بعد ثلاثة أيام من انتشار أنباء وفاة المعارض الروسي الأبرز أليكسي نافالني بعد دخول سجنه بشكل مفاجئ، أعلنت زوجته يوليا أنها ستتولى قضيته، وحثت في مقطع فيديو على موقع يوتيوب: "نحن بحاجة إلى تشكيل قبضة واحدة قوية واستخدامها لضرب هذا النظام المجنون"، فبعد سنوات من تقديم نفسها على أنها ربة منزل غير مهتمة بالعمل السياسي، كان تحول زوجة نافالنايا مثيرا، وإن لم يكن حدثا معزولا، فمن المؤكد أن فلاديمير بوتين سيعاد انتخابه الأسبوع المقبل، ولكن، تبين أن محاولة الكرملين للقضاء على الانتقادات في الداخل، لم تنجح تماما.

وما كان ينبغي أن يكون أرضًا محروقة، أصبح بدلاً من ذلك أرضًا خصبة للمبتدئين لمواجهة تحدي المعارضة، وعلى وجه الخصوص، في الثقافة العسكرية المبنية على النظام الأبوي، أصبحت المعارضة الجديدة مكونة بشكل متزايد من النساء، وذلك في ظل فراغ الساحة السياسية في روسيا، وحالة الخوف التي زرعها بوتين داخل المجتمع السوفيتي.

فراغ سلطة المعارضة .. وهن يملأن الساحة الخالية

وبحسب تقرير نشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية، فبعد وفاة نافالني المفاجئة الشهر الماضي في مستعمرة جزائية شمال الدائرة القطبية الشمالية، أصبح جميع السياسيين المعارضين المخضرمين المتبقين في روسيا في المنفى أو السجن أو يواجهون اتهامات، وإدراكاً لهذه الحقيقة، تقدمت يكاترينا دونتسوفا، وهي أم عازبة لثلاثة أطفال وصحفية سابقة، في نوفمبر الماضي لخوض الانتخابات ضد بوتين ببطاقة مناهضة للحرب.

وقالت دونتسوفا لصحيفة بوليتيكو في محادثة هاتفية من موسكو: "كان على شخص ما أن يفعل ذلك"، وبين عشية وضحاها، أصبحت نجمة سياسية، وبنفس السرعة تقريباً، قامت السلطات الانتخابية بإبطال أهليتها، وسُمح لبوريس ناديجدين، وهو مرشح آخر مناهض للحرب ـ لكنه يتمتع بعلاقات وثيقة مع حاشية بوتين ـ بالانتقال إلى المرحلة التالية من الانتخابات، وذكرت دونتسوفا: "ربما كانوا يعتقدون: لسنا بحاجة إلى نوع من سفياتلانا تسيخانوسكايا، فمن الأفضل أن نبقيها على مسافة ذراع"، وكانت تشير إلى المعارضة البيلاروسية التي أصبحت وجه الاحتجاج الشعبي ضد إعادة انتخاب ألكسندر لوكاشينكو المزورة في عام 2020، وقد تم استبعاد ناديجدين أيضًا في النهاية.

ولكن ليس قبل ذلك، وبمباركة دونتسوفا، خرج الروس بأعداد كبيرة إلى مكاتب حملتها في جميع أنحاء البلاد وخارجها لإظهار الدعم، وكان هذا أول عرض علني للمشاعر المناهضة للكرملين منذ أعقاب الغزو الروسي واسع النطاق مباشرة، ومقدمة للإقبال الكبير على جنازة نافالني في وقت سابق من هذا الشهر، وقالت دونتسوفا: "الناس يستجدون عملياً: أعطونا شيئاً لنفعله"، وأضافت أنها ستواصل عملها السياسي.

 

المعارضة الوطنية

ولولا حرب أوكرانيا، لربما ظلت ماريا أندرييفا طبيبة أطفال متزوجة وسعيدة وأم شابة وليس لديها أي اهتمام بالسياسة، واليوم، أصبحت السيدة الأولى في حركة احتجاجية صغيرة ولكن قوية ضمت زوجات الجنود وأقاربهم، وقالت أندرييفا لصحيفة بوليتيكو: "الظروف لم تترك لي أي خيار"، ففي البداية، طالبت النساء ببساطة بعودة أزواجهن، الذين تم تجنيدهم كجزء من تعبئة بوتين في عام 2022، وأصبحت النساء صريحات بشكل متزايد في انتقادهن للكرملين مع استمرار الحرب، وفي طقوس مشحونة بالرمزية، يضعون أزهار القرنفل الحمراء على قبر الجندي المجهول عند أسوار الكرملين كل يوم سبت، وتحيط وجوههم بأغطية الرأس البيضاء.

"نحن لسنا مستعدين لقبول إذلال رجالنا!".. هكذا كتبت أندرييفا في واحدة من سلسلة رسائل مزينة بعلامات التعجب، وباعتبارهن حاملات أطفال وزوجات مخلصات، فإن النساء لا يتناسبن مع الصورة الكاريكاتورية التي تصورها وسائل الإعلام الحكومية عن الخونة، ويجسدن العديد من القيم المحافظة التي يعلنها الكرملين نفسه، ومن الصعب أيضًا تصويرهم على أنهم ليبراليون وعملاء للغرب، على الرغم من أن بعض الدعاة حاولوا ذلك، وتتناقض الاحتجاجات مع رواية بوتين عن الدعم الإجماعي للحرب، وتشير إلى استياء واسع النطاق أكثر مما يريد التلفزيون الحكومي الروسي أن يصدقه مشاهدوه، في الغالب، تحاول وسائل الإعلام الحكومية طمس قصتهم مع نساء أخريات يعلنن نفس الولاء للكرملين مثل أزواجهن.

الحرب بدأت في الداخل"

وبالنسبة للناشطات النسويات في روسيا، وبعد سنوات من الشعور بأنهن غير مسموعات، فإن تسييس المرأة الروسية يثير الأمل والإحباط، وتقول الناشطة فيكتوريا بريفالوفا لصحيفة بوليتيكو: "ما يحدث في أوكرانيا لم يأت من فراغ، بل هو جزء من مشكلة نظامية"، وقالت إن عقوداً من العنف ضد المرأة ظلت دون عقاب في روسيا أدت إلى أن يصبح العنف هو القاعدة: "بدأت الحرب في الداخل".

وبريفالوفا عضو نشط في قناة المقاومة النسوية المناهضة للحرب على Telegram، وتم إطلاق المجموعة بعد يوم واحد من إعلان بوتين غزوه، وأصبحت مصدرًا رئيسيًا للروس المناهضين للحرب، حيث شجعت النشاط من خلال فن الاحتجاج، وهذا لا يخلو من المخاطر، كما تظهر حالة الناشطة النسوية والفنانة ألكسندرا سكوشيلينكو، حيث حُكم عليها بالسجن سبع سنوات لاستبدالها بطاقات الأسعار في السوبر ماركت برسائل مناهضة للحرب، كما تم تصنيف المجموعة النسوية المناهضة للحرب على أنها "عميل أجنبي"، وهي تسمية موصومة تعود إلى الحقبة السوفيتية وتنطوي على زيادة الرقابة الحكومية، ومن المرجح أن تزداد الضغوط، حيث تحاول السلطات إظهار أنها غافلة عن النوع الاجتماعي عندما يتعلق الأمر بالمعارضة. 

 

السلطة تدرك خطرهن

ويبدوا أن السلطة تدرك خطرهن، ففي أبريل من العام الماضي، اقترح المشرع الروسي أوليغ ماتفيتشيف حظر الحركة النسوية باعتبارها "أيديولوجية متطرفة"، وهي التسمية التي تم تطبيقها مؤخرًا على ما وصفته السلطات بـ "حركة المثليين"، وقالت بريفالوفا: "من الواضح أن السلطات تنظر إلى النساء باعتبارهن تهديداً وتشعر بقوتهن، لكن لا أحد يفهم كيفية احتوائهن"، ومع ارتفاع عدد القتلى وعودة الجنود الروس من الخطوط الأمامية، فإنهم يجلبون معهم أهوال الحرب إلى وطنهم، وبالفعل، هناك عشرات التقارير في وسائل الإعلام المحلية عن قيام القوات العائدة بشن عمليات الحرق العمد والنهب والاعتداء والقتل.

وتتمتع المرأة الروسية بإرث طويل في مقاومة قيادتها المتعطشة للحرب، وفي العهد السوفييتي، لعبت النساء دورًا فعالًا في الضغط من أجل حقوق المجندين في أفغانستان وفضح المضايقات في الجيش، وخلال حرب الشيشان الأولى في عام 1994، كانت الاحتجاجات العامة التي قامت بها النساء الشيشانيات وأمهات الجنود الروس عاملاً رئيسياً في الضغط على الكرملين لإنهاء القتال. 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فی روسیا

إقرأ أيضاً:

سو-57.. تفاصيل صفقة المقاتلة الروسية التي ستمتلكها الجزائر

موسكو- أعلنت الجزائر رسميا أنها ستستلم الجيل الخامس من مقاتلات "سو-57" الحربية الروسية، لتكون بذلك أول دولة أجنبية تحصل على هذا النوع من الطائرات الحربية الروسية المتطورة، وأضافت أن الطيارين الجزائريين موجودون الآن في روسيا للتدرب على قيادتها.

ومن المقرر أن تبدأ عمليات تسليم هذه الطائرات ذات القدرات الشبحية قبل نهاية العام الحالي، وفق تأكيدات رسمية روسية وجزائرية، لكن لم يتم الكشف عن عدد الطائرات المنوي تسليمها وسعرها أيضا، بينما تفيد تقارير عسكرية روسية وغربية أن تكلفة الطائرة الواحدة تبلغ 35 مليون دولار.

ولكن كما هو الحال عادة مع السلع العسكرية، من المرجح أن يكون سعر التصدير أعلى، ومن المتوقع كذلك أن تمول الجزائر جزءا من عملية الشراء من خلال "صفقات مضادة"، إذ تتمتع البلاد بموارد طبيعية قد تكون موضع اهتمام بالنسبة لروسيا.

معظم المعلومات المتعلقة بطائرة "سو -57" محاطة بدرجة عالية من السرية (رويترز) الطائرة المعجزة

تصف روسيا "سو-57" بأنها "طائرة معجزة" تملك قدرات تكنولوجية لا مثيل لها، وقال عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنها "أفضل طائرة في العالم".

وفي السنوات الأخيرة، شاركت شركة سوخوي المصنعة لـ"سو-57″ في المعارض الجوية في الصين والهند، بهدف جذب المشترين، وفي أغسطس/آب 2011، تم عرض الطائرة لأول مرة للجمهور في معرض "ماكس" الدولي للطيران، مع ذلك، تم تأجيل الإنتاج التسلسلي إلى منتصف عام 2019، كما سبق أن ساهمت الهند ماليا في تطوير المشروع قبل أن تنسحب منه في عام 2018.

ويشير محلل الشؤون العسكرية يوري كنوتوف إلى أن معظم المعلومات حول طائرة "سو -57" سرية، ولهذا فإن المعروف حاليا هو الخصائص التقريبية.

إعلان

ووفق رأيه، تعد "سو-57" واحدة من الطائرات الأكثر تقدما في العالم، نظرا لاحتوائها على العديد من الأنظمة الجديدة، بما في ذلك الصواريخ التي تسمح بتدمير الأهداف على مسافة لا يمكن الوصول إليها باستخدام الطائرات الأخرى، الروسية والأجنبية على حد سواء.

ويشرح كنوتوف أن "سو-57" تعتبر أكبر من "إف -22" من ناحية طول الجناحين والهيكل، ولكنها أصغر من طائرة "سو-27" من حيث الوزن، وتنتمي في العموم إلى فئة المقاتلات الثقيلة.

ويتابع بأنها تلبي بشكل كامل جميع متطلبات مقاتلات الجيل الخامس من حيث انخفاض الضوضاء، بسبب المزيج الذي تمتلكه من تقنيات التخفي وأنظمة الحرب الإلكترونية، كما أن لديها سرعة تفوق سرعة الصوت، وقادرة على المناورة مع الأحمال الزائدة العالية، ومجهزة بإلكترونيات متقدمة ومتعددة الوظائف.

علاوة على ذلك، تتمتع الطائرة بالقدرة على التحكم بها عن طريق الذكاء الاصطناعي أو عن طريق المشغل عن بعد، وعلى مسافات كبيرة من القاعدة، دون الحاجة لأن تكون مأهولة، ويعني ذلك إزالة القيود المتعلقة بالجانب الجسدي للطيارين في حالات السرعة والمناورة، وبالتالي ستتوقف الأحمال الزائدة عن لعب دور في تكتيكات القتال.

تعاون تاريخي

يعود تاريخ التعاون العسكري بين البلدين إلى الحقبة السوفياتية، حيث بدأت الجزائر بعد حصولها على الاستقلال بعملية تشكيل القوات الجوية للجيش الجديد، وحصلت على أولى مقاتلاتها السوفياتية من طراز "ميغ-15" من مصر عام 1962.

وفي الوقت نفسه، تسلمت الجزائر طائرات مروحية متعددة الأغراض من طراز "مي 4" من الاتحاد السوفياتي، حيث تدرب طيارو القوات الجوية الجزائرية الشابة فيه، وفي بعض الدول العربية المجاورة.

وبحلول نهاية الستينيات من القرن الـ20، تم استلام المزيد من مقاتلات "ميغ-21" الحديثة وقاذفات "إيل-28″، وحصلت الجزائر لأول مرة على أنظمة صواريخ مضادة للطائرات من طراز "إس 75" السوفياتية الحديثة، التي تم استخدامها في ذلك الوقت في فيتنام ضد الطائرات الأميركية.

إعلان

تجدر الإشارة إلى أن الجزائر كانت قد جددت أسطولها الجوي ليس فقط بالمعدات الجوية السوفياتية، بل اختارت العروض الأكثر فائدة واشترت طائرات ومروحيات من بلدان مختلفة، فبالإضافة إلى طائرات "ميغ-23" و"ميغ-25″، اشترت الجزائر في أواخر الثمانينيات أحدث قاذفات الخطوط الأمامية من طراز "سو-24 إم" من الاتحاد السوفياتي.

وفي تسعينيات القرن الـ20 والألفينيات، جرت عملية إعادة تسليح حقيقية للطيران الجزائري بطائرات من الجيل الرابع، حيث تم استلام مقاتلات "ميغ-29″ من أوكرانيا وبيلاروسيا، وطائرات إضافية من طراز"سو- 24" وأحدث طائرات "سو-30" من روسيا.

وخلال العقد الأول من القرن الـ21، تم توقيع عقد لتوريد مقاتلات تدريب من طراز "ياك -130" ومقاتلات روسية أخرى متعددة المهام.

الصفقة العسكرية تحمل أبعادا سياسية للطرفين الجزائري والروسي برأي محللين (رويترز) مكسب للطرفين

يقول الخبير الإستراتيجي رولاند بيجاموف إن "الجزائر شريك تقليدي لروسيا في المجال العسكري والتقني، وهي الدولة الوحيدة من بين شركاء روسيا التي تعتبر الأكثر التزاما في مجال شراء السلاح، خلافا للهند ومصر اللتين قامتا بإلغاء صفقة مشابهة لشراء طائرات "سو -35".

وعلى هذا الأساس، يعتبر المتحدث أن الصفقة لها أبعاد سياسية أيضا، مشيرا إلى أن روسيا كانت تبيع الأسلحة إلى فنلندا، ولكن بعد أن أصبحت هلسنكي ضمن حلف شمال الأطلسي "الناتو" فلن يتم بطبيعة الحال نقل أي شيء إليها بعد الآن.

وحسب ما يوضح للجزيرة نت، تتيح الصفقة للجزائر رفع وزنها الإقليمي، لا سيما على ضوء إعلان المغرب شراء 25 طائرة "إف-16" من الولايات المتحدة، كما أن الإعلان عن الصفقة يقلل من المزاعم بوجود تباينات بين موسكو والجزائر حيال الأوضاع في إقليم أزواد، ودعم روسيا للحكومة المركزية في مالي.

كما يرجح بيجاموف أن يؤدي تصدير طائرات "سو-57" للجزائر إلى توسيع الإنتاج التسلسلي لهذه الطائرة، "وستسمح العائدات ليس فقط بزيادة القدرة الإنتاجية، ولكن أيضا بإجراء أعمال التحديث عليها".

إعلان

ويضيف أن "العقوبات الغربية والحرب مع أوكرانيا أثرتا على وتيرة تصنيع وتصدير هذه الطائرات إلى حد كبير، على الرغم من أن الطائرة تحظى باهتمام كبير من قبل العملاء الأجانب".

مقالات مشابهة

  • الأمن المصري يحسم لغز الطفل الأشقر والمتسولة ويكشف تفاصيل صادمة
  • زيد الأيوبي: ارتفاع الأصوات المعارضة للحرب داخل إسرائيل
  • تفاصيل واقعة التحرش الجنسي بوزيرة الخارجية الألمانية سابقا
  • وزيرة ألمانية تكشف عن تجربتها الشخصية مع التحرش الجنسي
  • كنسوية.. فنانة أندونيسية تستبدل الرجال في الأساطير برؤوس نسائية مصوّرة
  • بعد عقود في المنفى.. يهود يعودون لدمشق ويلتقون بالحكومة السورية
  • بوتين: المحادثات الروسية الأمريكية التي انعقدت في العاصمة السعودية الرياض كانت “إيجابية”.. ويسعدني لقاء ترامب
  • تفاصيل السجن 15 سنة لـ عاطل بتهمة سرقة مواطن بالإكراه
  • سو-57.. تفاصيل صفقة المقاتلة الروسية التي ستمتلكها الجزائر
  • هيلين براون بين التمكين والإثارة.. هل خدمت قضايا المرأة أم استغلتها؟