تشكل السياسة الدولية والعلاقات الدولية مجالين هامين في دراسة الشؤون العالمية، حيث تتداخل وتتشابك مفاهيمهما، وفي الوقت نفسه تحمل كل منهما معانٍ ونطاقًا محددًا. يثير الفهم الصحيح للفرق بينهما أهمية كبيرة لتحديد نطاق التحليل والدراسة في هذا السياق.

تتناول السياسة الدولية، بوجه عام، استراتيجيات وسياسات الدول في التعامل مع القضايا الدولية، وكيفية تفاعلها مع بعضها البعض في سياق النظام الدولي.

تركز على السياسات الخارجية والتحولات التي تطرأ على مواقف الدول في محافل العلاقات الدولية. يعكس اهتمام السياسة الدولية تفاعل الدول في المجتمع الدولي، ويشمل تحليل العمليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الساحة الدولية.

من ناحية أخرى، ترتبط العلاقات الدولية بتفاعلات مختلف وحدات المجتمع الدولي بشكل أوسع. تتنوع مجالات العلاقات الدولية لتشمل العديد من القضايا غير السياسية، مثل التجارة والثقافة والاقتصاد والبيئة وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى السياسة. يتمحور اهتمام العلاقات الدولية حول فهم كيفية تفاعل الجماعات والأفراد والكيانات الدولية في سياق أوسع من السياسة الدولية.

استكشاف الفرق بين السياسة الدولية والعلاقات الدولية

في هذا السياق، ستستكشف هذه المقالة الفروق الرئيسية بين السياسة الدولية والعلاقات الدولية، وكيف تتنوع كل منهما في نطاق ونوعية التحليل والبحث.

السياسة الدولية

السياسة الدولية تمثل نقطة التقاء للسياسات الخارجية وتداخلها مع بعضها في الساحة الدولية بشكل شامل. تتفاعل مع المنظمات الدولية والجماعات الدولية، مشمولة بذلك ليس فقط الدول بل جميع المؤسسات والجماعات على الساحة الدولية. هذه التفاعلات تمتد إلى جوانب متعددة من الحياة، ليس فقط السياسية، بل أيضًا الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والثقافية وغيرها.

في هذا السياق، ترتبط السياسة الدولية بالسياسات الخارجية لكافة الدول، وتربطها بعلاقات متبادلة، إنها ترتبط بشكل لا يُستثنى مع المنظومة الدولية والسياسات المحلية لكل دولة.

العلاقات الدولية

أما العلاقات الدولية، فتُظهر كظاهرة للتفاعلات المتبادلة والمتداخلة سياسيًا وغير سياسيًا بين مختلف وحدات المجتمع الدولي. وهي لا تقتصر على العلاقات بين الدول فقط، بل تتضمن الكيانات الأخرى، مثل المنظمات الحكومية وغير الحكومية، وكذلك المجالات المتنوعة مثل الاتصالات والنقل والتجارة والمال والزراعة والعمل والصحة والثقافة، وكل أنواع التبادل الحدودي.

تهدف العلاقات الدولية إلى فهم سلوك الجماعات السياسية والأفراد، وتسعى لمراقبة وتحليل الأحداث السياسية، وتقديم الدعم لصانعي القرار في تحقيق مصالحهم الوطنية. وبذلك تساهم في حل المشكلات الدولية، وتعزز التطوير في العلاقات الدولية، وتحقق الأمان والسلم العالميين، وتسعى في نهاية المطاف لتحقيق السلام والأمان الدولي.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: السياسة الدولية العلاقات الدولية العلاقات الدولیة

إقرأ أيضاً:

المستقبل اللوجستي وفق "عُمان 2040" (1)

 

منصور القاسمي **

 

تماشياً مع رؤية عُمان 2040 وحول ما تمَّ طرحه من نقاش وأوراق عمل في "مؤتمر عُمان للموانئ" الذي عُقد في أبريل 2024، ونظَّمته جريدة الرؤية بالشراكة مع وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات؛ تحت شعار "عُمان على مؤشر أداء الخدمات اللوجستية"، وكوني باحثًا للدكتوراه في المجال اللوجستي وعنوان رسالتي " تقييم مؤشر الأداء اللوجستي في سلطنة عُمان باستخدام نهج اتخاذ القرار"، فقد تشرفتُ بتقديم ورقة عمل بعنوان التَّحديات التي تُواجه السلطنة لتكون بين مصاف الدول المُتقدمة.

وعليه فإنِّه يسرني ومن هذا المنبر أن أعرض لكم مقالًا شهريًا لأصف لكم بعض ما وجدته من تفاصيل مثرية للبحث العلمي في الأطروحه بدأ من المعلومات العامة والخاصة مرورًا بالتحديات والإحصائيات بالأرقام تليها الحلول المرجوه وكل هذا لدعم جهود السلطنة ورفد رؤية عُمان 2040 في تطوير المجال اللوجستي والمنافسه بأن تكون السلطنة بين مصاف الدول المتقدمة، راجيًا من الله أن يكلل هذه الجهود في خدمة هذا الوطن العزيز بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه.

ويعود ظهور الخدمات اللوجستية إلى أيام التجار القدماء الذين كانوا ينقلون التوابل والحرير في قوافل من الهند والصين إلى أوروبا وهي اليوم شبكة متكاملة عالميًا من أنظمة النقل متعددة الوسائط المدعومة بالصناعة وقد أسهمت العولمة بدور حاسم في هذه العملية. ويتعين على الدول أن تندمج في الاقتصاد العالمي للاستفادة من ميزاتها النسبية، وتطوير سلسلة القيمة العالمية، وتحقيق القدرة التنافسية. ومع نمو التجارة الدولية، أصبحت صناعة الخدمات اللوجستية نظام دعم اقتصادي حيوي. ولكي تصبح الدول قادرة على المنافسة على المدى الطويل، يجب أن تهدف إلى الحفاظ على جودة وفعالية عملياتها اللوجستية وتعزيزها (المجلس الاقتصادي والاجتماعي، 2018).

ولا شك فيه أن أساس العمليات اللوجستية هو البنية التحتية الراسخة للنقل والخدمات، مثل الموانئ والمطارات والطرق السريعة والسكك الحديدية والتي تتيح للسلع والبضائع التدفق بسلاسة وسرعه بين وسائل النقل المختلفة مما يتطلب توفير الخدمات اللوجستية المتطورة بنية تحتية مادية محدثة للتقدم التكنولوجي، إضافة إلى خيارات نقل فعالة وصديقة للبيئة. يجب أن تكون الموانئ قادرة على التعامل مع الحاويات؛ وأن تكمل البنية التحتية الداخلية والبحرية بعضها البعض؛ ويجب أيضا أن تكون الطرق مناسبة للشاحنات المختلفه وتنسيق حركة المرور عبر الحدود بشكل أفضل وأسرع وأن تعمل الجمارك وغيرها من الخدمات الحدودية بكفاءة عالية وإتقان.

ولقطاع الخدمات اللوجستية تأثير كبير على الاقتصادات الوطنية؛ إذ يُقلِّل من التكاليف، ويختصر المهل الزمنية، ويشجع على مستويات أعلى من رضا العملاء ويعزز هوامش الربح ويتيح بيع البضائع بأسعار أكثر تنافسية. وتعمل الخدمات اللوجستية على زيادة القدرة التنافسية بشكل كبير من خلال تبسيط سلاسل التوريد وطرق النقل في كل من الدول الصناعية والنامية. كما أنه يعزز العلاقات التجارية الدولية حيث أن توفر شبكات لوجستية فعالة للتجار يعد عاملًا رئيسيًا في قدرة الدولة على المشاركة في التجارة الدولية. ويمكن للدول تقييم القدرة التنافسية لبعضها البعض في مجال الخدمات اللوجستية التجارية من خلال تقييم نتائج عملياتها اللوجستية. وعليه فإن تحليل قيمة مؤشر الأداء اللوجستي للدولة هي أحد الأساليب للتحقق من هذه العملية حيث يعد مؤشر الأداء اللوجستي مؤشرًا لجودة البيئة اللوجستية للدولة ويسهل المؤشر التعرف على حالة الخدمات اللوجستية في كل دولة في العالم وهو يعمل كأداة دولية شاملة لمقارنة الأداء وقياس الخدمات اللوجستية وتحقيق التسهيل في التعاون الدولي في مجال النقل والخدمات اللوجستية.

وقد أطلق البنك الدولي مؤشر الأداء اللوجستي بداية في عام 2007، كمؤشر نصف سنوي لتصنيف وتقييم الأداء اللوجستي الدولي للدول، ويستخدم البنك الدولي 6 مؤشرات أساسية لتقييم الأداء اللوجستي لأي دولة، وهي: البنية التحتية والجمارك وسهولة ترتيب الشحن وجودة الخدمات اللوجستية والتتبع والتعقب وتسليم الشحنات في الوقت المناسب ضمن المواعيد المحددة.

ومؤشر الأداء اللوجستي أداة يستخدمها البنك الدولي لتقييم القدرة التنافسية اللوجستية لأي دولة. ومع ذلك، هناك اعتبارات متعددة لتقييم الأداء اللوجستي، وبالتالي هناك حاجة إلى طريقة تقييم عملية، أحد هذه الطرق هو نهج اتخاذ القرار متعدد المعايير التي يساعد قياس وتقييم الأداء اللوجستي للسلطنه في تحقيق ميزة تنافسية وهذا ما تنتهجه الأطروحه بين صفحاتها المتميزه. وسأتطرق في الحلقة المقبلة من هذا المقال، إلى مزيد من التفاصيل حول طرق نهج اتخاذ القرار متعدد المعايير والخطوات العامة المُستخدَمة وتحديد البدائل.

** باحث دكتوراه، تخصص علم اللوجستيات

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان.. سلام ووئام واحترام لحقــــوق الــدول والشعوب في الحياة الكريمة
  • بينها الهجرة والعلاقات الدولية.. مقارنة بين برامج الأحزاب الفرنسية
  • خبير: المجتمع الدولي فشل في إرساء قواعد السلام هذا العام
  • خبير العلاقات الدولية: منظمات الأمن الدولي فشلت في الحد من اتساع رقعة الصراعات الدولية
  • منابر الفكر والنقاش: الجامعات العراقية في مواجهة التحديات السياسية
  • المستقبل اللوجستي وفق "عُمان 2040" (1)
  • بعد نجاحه في الجولة الأولى للانتخابات الإيرانية.. من هو سعيد جليلي؟
  • الخارجية الماليزي: على بلادنا تحديد موقفها بعناية من العلاقات الثنائية مع الدول الأجنبية
  • أستاذ علوم سياسية: الصراع الإثيوبي الصومالي نموذج لتوتر العلاقات في القرن الإفريقي
  • بيسكوف يعلن دراسة إمكانية خفض علاقات روسيا الدبلوماسية مع الغرب