عالم المصريات حسين عبد البصير: "الأساطير المصرية القديمة" موسوعة عن الديانة وكل ما يتعلق بمعتقدات القدماء| حوار
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
صدر مؤخرا لعالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية كتاب “الأساطير المصرية القديمة” وشارك به في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وحقق نجاحات كبيرة خاصة لما يحتويه من محتوى مهم عن الحضارة المصرية القديمة.
وتحدث الدكتور حسين عبد البصير مع موقع صدى البلد عن تفاصيل كتابه الجديد
في البداية كيف جاءتك فكرة كتابك الجديد "الأساطير المصرية القديمة"؟
أهلنا المصريون القدماء عظام للغاية ومبدعو مصر القديمة عباقرة ومفكروها خالدون، وسبقوا العالم أجمع برقي فكرهم الديني قبل الزمان بزمان؛ لذا فقد فكرت أن أكتب كتابًا عن الأساطير في مصر القديمة وريادة مصر القديمة في الفكر الديني أو ما نطلق عليه ميلاد الضمير في مصر القديمة؛ كي أوضح فيه عظمة الفكري الديني في مصر القديمة.
مع كل تلك التفاصيل الشيقة كيف بدأت التحضير له؟
بدأت الاستعداد منذ أكثر من ثلاث سنوات من العمل المتواصل الدؤوب وقراءة الأساطير والنصوص المصرية القديمة وأسس وكتب الديانة والحياة والموت والعالم الآخر في مصر القديمة، وكذلك كل ما يتعلق بمصر القديمة وفكرها الديني، وأيضًا قراءة كل كُتب ما عن مصر القديمة والديانة والأساطير والمعبودات المصرية القديمة حتى أعرف ما قد قيل، وأحدد ما سوف أضيفه حتى لا أكرر ما قاله الآخرون. وتم الاستقرار على الزاوية التي خرج بها الكتاب على هذا النحو المختلف عن الكتب الكثيرة الصادرة في نفس الموضوع. وجاء كتابي برؤية جديدة حديثة بسيطة ميسرة تناسب لغة العصر ولغة العلم ولغة الأدب بشكل جذاب وشيق يمتع القراء المعاصرين والقارئات المعاصرات.
مع ذلك العمل المتواصل للبحث عن المعلومات الصحيحة وعدم التكرار كيف استقبل الجمهور كتابك "الأساطير المصرية القديمة"؟
استقبل الجمهور كتابي الجديد "الأساطير المصرية القديمة" استقبالاً كبيرًا ليس له مثيل، على الرغم من أنني قد أصدرت الكثير من الكتب من قبل، وهذا العام في معرض القاهرة الدولي للكتاب قد أصدرت حوالي خمسة كتب جديدة، وكان كتاب الأساطير المصرية القديمة من أهمها وتصدر المشهد بفضل الله سبحانه وتعالى. وكان الجميع في انتظاره. والكتاب ليس عن الأساطير في مصر القديمة، لكنه موسوعة عن الديانة المصرية القديمة بكل بأوجهها ومظاهرها وموضوعاتها، والآلهة المصرية القديمة وكل ما يتعلق بالكتب الدينية والمعبودات والحياة الأولى والموت والحياة بعد الموت والعالم الآخر. وأي شيء يريد أن يعرفه الإنسان عن مصر القديمة والمعتقدات الدينية الحياتية والأخروية في مصر القديمة، سوف يجده داخل هذا الكتاب. ولقد أشاد به وكتب عنه كتاب ومثقفون كبار أمثال الروائي الكبير الأستاذ إبراهيم عبد المجيد، والكاتب والإعلامي الكبير الأستاذ إبراهيم عيسى، والمذيعة المتألقة الأستاذ بسنت بكر، والكاتب الصحفي المبدع الأستاذ صابر رمضان، والكاتب الصحفي الموهوب الأستاذ محمد شبانة، وغيرهم الكثير.
في النهاية حدثنا عن أهم الأساطير التي تناولها كتابك "الأساطير المصرية القديمة"؟
-تناول كتابي عظمة الفكر الديني المصري القديم. ثم في القسم الأول، تناولت الأساطير المصرية مثل أساطير خلق الكون، وأسطورة عين شمس، وأسطورة منف، وأسطورة الأشمونين، وأسطورة طيبة، وأسطورة إيزيس وأوزيريس، وأسطورة صراع حورس وست، وأسطورة إله الشمس رع (أو "أسطورة هلاك البشرية")، وأسطورة البقرة السماوية، وأساطير رحلة إله الشمس، وأساطير ولادة الطفل الملكي، وأساطير نهاية الكون. وختمت ذلك القسم بالتعرف إلى مغزى الأساطير المصرية. وفي القسم الثاني، تناولت أساسيات الديانة المصرية مثل الكون، والملكية، والعالم الآخر، والنصوص الطقسية والسِحرية، والصلوات والترانيم، والمعابد، والطقوس والاحتفالات الرسمية، والسِحر، والوحي، والديانة الشعبية. وفي القسم الثالث، أوضحت تاريخ وتطور الديانة المصرية. وشرحت ذلك التطور في فترات ما قبل وبداية الأسرا، وفي عصر الدولتين القديمة والوسطى، وفي عصر الدولة الحديثة، ثم تناولت الملك أخناتون وديانة ربه الجديد المعبود آتون، وقدمت الترنيمة العظيمة للرب آتون، ثم ذكرت تطور الديانة المصرية القديمة في الفترات اللاحقة. وفي القسم الرابع، شرحت عقائد الدفن في كل الفترات الزمنية مثل عصور ما قبل التاريخ، وعصر ما قبل الأسرات، وعصر الأسرات المبكر، وعصر الدولة القديمة، وعصر الانتقال الأول، وعصر الدولة الوسطى، وعصر الانتقال الثاني، وعصر الدولة الحديثة، وعصر الانتقال الثالث، والعصر المتأخر، والعصر البطلمي، والعصر الروماني.
في القسم الخامس، قدمت العادات الجنائزية مثل التحنيط، وتحنيط الحيوانات، وطقسة فتح الفم، والأثاث الجنائزي، والمراكب الجنائزية، والتوابيت، والاستعداد للآخرة، ومحاكمة الموتى. وفي القسم السادس، تناولت الكتب الدينية المختلفة عبر العصور المصرية القديمة مثل نصوص الأهرام، ونصوص التوابيت، وكتاب الطريقين، وكتاب الموتى، وكتاب الإيمي دِوُات، وكتاب الكهوف، وكتاب البوابات، وكتاب الليل وكتاب النهار، وكتاب الأرض، وكتب السماء، وكتاب نوت، وكتاب التنفس، وكتاب التنفس لحور، وكتاب عبور الخلود، وكتاب سِتنا خَع إم واس ونَا نِفر كَا بِتاح، وتعويذة الكهوف الاثني عشر، وتعويذة رع. وفي القسم السابع، تناولت طبيعة الآلهة المصرية، وأضحت معنى كلمة نِثر يعني "الإله" ودلالاتها. وفي القسم الثامن، قدمت معجم الآلهة المصرية، وبه أشهر المعبودات المصرية القديمة، والتي ذكرتها في الكتاب، وهي أهم المعبودات في مصر القديمة.
وماذا عن إيزيس وأوزيريس ؟
إذا أردنا أن نعرف أهم الأساطير المصرية على الإطلاق فقد كانت دون شك أسطورة إيزيس وأوزيريس وتحكي كما عرفنا عن الحاكم الإلهي الخَيِّر أوزيريس، الذي قُتل على يد أخيه الشرير الغيور ست، الإله المرتبط بالفوضى، وقامت أخت أوزيريس وزوجته الوفية الربة إيزيس بإحيائه حتى يتمكن من إنجاب ابنه ووريث عرشه، الرب حورس. ثم دخل أوزيريس العالم السفلي وأصبح حاكم الموتى، وبمجرد أن كبر، حارب حورس عمه الشرير ست، وهزمه وأصبح ملكًا على عرش مصر، عرش أبيه الرب الطيب أوزيريس. وكان ارتباط ست بالفوضى، وتحديد أوزيريس وحورس كحاكمين شرعيين، سببًا منطقيًّا للملكية المصرية، وتتابع الملوك على عرش مصر، وتصورهم على أنهم أنصار النظام وأعداء وساحقو الفوضى. وفي الوقت نفسه، كان موت أوزيريس يعد ولادة جديدة مرتبطة بالدورة الزراعية المصرية؛ إذ كانت المحاصيل تنمو في أعقاب فيضان النيل.
وما هى رحلة الرب رع وما ما ذكرته بالكتاب؟
من الأفكار الأسطورية المهمة الأخرى، كانت رحلة الرب رع كل ليلة عبر الدِّوات (أي العالم الآخر أو العالم السفلى، وفقًا لمعتقدات المصريين القدماء). وخلال تلك الرحلة، كان الرب رع يلتقي بالرب أوزيريس، الذي كان يقوم بدوره مرة أخرى كعامل تجديد حتى تجددت حياته، وكان يحارب كل ليلة ضد الشرير "أبوفيس" أو "عِبعب"، إله الفوضى. وكانت هزيمة "أبوفيس" والاتحاد مع أوزيريس تضمن شروق الشمس، أي رع، كل صباح في اليوم التالي، وكان حدثًا يمثل ولادة جديدة وانتصارًا للنظام (الماعت) على الفوضى (الإسفت). واستوحى المصريون أساطيرهم من دورات ومظاهر الطبيعة من حولهم، ونشأت الأساطير في وقت مبكرًا للغاية من عمر الحضارة المصرية، وكان تكرار الأحداث يؤكد تكرار حدوث أحداث الأسطورة، وبذلك كانت تجدد الماعت، النظام الأساسي للكون. وكانت من بين أهم أحداث الماضي الأسطوري، أساطير الخلق، حين شكلت الآلهة الكون من الفوضى البدائية، وقصص حكم إله الشمس رع على الأرض، وأسطورة إيزيس وأوزيريس الخاصة بصراع الآلهة أوزيريس وإيزيس وحورس ضد الرب المسبب للفوضى الإله ست. وكانت أحداث الأساطير التي كانت تمثل الحاضر آنذاك هي أساطير رحلة الإله رع اليومية عبر العالم ورحلته الأخرى في العالم الآخر، أو ما يعرف بـ"الدِّوات".
لقد شملت الموضوعات المتكررة الحدوث في الأساطير المصرية الصراع بين مؤيدي الماعت وقوى الفوضى، وأكدت على أهمية دور الملك في الحفاظ على الماعت، واستمرارية الآلهة وتجددها، واختلفت تفاصيل تلك الأحداث المقدسة اختلافًا كبيرًا من نص إلى آخر، وبدت غالبًا متناقضة، والأساطير المصرية هي في الأساس مجازية؛ إذ كانت تترجم جوهر وسلوك الآلهة إلى مصطلحات يمكن للبشر فهمها، ويمثل كل شكل من أشكال الأسطورة منظورًا رمزيًّا مختلفًا، وساهم ذلك في إثراء فهم المصريين للآلهة والعالم. وأثرت الأساطير بعمق على الثقافة المصرية القديمة، وألهمت أو أثرت في الكثير من الطقوس الدينية، وقدمت الأساس الفكري للملكية المصرية، وظهرت مناظر ورموز من الأسطورة في الفن في المقابر والمعابد والتمائم.
إن هذه هي باختصار قصة الأساطير والديانة المصرية القديمة وما يرتبط بهما من الكثير من الأمور عن أسرار وعبقرية مصر القديمة في صياغة الضمير والفكر الديني للعالم كله منذ أقدم العصور.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأساطير التاريخ المصري القديم الحضارة المصرية القديمة المصريون القدماء عالم المصريات فی مصر القدیمة العالم الآخر وفی القسم فی القسم کتاب ا
إقرأ أيضاً:
أزمة الإيجار القديم.. حوار مجتمعى وتعديل تشريعى متوازن
فتح الحكم الصادر مؤخراً من المحكمة الدستورية العليا باب الأمل لدى مئات الآلاف من المواطنين فى حل أزمة الإيجار القديم فى مصر، والتى تمتد منذ سنوات طويلة من المنازعات بين المالك والمستأجر، فهذا الملف الشائك يعد واحداً من أعقد الملفات والقضايا التى خشيت حكومات متعاقبة من اقتحامه أو الاقتراب منه؛ ومن وقت إلى آخر كنا نسمع عن مبادرات لحل هذه الأزمة وتقريب وجهات النظر بين الطرفين المتنازعين فى هذه القضية المتشعبة لكن دون جدوى على أرض الواقع.
تحدثنا كثيراً عن أن حل أى مشكلة يبدأ من الحوار الحقيقى والتفاوض بين طرفى النزاع، فكان من الضرورى أن يكون هناك حوار مجتمعى موسع حول أزمة قانون الإيجار القديم وآليات الحل والتوافق على رؤية وحلول ترضى جميع الأطراف دون تحيز أو ظلم لطرف ضد الآخر؛ تكون مقرونة ببرنامج زمنى تدريجى للوصول إلى الهدف المنشود وهو تحقيق التوازن بين حقوق المالكين والمستأجرين وأن تكون العلاقة الإيجارية مبنية على حلول منطقية عادلة.
الآن الفرصة سانحة ومهيئة أكثر من أى وقت مضى لاقتحام هذا الملف بكل تفاصيله ومراجعته ودراسة جوانبه كافة؛ وذلك بعد صدور حكم الدستورية العليا منذ أيام قليلة، والذى قضى بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1) و(2) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص فى إقامتها لأغراض السكنى اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون.
هذا الحكم واجب النفاذ يفك جزءاً من التشابك بين طرفى العلاقة الإيجارية وهو جزء مهم جداً يتعلق بحق المالك فى الحصول على القيمة الإيجارية العادلة، وبالتالى وجب إجراء تعديل تشريعى بقانون الإيجار القديم لتنفيذ حكم «الدستورية»، علماً أن المحكمة الدستورية العليا حددت فى حكمها اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى الحالى لمجلس النواب تاريخًا لإعمال أثر هذا الحكم، أى أن مجلس النواب ملزم قبل انتهاء دور الانعقاد الخامس الحالى بإقرار تعديل تشريع لتنفيذ الحكم بعدم دستورية تثبيت الأجرة السنوية فى نظام الإيجار القديم، ليتم وضع آليات تنفيذ الحكم وتحديد قيمة إيجارية مناسبة.
لقد آن الأوان لوضع حلول جذرية لأزمة الإيجار القديم، وتحقيق التوازن والعدالة فى العلاقة بين المالك والمستأجر؛ فقانون الإيجار القديم يتعلق بملايين المواطنين وهناك حالة اشتباك قائمة بين الطرفين بسببه منذ عشرات السنين، وفى الآونة الأخيرة كانت هناك بعض المحاولات البرلمانية لفتح هذا الملف وإجراء تعديلات تشريعية على القانون لحلحلته لكن بعض الظروف حالت دون استكمال هذه الخطوات، وكانت هناك مجموعة عمل حكومية برلمانية مشكلة لدراسة الملف ولكن لم نرِ نتائج اجتماعاتها وما توصلت إليه من رؤى وتصورات للحل حتى الآن.
إن مجلس النواب بادر بموقف إيجابى فور صدور الحكم بإصدار بياناً يؤكد فيه التزامه بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا من خلال التعديلات التشريعية اللازمة لتنفيذ الحكم، وأوضح أن مكتب المجلس كان قد كلف لجنة الإسكان بإعداد تقرير ودراسة مستفيضة عن ملف قوانين «الإيجار القديم»، وتقييم أثرها التشريعى، مع دراسة الخلفية التاريخية للتشريعات الخاصة بهذا الملف، وكذلك الاطلاع على أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعلقة بهذا الشأن كافة، مع دراسة وتحليل كل البيانات الإحصائية التى تسهم فى وضع صياغة تضمن التوصل إلى أفضل البدائل الممكنة التى تتوافق مع المعايير الدولية والدستورية بشأن الحق فى المسكن الملائم والعدالة الاجتماعية.
وننتظر وفقاً لما أعلنه مجلس النواب طرح هذا الملف على المجلس فى الجلسات القادمة فى ضوء تقرير مبدئى أعدته لجنة الإسكان، لتكن بداية للاستماع إلى وجهات النظر والمقترحات والتوصيات اللازمة لحل الأزمة، وهى خطوة مهمة تؤكد جدية البرلمان فى تناول هذا الملف للوصول إلى تعديلات تشريعية مرنة توجد حلول حقيقية على الأرض لجميع المشكلات المتعلقة بالإيجار القديم، وذلك كله يتسق أيضاً مع توجيهات القيادة السياسية بتعديل القوانين التى تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فى ظل قوانين الإيجارات القديمة، بهدف إقامة التوازن - الذى غاب عن تلك العلاقة التعاقدية لعقود طويلة - فى الحقوق والالتزامات.
وفى ضوء ذلك نؤكد على ضرورة وضع حلولاً جذرية تحقق الصالح العام وتنفذ أحكام المحكمة الدستورية العليا، ومجلس النواب أمامه الفرصة سانحة لوضع تعديل تشريعى شامل لقوانين الإيجار القديم بعد دراستها بتأنٍ والاستماع إلى وجهات نظر جميع الأطراف، حيث إن قدرة البرلمان على إنجاز وحسم قانون الإيجار القديم سيكون من أهم التشريعات التى أقرها المجلس لأنها ستساهم فى حل أزمة كبرى اجتماعية واقتصادية لقطاع عريض من المواطنين، لذلك يجب الإسراع فى مناقشة تعديلات قانون الإيجار القديم وإجراء حوار اجتماعى موسع بشأنه بحضور مختلف الأطراف المعنية من المالك والمستأجر ورجال القانون المتخصصين، وغيرهم.
فهذا القانون المتعلق بالإيجار القديم وحل أشكالياته يحتاج إلى فترة انتقالية لضمان تحقيق التوازن بين حقوق الملاك واحتياجات المستأجرين وتحديد القيمة الإيجارية العادلة وفق ضوابط موضوعية تحقق التوازن بين طرفى العلاقة الإيجارية، على أن تكون هناك حلول تطبق بشكل تدريجى حتى الوصول إلى آلية ثابتة لضبط العلاقة الإيجارية، فلابد من حوار موسع حول هذه القضية والاستماع إلى كل وجهات النظر بشأنها.
إننا أمام حكم تاريخى وملزم من المحكمة الدستورية، له أهمية خاصة فى تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، فالدستورية أكدت على أهمية وضع ضوابط موضوعية ومرنة لتحديد قيمة الإيجار بما يتناسب مع المتغيرات الاقتصادية، وبما يضمن تحقيق التوازن بين الطرفين، مع صياغة آليات جديدة تتيح تعديل الأجرة بناء على المتغيرات الاقتصادية بما يضمن للمالك تحقيق عوائد سنوية مناسبة، وهناك ضرورة بأن يتم ذلك من خلال حوار مجتمعى واسع يشارك فيه مختلف الأطراف المعنية من أجل الوصول إلى حلول توافقية تحقق العدالة والاستدامة، وتحقق حماية مصالح جميع الأطراف دون تغليب مصلحة طرف على حساب طرف آخر، وهو ما يسهم فى خلق بيئة قانونية تعزز من الاستقرار الاجتماعى وتدعم النسيج المجتمعى.