لجريدة عمان:
2024-06-27@11:59:22 GMT

الشيخ مرتضى الزبيدي علَّامة عصره ومصره!

تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT

الشيخ مرتضى الزبيدي علَّامة عصره ومصره!

(1)

... ونستأنف الكلام حول شخصية الشيخ محمد مرتضى الزبيدي الذي تألق وعلا نجمه وحاز شهرة واسعة جدًا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، خاصة بعد أن ارتحل إلى مصر في عام 1754 واستقر بها حتى وفاته في 1791، وألف فيها أشهر وأكبر مؤلفاته على الإطلاق؛ وهما (تاج العروس بشرح جواهر القاموس)، وكتابه الآخر (إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين)، هذا عدا مؤلفاته الأخرى في التفسير والحديث والجغرافية.

وقد تزامن وجود الشيخ مرتضى الزبيدي في مصر مع تلك الحركة الثقافية التي نشطت وازدهرت في مصر، وبخاصة في الأزهر الشريف، وكان من أعلامها الشيخ مرتضى، والشيخ محمد الصبان، والشيخ خالد الأزهري، وتلاميذهم الكبار الشيخ الجبرتي المؤرخ، والشيخ إسماعيل الخشاب الشاعر، والشيخ حسن العطار الذي صار شيخ الأزهر في دولة محمد علي، ما جعل مؤرخي تلك الفترة يطلقون على تلك الحركة العلمية والثقافية (نهضة علمية، وحركة إحياء بازغة) فيما قبل وصول الحملة الفرنسية إلى مصر في عام 1798.

وتجمع المصادر أن تلك الشخصية المهمة والمحورية (أي الشيخ مرتضى الزبيدي) لعبت دورا مركزيا في تاريخ النهضة الحديثة، وحركة الإحياء العربي، كما أطلقنا عليها في الحلقة السابقة، وقد انبنى كتابي «الشيخ حسن العطار» الذي كان واحدا من أبرز وأنبغ تلاميذ الشيخ مرتضى الزبيدي، على طرح سؤالٍ واضح وبسيط في صياغته: من أين استمد الشيخ حسن العطار اتجاهاته التجديدية التي كانت تعتبر "ثورية" في عصره؟

للإجابة عن هذا السؤال الذي يبدو بسيطا كان لزاما عليّ البحث عن السياق التاريخي لعصر الشيخ العطار، وسيرة حياته وتفاصيلها، واستخلاص بعض الحقائق التي تؤطر موضوع التجديد والإصلاح لعل من أهمها أن الشيخ "العطار" لم يقنع بدراسة العلوم المعروفة في عصره، ولكنه درس الهندسة والرياضة، وتعمق في دراسة الفلك ودرس الطب. والشيخ العطار الذي أصبح شيخًا للأزهر هو الذي قاد حملة تجديدية كبرى في مجال التدريس في الأزهر، وسانده في ذلك الشيخ مرتضى الزبيدي صاحب كتاب «تاج العروس». ويقرر الباحث الأمريكي المعروف بيتر جران في كتابه الشهير «الجذور الإسلامية للرأسمالية» أن الشيخ العطار والزبيدي "هما اللذان قاما بالتجديد الفكري في الأزهر".

(2)

ونتوقف هنا قليلًا -في هذا السياق- أمام وضعية الشيخ مرتضى الزبيدي ومكانته ودوره، في سياق تلك الحركة، خاصة أنه نال حظوة عارمة ربما لم ينل مثلها شيخ آخر من شيوخ تلك الفترة..

وتفيدنا المصادر بأن الشيخ مرتضى الحسيني الزبيدي الحنفي، ولد بزبيد اليمن (وإليها ينسب) ونشأ وتعلم بها، وعلى عادة العلماء المسلمين في تلك الفترة، كان لا بد من قيامه بـ"الرحلة" أو "الارتحال" لزيادة صقله علميًّا، ويقال إن الزبيدي ارتحل كثيرًا في طلب العلم حتى وصل إلى الهند، وإلى مكة ثم سار منها إلى الطائف، وتعمق هناك في العلوم الدينية والعربية.

ثم نصحه أساتذته بالرحلة (الارتحال) إلى مصر حيث وصلها في العام 1167هـ/ 1754م، وفي ذلك يروي تلميذه الشيخ عبد الرحمن الجبرتي في تاريخه عنه -أي عن الزبيدي- إن أحد شيوخه شوقه إلى دخول مصر، بما وصفه له من علمائها وأمرائها وأدبائها، وما فيها من المشاهد الكريمة، فاشتاقت نفسه إلى مصر"، وهو ما كان.

وهناك بدأ يدرس على يد شيوخ عصره، وتلقى عنهم الإجازة. وفي القاهرة حاز الزبيدي من العلم والشهرة ما لم يعرفه معاصروه، حيث عرفه كبار القوم وأغدقوا عليه عطاياهم تشجيعًا له، وتقربًا إليه بعد ازدياد شهرته، مثل الأمير إسماعيل كتخدا عزبان، وحتى شيخ العرب همام، وأصبح مقربًا أيضًا من السادة الوفائية، والقصة الشهيرة في هذا الشأن قصته مع محمد بك أبو الذهب، حيث اشترى الأخير نسخة من قاموس الزبيدي الشهير «تاج العروس» بمائة ألف درهم ليضمه إلى خزانة الكتب في جامعه الشهير.

إذن فقد كان وصول الشيخ الزبيدي إلى مصر نقطة "فاصلة" في سيرته وفي النشاط العلمي والحركة الفكرية والثقافية التي شهدتها مصر خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وهي الحركة التي نالت اهتمام العديد من المؤرخين والباحثين في تاريخ الفكر العربي الحديث.

وكما أسلفنا فقد وصل الزبيدي إلى مصر في عام 1754، وكان مجيئه هذا مشهودًا بكل ما تعنيه الكلمة، استُقبل فيه استقبالًا أسطوريًا، وإلى الحد الذي دفع تلميذه الشهير عبد الرحمن الجبرتي إلى وصف لحظة وصول الزبيدي إلى مصر بأنها "لحظة حاسمة في تاريخ عصره". وكانت مصر بالنسبة للزبيدي نقطة التقاء مهمة للعديد من التلاميذ والعلماء الذين يفدون إليها من شتى أنحاء العالم الإسلامي. وذاعت في الأرجاء شهرته حتى كاتبه سلاطين الدولة العثمانية، وأمراء الحجاز واليمن والهند والشام والعراق وشمال إفريقيا وبلاد السودان إلى أن توفي في عام 1205هـ/ 1791.

(3)

ولا بد هنا من بعض التفصيل والتركيز على سيرة الزبيدي في مصر تلك الفترة (1754-1791) قرابة العقود الأربعة، فما أن وصل الشيخ إلى مصر حتى انتظم في سلك الأزهر الشريف للاستماع من أكابر شيوخه آنذاك؛ كالشهابين "الملوي" و"الجوهري" وغيرهما، فأخذ عنهم وأجازوه (منحوه الإجازة للإفتاء والتدريس)، ومن ثم انصرف إلى التدريس والتأليف ووضع الكتب "المطولات"، فوضع معجمه الشهير المعروف بـ «تاج العروس بشرح جواهر القاموس» الذي استغرق منه قرابة 14 عاما أو يزيد قليلا، وجاء فيما يقرب خمسة عشر جزءا، ولم يشأ الزبيدي أن يخرجه للناس كما تخرج المؤلفات العادية، بل أقام مأدبة عظيمة يوم إخراجه، دعا إليها المشايخ وطلبة العلم، وأظهر لهم "تاج العروس" وطلب منهم أن يذكروا محاسنها ومباهجها، فتهافتوا عليها جميعا يقرظونها نظمًا ونثرًا، ولما فرغ محمد بك أبو الذهب (المتوفى 1189 /1775) من بناء مسجده الشهير في مواجهة الجامع الأزهر مباشرة، وأضاف إليه خزانة كتب كبيرة، حدثه مقربون منه بأنها لا تستكمل "نفاستها" ولا قيمتها إلا إذا ازدانت بهذا المعجم الضخم، فاشتراه بمائة ألف درهم، وهو مبلغ يمثل ثروة مهولة في ذلك الزمان!

عاش الزبيدي في القاهرة ذائع الصيت، يتلقاه الكبراء من العلماء والأمراء بالترحيب والإجلال، واتخذ مسكنا جديدا له بسويقة "اللالا"، التي كانت -آنذاك- عامرة بالأكابر والأعيان، فالتفوا حوله، وقصده طلبة العلم من شتى الأرجاء، فكانوا يجدون في قصره الكبير نزهة ومتعة، بالإضافة إلى ما يتزودون به من علم ومعرفة، واستمر صيته في ذيوع حتى عرفه ملوك الإسلام في مختلف البلدان، واعتقد فيه أهل المغرب اعتقادًا زائدًا، إلى الدرجة التي إذا مر فيها أحدهم بمصر، وهو في طريقه إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، ولم يظفر بلقاء الشيخ الزبيدي، أو لم يصله بشيء، اعتبر حجه ليس كاملا!!

وتدفقت الهدايا والصلات والعطايا والهبات من حكام وسلاطين العالم الإسلامي، وغيرهم من الأمراء والوجهاء، على الشيخ الزبيدي إعظاما وإجلالا وإكبارا لمكانته العلمية وسمعته التي جابت الآفاق، كما بعثوا إليه طيور الببغاء، وطرائف الهند، وأنواع العود والعنبر والعطور، وغدا قصره يضاهي قصور الأمراء أو يزيد عليها، واتسعت حلقته العلمية بالجامع الأزهر وتضاعفت وازدحمت، وأقام المآدب للضيوف، وأكرم الوافدين إليه من الآفاق البعيدة والقريبة، وتعهد كثيرًا من الطلاب، وكان يجيد اللغتين الفارسية والتركية، لذا دعاه الباب العالي بالآستانة (مقر الحكم العثماني) لزيارة عاصمتها إستنبول، لكنه اعتذر لكثرة ارتباطاته العلمية..

وظل الشيخ مرتضى الزبيدي مقيما بالقاهرة، علمًا من أعلام الفكر والثقافة الإسلامية والعربية، إلى أن وافاه أجله في الطاعون الكاسح الذي حل بالقاهرة، في شهر شعبان سنة 1205/ 1791م.

(4)

أما ماذا قدم الشيخ الزبيدي في الحركة العلمية؟ وما أوجه التعاون بينه وبين مجايليه وتلاميذه؟ ولماذا كانت أعماله الكبرى خاصة في المعاجم والتأليف اللغوي والشرح الذي كتبه على إحياء علوم الدين محل عناية واهتمام خاص؟ فهذا ما ستعرفه الحلقة القادمة بمشيئة الله.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشیخ الزبیدی الزبیدی فی تلک الفترة إلى مصر فی عام

إقرأ أيضاً:

وكيل الأزهر: حياة رسول الله عرف أنها كانت ترجمة حقيقية للوسطية

قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إنه منذ أكثر من ألف عام والأزهر الشريف منارة للعلم وقبلة لطلابه من شتى بقاع الأرض، وهو قلعة المعرفة الوسطية المعتدلة التي لا تعرف الغلو ولا الشطط، ولعل أهم ما يميز المنهج الأزهري تمسكه بمنهج مستقيم في فهم القرآن والسنة، ولا يفرط في الهويات، ولا يتعرض للثوابت، ويضمن في الوقت نفسه أن يستجيب لحاجات العصر المتغيرة.

وكيل الأزهر: نفتح أبوابنا لكل الراغبين في تعلم الوسطية والاعتدال وكيل الأزهر يعتمد نتيجة الدور الأول لشهادات القراءات لعام 2024

وأشار وكيل الأزهر خلال لقائه طالبات معهد دار السلام كونتور، إذا كان بعض الناس قد أخرجوا مفهوم "وسطية الأمة" عن حقيقة معناه فخلطوا بينه وبين التمييع والتفلت، وجعلوا الوسطية مرادفة للهوى؛ فإن واجب العلماء أن يبينوا الصواب حتى لا يلتبس الحق بالباطل، مبينا أن الوسطية التي تعبر عن حقيقة الإسلام هي التي تتوازن فيها النظرة إلى الإنسان وإلى الحياة، فلا الإنسان إله من دون الله، ولا شهواته مقدمة على الوحي، بل الوسطية أن يدرك الإنسان أنه عبد مربوب لله يأتمر بأمره، وينتهي عما نهى عنه، وأيضا الوسطية أن يخرج الإنسان من العصبية المذهبية الضيقة لكن دون أن يخرج إلى لا مذهبية مفرطة، فضلا على أن الوسطية أن يقرأ المسلم العالم من حوله بكل ما فيه، فيفيد من إنجازاته، لكن دون إنكار لهويته وثوابته.

وتابع وكيل الأزهر أن الوسطية هي التي تجمع بين نور الوحي وبصر العقل، فلا تقدم العقل على الوحي، وفي الوقت نفسه لا تمنع العقل من ممارسة وظيفته، فإن الوسطية تجمع بين متقابلين دون أن يطغى أحدهما على صاحبه، فهي تجمع بين الروحية والمادية، وبين الواقعية والمثالية، وبين الثابت والمتغير، وبين النص والنظر، وكل هذا في غير إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا تقصير.

وأوضح وكيل الأزهر أن البشرية لما أفرطت في الاتجاه الروحي قابلها إفراط في الاتجاه المادي، وكلاهما مذموم وحده، ولما أسرفت في الاتجاه المثالي قابلها إسراف ومبالغة في الاتجاه الواقعي، وكلاهما مذموم وحده، والحل في هذه الأزمات؛ أخلاقية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية أو غير ذلك أن نفهم الوسطية وأن نعمل على وجودها في حياتنا، فمن وسطية الإسلام في جانب العقيدة ألا نسلم للملحدين الذين ينكرون وجود رب العالمين بالكلية، ويرون الوجود أرحاما تدفع وأرضا تبلع، ﴿وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون﴾، وكذلك لا نسلم لهؤلاء الذين يعبدون كل شيء وأي شيء.

وأضاف الدكتور الضويني أن من وسطية الإسلام في جانب العلاقة بالحياة أنه يقف بالمسلم بين المادية الصرفة التي تعمق في الإنسان شهواته ورغباته المادية من مأكل ومشرب وملبس وشهوة، وترى ذلك الغاية الكبرى، وبين الروحية الصرفة التي تعرض عن الحياة وزينتها التي أباحها الله لعباده، ومن وسطية الإسلام في جانب التشريع أنه لم يدع الناس يشرعون لأنفسهم في كل ما يريدون، وإذا لاتبعوا الهوى، ولم تستقم لهم حياة، وفي الوقت نفسه لم يضيق عليهم بشرع ثابتة أحكامه مع تغير الزمان واختلاف المكان وتبدل أحوال الإنسان، وإنما وضع أصولا حاكمة وقواعد ضابطة، وترك للإنسان حرية النظر والاجتهاد.

وأكد أن حياة سيدنا رسول الله ﷺ عرف أنها كانت ترجمة حقيقية لوسطية الإسلام، وتأملوا كيف قال لعبد الله بن عمرو رضي الله عنه: "ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ فقال عبد الله: بلى يا رسول الله، قال: "فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا"، أليس هذا هو المنهج الوسط الذي يحقق العدل في القيام بالحقوق الشرعية والواجبات الأسرية والمجتمعية؟! والأمثلة في حياة سيدنا رسول الله ﷺ كثيرة، وأعول على السادة المعلمين المؤتمنين أن يقوموا بواجب بيانها وشرحها، وتطبيق معالمها في حياة أبنائنا الذين هم مستقبل الأمة.

وكيل الأزهر يوجه خمس وصايا لطلاب العلم 

واختتم وكيل الأزهر كلمته بتوجيه خمس وصايا لطلاب العلم، الوصية الأولى: أن تحرصوا على طلب العلم الشرعي، وأن تتصوروا أنكم من الطائفة القائمة بالحق، التي تحفظ على الأمة علومها وتراثها، فلا تبخلوا بأوقاتكم ولا بأموالكم على طلب العلم، وقد منحكم الله المنزلة العالية فقال سبحانه وتعالى: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير﴾ وجعل رسول الله ﷺ الفقه في الدين من أمارات الخير، فقال ﷺ: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" وقد أخبر النبي ﷺ أن العلم سيرفع في آخر الزمان بموت أهله، فقال: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" وفي هذه الحالة يكون تعلم العلم وتعليمه أوجب، وأوكد.

الوصية الثانية: الدعوة إلى الله - عز وجل - قال تعالى: ﴿قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين﴾ وقال تعالى: ﴿ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين﴾ ، ولكن الدعوة لا بد أن ترتكن إلى علم محرر، فمهمة البلاغ والبيان والدعوة لا بد لها من حكمة وموعظة حسنة، كما قال الله تعالى: ﴿ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين﴾، وهنا يجب أن نفهم أن الدعوة إلى الله كما تكون بالمقال فإنها يجب أن تكون بالحال، فالداعية قدوة لغيره. 

الوصية الثالثة: حفظ الوقت والعمر، وهذا هو رأس مال الإنسان الحقيقي، وقد أوصانا سيدنا رسول الله ﷺ فقال: "اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك"، ولكن الملاحظ أن بعض الشباب يضيع منه عمره في غير فائدة، فلا استفاد علما، ولا حصل طاعة، ولا وصل رحما، وإنما يضيعه على وسائل التواصل التي احتلت عقولنا، وضيعت أوقاتنا، وقد قال سيدنا رسول الله ﷺ: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يسأل عن عمره؛ فيم أفناه؟ وعن علمه؛ فيم فعل فيه؟ وعن ماله؛ من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه؛ فيم أبلاه؟.

الوصية الرابعة: حسن الخلق، فنحن أمة الأخلاق، ونبينا ﷺ بعث ليتمم مكارم الأخلاق، وإن أخلاق أمة الإسلام حجة في ذاتها على البشرية التي فقدت البوصلة الأخلاقية، فإن أخلاقنا ربانية المصدر إيمانية الاتجاه، قال الله تعالى: ﴿وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا﴾، وقال رسول الله ﷺ: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لأهله".

الوصية الخامسة: الثبات على هذا الدين بما يدعو إليه من قيم وأخلاق وعبادات، قال تعالى: ﴿واعبد ربك حتى يأتيك اليقين﴾ أي الموت، وقد وردت الأحاديث عن النبي ﷺ تبين أن المتمسكين بدينهم في آخر الزمان الثابتين عليه ينالون من الأجر مثل ما ناله أصحاب رسول الله ﷺ، فقال ﷺ: "إن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن كقبض على الجمر، للعامل فيها أجر خمسين. قالوا يا رسول الله: أجر خمسين منهم أو خمسين منا؟ قال: خمسين منكم"، ولا شك أن المسلم في هذه الأزمنة يواجه فتن الشهوات والشبهات والملذات العظيمة، لكن من استعان بالله أعانه الله، ومن يتصبر يصبره الله، قال تعالى: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين﴾.

مقالات مشابهة

  • مرصد الأزهر يثمن دور الصحفيين الإسبان في دعم القضية الفلسطينية
  • عيدروس الزبيدي يقلب الطاولة على الحوثيين ويقود مرحلة جديدة ضدهم من عمق سيطرة المليشيات
  • مجدي عبد الغني ينتقد إهدار المال العام في رواتب حكام مباراة القمة ويستفسر عن تواجد وليد العطار
  • مجدي عبد الغني: ما حدث بشأن حكام القمة إهدار مال عام
  • قائد نفير الإنتقالي الشيخ النقيب يوجه رسالة لعيدروس الزبيدي: اكشف الضغوط أو سنعود للجبال”
  • الفتوى في ضوء التقاليد والزمان: ثوابت وتغيرات
  • تحليل: تحركات الزُّبيدي في محاربة الكهنوت وأبعاد مرونته الوحدوية
  • المرتضى بحث مع الشيخ العطار والنقيب حرب شؤونا مرتبطة بتعزيز الزجل اللبناني
  • مرصد الأزهر: استهداف القادة داعش يربك صفوفهم
  • وكيل الأزهر: حياة رسول الله عرف أنها كانت ترجمة حقيقية للوسطية