ما الفرق بين السياسة الدولية والعلاقات الدولية؟
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
تشكل السياسة الدولية والعلاقات الدولية مجالين هامين في دراسة الشؤون العالمية، حيث تتداخل وتتشابك مفاهيمهما، وفي الوقت نفسه تحمل كل منهما معانٍ ونطاقًا محددًا. يثير الفهم الصحيح للفرق بينهما أهمية كبيرة لتحديد نطاق التحليل والدراسة في هذا السياق.
تتناول السياسة الدولية، بوجه عام، استراتيجيات وسياسات الدول في التعامل مع القضايا الدولية، وكيفية تفاعلها مع بعضها البعض في سياق النظام الدولي.
من ناحية أخرى، ترتبط العلاقات الدولية بتفاعلات مختلف وحدات المجتمع الدولي بشكل أوسع. تتنوع مجالات العلاقات الدولية لتشمل العديد من القضايا غير السياسية، مثل التجارة والثقافة والاقتصاد والبيئة وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى السياسة. يتمحور اهتمام العلاقات الدولية حول فهم كيفية تفاعل الجماعات والأفراد والكيانات الدولية في سياق أوسع من السياسة الدولية.
استكشاف الفرق بين السياسة الدولية والعلاقات الدوليةفي هذا السياق، ستستكشف هذه المقالة الفروق الرئيسية بين السياسة الدولية والعلاقات الدولية، وكيف تتنوع كل منهما في نطاق ونوعية التحليل والبحث.
السياسة الدوليةالسياسة الدولية تمثل نقطة التقاء للسياسات الخارجية وتداخلها مع بعضها في الساحة الدولية بشكل شامل. تتفاعل مع المنظمات الدولية والجماعات الدولية، مشمولة بذلك ليس فقط الدول بل جميع المؤسسات والجماعات على الساحة الدولية. هذه التفاعلات تمتد إلى جوانب متعددة من الحياة، ليس فقط السياسية، بل أيضًا الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والثقافية وغيرها.
في هذا السياق، ترتبط السياسة الدولية بالسياسات الخارجية لكافة الدول، وتربطها بعلاقات متبادلة، إنها ترتبط بشكل لا يُستثنى مع المنظومة الدولية والسياسات المحلية لكل دولة.
العلاقات الدوليةأما العلاقات الدولية، فتُظهر كظاهرة للتفاعلات المتبادلة والمتداخلة سياسيًا وغير سياسيًا بين مختلف وحدات المجتمع الدولي. وهي لا تقتصر على العلاقات بين الدول فقط، بل تتضمن الكيانات الأخرى، مثل المنظمات الحكومية وغير الحكومية، وكذلك المجالات المتنوعة مثل الاتصالات والنقل والتجارة والمال والزراعة والعمل والصحة والثقافة، وكل أنواع التبادل الحدودي.
تهدف العلاقات الدولية إلى فهم سلوك الجماعات السياسية والأفراد، وتسعى لمراقبة وتحليل الأحداث السياسية، وتقديم الدعم لصانعي القرار في تحقيق مصالحهم الوطنية. وبذلك تساهم في حل المشكلات الدولية، وتعزز التطوير في العلاقات الدولية، وتحقق الأمان والسلم العالميين، وتسعى في نهاية المطاف لتحقيق السلام والأمان الدولي.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: السياسة الدولية العلاقات الدولية العلاقات الدولیة
إقرأ أيضاً:
دنابيع السياسة العربية.. من دنبوع اليمن إلى دنبوع فلسطين
محمد الجوهري
تصريحات الرئيس الفلسطيني المزعوم محمود عباس (أبو مازن) عن مجاهدي حماس في غزة، وألفاظه النابية بحقهم، لا تقدم جديداً سوى المزيد من السقوط الأخلاقي للسلطات العميلة التي تستمد شرعيتها من البيت الأبيض، الحليف الرئيسي للكيان الصهيوني. وهذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، بل هي عُرف سياسي متفشٍّ في أغلب الجمهوريات العربية، حيث تبقى تلك الأنظمة خانعة كماً وكيفاً، مقابل بقائها في السلطة الوهمية، واستفادة أصحابها من بعض الامتيازات الخاصة، كالأرصدة الضخمة وممارسة الفساد بحق الشعوب دون حسيب أو رقيب.
ولم يعد خافياً أن عباس وأفراد عائلته يملكون مصالح مشتركة مع الاحتلال، وبسببها لا يزال في السلطة منذ أكثر من عشرين عاماً، حيث ترتبط هذه المصالح باستمرار خدماته للكيان الصهيوني. وينطبق هذا الوضع على أعضاء حكومته العميلة، المشاركين في قمع الشعب الفلسطيني، وتبرير كل إجرام إسرائيلي بحقه، كما هو الحال في غزة والضفة، حيث ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات قتل وخطف علني، بتواطؤ عباس وأزلامه.
في اليمن، كما في فلسطين، توجد حكومتان: إحداهما مرضيٌّ عنها دولياً وتحظى بدعم أمريكي، وأخرى منبوذة دولياً لكنها تستمد قوتها من الشارع اليمني. ومن البدهي أن تقف الأخيرة مع الشعب الفلسطيني في مظلوميته الكبرى، حيث لا ضغوطات غربية تمنعها من ذلك، بخلاف الأخرى التي يتمنى أعضاؤها أن يكون لهم موقف مشرف من غزة، لكن ذلك يتعارض مع مصدر شرعيتهم في البيت الأبيض، ما يفقدهم إياها بمجرد إعلان تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.
وعلى هذا القياس تتشكل أغلب الحكومات العربية؛ فإذا أراد شعبٌ ما أن يسترد حريته، صُدم بالهيمنة الأمريكية التي بدورها تفرض عليه حكومة شكلية لا شرعية لها سوى من المجتمع الدولي، الذي تهيمن عليه الغطرسة الأمريكية. ولهذا، فإن ظاهرة “الدنابيع” هي الأكثر انتشاراً في عالمنا العربي.
وكلمة “دنبوع” -في الأصل- تشير إلى الفار عبد ربه منصور هادي، فهذا لقبه، وهو ليس أول رئيس شكلي في المنطقة، لكن غباءه الشديد فضح عمالته وتبعيته للسعودية وأسيادها الغربيين في أكثر من موقف، وأهمها تصريحه العفوي بشأن تفاجئه بالعدوان السعودي على بلاده، رغم أن الأخيرة زعمت أن عاصفة الحزم كانت بطلب منه. وله أيضاً تصريح سابق يكشف عبوديته لنظام عفاش، حين أكد أنه لم يستلم أي سلطة من سلفه سوى العلم الجمهوري.
مطلع العام 2022، اضطرت السعودية إلى استبدال الدنبوع بآخر لا يقل عنه عمالة للغرب، وهو المرتزق رشاد العليمي الذي لا يقل عنه ولاءً للخارج، إذ يطالب منذ عام ونصف بتدخل أمريكي لاحتلال بلاده بحجة حماية الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر، في سقوطٍ أخلاقي لا نظير له في التاريخ اليمني الحديث أو القديم. فالعليمي لا يبالي بأي معايير أخلاقية، ولا يكترث لأي دوافع سوى عبوديته للمال، كما لا يحرص على تقديم أي صورة مشرفة له أمام المجتمع اليمني، إذ إن الشرف ليس من دوافعه هو وأمثاله في مجلس الثامنة الخونة الموالي للغرب والصهاينة.
وهكذا يتجلى المشهد العربي في صورته القاتمة: زعامات مستوردة، أنظمة مصطنعة، لا شرعية لها إلا بقدر خدمتها لمصالح الاستعمار الغربي، ولا قيمة لها لدى شعوبها إلا بمقدار ما تُمعن في قهرهم ونهبهم. وما محمود عباس سوى حلقة صغيرة في سلسلة طويلة من دنابيع السياسة العربية الذين ما إن تهب عليهم رياح التحرر حتى ينكشف عوارهم، ويسقط قناع الزيف عن وجوههم الباهتة.
ولم يكن عباس حالة شاذة؛ فقد سبقه ولحقه كثيرون، كأنور السادات، الذي رهن القرار المصري لواشنطن، ووقع اتفاقيات الاستسلام مع الصهاينة، ثم سُمّي عهده “عصر الانفتاح على الغرب” ولو على حساب كرامة مصر، وكذلك خلفه حسني مبارك، الذي جعل من مصر مخفراً كبيراً لحماية حدود الكيان الصهيوني في وجه المقاومة الفلسطينية، وبارك حصار غزة لسنوات طويلة.
وكذلك حال ملوك الخليج والأردن، فالشرعية هناك مطلقة للطغاة، وليس للشعب أي حق في الحديث عن حقوقه المصادرة، وأولها حق التعبير والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وكل هؤلاء، وأمثالهم، يثبتون حقيقة أن الاحتلال العسكري ليس الشكل الوحيد للاستعمار، بل إن أخطر أشكاله هو الاحتلال السياسي الداخلي، عبر وكلاء صغار بلباس الزعماء.