أزهري : سؤال الله الشهادة بصدقٍ يبلغ أجرها
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
قال الشيخ صفوت عمارة، من علماء الأزهر الشريف، إنَّ يوم الشهيد الذي تحتفل به مصر يوم التاسع من شهر مارس كل عام مناسبةً وطنية؛ حيث تواكب ذكرى استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة على الجبهة عام 1969م، تخليدًا واعترافًا بجميل شهدائنا الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن يعيش هذا الوطن في أمن واستقرار، وسيبقى ما قدموه مصدر إلهام وفخر واعتزاز لكل إنسان وطني، ويجب علينا أن نقدم الشكر والعرفان بالجميل لكل أمهات الشهداء وآباءهم الذين زرعوا في أبنائهم حب الوطن والانتماء إليه، وتقبلوا ارتقاء أرواحهم الطاهرة إلى ربها برضا واحتساب وفخر؛ فداءً للوطن وضربوا أروع المثل في الصبر والوطنية، من أجل أن تظل راية البلد عاليةً خفاقةً.
وتابع «عمارة»، خلال خاطرة بعد صلاة المغرب، أنّ الشهادة في سبيل اللَّه تُعرف بأنها «بذل النفس نصرةً لدين اللَّه لأجل إعلاء كلمة الحق وتكون كلمة اللَّه هي العليا»، وهي منحة ربانية يختص بها من يشاء من عباده ولا يحصل عليها إلا من أحبه، قال تعالى: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ} [آل عمران - 140]؛ فاللَّه يصطفي للشهادة من يشاء عباده المخلصين؛ فالشهداء أرفع الناس درجةً بعد النبيين، والصديقين، وألحق بهم الصالحين، وأخبر أنهم من المنعمين، فقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء- 69].
وأضاف الشيخ صفوت عمارة، أنَّ من سأل اللَّه الشهادة وكان صادقًا ومُخلصًا في نيته أعطاه اللَّه أجر الشهداء بنيته الصادقة وإن لم يبلغها؛ فعن سهل بن حنيف رضي اللَّه عنه، أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «من سأل اللَّه تعالى الشهادة بصدقٍ بلغه اللَّهُ منازل الشهداء وإن مات على فراشه» [رواه مسلم]؛ فمن طلب الشهادة في سبيل اللَّه وكان صادقًا ومخلصًا في نيته للَّهِ عزَّ وجلَّ ولم تتيسر له بلغه اللَّه فضلًا منه منازل الشهداء؛ فمتى صدُقت النية في عمل أثيب صاحبها، وإن لم يُباشر هذا العمل.
وأكد «عمارة»، أنَّ هناك أنواعًا عديدةٍ من الشهداء بيّنها لنا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، في أحاديثه؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول الله، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذًا لقليل، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد» [رواه مسلم]، وعن سعيد بن زيد، رضي اللَّه عنه، عن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «من قُتل دون ماله فهو شهيدٌ، ومن قُتل دون أهله، أو دون دمه، أو دون دينه فهو شَهيدٌ» [صحيح النسائي والترمذي وأحمد]، وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «الشهداء خمسةٌ: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل اللَّه» [متفق عليه].
3fe7219c-ac47-4c48-8afc-cfed501e206c 5f7c9e1b-bd87-4f28-95a8-278c32a801d4 29af12a3-3fde-448d-a0d1-98ecc19f3eca d73ca8d5-4981-460a-9280-ad11a7e44752المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الازهر الشريف علماء الازهر فی سبیل الل ه علیه وسل رسول الل فهو شهید رضی الل
إقرأ أيضاً:
عالم أزهري: الرسالة المحمدية جلبت السلام والأمان للبشرية بعد حروب دامت لقرون
قال الدكتور السيد بلاط، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الأزهر، إن القرآن الكريم أشار بوضوح إلى حاجة البشرية الماسة إلى الرسالة المحمدية، مؤكداً أن الإسلام جاء ليكون هدى ونورًا للبشرية في وقت كانت فيه غارقة في الظلمات.
وأوضح خلال كلمته في ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر، أن الله تعالى قال في كتابه الكريم: «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ»، فقد كانت البشرية قبل الإسلام في حالة من الضلال، وكانت بحاجة إلى من يخرجها من ظلمات الشرك والضلال إلى نور الهداية.
وأكد أن القرآن الكريم يصف هذه الحاجة في قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ»، لافتًا إلى أنه لا يمكن لأي شخص أن يدرك التحول الذي أحدثه الإسلام في حياة البشر إلا إذا عرف كيف كان الحال قبل مجيئه وبعده.
كما استعرض الدكتور السيد بلاط، الوضع الديني والاجتماعي قبل الإسلام، موضحًا أن شبه الجزيرة العربية كانت غارقة في عبادة الأصنام، إذ كانت الكعبة تحتوي على ٣٦٠ صنمًا يُعبدون من دون الله، إضافة إلى ذلك كانت هناك ديانات أخرى مثل اليهودية والنصرانية التي أصابها التحريف والتغيير، كما كانت المنطقة مليئة بالعبادات الوثنية من عبادة الشمس والقمر والكواكب، مما جعل الناس في حاجة ماسة إلى رسالة توحدهم على عبادة الله الواحد.
وأشار الدكتور السيد بلاط، إلى أن العالم قبل الإسلام كان مسرحًا لصراعات وحروب دامية بين الفرس والروم، كما كانت الجزيرة العربية تشهد حروبًا قبلية طاحنة، حيث وصل عدد المعارك في مكة وحدها إلى ٣٦٠ معركة، وكانت هذه الحروب تنشب لأسباب تافهة وبدافع من العصبية القبلية، مما أدى إلى إضعاف العرب ووقوعهم تحت السيطرة الفارسية والرومانية. وأضاف أن هذا الوضع الممزق كان في حاجة ماسة إلى منقذ يعيد للبشرية استقرارها وسلامها، وهو ما تحقق بقدوم النبي محمد ﷺ.
وأكد الدكتور بلاط، أن الرسالة المحمدية كانت جسرًا للسلام والوحدة، مستشهدًا بآيات القرآن التي تدعو إلى عدم التفرقة والتمسك بحبل الله، مثل قوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾، وأحاديث النبي ﷺ التي تحث على التكاتف والتعاون بين المؤمنين، كما قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"، وذكر أن الإسلام نهى عن العصبية القبلية والتنازع، واعتبرها سببًا في إضعاف الأمة، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾.
ولفت إلى أن المجتمع قبل الإسلام كان ينقسم إلى طبقات اجتماعية صارمة، حيث كانت توجد طبقات مثل السادة والأحرار، وطبقة الموالي، وطبقة العبيد. ورغم وجود بعض القيم الإيجابية مثل الكرم والشجاعة، إلا أن المجتمع كان يعاني من ممارسات سلبية خطيرة مثل وأد البنات، والزنا، وتعاطي الخمر، والسرقة، وقطع الطريق. وقد جاء الإسلام ليقضي على هذه السلبيات بوضع تشريعات وأحكام تحظر هذه الممارسات وتمنعها.
وختم الدكتور بلاط حديثه بالتأكيد على أن رسالة النبي ﷺ كانت الإصلاح الحقيقي للبشرية، حيث نجح الإسلام في تصحيح المسار، وتقديم حلول عملية لتجاوز كل تلك المشاكل التي كانت تعيق تقدم المجتمع.