بوابة الوفد:
2025-01-12@08:55:43 GMT

الطب والأدب

تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT

كل طبيب بداخله أديب وهذا شيء لا يستطيع أحد من الناس أن ينكره أو يداريه، ولا أعلم حقيقة العلاقة بين الطبيب والأدب، بل لا أعلم أيضاً العلاقة بين الطبيب والكتابة بشكل عام فهل لأن الطبيب طول عمره يكتب ويقرأ ويسمع من هنا وهناك ولكننى كنت أجمع وأنا صغير مقالات الدكتور حسين مؤنس فى مجلة أكتوبر لفترة طويلة وكنت أقرأ المقال أكثر من مرة وأحتفظ بأعداد كثيرة من مجلة أكتوبر لهذا السبب وكنت أيضاً أقرأ كثيرًا لغيره من الكتّاب فى جريدة الأهرام واحتفظ بالمقالات داخل بعض الكتب ثم أقوم بجمع عدد كبير منهم وأقرأهم دفعة واحدة بالترتيب وهذا امتحان كبير من القارئ للكاتب فهو يتابع تغيّر الكاتب وتلونه وإذا كان الكاتب «يغير جلده» إذا تغيّر الوضع السياسى أو الأخلاقى من عدمه وكنت أتابع أيضاً كتابات أخرى كثيرة فى شتى العلوم والأدب واللغة خاصة أنيس منصور فى الأهرام وكثيرٌ كثير من الكتب التى لا حصر لها ولا داعى لذكرها لأن الكتاب المقروء كنزٌ لا يعلمه كثيرٌ من الناس فهو أقرب إلى «كتاب الوزارة» فى كتب المدرسة فى أهميته للطالب إذا أراد أن ينجح فالكتاب الذى تشتريه لكى تقرأه يمثل لك النجاح فى إدارة زمن معين أو جزء معين فى حياتك إلى أن أوقعتنى الظروف ذات مرة فى نادى الصيد المصرى فُطلب منى أن أكتب مقالات طبية أسبوعية فى جريدة الوفد فخفت أن يشعر من يقرأ لى أننى أتغيّر فى موقف أو أتلون بل أحاول كثيرًا أن أنقل المعلومة الطبية بكل أمانة ولا أخلط شيئًا بآخر لأن الأمانة العلمية تُحتم عليك أن تحترم القلم والأجيال القادمة التى ستأتى بعدنا ستحاسبنا على ما قدمنا وعلى كثير مما فرطنا فيه.

ومن البدايات إلى النهايات يكون فى عمر الإنسان يترك بصمة أو لا يترك شيئًا، ولذلك كان المقال الطبى أمانة ومسئولية وطريقك جذب القارئ أن يترك الموبايل ويركز قليلًا فى مقال طبى قد يستثقله فى أول المقال ولكنه يجد ما يجذبه إلى آخره وهذه هى الحبكة الدرامية التى تعلمناها فى الكتابة حتى توصّل المعلومة الطبية إلى عقل القارئ فتظل عالقة فى ذهنه لفترة طويلة وهذه هى قيمة الكتابة ولذلك كتبنا دون أى عائد مادى من أحد لأننا نجد قيمة المقال فى عدد من يقرؤونه ومن يتابعونه دون أن يعملوا «Like» أو غيره، أما احترام اللغة العربية فى المقال فشيءٌ آخر عند الكاتب والمفردات التى نستخدمها لا تأتى هكذا فقد تراجع المقال أكثر من مرة لوجود كلمة أنت لا ترضى عنها حتى يفتح الله لك فتحًا فيها وأرى أيضاً أن كثرة الألقاب تُفسد الكاتب فهو فى النهاية يكتب والناس تقرأ ما يكتبه وهذا هو أكبر احترام للكاتب أن يحرص الناس على قراءة ما يكتب ويتابعون أو ينتظرون مقالك فى أى تخصص أما ألقاب «الكبير والعظيم والمخضرم» فهى ألقاب تفسد الإنسان فضلًا عن الكاتب.

وفى النهاية يبقى ما كُتب وما قُرئ وما تعلمّه الناس من الكاتب، أما الكاتب نفسه فى أى مجال فيذهب وقد يختلف الناس حسب أهوائهم على هذا الكاتب هنا وهناك، أما ما كُتب فلا مجال للعبث به إن كان علميًا حقيقيًا يسرد الحقائق مثل الطب دون تضليل، ويقول العارفون بالكتاب إنها العبر لمن أراد النظر، وإنها تطيل السهر، وتُضعف البصر، فيها الِبشر والخبر، وليس فيها ضجر، ولكل كاتب أثر، فى أجيال كُثر من بنى البشر، وفيها سعد من شكر فى ضحىٍ أو فى سحر.

استشارى القلب - معهد القلب

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: معهد القلب د طارق الخولي

إقرأ أيضاً:

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. قصاصة حقيقة!

#قصاصة_حقيقة!

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 18 / 3 / 2017

كانت تحضر مع انتهاء الفصل.. مع نهاية الشتاء مثلاً أو آخر زفرات الصيف، لكنها مثل الطيور المهاجرة تحافظ على هذين التوقيتين ولا تحيد بوصلتها عنهما، لا أذكر ملامح صاحبها، ولا أحد يعرف في أي ساعة كانت تدخل المدينة، كل ما أذكره أن الخبر كان ينتشر سريعاً بين أولاد الحي، ليقفز مثل الغيمة فوق الأحياء القريبة، وتبدأ النساء يحضّرن وجبات القماش..

مقالات ذات صلة “أوتشا”: أزمة الجوع مستمرة بالتفاقم في غزة 2025/01/10

هيكل حديدي ضخم نسبياً يرتكز على عجلين صغيرين.. لها فوهة مثل فوهة البركان يبتلع القطع الكبيرة ومزراب صغير ينزل منه فتات الملابس والخيطان وقد اختلطت ألوانها.. صاحب “مطحنة الشرايط” كان يحضرها في الساحة الترابية الممتدة بين مقبرتي المدينة، لم يغيّر يوماَ ذاك المكان البائس، ولم يحاول أن ينتقل إلى ساحات أكثر حيوية، ربما لأن الملابس العتيقة المنوي طحنها هي “موتى” الملابس، والمقبرة مكان ملائم لهذه النهايات، وربما أن الملابس نفسها تعود إلى بعض الموتى، فكان المكان ملائماً لإلقاء النظرة الأخيرة على ما كانوا يرتدون قبل أن يتقمّصوا البياض الأبدي، وربما أن ضوضاء الماكنة وصوت محركها المرتفع لا يحتمله إلا الميت، والميت لا يقوى على المنازعة أو الشكوى.. لذا اختيار هذا المكان ليكون مقرّاً مؤقتاً لطحن الذكرى والزمن الملتصق على أبدان الثياب كان له دلالات كثيرة..

كانت تحضر الأمهات أكياس الألبسة العتيقة على رؤوسهن من كل الأحياء، يضعنها قرب القبور الجديدة وينتظرن دورهن في “طحن القماش”.. قمصان انتهت موضتها وتسببت بتخمة زائفة للخزائن الضيقة، سراويل قديمة قضمت من الركبة ذات سقوط وكانت عصية على كل الرقع، معاطف اختزلت فصول الشتاء والعواصف والرعود والركض إلى المدرسة في طرق الطين، فخرج الصوف من قلب البطانة وبدأ يثلج كتلاً أثناء المسير، قبعات قضمها فأر الشتاء في عتمة الخزانة فأحدث ثقبها بيضوياً عند الجبهة، فنفر الأولاد من لبسها، وثوب تزاحمت الرقع على الشقوق فصار الثوب رقعة كبيرة..

كنت أسأل نفسي لم ما زلنا نحلم بالعائلة القديمة بتقاسيمهما وأصواتها وملابسها، لم ما زالت الأحلام طفلة رغم كهولتنا؟
الأمهات القديمات لم يكنّ يحببن التجديد والإتلاف.. دائماً يرغبن في إعادة التدوير والاستفادة من الممكن.. حتى القمصان والبناطيل البالية الذاهبة في طريقها إلى الطحن، كن يقطعن منها الأزرار، ويستخرجن السحّابات المعدنية، قبل أن يسلّمن إلى مقصلة الملابس.. تبتلع الماكنة الخصر والحجول والأكمام، تتناثر الخيطان فوق فوّهة الآلة كرذاذ الكلام من فم عجوز.. ثم بعد لحظات يخرج مزيجاً من الألوان يغلبه الرمادي من مزراب القماش المسحوق.. تملأ الأمهات أكياسهن بطحين الخيوط والملابس والقطع الصوفية، ثم يحملنها إلى البيوت ثانية ليصنعن منها وسائد للصغار، أو مساند للضيوف، أو لحفاً ثقيلة للشتاء القادم، فهذا المزيج من القطن والصوف والنايلون والجينز والكيتان.. يمكن أن يكون وسادة أو لحافاً أو فرشاً عالياً يجلس عليه أهل البيت ويغنيهم عن فراش جديد..

كنت أسأل نفسي لم ما زلنا نحلم بالعائلة القديمة بتقاسيمهما وأصواتها وملابسها، لم ما زالت الأحلام طفلة رغم كهولتنا؟ فاكتشفت أن السرّ في الوسادة واللحاف.. كيف لوسادة تحمل خليط ملابسهم ورائحتهم أن تنساهم؟ كيف لها ألا تنسج خيوط الحلم من معاطفهم الشتوية ورعشاتهم الطفولية وكنزات الصوف المعتقة بقصص أمي الليلية؟

كان يا مكان.. كان هناك “مطحنة شرايط” تأكل ملابسنا في النهار ثم تنسج أحلامنا من الوسائد في الليل، ترى ماذا لو كانت هناك “مطحنة جرايد” تأكل كل الأخبار اليومية والوعود الرسمية وحل الدولتين وحدود الرابع من حزيران، ورفض تقسيم العراق المقسم، والحفاظ على وحدة سوريا المشتتة؟ لو أن هناك مطحنة تلوك كل هذا الورق المجبول بالحبر، وتنبت لنا قصاصة حقيقة واحدة أو وسادة صدق تصحح أحلامنا!

ااحمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

مضى #193يوما …

بقي #83يوما

#الحريه_لاحمد_حسن_الزعبي

#سجين_الوطن

#متضامن_مع_احمد_حسن_الزعبي

مقالات مشابهة

  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. المهم الارتفاع قليلاً
  • "الجارديان" تبرز حجم الخسائر الضخمة التي خلفتها الحرائق في لوس أنجلوس
  • الشريف: كثير من أصحاب الأنشطة الاقتصادية لا يفضلون التعامل مع المصارف
  • في المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر الإسباني| أنشيلوتي: برشلونة تحسن كثيرًا.. فليك: الريال سريع في الانتقالات
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. قصاصة حقيقة!
  • عون رئيسا بتسوية شيعية أيضا
  • داعش والتجييش العاطفي للحفاظ على تماسك التنظيم
  • خالد هنو في حواره لـ"الوفد": الإسكندرية مركز الإبداع للفن التشكيلي والأدب
  • مؤتمر «السمنة.. من الطب إلى المجتمع» يبحث الجوانب الطبية والمجتمعية للسمنة
  • “بين الصحافة والأدب” في الأحساء