حلقة مفرغة تقود 250 ألف فلسطيني شمالي غزة إلى المجاعة
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
أصبحت هناك "حلقة مفرغة" تدفع سكان شمالي قطاع غزة إلى المجاعة، بعد انقطاع المساعدات عن المناطق الشمالية، حيث أدى القصف الإسرائيلي إلى تحويل المراكز الحضرية لأنقاض، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وحسب الصحيفة، فإن الكارثة تلوح في الأفق شمالي القطاع، حيث أكد أطباء محليون حدوث "أكثر من 12 حالة وفاة مرتبطة بالجوع"، خلال الأسبوع الماضي.
ويدفع شح المساعدات الأشخاص اليائسين إلى التجمهر والاستيلاء على أية إمدادات قد تصل، مما يثير أعمال عنف تمنع الجماعات الإنسانية والجيش الإسرائيلي من جلب المزيد من المساعدات، وفق التقرير.
وبعد إنهاء سيطرة حماس، قامت القوات البرية الإسرائيلية بالحد من تدفق المساعدات شمالا دون توفير سلطة مدنية بديلة لاستعادة النظام والخدمات الأساسية لربع مليون شخص، رفضوا الأوامر الإسرائيلية بالتحرك جنوبا، بحسب "وول ستريت جورنال".
في شمالي القطاع المدمر، يقضي الناس، الذين يحتمون بين الأنقاض، أيامهم في البحث عن الطعام. ويقوم كثيرون بخلط العلف الحيواني في خبزهم، فيما ينتشر التهاب الكبد الوبائي (أ) والإسهال بسرعة، خاصة بين الأطفال.
ويقول البالغون إن شعرهم وأسنانهم تتساقط وتتكسر أظافرهم، وهي علامات على سوء التغذية.
"علف الأرانب"لا تستهلك ماهرة هشام، وزوجها، اللذان بقيا في مدينة غزة، سوى الشاي والماء في بعض الأيام، حتى يتمكن أطفالهما من تناول المزيد من الخبز الذي يصنعونه من مزيج كريه الرائحة من مختلف أنواع الدقيق وعلف الأرانب الذي يباع في السوق.
وللتخلص من آلام الجوع، تنام الفتيات المراهقات حتى تبدأ الشمس في الغروب، وعندما يجعن يبتلعن ملاعق من الزعتر المطحون.
وقالت هشام (36 عاما): "اليوم استيقظ ابني ولم يجد شيئا في المطبخ سوى ليمونة"، مضيفة: "لقد حطم قلبي".
وذكرت أن ابنها البالغ من العمر 10 سنوات أضاف بعض السكر لثمرة الليمون وأكلها.
ويعاني 16 بالمئة من الأطفال دون سن الثانية في شمال غزة من سوء التغذية الحاد، مقارنة بـ 0.8 بالمئة قبل الحرب. وفي رفح الجنوبية، حيث يلجأ معظم النازحين من غزة، فإن 5 بالمئة من الأطفال يعانون من سوء التغذية، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي.
وحسب الأمم المتحدة، فإن الرضع معرضون للخطر بشكل خاص؛ لأن الأمهات المرضعات لا يأكلن ما يكفي من طعام لإنتاج الحليب الطبيعي ويصعب الحصول على الحليب الاصطناعي.
ويقول سكان غزة وعمال الإغاثة، إن "الوجود الإسرائيلي غير ملحوظ في الشمال باستثناء عدد قليل من نقاط التفتيش، كما لا يوجد وجود واضح لحماس أو الشرطة الفلسطينية".
ميناء غزة المؤقت.. "اختبار" للغرب وتساؤلات بشأن التأمين بـ"قوات على الأرض" أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الجمعة، عن التحضير لتجهيز ممر بحري بين قبرص وقطاع غزة لنقل المساعدات الإنسانية، لتظهر تساؤلات حول مدى جدوى هذه الطريقة لإدخال المساعدات وحول كيفية تأمينها.والأسبوع الماضي، وصلت مجموعة من بعثات الأمم المتحدة إلى الشمال، ومعظمها قوافل صغيرة تحمل الإمدادات الطبية بدلا من الغذاء، وهو الأمر الأكثر طلبا بعد أكثر من 5 أشهر من الحرب التي عزلت الشمال بالكامل تقريبا عن بقية العالم.
وقال سكوت أندرسون، المسؤول الكبير بوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والذي عاد مؤخرا من إحدى تلك البعثات، إن الطعام كان الشيء الأول الذي يطلبه الجميع.
ولم ير أندرسون أي طعام معروض للبيع في السوق، باستثناء القليل من الليمون والخضروات الورقية.
ورفض الجيش الإسرائيلي، الذي يسيطر على ممرات الوصول من الجنوب إلى الشمال عبر نقطتي تفتيش، السماح لأكثر من نصف بعثات المساعدات التي تقودها الأمم المتحدة، بالوصول إلى الشمال، في يناير وأوائل فبراير، لما قال إنها "أسباب أمنية"، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر، إنه لم يُسمح لها بتوصيل المساعدات الغذائية أو الطبية إلى الشمال، منذ انتهاء وقف إطلاق النار الذي استمر أسبوعا في أواخر نوفمبر الماضي.
وعلقت وكالات الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية بعثاتها لتوصيل الغذاء إلى الشمال تماما في 5 فبراير، عندما تعرضت قافلة مساعدات كانت تنتظر بالقرب من نقطة تفتيش للوصول إلى شمالي غزة، لنيران البحرية الإسرائيلية.
وقالت إسرائيل إن قواتها كانت تستهدف "البنية التحتية" لحماس، وإنها ستحقق في الحادث. ومنذ ذلك الحين، لم يقم سوى برنامج الأغذية العالمي بمحاولات غير ناجحة لإعادة تشغيل قوافل الغذاء إلى الشمال.
"ممرات إنسانية"واندلعت الحرب في أعقاب هجوم شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، أسفر عن مقتل 1160 شخصا، غالبيتهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استنادا الى أرقام إسرائيلية رسمية.
وتعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة المصنفة على قائمة الإرهاب الأميركية، وهي تنفّذ قصفا مكثفا وعمليات برية أدت إلى مقتل أكثر من 30 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب أرقام وزارة الصحة في القطاع.
ووضعت الحرب المتواصلة منذ 5 أشهر، أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة يشكّلون الغالبية العظمى من السكان، أمام خطر المجاعة، وفق الأمم المتحدة.
وتؤكد المنظمات الدولية، أن كمية المساعدات التي تدخل القطاع المحاصر، وتحتاج إلى موافقة إسرائيل، لا تقارن بما يحتاج إليه السكان.
في المقابل، اعترف المسؤولون الإسرائيليون بأن انعدام النظام في شمال غزة أعاق إيصال المساعدات هناك، ويقولون إنهم يحاولون مساعدة الأمم المتحدة على إيجاد طرق لحماية قوافل المساعدات، بما في ذلك من خلال مقاولين من القطاع الخاص.
وتجري إسرائيل عمليات تفتيش صارمة على كل ما يدخل إلى غزة، وتسمح بالغذاء والدواء والخيام ومياه الشرب، بينما تحظر كل شيء آخر تقريبًا خشية أن ينتهي به الأمر في أيدي حماس، بحسب "وول ستريت جورنال".
وقال شيمون فريدمان، المتحدث باسم الوكالة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن تسهيل المساعدات لغزة، إن إسرائيل "لا تريد توفير الأمن الشامل لقوافل المساعدات داخل قطاع غزة".
نزوح وجوع ومستشفيات "عاجزة".. أزمة غزة الإنسانية بالأرقام أدى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة إلى نزوح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتسبب في أزمة إنسانية خانقة تشمل النقص الحاد في الغذاء والماء والدواء.وقال إنه بدلا من ذلك، "ستقوم إسرائيل بإدخال القوافل المتجهة شمالا عبر ممرات إنسانية، تم تأمينها بالفعل من قبل القوات الإسرائيلية". وسيتعين على القوافل أن تقوم بترتيبات الأمن الخاصة بها بعد مغادرة الممرات للتوزيع بشكل أعمق في غزة.
والجمعة، أعلنت عدة دول، من بينها الولايات المتحدة، عن افتتاح مرتقب لممر بحري بين قبرص وغزة، لنقل مساعدات إنسانية إلى القطاع الفلسطيني، الذي تواصل إسرائيل قصفه بلا هوادة، وذلك بعد أن عكفت تلك الدول على إنزال المساعدات جوا.
وسلطت الواقعة التي حدثت في شارع الرشيد في غزة يوم 29 فبراير، الضوء على حجم الكارثة الإنسانية بالقطاع، عندما قتل وأصيب العشرات أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات.
واتهم الفلسطينيون إسرائيل بإطلاق النار على المحتشدين للحصول على المساعدات، بينما قالت إسرائيل إن وفاتهم نجمت عن التدافع والدهس، بالإضافة إلى "إطلاق نار بدقة" من قبل جنودها.
وفي نتيجة تحقيقه، قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن "مراجعة للقيادة خلصت إلى أن جنود.. لم يطلقوا النار على قافلة المساعدات الإنسانية، بل أطلقوا النار على عدد من المشتبه بهم كانوا قد اقتربوا من قوات قريبة وشكلوا تهديدا لها".
ومن بين أولئك الذين كانوا في المكان، رجل يدعى داود تحدث لـ"وول ستريت جورنال"، قائلا إنه كان يحاول العثور على طعام لعائلته، عندما دفعت طلقات الأسلحة الرشاشة الناس إلى الفرار.
وهرب داود من المنطقة بعد أن نجح في الحصول على 3 علب من الفاصوليا. وأثناء فراره، رأى رجلا يحمل كيسا من الدقيق، وملابسه ملطخة بدماء الفلسطينيين الآخرين الذين قُتلوا بجانبه وهم يتدافعون للحصول على شيء ليأكلوه، حسب الصحيفة.
وقال الرجل الذي كان يعمل خياطا قبل الحرب: "كنت أعلم أن الذهاب إلى هناك أمر خطير للغاية، لكن أطفالي الأربعة كانوا جائعين".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وول ستریت جورنال قطاع غزة أکثر من
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: 70 بالمئة من ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة أطفال ونساء
جنيف-سانا
أكدت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن قرابة 70 بالمئة من ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة هم من الأطفال والنساء، في انتهاك ممنهج للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني.
وقالت المفوضية في تقرير حول انتهاكات الاحتلال في قطاع غزة خلال الفترة ما بين تشرين الثاني 2023 وحتى نيسان 2024 :”إن محكمة العدل الدولية أكدت في سلسلة أوامر بشأن تدابير مؤقتة على الالتزامات الدولية التي تقع على عاتق “إسرائيل” بمنع أعمال الإبادة الجماعية والممارسات المحظورة المصاحبة لها والحماية منها ومعاقبة مرتكبيها”.
وأشار التقرير إلى العبء الكبير الذي يتحمله الفلسطينيون جراء الاعتداءات والحصار الكامل الذي يفرضه الاحتلال على القطاع، بالإضافة إلى استمراره بعدم السماح بوصول المساعدات الإنسانية، وتدمير البنية التحتية، واجبار أهالي القطاع على النزوح الجماعي المتكرر.
بدوره شدد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك على ضرورة امتثال الاحتلال الكامل والفوري للالتزامات الدولية وقال: “إن هذا الأمر أصبح أكثر أهمية وإلحاحاً بالنظر إلى مجمل السلوك الوارد في التقرير، وبالأخذ في الاعتبار أحدث التطورات بما فيها عمليات “إسرائيل” في شمال غزة وتشريعاتها التي تؤثر على أنشطة وكالة الأونروا”.
وأكد تورك على ضرورة محاسبة الاحتلال لارتكابه انتهاكات خطيرة للقانون الدولي عبر جهات قضائية ذات مصداقية وحيادية، داعياً الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى ضرورة التحرك لمنع الجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال في القطاع، ودعم عمل آليات المساءلة بما فيها المحكمة الجنائية الدولية، ومحاكمة مرتكبي الجرائم بموجب القانون الدولي وتماشياً مع المعايير الدولية.