صُنَّاع أفلام يشيدون بدور ملتقى قمرة في دعم المواهب السينمائية
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
(عمان) أشاد صُنَّاع الأفلام المشاركون في ملتقى قمرة السينمائي 2024 (الحاضنة السنوية للمواهب السينمائية الناشئة التي تنظمها مؤسسة الدوحة للأفلام) بالدور المحوري الذي يلعبه الملتقى في اكتشاف وتمكين الأصوات السينمائية الجديدة. كما ثمنوا الدعم المتواصل الذي يحظون به في مختلف مراحل إنتاج أفلامهم، بدءًا من كتابة النص وصولًا إلى عرضه على الشاشة.
وتحدثت المخرجة وئام الحداد والمنتجة رندة معروفي عن فيلم "الليل بالكاد" (فرنسا، تونس، قطر) عن مشروعها موضحة بأنه أرشيف تخيلي عن الحياة اليومية في مخيم صبرا وشاتيلا ما قبل المجزرة. "لا أحد يعلم كيف كان شكل حياة الناس العادية ما قبل المجزرة في المخيم، لا توجد صور أرشيفية أو توثيقية كافية، فيأتي هذا الفيلم لملء هذا الفراغ لتذكُّر المخيم في إطار بعيد عن العنف".
وأضافت: "كصُنَّاع أفلام نفضل أن نتلقى الدعم من جهات عربية مثل مؤسسة الدوحة للأفلام. علاقتنا مع مؤسسة الدوحة للأفلام لم تكن فقط علاقة حصول على تمويل فقط، بل تلقينا أيضًا تشجيعًا وتتبعًا في رحلتنا في إنتاج هذا الفيلم. فمن خلال أعمالنا التي لا بد أن تستند على وجود فكرة حقيقية، نحن نعالج القضايا العربية بأصواتنا ومن منظورنا، فلا نريد أن يعالج الآخر قضايانا ولا نريد استعمارًا فنيًا". وأوضحت أن المشاركة الحالية في قمرة هي الأولى لها معتبرة الملتقى "فرصة مميزة لإيجاد مساحة للتواصل وتلقي الآراء والتعليقات". وختمت الحداد ""
المخرجة ريتا محفوظ والمنتج جوزيف خلوف تحدثا عن مشروع فيلمهما القصير "الأرض تجاوزت ذروتها" (لبنان، قطر)، وهو عبارة عن مقالة تجريبية تستعرض التشرذم وتأثيره على أفق بيروت بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020. وقالت محفوظ إن الدعم الذي تقدمه مؤسسة الدوحة للأفلام لا يقدر بثمن، خصوصًا في الوقت الذي تحتاج فيه الصناعة الإبداعية والمواهب إلى هذا الدعم. "لقد كانت ردود الفعل التي تلقيناها من الخبراء والموجهين في قمرة مشجعة".
وأضافت: "إنه عمل شعري وتأملي وبصري للغاية يجمع بين السينما والفنون الجميلة، وهو مستوحًى من الفن البيزنطي، فكل إطار يحتاج إلى طبقات مركبة. وعندما تكون صادقًا قدر الإمكان في أسلوبك، مثلنا، فإننا نعلم أن الفيلم سيلامس الجمهور."
بدورها أوضحت المنتجة تينا تيشلار عن فيلم "احتفال" (كرواتيا، قطر) للمخرج برونو أنكوفيتش، إن المشروع عبارة عن فيلم خيالي مقتبس عن رواية كرواتية استلهم المخرج فكرتها. "تقع أحداث الفيلم في الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية وتركز على رحلة الشخصية منذ طفولته وحتى بلوغه، ونرى الظروف التي مر بها والقرارات التي اتخذها حتى ينتهي به المطاف بانخراطه في الجيش الفاشي. قصة الفيلم تُرينا التقاربات بين ما حصل مع الشخصية وما يحصل الآن في الأحداث الحالية". وأضافت: "لم تقتصر تجربتنا مع مؤسسة الدوحة للأفلام على تلقي التمويل فقط، ولكن التجربة ككل كانت مثيرة ومفيدة. المشاركة في ملتقى قمرة كانت فرصة للتعرف على صُنَّاع أفلام من مختلف أنحاء العالم حيث أتيحت لنا الفرصة لرؤية التشابهات والاختلافات بين السينما العربية والعالمية".
هند بكر مخرجة فيلم "ناس الكباين في ظل القصر الملكي" (مصر، قطر) لفتت إلى أن الفيلم هو ثاني عمل لها، ويدور حول حياتها عند دُهولها إلى عالم المدينة وتفاعلها معها، مشيرة إلى أن منطقة الكباين التي عاشت فيها مهددة بالزوال وتحاول من خلال مشروعها توثيق المكان والحديث عن علاقتها بالمدينة. ولفتت إلى أهمية الدعم الذي حصلت عليه من المؤسسة لتنفيذ مشروعها حيث تقوم بتطوير مشروعها في قمرة لمواصلة الإنتاج. "هناك أرشيف كبير سأعمل على الاستفادة منه يوثق ارتباط الأشخاص بالمكان وهي قصة من الواقع يجب تسليط الضوء عليها".
وتحدث المخرج الجزائري يانيس كوسيم على هامش ورشة عمل للشباب أصحاب مشاريع الأفلام عن تجربته في ملتقى قمرة، التي وصفها بالفريدة من نوعها، معربًا عن انبهاره بمستوى التنظيم وحجم الضيوف والخبراء، الذين سنحت له الفرصة بالالتقاء بعدد كبير منهم، ومدى الشغف والاهتمام الكبير بالسينما في قطر. كما تطرق إلى مشروع فيلمه الطويل "رقية" (الجزائر، فرنسا، قطر) الذي تدور أحداثه حول شخص فقد ذاكرته إثر تعرضه إلى حادث مروري في فترة العشرية الحمراء التي شهدتها الجزائر في فترة التسعينيات".
وفي تعليقه على تجربته بقمرة، قال كوسيم: "قمرة بالنسبة إليَّ تجربة مثالية، بحثت كثيرًا عن الجوانب السلبية هنا لكن لم أجد، وبعكس بعض المهرجانات والورشات العالمية، ما أتاحته لي قمرة من تجارب وأفكار وعلاقات ولقاءات، لم يتحقق لي على مدى سنوات. وقد أتاحت لي قمرة فرصة العثور على منتج فرنسي لفيلمي القادم، ولن يكون آخر فيلم بطبيعة الحال".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مؤسسة الدوحة للأفلام ملتقى قمرة
إقرأ أيضاً:
« كان زمان »
في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، أي خلال مرحلة الدراسة الجامعية، كنا كأصدقاء جمَعَنا تخصص الصحافة والإعلام، شغوفين بارتياد دُور السينما ومتابعة الجديد الذي يخرج عن «هوليوود» خاصة، مدفوعين بالرغبة في معرفة المزيد عن هذا العالم الذي أحببناه من خلال مساقات التخصص المتتالية.
مساقات محدودة تُعنى بالفنون الأساسية التي يرتكز عليها العمل السينمائي ككتابة السيناريو والتصوير والإخراج وما يتعلق بالموسيقى التصويرية كانت تدفعنا نحو قاعات السينما من أجل المتعة ولكون المكوث داخل هذه القاعات يتيح للمشاهد خاصية «التقمص الوجداني» للأحداث - كما تعلمنا - بسبب كِبر حجم الصورة وفاعلية المؤثرات الصوتية وحالة الإظلام التي ترافق العرض.
وبرغم المسافة التي كانت تفصل «الخوض» حيث السكن الجامعي عن مواقع دُور السينما في «روي» والحي التجاري وهشاشة الوضع المادي لنا كطلبة نتحصل على مبلغ «٤٠» ريالًا كمكافأة شهرية وحداثة دخولنا أجواء المدينة الصاخبة إلا أن متابعة الإنتاج السينمائي في صالتي «النصر» و«النجوم» كان من بين أهم الأعمال التي تتضمنها أجندة الأسبوع وما ساعد على ذلك أن قيمة التذكرة لا تتجاوز «٥٠٠» إلى «٨٠٠» بيسة.
يوم واحد في الأسبوع تأخذنا سيارتنا «الكورونا» المتهالكة إلى وسط «الحي التجاري» أو عمق «روي» وسِككها لحضور أي فيلم أجنبي معروض ـ غير قادم من القارة الآسيوية ـ فلم نكن نميل حينها لمشاهدة الأفلام الهندية غير الواقعية التي كانت تسيطر على المعروض في قاعات السينما المحدودة.
الأفلام الواقعية الناطقة بالإنجليزية هي عادة ما كنا نبحث عنه رغم عدم درايتنا بالبلد الذي أتت منه أو أسماء النجوم المرموقين خلال تلك المرحلة.. لا معلومات كافية لدينا حول الأفلام التي كانت تُحقق العوائد المالية الأعلى في شبابيك التذاكر أو تلك التي تفوز بجوائز في مسابقات ومهرجانات الأفلام السينمائية العالمية.
خلال السنوات اللاحقة بدت رؤيتنا لما يُقدم من أعمال أكثر نضجًا بسبب متابعة ما تكتبه الصحافة عن الأفلام الجديدة خاصة التي تحقق جوائز عالمية لنتعرف بعدها على أسماء النجوم الذين سنتعقب أعمالهم مستقبلًا من أمثال «نيكولاس كيج» و«توم هانكس» و«أنتوني هوبكنز» و«أنجيلا جولي» و«جوني ديب» و«كيت وينسلت» وغيرهم.. ثم بدأنا الاقتراب من المسابقات والمهرجات الكبرى التي تنظَم سنويًا لتكريم الأعمال المميزة كمسابقة «الأوسكار» ومهرجانات «كان» الذي تحتضنه فرنسا ومهرجان «البندقية» الذي يقام في إيطاليا أو مهرجان «برلين» الذي ينظم في ألمانيا.
لقد اتسمت أفلام التسعينيات بالتنوع والعُمق ففي الوقت الذي كانت فيه أفلام الخيال العلمي والحركة والغموض والرعب والإثارة تحظى بمتابعة لافتة من قبل الجمهور كان الفيلم الاجتماعي الواقعي والإنساني حاضرًا كذلك على عكس ما هو حاصل في الوقت الراهن حيث تسيطر أفلام العنف والرعب والحركة على النسبة الأعلى من الإنتاج العالمي.
أفرزت تلك الفترة ممثلين ومخرجين من العيار الثقيل وأفلاما ستعيش طويلا.. من بين ما أتذكره أفلام «صمت الحملان» لجودي فوستر وأنتوني هوبكنز وسلسلة «ذا ماتريكس» لكيانو ريفز وجيسيكا هنويك و«تايتنيك» لليوناردو دي كابيريو وفيلم «قلب شجاع» لميل جيبسون وأفلام «المريض الإنجليزي» و«عقل جميل» و«إنقاذ الجندي رايان» التي فاز معظمها بجوائز أوسكار .
هذه النوعية من الأفلام لم تكن لتترك لنا حينها خيار الذهاب أو الامتناع عن مشاهدتها في قاعات السينما بـ«روي» .. كُنا عقب انتهاء الفيلم نجلس على الكراسي الخشبية المُثبتة على طول الشارع الداخلي في «روي» وقد سكت ضجيجه آخر الليل نُحلل بعفوية ما شاهدنا.. هذا «كان زمان».
النقطة الأخيرة..
في زمن سطوة منصات العرض الإلكترونية وجنوح الإنتاج السينمائي نحو الربحية.. في ظل الارتفاع المجنون للأسعار.. بسبب ضبابية الرسالة التي تقدمها السينما.. تقترب صالات العرض من الإغلاق واحتضار متعة المشاهدة الحية داخل القاعات المُغلقة.
عُمر العبري كاتب عُماني