نقابة تدعو إلى الإبقاء على تزويج الفتيات القاصرات في وضعية هشاشة
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
دعا الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب إلى “تحديد الحد الأدنى للزواح دون سن الأهلية في 16 سنة، مع الاعتماد على الخبرة الطبية أو إجراء بحث اجتماعي أو هما معا وفق تقدير القاضي”.
وعللت النقابة المذكورة، سبب دعوتها إلى “ضرورة الإبقاء على هذا الاستثناء لملاءمته مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية لحالات محددة خاصة الفتيات”.
وتسمح مدونة الأسرة الحالية لقاضي الأسرة المكلف بالزواج “أن يأذن بزواج الفتى أو الفتاة دون سن الأهلية بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي، والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي”.
فيما تنص المدونة على “أن أهلية الزواج تتمثل باتمام الفتى والفتاة المتمتعين بقواهما العقلية 18 سنة شمسية”.
ويذكر أنّ الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، انتهت من جلسات الاستماع التي شملت مختلف الفاعلين المعنيين.
وتشتغل الهيئة حاليا على بلورة المقترحات لرفعها إلى الملك للنظر فيها.
ويذكر أن الملك وجّه يوم 26 شتنبر 2023 رسالة إلى رئيس الحكومة، لإعادة النظر في مدونة الأسرة. وتم تشكيل الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة في ضوء التكليف الملكي الإشراف العملي على هذه المراجعة، “لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة”.
كما دَعا الملك إلى إشراك المجلس العلمي الأعلى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ووزارة الأسرة، مع الانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين.
وحددت الرسالة الملكية مدة عمل اللجنة في أجل أقصاه 6 أشهر، مع التأكيد على رفع مقترحات التعديلات إلى الملك قبل إعداد الصيغة النهائية التي سيتم عرضها على الحكومة لإعداد مشروع قانون يتعلق بهذه المراجعة، وإحالته على البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه في إطار مسطرة التشريع العادية.
كلمات دلالية القاصرات مدونة الأسرة مراجعةالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: القاصرات مدونة الأسرة مراجعة مدونة الأسرة
إقرأ أيضاً:
“من هشاشة القيادة إلى حائط المبكى: البرهان يسجد غربًا”
ولأن الأحلام السيئة لا تموت، تحوّلت نبوءة الأب إلى فكرة ملحّة في ذهن الجنرال.
وهكذا خطرت الفكرة في رأسه… لا كقرار استراتيجي، بل كانت لحظة انخطاف رمزي، تتويجًا لوهم داخلي دفين: أن يكون لابن البرهان، أخيرًا، شيء يُذكر… ولو كان رسالة انبطاح مختومة بختم الرضا الإسرائيلي.
أرسل البرهان مبعوثه الشخصي إلى تل أبيب، لا ممثلًا لحكومة بورتسودان، بل كمقاول قلق في مزاد الشرعية الدولية، يبحث عن شهادة “حسن سير وسلوك” من الخارج ليُقنع العالم أن الجريمة قابلة للإخراج… متى ما توفّر لها راعٍ رسمي.
وبين تل أبيب وطهران، لا يبدو البرهان صاحب وجهة، بل زبونًا دائمًا في سوق الاصطفاف؛ وولاءً مشفوعًا بخيبة من إيران. ليس في هذه الرحلة ما يشي بالكرامة، بل كل ما فيها يشبه مشهدًا من كوميديا سوداء، جنرال هائم في متاهة، لا يعرف هل هو أمير حرب أم وسيط سلام، فيمد يده إلى الجميع وهو يخطو فوق جماجم الجميع.
ولأن مصير بعض الأحلام أن تُترجم على يد أبنائها إلى كوابيس قومية، قرر البرهان أن يصنع لهذا “الشأن” هيئة، ولو كانت على شكل ملف تطبيع.
لم يكن ذلك وفاءً لحنين عائلي، بل لأن الجنرال، في أعماقه، أراد أن يثبت لنفسه أن “الشيء العظيم” الذي تنبّأ به أبوه يمكن أن يكون شيئًا – أي شيء – حتى لو كان توقيعًا ذليلاً في دهليز دبلوماسي.
الخطوة التي خطاها الجنرال تعبّر عن ارتباك وقلق، لا عن رؤية. إذ يتأرجح البرهان بين طهران وتل أبيب، كما يتأرجح الغريق بين يدين لا تنويان إنقاذه.
لا مبدأ، لا بوصلة، لا اتساق… فقط غريزة باهتة للبقاء، أيًّا كانت التكلفة، وأيًّا كان ما يُقتطع من شرايين هذا الشعب المنهك.
سلطة الأمر الواقع الحاكمة اليوم لا تملك مشروعًا، ولا حتى خطابًا يمكن تمثيله. بل فقط سلسلة من التحركات الاستعراضية المصابة بـ”هوس القبول الخارجي”، كأنها تخوض امتحانًا شاقًا للحصول على تأشيرة للبقاء في سلطة لا يعترف بها أحد.
وهكذا يُبعث الفريق الصادق إسماعيل، لا كمبعوث سياسي، بل كخادم دبلوماسي في مطبخ بلا طهاة أو زبائن.
يحمل في جيبه قائمة طعام منتهية الصلاحية تُسمّى “موقف السودان الرسمي”، ويقدّمها بإيماءة موظف في شركة علاقات عامة.
يحمل بيانًا عن “رغبة السودان في استكمال اتفاقيات أبراهام”، ويعرض على الإسرائيليين انبطاحًا على الطريقة ما بعد السيادية: حين تصير الدولة ملحقًا دعائيًا، والجنرال ظلًا يحبو على ركبتيه ليحقق نبوءة أبيه… أيًّا كانت فداحة الثمن.
ولأنه لا شيء يُثير الشفقة مثل العجز حين يتزيّن بالبذلة العسكرية، فإن هذا الجنرال الذي يتسكع الآن بين العواصم، هو نسخة مشوهة من جنرال ماركيز، ذاك الذي ضاع في متاهة مجده.
أما جنرالنا، فغارق في متاهة نكرانه. لا يتيه في الحنين، بل في الخواء.
لا يحمل خريطة لأمجاد ضائعة، بل دفتر ديون معلّقة في كل سفارة.
يسأل العالم: من يشتري هذا البؤس السياسي؟ من يمنحنا ختم البقاء ولو على ورق مهترئ؟
الجنرال هنا لا يسير في ممرات التاريخ، بل في دهاليز المذلة.
يتوكأ على ماضٍ لم يكن له، ويقدّم وطنًا على طبق من الندم، مقابل أن يقول له أحد: “أنت لا تزال قابلاً للاستعمال.”
من يقرأ هذا المشهد لا يحتاج إلى الخيال، بل إلى قليل من غثيان.
لأن ما نراه ليس تسوية، بل قاعًا سياسيًا بلغ من الرداءة أن صاحبه لم يعد يفرّق بين الاعتراف والارتماء، بين التحالف والذل، بين أن تكون في موقع القرار، أو أن تكون في موقع التسوّل باسم وطنٍ لم تُجِد إلا خيانته.
قال أنطونيو غرامشي ذات مرة: “كل أزمة عظيمة تفرز مخلوقات غريبة.”
والبرهان، دون أدنى شك، هو الكائن الأكثر فرطًا في الغرابة بين تلك المخلوقات.
ليس لأنه دكتاتور كلاسيكي، بل لأنه بلا شكل، بلا مضمون، بلا أعداء حقيقيين ولا أصدقاء.
فقط يبحث عن أي سطح يعكس له وجهًا لا يعترف به أحد.
رجل يخطو بين العواصم مثل ظلٍ مرتجف، يحمل الخواء كمن يحمل صليبه، لكنه لا يُصلب من أجل فكرة، بل من أجل مقعد.
لقد أصبحت السلطة في السودان لا تملك بوصلة، بل خريطة مرسومة على ورق مبلول.
تتأرجح بين طهران وتل أبيب، بين المرتزقة والجنرالات، بين أعداء الأمس وأوهام الغد.
إنها لا تتقدّم، بل ترتجف.
سلطة فقدت لغتها، فصارت تتحدث بإيماءات شخصٍ يحدّق في مرآة متكسرة، فيرى نفسه في كل شظية مخلوقًا جديدًا، ثم يقنع نفسه أن هذا التمزق مكافأة تأويلية، لا عرضٌ جانبي للانهيار.
يا للمهزلة. يا للمفارقة حين تتحوّل الدولة من مشروع إلى نثار سيادي يتنقّل كالغبار بين العواصم، بحثًا عن تصريح إقامة مؤقت في ضمير العالم.
البرهان لا يفاوض من موقع الدولة، بل من موقع العزلة.
إنه رجل يمدّ يده لا ليصافح، بل ليستجدي أن يكون له مكان في صورة جماعية، حتى لو كان على أطرافها: نصف ظلّ، نصف اسم، ربع تاريخ.
هل يظن أن التطبيع ممحاة أخلاقية للمذابح؟
هل يدرك أن قصف المدنيين لا يُنسى لأنك ابتسمت في وجه سفير؟
هل يظن أن توقيع اتفاق سلام مع قوة استعمارية سيُعيد إليه ما فقده من احترام في عيون أهل الضحايا؟
ربما لا يعلم. وربما يعلم، لكنه لا يكترث.
فالفرد الذي قرر أن تكون السلطة هي الله، لن يتورّع عن تحويل كل الشعب إلى قربان على مذبح بقائه.
وعندما تُسائل الزمن: لماذا الآن؟
لا يردّ عليك أحد، بل تشعر بأن الزمن نفسه قد فقد إحساسه بالاتجاه.
وأن السلطة، في جوهرها، ليست مؤسسة للقرار، بل معدةٌ خاوية تلتهم كل ما يُطيل عمرها، دون أن تهضم شيئًا.
إنها جوعٌ متحوّل، يتنكر تارة بهيئة الدولة، وتارة بهيئة الدعاء.
لكنها، في حقيقتها، تجسيد للجوع حين يُصبح كائنًا سياسيًا.
وهكذا يذهب البرهان برسوله إلى تل أبيب، لا بصفته قائداً للجيش، او رئيسا للمجلس السيادي كما يحلو له، بل بصفته طالبًا عند بوابة الجلاد.
يعرض عليه خرائط وطن مبللة بالدم، مقابل لافتة تقول:
“تم اجتياز امتحان العبودية بنجاح… نوصي باعتماده كرمز حيّ للفشل القابل للتوظيف.”
لكنه، ويا للمفارقة، نسي شيئًا صغيرًا:
أن الشهداء لا يصافحون السفارات،
وأن الخلاص لا يأتي عبر البريد الدبلوماسي،
وأن التاريخ، حين يُكتب، لا يستعمل محاضر الزيارات…
بل أسماء الضحايا.
وفي الخلفية، بينما يغادر الصادق إسماعيل مطار بن غوريون،
كان صدى محجوب شريف يتسلل من حنجرة غاضبة:
“سلم مفاتيحو… وافتحو الشباك
خلو الضو يدخل… نسمع العصافير”
لكن النوافذ ظلّت موصدة، لأن العفن تمدد حتى مفاصل الأبواب.
zoolsaay@yahoo.com