هاجم صلاح الدين أبو الغالي، عضو القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، حزب العدالة والتنمية، على خلفية التصريحات التي أطلقها أمينه العام، عبد الاله ابن كيران، التي دعا فيها مناضلي البيجيدي  إلى القيام بكل ما هو ضروري للحفاظ على الأسرة، مهددا بتنظيم مسيرة وطنية لملايين الأشخاص للتعبير عن رفضهم المس بالثوابت التي لها صلة بالأسرة.

وقال أبو الغالي وهو ينتقد ضمنيا خطاب وموقف الإسلاميين من تعديل مدونة الأسرة، إن النقاش حول تعديل مدونة الاسرة، وإن كان صحيا و إيجابياً على وجه العموم، فإنه لم ولن يخلو من الاصطياد في المياه العكرة من طرف بعض الخصوم السياسين.

واتهم عضو القيادة الثلاثية للبام، في أول لقاء لحزبه بعد المؤتمر الوطني الخامس، نظمه في اقليم الرحامنة، اليوم السبت، إسلاميي العدالة والتنمية، بكونهم عمدوا، إلى تأجيج النقاش والتحريض على العنف الرمزي والتهديد بالاحتجاجات، مشددا أبو الغالي أن الموقف لا يستقيم مع أدبيات الحوار العمومي و مبدأ النقد البناء و الاحتكام إلى آلية المؤسسة التشريعية كتعبير للإرادة الشعبية، معتبرا أن إسلاميي البيجيدي فشلوا في إقناع المغاربة بمشروعهم الماضاوي الذي يكمن في قياس المجتمع المغربي الحالي على مجتمع القرن العباسي، و هذا ضرب من ضروب العبث و لا يزيدنا يضيف أبو الغالي، إلا ايماناً و تشبتا بأخلاق ديننا السمح و بالغايات القرانية و التي تتجلى معضمها في العدل و التقوى بمفهوم الكف عن الاعتداء ورفع الإكراه على الناس و الحرية و ترك الحساب إلى الله.

وأكد صلاح الدين أبو الغالي، في كلمة له خلال اللقاء التواصلي الذي نظمته الأمانة الإقليمية للبام بإقليم الرحامنة، تحت شعار: “من أجل تعاقد متجدد لمناقشة الوثيقة المرجعية والنظام الأساسي للحزب”، إن المواجهة اليوم بين الحداثة والماضاوية تكمن في المواجهة بين العقل و النقل و بين الأصالة والأصولية و بين الاتباع و التقليد، فالحداثة عكس الماضاوية والحداثة ترجح العقل على النقل كما أنها تنتصر للأصالة ضد الأصولية و للاتباع ضد التقليد، موضحا أن  حزب الأصالة و المعاصرة ينتصر للعدل والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات كما يسعى لتحقيق تكافؤ الفرص وحس المواطنة لكل طفل يترعرع على أرض الوطن مهما كانت ظروف نشأته و لو تعلق الأمر بطفل تم إنجابه خارج إطار الزواج، الذي يطالب الحزب يضيف أبو الغالي،  بوجوب نسبه لأبيه كما هو الشأن اليوم حيث ينسب لأمه.

وقال أبو الغالي منتقدا موقف البيجيدي من هذا الأمر، “لدينا اليوم من العلم ما يمكن إثبات بنوته باليقين”، قبل أن يضيف أبو الغالي منتقدا البيجيدي، “قد تجرأ الحزب الماضاوي اليوم بالقول ان ابن الزنى لا حق له و نحن في حزب الاصالة و المعاصرة نقول ليس هنالك أصلا ابن زنى لا في المغرب و لا في زحل والأطفال ليسوا مسؤولين على اخطاء أباءهم “ولا تزر وازرة وزر أخرى” و لن يزدهر مغرب الغد بأطفال مأزومين نفسانيا و مهزومين اجتماعياً و ملعونين بكل النعوت بغية ارضاء بعض الذكور الذين يريدون التهرب من أفعالهم، و إلقاء المسؤولية على المرأة و الطفل بحرمانهم من حقوقهم الأساسية و الإنسانية و الكونية و التي يقول فيها الله عز وجل ” وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا و صهرا و كان ربك قديرا” صدق الله العظيم”.

وشدد ابو الغالي أيضا، أن ما يميز حزبه عن الأحزاب و الحركات الماضاوية في شأن تعديل مدونة الاسرة يكمن في مفهوم الاجتهاد و ينبغي لمتتبعي الشأن العام ان يعلموا أننا جميعنا، مهما كان انتماؤنا السياسي ، مجتهدون مسلمون و لكن نسلك طرقا مختلفة في الاجتهاد، قائلا :”فنحن الحداثيون نعتبر أن هناك اجتهادا  مع النص و نطالب علمائنا المغاربة الأجلاء و المشهود لهم عبر العالم عن كفاءاتهم و حنكتهم و أنا أجالس البعض منهم وأكن لهم الاحترام و التقدير، أن يستحدثوا آراء جديدة بناءا على ثبات النص و حركية المحتوى وأن النص يفهم وفق أدوات و مفاهيم  الأرض المعرفية التي نعيش فيها و القراءة المعاصرة في حين أن الماضاويون يعتبرون أنه لا اجتهاد مع النص وأن النص لا يفهم إلا وفق فهمه للسلف الصالح  و ان المجتهد لا يأتي بأحكام جديدة بل يكشف عن الحكم الشرعي بالقياس على الماضي و الأدلة الشرعية، و هذا لا يغنينا اليوم في شيء بل يحجر على العقول حتى ذهب احدهم في الحزب الماضاوي و قال انه يستغرب كيف لبنت قاصر ذو 17 سنة ان تكون غير مؤهلة للزواج و هو يستحضر بالرمز طاقتها الجسدية أمام الناس و لم يخطر عليه أن المغرب عرف تحولات اجتماعية و ثقافيه و اقتصادية منذ الاستقلال، حيث أصبحت المرأة فاعلاً اساسياً في التنمية و الاقتصاد و أن ضمير المجتمع المغربي يسعى إلى القطع مع زواج القاصرات و إلغاء الاستثناءات كون البنت القاصر مكانها المدرسة و ينقصها الرشد لكي تكون أما و مربية و كونها في قرية أو بادية لا يغير شيء و المفاسد لا تدرأ بالظلم و الاعتداء، فنحن في الاصالة و المعاصرة نسعى إلى تجريم زواج القاصر الذي يقل عمره أو عمرها عن 18 سنة بدون أي استثناء و لا تبرير اليوم لزواج القاصرات.

وقال أبو الغالي موضحا: “إن كنا في حزب الاصالة و المعاصرة حداثيين ديمقراطيين، فنحن حداثيون على سنة الله ورسوله، فخورون بما حققته المرأة المغربية في العلم والمعرفة والطب والمقاولة، وفي القضاء و السياسة، و في النضال و في الصحافة، و في الفن و الإبداع وفي الثقافة، معتزون بحرصها على التربية و التضحية في سبيل إنشاء الأجيال الصاعدة، و استقرار الأسرة المغربية لكونها النواة الأساسية للمجتمع ، وجب على الدولة حمايتها في الجانب الحقوقي و الاجتماعي و الاقتصادي، بما يضمن وحدتها و استقرارها و المحافظة عليها كما عبر عن ذلك الفصل 32 من دستور 2011”.

 

 

 

 

 

المصدر: اليوم 24

إقرأ أيضاً:

مراجعة مدونة الأسرة.. الإحالة الملكية تعزز دور المغرب كمرجع للفكر السني الوسطي المعتدل القائم على الانفتاح والاجتهاد

تأتي الإحالة الملكية لبعض المقترحات المرتبطة بنصوص دينية على المجلس العلمي الأعلى، والتي رفعتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة إلى النظر السامي لجلالة الملك، لتعزز دور المغرب كمرجع للفكر السني الوسطي المعتدل، القائم على الانفتاح والاجتهاد.

وتعكس هذه المبادرة الملكية، التي تهدف إلى التأكد وتعزيز الأسس الشرعية لمقترحات مراجعة قانون الأسرة من وجهة نظر الدين، المكانة التي تحظى بها المملكة كمنارة مشعة في هذا المجال.

إنها مقاربة ديناميكية، منفتحة، وشمولية، واستشرافية حول القضايا المتعلقة بالدين، والتي تجعل المغرب نموذجا متفردا، وهو الذي دعا دائما إلى تأويل معتدل للإسلام، مع الأخذ بعين الاعتبار فضائل الاجتهاد بما يخدم مصلحة الأسرة. وتنطلق هذه الإحالة الملكية من جوهر اختصاصات إمارة المؤمنين وحرص جلالته على توسيع المسار التشاوري المؤسساتي بخصوص مراجعة أحكام مدونة الأسرة، بما يستجيب لانتظارات عموم المواطنات والمواطنين المغاربة.

ويتعلق الأمر أيضا بإبراز أهمية الاجتهاد لملاءمة الحالات الناشئة عن تطور المجتمع، وللتأكيد أيضا على قدرة الأحكام الشرعية ذات الطبيعة الدينية على التكيف مع الواقع الجديد.

وتحيل مبادرة جلالة الملك أيضا على الدور المركزي للعلماء المغاربة المشهود لهم بكفاءتهم العلمية واعتدالهم، في احترام المبادئ الدينية، وقدرتهم على مواكبة التطورات المجتمعية.

الإحالة الملكية، تكريس لخيار الاجتهاد المنفتح والبناء

بإحالته بعض المقترحات المرتبطة بنصوص دينية على المجلس العلمي الأعلى، يكرس جلالة الملك خيار الاجتهاد المنفتح والبناء، ويجسد، مرة أخرى، العناية السامية التي يوليها جلالته للأسرة، الركيزة الأساسية للمجتمع.

وهكذا، ومن خلال هذه المبادرة الملكية المتبصرة، التي تندرج في إطار الاختصاصات الدستورية لجلالة الملك، بصفته أميرا للمؤمنين، ورئيسا للمجلس العلمي الأعلى، فإن هذه المؤسسة مدعوة إلى إصدار فتوى جماعية، من شأنها تجويد مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة قانون الأسرة وتعزيز اللجوء إلى الاجتهاد من أجل تحسين مصير جميع أفراد الأسرة.

كما أن العلماء المغاربة مدعوون إلى إصدار رأي يتطابق مع قيم الإسلام في احترام لمقاصد الدين والتحولات التي تخضع لها مع مرور الزمن.

ويحرص جلالة الملك، من خلال هذه الإحالة، على إشراك العلماء، من خلال إطارهم المؤسساتي، في التفكير الجماعي التشاركي لمراجعة مدونة الأسرة، التي لها خصوصية مقارنة بالقوانين الأخرى، لكون عدد من مقتضياتها مستمدة من المرجعية الدينية. وذلك بهدف التأكد وتعزيز السند القانوني لبعض مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة ذات المرجعية الدينية عبر سلك باب الاجتهاد.

ومن خلال المراجعة الحالية، يعتزم المغرب، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك، تأمين النجاح لهذا المشروع المجتمعي الكبير، الذي سيستجيب لتطلعات المجتمع بأسره، ويضمن الحقوق الكاملة لكافة مكونات الأسرة المغربية. وهكذا، تأتي الإحالة الملكية أيضا لتساير القوة الاقتراحية والمطالب الاجتماعية المعبر عنها، وفق توفيقيات تجديدية، تستحضر مصلحة الأسرة، واستقرار العلاقات الزوجية، وديمومة السكينة والمحبة بين جميع مكوناتها.

مقالات مشابهة

  • ما الذي تعنيه إحالة الملك محمد السادس بعض مقترحات تعديل مدونة الأسرة على المجلس العلمي الأعلى للفتوى؟
  • ملك المغرب يطلب من المجلس العلمي “فتوى” بشأن مقترحات تعديل مدونة الأسرة
  • ملك المغرب يطلب فتوى بشأن مقترحات تعديل مدونة الأسرة
  • ما هي خلفيات إحالة الملك لمقترحات مدونة الأسرة على المجلس العلمي الأعلى؟
  • الملك يُحيل تعديلات مدونة الأسرة على المجلس العلمي الأعلى.. بنطلحة يُحلّل الدلالات
  • مراجعة مدونة الأسرة.. الإحالة الملكية تعزز دور المغرب كمرجع للفكر السني الوسطي المعتدل القائم على الانفتاح والاجتهاد
  • الملك يراسل المجلس العلمي الأعلى بخصوص مدونة الأسرة
  • جلالة الملك يكرس الحرص على إحترام الدستور بإحالة مقترحات مدونة الأسرة على المجلس العلمي
  • الملك يحيل مقترحات تعديل مدونة الأسرة على المجلس العلمي الأعلى لإصدار فتاوى قبل اعتمادها رسمياً
  • الملك محمد السادس يطالب المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى في شأن مقترحات هيئة مدونة الأسرة (بلاغ الديوان الملكي)