، وتعدّ هذه البصمة الأقوى من نوعها، وتصنع حالياً ومتوافرة لجميع المختبرات الجنائية في العالم.
وقال: في عام 2013 أعلنت البصمة الوراثية الأقوى من نوعها في ذلك الوقت، لكن ما نعلنه الآن هو «البصمة الوراثية الذكرية» الجديدة التي تعدّ نسخة مطورة من القديمة، واستطعنا التغلب على بعض التحديات العلمية في البصمة السابقة، حيث تعد الحالية بصمة شاملة قوية، وأصبح بإمكان المختبرات العالمية استخدام هذه البصمة والاستفادة منها.
ويضيف، والدي كان سندي ومهما عملت لأصل إلى ما وصل إليه من خبرة في الحياة فلن أتمكن، لأن الزمان والأوضاع التي ترعرع فيها كانت تختلف كلياً عما نعيشه في الحاضر، فهو من المعاصرين الذين تعبوا للوصول إلى ما نعيشه الآن، قناعتي بأن المواقف تعلمنا الصبر والحكمة، وأنا والدي كان سنداً لي في مشواري.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات شرطة دبي البصمة الوراثیة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الفهم الصحيح لآليات التعامل مع الموروث الإسلامي من أسباب النهضة الحضارية
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، فى منشور جديد له عبر صفحته على فيس بوك: إن من المهام الأولى لعلماء الأزهر نقل هذا الدين لمن بعدهم بصورة صحيحة.
أوضحت أنه لابد أن يمتلكوا الأداة الضرورية اللازمة لفهم آليات التعامل مع «الموروث الإسلامي»، ليستطيعوا أن ينقلوه في إطاره الصحيح الذي وصل إليهم من أسلافهم إلى من يخلفهم، مع ضرورة حفظ التمييز بين الأصلين المنزَّهين (الكتاب والسُّنة)، وسائر التراث الذي اجتهد في إنتاجه المسلمون من علوم وفكر، وفقه وفتاوى، ورؤى وواقع تاريخي.
وأشار الى إنه لاشك أن هناك فجوة مشهودة بين أجيال الباحثين المعاصرين وهذا الموروث الثمين، فكثيراً ما نقرأ القرآن أو السُّنة أو علوم التراث الإسلامي ولا نفهم دلالات المقروء، فلا نستطيع الاستفادة منها، ومن ثم فإن أول مطلوب هو «الفهم»، فهو الخطوة الأولى لسائر الخطوات، فلا يمكنني نقد هذا الموروث أو تطبيقه دون فهم.
ونوه ان كثيراً ما يتساءل الباحثون عن آليات تطبيق هذا الموروث في مجالاتهم العلمية والبحثية الحالية، وعن «الحلقة الواصلة» بين الموروث وهذه العلوم الحديثة، في حين أن المطلوب أولاً -قبل التطبيق- هو «الفهم».
وبين ان تحديد الهدف والخطوات وتمثُّل هذه الخطوات جيداً، هو أمر مطلوب جداً من أجل الوعي والاستفادة.. لكن تشوُّف الباحث إلى ما هو أمام، وتعجُّله قطف الثمار قبل النضج - وربما قبل الزرع والإنبات - هو ما يدفعه إلى نوع من القفز وعدم الاتزان، فأنا -كباحث أو كدارس اطَّلعت على العلوم الحديثة- أريد أن أستفيد مما رأيته أو استشعرته في الموروث من منهجية ومضمون في دراستي لهذه العلوم، وهذا -بعد تحقيق «الفهم»- يحتاج إلى عملية أكبر، وهي ما يمكن تسميتها بعملية «التجريد»، ثم تتلوها عملية ثالثة وهي «الاستنباط»، والمقصود بها استنباط المناهج والقواعد والأدوات التي يمكن بها أن يواصلوا المسيرة ويكملوا البنيان.
وذكر انه ليس المراد من الاطلاع على هذه العلوم والأفكار وما فيها من منهجيات أن نحاكيها، فتتوقف مسيرة العلم، ونذهب في رحلة موات، بل أن نستخلص منها ما نحتاج إليه.
ولفت الى ان الموروث -بجملته- عبارة عن مكوّنين: نتاج فكرى، وواقع تاريخي. النتاج الفكري له «محلٌ» عَمِل الفكر فيه، وهو القرآن والسُّنة مصدرا المعرفة الأساسيان عند المسلمين باعتبارهما وحياً.
والنتاج الفكري له «ثمرة»، وهي ما يخرجه البشر بتفاعلهم مع هذا المحل من رؤى وأفكار وعلوم ومناهج وأحكام وممارسات.
محور الحضارة الإسلامية
وكشف عن ان محور الحضارة الإسلامية الذي بنيت عليه هو (النص): الكتاب والسُّنَّة، فما معنى المحور؟ معنى المحور أن كل العلوم خادمة له، وقد أنشئت لتخدمه، وهو المعيار للتقويم، والإطار المرجعيّ.
قرأ المسلمُ النصَّ، فلما استعصى عليه أمرٌ ما فيه راح يبحث عن وسائل فهمه، فصار هناك المُعجم وظهرت التراكيب والنحو والصرف.. تساءل: هل هذا الكلام معتاد أم معجز؟ ما الذي جعله متميزاً؟ فظهر علم البلاغة.. تساءل: إذا كنت قد فهمت دلالات اللفظ (المفردات والتراكيب)، فماذا عن الدليل والمدلول؟ وبالمثل ظهر علم النقل والتوثيق، وهو علم لم يخرج مثله في الأمم، وذلك لخدمة الوثوق في النص، وتوالت التصنيفات بين علوم ذاتية كالتفسير والحديث، وعلوم مضمونية كالتوحيد والفقه، وتقسيمات أخرى هي من نتاج تعامل العقل المسلم مع النص.
فالفقه -مثلاً- من القرآن إجمالاً، والقليل منه هو من القرآن مباشرةً، فهناك نحو مليون ومائتي ألف مسألة فقهية، بينما الآيات أقل من ذلك بكثير من حيث العدد والحجم، إلا أن القرآن العظيم منه الانطلاق، وإليه العودة، وبه التقويم، وله الخدمة، في علم الفقه وغيره من العلوم التي ورثناها.
وأضاف: الشق الثاني للموروث -الذي يقابل النتاج الفكري- هو الواقع، وهو يتكون من خمسة عوالم: عالم الأشياء، وعالم الأشخاص، وعالم الرموز، وعالم الأفكار، وعالم الأحداث.. فما معنى أن النص الذي هو محور الحضارة له دور في التعامل مع عوالم الواقع؟ إن ذلك يعني أنني عندما أتعامل مع الواقع أضع على عيني نظارة النص.
إذن الموروث إما مصادر أصلية وإما نتاجاً بشرياً، والواقع هو العوالم الخمسة، وما نريده في البداية هو الفهم -الفهم الصحيح- وليس النقد أو التجريد أو التطبيق، وعلى ذكر «الفهم الصحيح»، فمع الدعوة للتأمل وتحريك الذهن في مختلف المسائل، ننبه إلى أن هناك سقفاً للفهم الصحيح ينبغي ألا يتم تجاوزه، وهو يشتمل على خمسة حدود لابد من معرفتها والالتزام بها في مطالعة التراث:
حدود الفهم الصحيح
1- اللغة العربية، التي هي وعاء المنطق العربي المتصل بالفطرة الإسلامية.
2- الإجماع، الذي ينبغي على الساعي إلى الفهم ألا يـخـرقه أو يتجاهله.
3- المقاصد الكلية للشريعة، من حفظ الدين والنفس والعِرض أو النسل والعقل والمال.
4- النموذج المعرفي، وهو ما نسميه العقيدة أو الرؤية الكلية.
5- القواعد الفقهية أو المبادئ العامة للشريعة، من قبيل: لا ضرر ولا ضرار، لا تزر وازرة وزر أخرى... إلخ.
لابد من ذلك كله حتى نخرج عقليات من أمثال ابن مقلة وابن الهيثم والبيروني وابن خلدون وابن رشد وغيرهم، ونؤكد أن أهم ما يعنينا استخلاصه في هذا التراث هو «المناهج» وطرائق التفكير: كيف كانوا يُعملون عقولهم في واقعهم؟ ولا يهمنا بالضرورة «الموضوعات» أو الجزئيات التفصيلية التي كانوا يفكرون فيها. سأجد أنني أبحث في المصادر، وطرق البحث وأدواته، وآليات الاحتجاج والاستدلال، وفي شروط الباحث.. تلك الأمور التي أخذها روجر بيكون وجعلها أصولاً للمنهج العلمي الحديث، وهي لا تتجاوز تعريفات الرازي والبيضاوي لعلم أصول الفقه.
إن من يطالع هذا التراث الكنز -اليوم- سوف يُفاجأ بمنهج ضخم وأسئلة جوهرية ربما لا إجابة عنها إلا في هذا التراث نفسه، مطالعة هذا التراث هي أصل المنهج الأزهري القويم الذي يجب أن يكون الإطار العام لكل من أراد أن يسلك طريق العلم والتفقُّه.