في مثل هذا اليوم 9 مارس 1996 توفي الشيخ العلامة محمد الغزالي، تاركا وراءه إرثا كبيرا في العلوم الإسلامية وتجديد الفكر الإسلامي.

محمد الغزالي أحمد السقا، المعروف باسم محمد الغزالي، هو أحد دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، عرف عنه تجديده في الفكر الإسلامى وكونه من “المناهضين للتشدد والغلوفى الدين”.

كان الغزالي أحد المعترضين على رواية نجيب محفوظ "أولاد حارتنا" وقد سببت انتقادات الغزالي للأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي العديد من المشاكل له سواء أثناء إقامته في مصر أو في السعودية.

نشأته ومولده

ولد الشيخ الغزالي في قرية نكلا العنب بإيتاى البارود، بمحافظة البحيرة في ٢٢ سبتمبر ١٩١٧، ونشأ في أسرة متدينة بين خمسة إخوة، وأتم حفظ القرآن بكتّاب القرية في العاشرة، والتحق بعد ذلك بمعهد الإسكندرية الديني الابتدائي، وظل بالمعهد حتى حصل منه على شهادة الكفاءة، ثم الشهادة الثانوية الأزهرية.

ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة في ١٩٣٧ ليلتحق بكلية أصول الدين بالأزهر، وبدأت تظهر أولى كتاباته في مجلة (الإخوان المسلمين) أثناء دراسته بالسنة الثالثة في الكلية إلى أن تعرف على مؤسس جماعة الإخوان حسن البنّا، مؤسس جماعة الإخوان، حتى تخرّج بعد أربع سنوات في ١٩٤١ متخصصًا في الدعوة والإرشاد، إلى أن حصل على درجة العالمية في ١٩٤٣ وعمره ست وعشرون سنة ليبدأ مسيرته الدعوية من خلال مساجد القاهرة.

اعقل الشيخ الغزالي في عام ١٩٤٩ بعد حل الجماعة.

سماه والده باسم محمد الغزالى، تيمنا بالإمام الغزالى سافر الغزالى إلى الجزائر في ١٩٨٤ للتدريس في جامعة الأمير عبدالقادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، ونال العديد من الجوائز والتكريم منها جائزة الملك فيصل للعلوم الإسلامية .

قدم الغزالي مراجعات للتفكير العربي في مواجهة الفكر اليهودي، كما أن له كتب مهمة في نقد خطاب السلفيين الذين ينزعون للتدين الشكلي، معتبرًا أن إعمال العقل كان الركيزة الأساسية في أطروحات الغزالي، فضلًا عن كتابه المهم "السنة بين أهل الفقه وأهل السنة"، والذي التزم فيه موقفا وسطيا ولقد أثر تأثيرا كبيرا في الصحوة الإسلامية في السبعينيات.

قاد الغزالي فكريا الخروج من ضيق أفق وفكر التنظيمات المتطرفة إلى الوسطية وفكرة إعمال العقل، كما لعب دورا مماثلا في الجزائر حين سافر إليها وقاد مناظرات فكرية مع الشباب الذين كانت تجتذبهم هذه الجماعات ولقد تخرج من مدرسته الكثير من الدعاة وأصحاب الفكر الإسلامي الوسطي والذي يدعو لإعمال العقل ووضع مستجدات الحياة في الاعتبار.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: محمد الغزالي الغزالي العلوم الإسلامية الفكر الإسلامي رواية نجيب محفوظ

إقرأ أيضاً:

عميد الفكر النزواني

ولد عميد الفكر النزواني أبو سعيد محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد الناعبي، في بلدة العارض من كُدَم في بدايات القرن الرابع الهجري في حوالي سنة 305هـ . وحين أصبح في ريعان شبابه قرر السفر إلى نزوى لتقلي العلم من علمائها، حيث اشتهرت نزوى دائما بكثرة العلماء وطلبة العلم فيها وما زال هذا حالها إلى يومنا هذا، فجلس الكدمي في مجلس الشيخ محمد بن روح بن عربي الكندي، والشيخ رِمشقي بن راشد ومحمد بن الحسن، والشيخ عبدالله بن محمد بن أبي المؤثر الخروصي لينال نصيبا من علمهم ويستمع لهم، ويحفر في ذاكرته حروف كلماتهم.

كان الكُدَمي مجدًا في طلب العلم وحريصا عليه. هذا الحرص جعل منه شخصية علمية غزيرة العلم والمعرفة . عاصر الكدمي ثلاثة من الأئمة: الإمام سعيد بن عبدالله الرُحيلي، والإمام راشد بن الوليد، والإمام حفص بن راشد، وفي فترة إمامة الإمام سعيد بن عبدالله نال محمد بن سعيد الكُدمي حظوة لدى الإمام لأمانته وإخلاصه في عمله، فعينه الإمام أمينًا على المحبوسين، وكتب الكدمي يصف الإمام سعيد على لسان معلمه أبي إبراهيم محمد بن أبي بكر الأزكوي قال: «الإمام سعيد بن عبدالله أفضل من الإمام الجلندى بن مسعود نظرا لكونه إماما عادلا صحيح الإمامة من أهل الاستقامة يفوق أهل زمانه أو كثيرا منهم في العلم ومع ذلك قتل شهيدا».

وكانت له منزلة كبيرة أيضا لدى الإمام راشد بن الوليد وكان مقربا منه، والكدمي يذكر الإمام راشد بقوله: «كان رحمه الله لرعيته هينا رفيقا بآرائهم، شفيقا غضيضا عن عورتاهم، مقيلا لعثراتهم بعيد الغضب عن مسيئهم، قريب الرضا عن محسنهم». وفي عهد الإمام حفص بن راشد كان الشيخ محمد بن سعيد هو المرجع الديني لعمان قاطبة، وتولى الجانب الديني والفقهي في حكومة الإمام.

كتب الشيخ محمد بن سعيد عددًا من المؤلفات التي لا تزال تعد مصدرا مهما في دراسة الفكر الديني في عمان ومن هذه المؤلفات كتاب الاستقامة، ولخص هذا الكتاب علي بن محمد المنذري في كتاب نهج الحقائق، وللكدمي كتاب «المعتبر» والذي يقع في تسعة أجزاء، وهو شرح لجامع ابن جعفر ولم يتبق من هذا الكتاب القيم سوى جزأين، وكتاب «زيادات الأشراف»، وعلق الشيخ الكدمي في هذا الكتاب على كتاب «الإشراف على مذاهب أهل العلم» لمؤلفه محمد بن إبراهيم بن المنذر بن الجارود النيسابوري. وذكر البرادي أن للكدمي كتابًا بعنوان «المقطعات»، وله عدد من الرسائل والمكاتبات وردت في بيان الشرع، وعدد من القصائد والمنظومات حول قضية عزل الإمام الصلت بن مالك، وله جوابات جمعها سرحان بن سعيد أمبوعلي الأزكوي في كتاب أسماه «الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد».

ويعد كتاب «الاستقامة» من أهم أعمال الشيخ أبي سعيد الكدمي، ويقع هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء، يتناول موضوع الولاية والبراءة كمحور رئيسي له، وتميز في طرحه بأنه تناول الجانب المعتدل والمتسامح وابتعد عن التطرف في إطلاق الأحكام، ومن أبرز الأسباب التي دفعت الكدمي إلى كتابة كتاب «الاستقامة» هو رغبته في شرح وجهة نظره حول موضوع الخلاف الشاغل بين العلماء في تلك الفترة وهي قضية عزل الإمام الصلت بن مالك الخروصي، فحدث خلاف بينه وبين الشيخ ابن بركة، حيث كان ابن بركة وهو من أبرز علماء عصره وعميد للفكر الرستاقي الذي كان يرى ضرورة البراءة من راشد بن النظر وموسى بن موسى، وطلب ابن بركة من جميع طلابه أن ينهجوا نهجه، فضيق على الناس بطلبه هذا. فقرر الكدمي -والذي عرف بتوجهاته التي تميل دائما إلى الوسطية- أن يكتب كتابا يوضح فيه موقفه من قضية راشد بن النظر وموسى بن موسى، فكتب «الاستقامة» ووضح في كتابه هذا أن هذه الحادثة قديمة وأنهم في هذا الجيل لم يشهدوا الأحداث حتى يطلقوا الأحكام، لذا وجب الوقوف في مثل هذه الأمور، وعدم البراءة من أي شخص ممن عاصر قضية عزل الإمام الصلت. لاقى كتاب «الاستقامة» الذي تميز بعمق الطرح وينم عن غزارة العلم، استحسان الكثير من علماء عصره؛ وبذلك تأسس فكر مختلف عن الفكر الرستاقي عرف بالفكر النزواني الذي تولى ريادته الشيخ محمد الكدمي.

جاء الجزء الأول من الكتاب في أسس وقواعد الولاية والبراءة، والجزء الثاني في أحكام الولاية والبراءة، أما الجزء الثالث، فحول تطبيقات الولاية والبراءة.

استفاد من جاء بعده من العلماء من كتاب «الاستقامة»، فصاحب بيان الشرع نقل من الاستقامة كل ما يخص موضوع الولاية والبراءة، وكتب الشيخ ناصر بن خميس الحمراشدي يصف كتاب «الاستقامة»:

كتاب الاستقامة ليس يلقى له في الكتب شبه أو نظير

حوى علم الشريعة فاستقامت على قطب استقامته تدور

عليك به حياتك فاتخذه شعارك فهو برهان ونور

واشتهر عن أبي سعيد عدد من العبارات التي لا تزال تتداول إلى اليوم، ومن أشهر هذه العبارات (من تشجع بعلمه كمن تورع به)، وله أيضا عبارة (الأمر إذا ضاق اتسع، وإذا اتسع ضاق).

قرر الشيخ سعيد في آخر أيامه العودة إلى موطنه العارض، وهناك بنى فيها مسجدا ليعلم طلبة العلم فيه ويكون ذكرى باقيا عنه، وظل في العارض إلى أن انتقل إلى جوار ربه بعد حياة حافلة بالعلم في طلبه وفي نقله للأجيال اللاحقة. وظل الشيخ الكدمي معلما لمن جاء بعده من خلال مؤلفاته التي كانت تحمل بعدا فكريا عميقا، ويقول عنه الشيخ أبو نبهان الخروصي : «وكفى بأبي سعيد -رحمه الله- حجة ودليلا لمن أراد أن يتخذ الحق لنفسه سبيلا؛ لأنه أعلم من نعلم من الأحبار وآثاره أصح الآثار».

مقالات مشابهة

  • الدكتور بن حبتور يعزي في وفاة الشيخ علي أبو سالم
  • رئيس مركز الفكر الإسلامي والدراسات المعاصرة: على المسلم مجاهدة نفسه على طريق الحق
  • عميد الفكر النزواني
  • "السنة النبوية واستقرار الأوطان".. محور ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الحسين
  • البحوث الإسلامية: أسبوع الدعوة يستهدف تحصين عقول الشباب وتعزيز الفكر الوسطي
  • "لغة القرآن".. انعقاد ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الحسين
  • الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشيخ الحباري
  • الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشيخ محمد مبخوت الحباري
  • ربنا يجمعني بيه..أسماء جلال تحيي ذكرى وفاة والدها بكلمات مؤثرة
  • ولي عهد الشارقة يعزي في وفاة عائشة بنت الشيخ مبارك بن علي الشامسي