يمثل التغير المتواصل في موقف الشارغ الغربي لصالح فلسطين أزمة حقيقية بالنسبة لإسرائيل وداعميها، الذين يصرون على نزع الإنسانية عن الشعب الفلسطيني بطريقة تضع الجميع في خطر محدق، كما يقول محللون.

ففي حين تواجه إسرائيل تهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، لا يزال جنودها يتباهون بقتل المدنيين العزل، على نحو يكشف شعورهم القوي بعدم المحاسبة والإفلات من العقاب.

وقد حصلت الجزيرة على صور تظهر جنودا إسرائيليين وهم يتحدثون عن قتلهم مسنّا فلسطينيا أعزل، دون أي شعور بالقلق، بل وتظهر -أيضا- إطلاقهم النار مجددا على جثة الرجل.

ومن وجهة نظر الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، فإن هذه الصور "تعكس استحالة إخفاء ما ترتكبه إسرائيل من جرائم بحق الفلسطينيين، فضلا عن أنها تزيد الانحياز الشعبي العالمي لصالح الفلسطينيين على حساب إسرئيل".

تغير لصالح القضية الفلسطينية

ووفقا لما قاله البرغوثي -خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"-، فإن وعي الجيل الجديد في الغرب يتغير على نحو متزايد لصالح القضية الفلسطينية، حتى داخل الولايات المتحدة الأميركية.

إلى جانب ذلك، فإن هذه التقارير والصور التي تكشف مدى جرم الإسرائيليين وانتهاكهم للقانون "يحرج الحكومات المناصرة لتل أبيب، ويجعل الصورة أكثر تعقيدا بالنسبة لإسرائيل نفسها"، وفق البرغوثي.

لذلك، فإن المشلكة ليست في كشف الجرائم لأن بعض الدول الكبرى غير مهتمة بكشفها، وإنما في شرح الصورة الأخلاقية التي  يحاول الإسرائيليون تسويقها للعالم عن أنفسهم، فضلا عن كشف تورطهم في التطهير العرقي والإبادة، كما يقول البرغوثي.

الرأي نفسه ذهب إليه زعيم حزب العمال البريطاني السابق جيرمي كوربين، بقوله إن القناع قد سقط عن جيش إسرائيل، وإن الصورة التي سعوا لترسيخها "قد انكسرت أمام العالم".

كما أن هذه الصور التي يشاهدها العالم على الهواء مباشرة غيرت كثيرا، برأي كوربين، الذي يرى ضرورة وقف الدول الكبرى تزويد إسرائيل بالسلاح والالتزام بقرارات محكمة العدل الدولية التي صدرت بشأن قطاع غزة.

واتفق كوربين مع البرغوثي في مسألة تغير الرأي العالم بشأن فلسطين، بقوله إن المظاهرات لا تتوقف في العديد من الدول، وإن الشعوب "تتحول بسرعة بينما الحكومات لا تزال متمترسة في مواقفها الداعمة لإسرائيل".

ومع ذلك، يرى كوربين أن المظاهرات "مهمة ومؤثرة لأنها تضم فئات وأجناسا متعددة، بل يشارك فيها عدد كبير من اليهود الذين يدافعون عن غزة، بينما غالبية وسائل الإعلام والنخبة لا تزال تدعم إسرائيل".

ورغم الانحياز الرسمي والإعلامي والسياسي لإسرائيل، فإن العالم "يشهد انتقالا متزايدا إلى دعم فلسطين"، كما يقول كوربين، موكدا أن "الشارع مختلف عما تنقله الصحافة، والجيل الجديد يتفتح على هذا القمع الذي يتعرض له الفلسطينيون وسيتأثر به".

لا أخلاقية الدول الكبرى

وقد كشف ما جرى "مدى لا أخلاقية النظام السياسي والتشدق بحقوق الإنسان والقانون والديمقراطية"، برأي البرغوثي الذي يؤكد في الوقت نفسه أن هذه الحكومات "تعيش تحت ضغط".

واستدل البرغوثي على حديثه بتراجع كندا عن تعليق تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، وجنوحها إلى تأييد وقف إطلاق النار، بسبب الضغط الشعبي.

ومع الوقت -يضيف البرغوثي- "ستجد كثير من الحكومات الداعمة لإسرائيل نفسها مضطرة للتراجع أمام الضغط الشعبي".

ورغم أن الحرب الأخيرة كشفت مدى خشية المؤثرين الغربيين من انتقاد إسرائيل حتى بعد قرارات محكمة العدول الدولية، فإن ما يحدث في الشارع مختلف -برأي كوربين- لأنه "حتى الموقف اليهودي عالميا يشهد تغيرا لصالح الفلسطينيين".

وفي حين حاولت إسرائيل نزع الإنسانية عن الفلسطينيين لتسويغ جرائمها كما فعلت بريطاينا سابقا لتسويغ تجارة الرقيق، إلا أن إسرائيل نفسها خرج منها حاليا من يدافع عن غزة وينتقد طريقة التعامل معها، بل وأعلنوا إمكانية دعمهم جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، كما يقول كوربين.

ويرى البرغوثي أن هذا التجريد للفلسطينيين من إنسانيتهم "خطير جدا، لأن إسرائيل بعد كل ما كُشف من جرائمها لا تزال تواصل مسيرتها، ولا يزال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يؤكد أنه سيهاجم رفح ولا يتورع عن إعلان ذلك رغم أنه قد يؤدي لمجزرة غير مسبوقة".

وأكد البرغوثي أن دولا كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا تتحمل المسؤولية؛ لأنها شاركت في الحرب والجرائم بطائرات وجنود وأسلحة غير مسبوقة.

وخلص البرغوثي إلى ضرورة تحويل هذا التحول الشعبي الغربي إلى جزء من حملة مقاطعة ومعاقبة إسرائيل، مؤكدا أن العقوبات وحدها هي التي ستدفعها لوقف عدوانها.

أما كوربين، فيرى أن المشكلة الكبرى هي أن الساسة الغربيين "ضعفاء أمام الهجمة الإعلامية التابعة للوبي الصهيوني، الذي لا يترك أحدا يناصر فلسطين دون أن يشن عليه هجوما".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات کما یقول

إقرأ أيضاً:

روان أبو العينين تقدم عرضا تفصيليا بشأن محاولات إسرائيل تهجير أهل فلسطين

قالت الإعلامية روان أبو العينين، إنه منذ نكبة عام 1948، تواصل إسرائيل محاولاتها لفرض التهجير القسري على الفلسطينيين، ضمن سياسة ممنهجة تهدف إلى تقليص وجودهم في الأراضي المحتلة، ولم تتوقف هذه المحاولات منذ ذلك الحين، حيث اعتمدت سلطات الاحتلال على وسائل متعددة لإجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم، سواء من خلال الحروب أو القوانين التي تسهّل الاستيلاء على ممتلكاتهم.

وأضافت الإعلامية روان أبو العينين خلال برنامج حقاق وأسرار المذاع على قناة صدى البلد، أنه في عام 1948، أجبر الاحتلال نحو مليوني فلسطيني على النزوح عن أراضيهم.

نقيب الفنانين: ندعم الرئيس السيسى ونرفض تهجير أهل غزةبكرى: الرئيس السيسى واقف أسد أمام أعتى القوى العالمية ويقول: مفيش تهجير لأهالى غزةمنسقة السلام بالشرق الأوسط: شعرت بالعجز عند وصولي إلى غزةالأمم المتحدة: إخراج سكان قطاع غزة من أرضهم تطهير عرقيالجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء


وأكدت الإعلامية روان أبو العينين أنه وفقاً لأرقام الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، نزح حوالي 280 ألفاً إلى الضفة الغربية لنهر الأردن، و70 ألفاً إلى الضفة الشرقية، و190 ألفاً إلى قطاع غزة، بينما لجأ 100 ألف إلى لبنان، و75 ألفاً إلى سوريا، و7 آلاف إلى مصر، و4 آلاف إلى العراق.

وتابعت أن عمليات التهجير القسري لم تتوقف عند هذا الحد، بل استمرت إسرائيل في تنفيذ خططها لتقليص الوجود الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة، عبر إجراءات ممنهجة امتدت حتى منتصف الخمسينيات، موضحة أنه بعد حرب 1967، تزايدت أعداد اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، حتى وصل عددهم إلى 14.3 مليون نسمة بحلول نهاية عام 2022، وفقاً لإحصائيات الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء.

وفي الوقت الحالي، يواجه نحو 300 ألف فلسطيني خطر التهجير في القدس والضفة الغربية، بينما يهدد الاحتلال بتهجير حوالي 1.5 مليون فلسطيني من قطاع غزة، وسط محاولات من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لطرح حلول تشمل نقل الفلسطينيين إلى دول مجاورة، وهو ما قوبل برفض قاطع من مصر والأردن.

ونوهت الإعلامية روان أبو العينين أن إسرائيل تعتمد على عدة أدوات لإجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم، من بينها الهدم القسري للمنازل، وسن قوانين تساعد في تهجير السكان، مثل 'قانون أملاك الغائبين'، الذي يسمح بمصادرة ممتلكات الفلسطينيين المهجرين، و'قانون المناطق العسكرية المغلقة'، الذي يتم استخدامه لطرد الفلسطينيين من أراضيهم بحجة الأمن. إضافة إلى ذلك، تلجأ سلطات الاحتلال إلى سحب الإقامات من الفلسطينيين في القدس، وتستخدم العدوان العسكري كوسيلة مباشرة للتهجير.

واختتمت الإعلامية روان أبو العينين تقريرها أنه في ظل هذه السياسات، أكدت مصر رفضها القاطع لأي محاولات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين، مشددة على أن أي خطوة من هذا القبيل تشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي وتقوّض فرص السلام والتعايش، كما شددت مصر على رفضها لأي انتهاكات تطال حقوق الفلسطينيين، سواء عبر الاستيطان أو الضم أو الإخلاء القسري، محذرة من أن استمرار هذه الممارسات ينذر بمزيد من التصعيد في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • وزير أردني سابق: التهجير خط أحمر ومؤامرة على حساب الفلسطينيين
  • روان أبو العينين تقدم عرضا تفصيليا بشأن محاولات إسرائيل تهجير أهل فلسطين
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم – الحلقة 2
  • برلمانية: ألاعيب إعلام إسرائيل لن تغير موقف مصر الرافض للتهجير القسري
  • محللون: إعلان استشهاد الضيف يؤكد قوة حماس ولن يفيد إسرائيل إستراتيجيا
  • «المصريين»: التلاعب الإعلامي الغربي لن يُغير موقف القيادة السياسية من رفض تهجير الفلسطينيين
  • الإفراج عن "أيقونة" فلسطين وبطل واقعة إذلال إسرائيل.. فيديو
  • إسرائيل تصعّد عسكريًا ضد لبنان.. غارات جوية ومسيّرات فوق بيروت
  • الرئيس السيسي عن تهجير الفلسطينيين: الشعب هيخرج كله في الشارع ليقول لا
  • "الدولية لدعم فلسطين": إسرائيل ليس لديها صلاحيات للتحكم في مصير الأونروا