«عارفين يا ولاد إحنا متجمعين النهارده إزاي.. إحنا متجمعين يا ليان عشان إحنا عندنا دولة قوية راسخة آمنة، وده كان ليه ثمن، والثمن كان بابا يا محمد وماما يا ديجا»، بهذه الكلمات التي يتخللها اللطف والصلابة بدأ الداعية مصطفى حسني، حديثه أثناء فعاليات الندوة التثقيفية الـ39 للقوات المسلحة تحت عنوان «ويبقى الأثر» بمناسبة الاحتفال بيوم الشهيد، لمواساة أبناء الشهداء.

مصطفى حسني: الشهيد كانت بتمطر عليه رصاص وقذائف

وبموقف بسيط يبرز الدور الرئيسي والسامي الذي قام به الشهداء من «رجال الشرطة» من أجل الحفاظ على الدولة المصرية، ومدى قوتهم وصلابتهم التي كانوا يتحلون بها.. قال مصطفى حسني: «اللي زي حالتنا لما الدنيا بتمطر شوية بيحط إيده على دماغه ويدخل جوه بيته، ولكن بابا كان بيدخل بصدره والدنيا بتمطر رصاص وقذائف، ليواجهوا أهل الشر الراغبين في هدم كيان البلد، اليوم جايين نقول شكرًا شكرًا».

ديجا طفلة ابنة إحدى الشهيدات تقف على يمين الداعية مصطفى حسني، الذي حكي لها مواقف النُبل التي قامت بها والدتها الشهيدة: «عارفة يا ديجا.. أيام الكورونا كنا بنستخبي من أهلنا وحبيبنا عشان محدش يعيدنا، وأنت ماما كانت بتروح تسهر جنب العيانين والمصابين، كام واحد رجع عاش جنب أهله وأحبابه على إيد ماما، لكن ماما عاشت عند ربنا وسط الأنبياء، ونشوفها مع ستنا مريم وستنا خديجة».

«في المرة القادمة سنراهم يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين»، كانت تلك الجملة من بين الرسائل التي قدمها مصطفى حسني لأبناء الشهداء، «بابا وماما هيجوا من وسط الزحام من بعيد، وكل منهم يلبس تاج الوقار، الياقوت فيه خير من الدنيا وما فيها، وربنا هيقولهم أنتم ملوك الآخرة اللي هتشورا عليه يدخل الجنة بغير حساب، 70 شخص»، جاء ذلك خلال احتفالية يوم الشهيد.

أول من يدخل الجنة مع الشهيد؟

قال مصطفى حسني: «سيكون أول المرافقين للشهيد للجنة والده ووالدته، وزوجته أيضًا، الذين قدموا الشهداء لربنا سبحانه وتعالي فداء أرض الوطن بنفس طيبة وراضية، وإذا كان حدث فراق قي الدنيا، فيجتمون في لمة كبيرة أمام منزل ابنهم في أول يوم هندخل فيه الجنة».

والرسالة الأبرز كانت لـ الرائد مقاتل علي الزيني، الذي لقبه الداعية مصطفى حسني بـ «السيد»، وأن السيد الحقيقي هو «الذي تفاني في الخدمة»، أما الكلمات التي قالها لـ الرقيب أول مقاتل أحمد حسين.. كان يتخللها الصبر، قائلًا: «إن الله أراد أن يصطفي أصحابك شهداء عند ربه يرزقون، وبك الناس يهتدون، كما طلب منه أن يتذكرنا يوم القيامة يوم أن يشهد له جسده الشريف يرد على الأسئلة الكبرى عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه».

دعاء مؤثر من مصطفى حسني في الندوة التثقيفية الـ 39 للقوات المسلحة

«ويبقى الأثر لأهل مصر في إيدنا أمانة.. بلد كانت وصية الأنبياء فالله يا ولي في نعمتي ويا صاحبي في رحلتي ويا ناصري في محنتي ويا رجائي إن انقطعت حيلتي، أنزل أمانك ومددك على بلدك مصر.. يارب ارفع لنا في كل ميدان خير راية واجعل رحمة وعزة ونصرة هذا الجيل على يدي قادته للعالمين ىية، ستر العرش مسبول علينا وعين الله ناظرة عليا بحول الله لا يقدر علينا، وإذا فني الجسد يبقى الأثر»

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الداعية مصطفي حسني احتفالية يوم الشهيد دعاء مصطفى حسني يوم الشهيد مصطفى حسني ذكرى يوم الشهيد مصطفى حسنی

إقرأ أيضاً:

لحظات ما قبل الانهيار

فيصل محمد صالح
يبدو أنَّ السودان سيشهد تحولاً كبيراً خلال الأسابيع المقبلة تقوده نحو خيارين لا ثالث لهما، إما اتفاق سياسي وعسكري لوقف إطلاق النار، ومن ثم الدخول في حوار سياسي موسع حول مستقبل البلاد، وإما خيار الانهيار الشامل والدخول في متاهة لا يمكن التنبؤ بعمقها ولا احتمالات الخروج منها. لقد وصلت الحرب لنهاياتها المنطقية ولم يعد هناك مفر من مواجهة الخيارات المحدودة المتاحة. واحد من المؤشرات هو حالة الانهيار التي تشهدها القوات المسلحة السودانية، حتى صارت الحاميات والمناطق العسكرية تتساقط مثل قطع الدومينو، ويشاهد السودانيون بحسرة وأسى احتلال «قوات الدعم السريع» المدن والقرى بوتيرة متسارعة. خلال أيام قليلة، هاجمت «قوات الدعم السريع» مدينة سنار، ثم التفت حولها لتحتل منطقة «جبل موية» الاستراتيجية، التي جعلتها تتحكم في تقاطع عدد من الطرق المهمة. ثم ما هي إلا ساعات وسقطت مدينة سنجة، ثم وصلت «قوات الدعم السريع» لمدينة الدندر، ثم المزموم، وكبري دوبا. في الوقت نفسه كانت «قوات الدعم السريع» تتحرك في ولايتي دارفور وكردفان، فتعود لمهاجمة الفاشر، وتحتل منطقة وحامية الميرم في كردفان. في كل هذه المواقع، ما عدا في جبل موية، لم يحدث قتال حقيقي، بل كانت قوات الجيش تنسحب من المناطق دون قتال، ما أثار علامات استفهام كثيرة في أذهان السودانيين. والمدهش أنه وبعد كل انسحاب كانت فيديوهات «قوات الدعم السريع» تظهر كميات العتاد العسكري والأسلحة والذخائر التي تركتها الوحدات المنسحبة خلفها، ما يظهر أن الأمر لا يتعلّق بحجم التسليح ولا الإمكانات القتالية، لكنه يتعلق بالروح المعنوية المنخفضة أو الغائبة من ناحية، والقيادة والتخطيط المفقودين من ناحية ثانية. وقعت القوات المسلحة لعقود تحت وطأة التسييس والاستغلال الحزبي من جانب حكم الحركة الإسلامية، الذي ظهر في عمليات التخلص من الضباط المؤهلين واستبدال أهل الولاء بهم، بغض النظر عن الكفاءة، ثم بعد ذلك ظهر النشاط الاقتصادي والصناعي للمؤسسة العسكرية الذي شغل القيادات العليا في الجيش وصرفها عن الاهتمام بالتجنيد والتدريب والتأهيل. وقد حانت الفرصة لإصلاح كل ذلك مع سقوط النظام القديم في أبريل (نيسان) 2019 وقيام مؤسسات الحكم الانتقالي، لكن المجموعة العسكرية، ومن خلفها بقايا النظام القديم، قاومت ذلك، واتجهت لتشكيل تحالف مع «قوات الدعم السريع» لمواجهة السلطة الانتقالية المدنية، ثم الانقلاب عليها في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وكعربون للتحالف مع «الدعم السريع» فتحت المجموعة العسكرية الباب واسعاً للجنرال حميدتي للاتجاه لتجنيد عشرات الآلاف وتزويد قواته بأحدث الأسلحة، وإقامة علاقات إقليمية ودولية من خلال موقعه نائب رئيس مجلس السيادة. ولم تحاول قيادة الجيش وضع أي تصور لدمج «قوات الدعم السريع» في القوات المسلحة أو تسريحها بطريقة سلمية، بل كانت ترفض دعوات الشارع لذلك وتهاجم المطالبين بحل ودمج هذه القوات. وخلال عام ونصف العام ما بين الانقلاب العسكري وانطلاق الحرب في أبريل 2023، قتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 150 ضحية في المظاهرات السلمية التي كانت تطالب بحل «قوات الدعم السريع» وعودة العسكر للثكنات. والحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الطرفين كانا يستعدان للحرب، كل بحسب قدراته، وكان الانطباع العام أن الجيش سيسحق «قوات الدعم السريع» في مدى أيام قليلة، لكن التخوف كان من الخسائر في الأرواح والمباني في العاصمة الخرطوم، ثم ما يمكن أن تحدثه مجموعات «الدعم السريع» المتفرقة التي ستلجأ لبوادي دارفور. كل هذه التصورات والتكهنات ظهر خطلها، واتضح أن الجيش الذي تم إهماله لعقود لم يكن مستعداً ولا جاهزاً، وأنه تم توريطه في حرب لم يستطع التعامل معها، وإن استمرت حالة الانسحابات وتسليم المدن والمواقع تسليم مفتاح، فمن المتوقع الوصول لحالة الانهيار الشامل، للوطن كله، وليس للجيش فقط، فلا يظنن أحد أن في مقدور «قوات الدعم السريع» إعلان انتصار وتشكيل حكومة وإدارة البلاد، بل ما سيحدث هو انحلال وتلاشي الدولة السودانية الموحدة. لا تزال هناك فرصة وحيدة للخيار الثاني، وهو وقف الحرب والاتجاه نحو حوار سياسي شامل لوضع تصورات لمرحلة ما بعد الحرب، وعملية إنزال الفرصة للأرض تحتاج إلى قرار وطني شجاع لمن يستشعرون خطورة الوضع، ثم حالة إجماع إقليمي ودولي حاسم يعمل على استثمار الفرصة وتوفير الإمكانات لتحققها .  

مقالات مشابهة

  • في رحاب الانتفاضة الأولى.. من داخل المعتقل
  • في ذكرى وفاة سامي العدل.. كيف كانت علاقته بأبنائه وأحفاده؟
  • «آمال» أسست التحالف و«أمنيات» أصبحت حقيقة
  • التوحش في إسرائيل يجعل من انهيارها مسألة وقت
  • مجلس الوزراء يوافق على منح تعويضات لورثة شهداء الصحافة جراء العدوان الاسرائيلي
  • افتتاحية مجلة الجيش: أهل لوديعة الشهداء
  • الأسطورة ومساءلة الوعي
  • تشييع جثمان الشهيد المقدم محمد الغماري في حجة
  • واجهوهم في الميدان: وادخلوا عليهم الباب في غرف التفاوض!!
  • لحظات ما قبل الانهيار