الجزيرة:
2024-10-02@02:54:46 GMT

أفغانستان على وشْك تحقيق نهضة تنموية شاملة

تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT

أفغانستان على وشْك تحقيق نهضة تنموية شاملة

في أعقاب زيارتي أفغانستانَ الشهر الماضي، واجهت ردود أفعال مفاجئة لسلسلة المقالات التي كتبتها. في الحقيقة سعيت في هذه المقالات إلى نقل التطورات والمواقف التي يمكن متابعتها بسهولة من خلال المصادر المفتوحة، بصفتي شاهد عيان على الأحداث.

ويبدو أن استغراب القرّاء ناتج عن تصور خاطئ لأفغانستان تحت حكم طالبان، حيث يظن البعض أنهم مجرد مسلحين لا يملكون مؤهلات تعليمية، أو رؤية، أو أخلاقًا، أو مهارات في إدارة الدولة، ولكن طالبان كما يوحي اسمها اتحاد طلابي؛ أي أن مهنتهم هي الدراسة، والمعرفة، والعلم، والتعليم.

فكلمة "طالبان" جمع كلمة طالب في لغة البشتو.

لم يكن من المتوقع أن تقدم أفغانستان أي شيء هام للعالم الغربي، وذلك بسبب حربها التي لا هوادة فيها ضد الولايات المتحدة على مدار 20 عامًا، ونمط حياتها المنعزل عن العالم قبل ذلك.

ولكن، كما قلت سابقًا، فإن أفغانستان تستحق كل الاهتمام والتقدير، وذلك بفضل ما حققته من سلام واستقرار في جميع أنحاء البلاد، من خلال العفو العام الذي أعلنته عقب توليها الحكم، بعد كل تلك الصراعات الدموية الطويلة.

ففي النهاية، يعتبر المجتمع الأفغاني مجتمعًا تقليديًا للغاية، حيث تُعدُّ العادات فيه ـ لا سيما الثأر ـ منتشرة بشكل واسع وقوي. وفي ظل مثل هذا المجتمع، لا يُعدُّ إعلان الدولة العفوَ العام أمرًا سهلًا، ناهيك عن تطبيقه. فإعلانُ الدولة العفوَ يتعارض مع عادات وتقاليد وأعراف الشعب، مما يجعل مواجهة المقاومة أمرًا شبه مستحيل.

فقد تعلن الدولة العفوَ، لكن يستمر الناس في اتباع عاداتهم ويصرون على الأخذ بثأرهم، مما يؤدي إلى استمرار حلْقة العنف والحرب دون نهاية. ولكن تمكن زعيم طالبان، هيبة الله آخوند زاده، من تطبيق العفو من خلال نص قصير استلهمه من فعل الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – عند فتح مكة المكرمة. فكان لهذا النص تأثير أقوى من جميع التقاليد والأعراف والعادات، مما أدى إلى تطبيق العفو على أرض الواقع.

في الواقع، تؤثر أحكام إمارة أفغانستان الإسلامية بشكل قوي على جميع التقاليد المخالفة للإسلام، فهناك العديد من العادات والتقاليد التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وتظلم المرأة فيها ولا تمنح أيّ حقوق أو قانون، وهي عادات مؤثرة للغاية في المجتمع الأفغاني.

ولكن هذه التقاليد تخضع الآن لقانون إمارة أفغانستان الإسلامية، مما يؤدي إلى تطبيقها بشكل عام لصالح الناس، وبشكل خاص لصالح المرأة. وهذه تفاصيل مهمة لا يمكن أن يراها أولئك الذين ينظرون فقط من خلال الصور النمطية التي تنتجها وسائل الإعلام الغربية حول قضية تعليم المرأة.

بالإضافة إلى ذلك فإن الوضع فيما يتعلق بتعليم النساء ليس كما يعتقد على الإطلاق. فقد بلغَنا أن هناك استعدادات جادة لإنشاء نظام لتعليم الفتيات في الجامعة.

تشهد أفغانستان لأول مرة منذ 45 عامًا، بيئة من الاستقرار والسلام في جميع أنحاء البلاد. ومن أبرز نتائج هذا الاستقرار انطلاق حملة تنموية جادة في البلاد، حيث تتوالى أخبار الاستثمارات التي لا يمكن تحقيقُها إلا بوجود حكومة مركزية قوية ومستقرة.

وكنتُ قد ذكرت في مقالات سابقة أن أفغانستان تنتظر المستثمرين الأجانب. وفي الواقع بينما لا يزال المستثمرون الأجانب مترددين؛ بسبب غموض بروتوكولات الاعتراف بأفغانستان لدى الأمم المتحدة، فقد بدأت الحكومة الأفغانية في تسريع وتيرة استثماراتها الخاصة.

ا يخلو مشروع قناة قوشتيبة من بعض التوترات مع الدول المجاورة، وذلك بسبب قلة المياه التي ستتدفق إلى هذه الدول. ولكن يبقى التحدي الأكبر هو قدرة أفغانستان على إدارة هذا المشروع الضخم من خلال حكومة قوية ومستقرة

من النتائج البسيطة الملموسة لمكافحة الفساد في أفغانستان، تحسين استخدام ميزانية الدولة بشكل فعّال. ففي الآونة الأخيرة تمكنت أفغانستان من تسديد جميع ديونها الكهربائية للدول المجاورة لأول مرة في تاريخها.

وفي إطار التطورات الإيجابية في أفغانستان، تم حفر 6 آبار نفط جديدة في حقل أمو داريا، مما أدى إلى زيادة مستوى الإنتاج اليومي إلى 1350 طنًا. وبذلك أصبح هنالك الآن 24 بئر نفط جاهزة للإنتاج. وعلاوة على ذلك تم اكتشاف حقول نفط جديدة في العديد من المناطق الأخرى. وبفضل هذه التطورات تسير أفغانستان بخطى سريعة نحو الانضمام إلى قائمة الدول المنتجة للنفط.

وكما ذكرنا، سابقًا، تُعدّ الموارد البشرية إحدى أهم نقاط القوة في أفغانستان. وقد اقترحنا أنه يمكن توجيه الاستثمارات كثيفة العمالة، مثل استثمارات النسيج أو الزراعة وتربية الحيوانات، إلى البلاد للاستفادة من هذه الموارد.

ويشير مشروع بناء سد ضخم على نهر جيحون – والذي يجري العمل على إنشائه بوتيرة سريعة – إلى أن أفغانستان ستشهد نهضة تنموية أسرع بكثير مما كان متوقعًا.

لطالما شكل مشروع قناة قوشتيبة حُلمًا كبيرًا وأملًا عظيمًا لجميع الأفغان، خاصة سكان الولايات الشمالية، منذ زمن بعيد. وبفضل إرساء الإمارة الإسلامية الاستقرارَ والأمانَ في البلاد، أصبح هذا الحلم قاب قوسين أو أدنى من التحقق. فمع إتمام هذا المشروع ستتحول الصحراء القاحلة في شمال أفغانستان إلى أراضٍ زراعية خصبة ومناطق صناعية مزدهرة.

ويعتمدُ المشروع على نقل حوالي 650 مترًا مكعبًا من الماء في الثانية من نهر جيحون إلى صحراء ولايات بلخ وجوزجان وفارياب، مما سيؤدي إلى تحويل 300000 هكتار من الصحراء إلى أراضٍ زراعية خصبة. ويبلغ عرض القناة 100 متر في المتوسط، وعمقها 8.5 أمتار، وارتفاع الماء فيها 6.5 أمتار.

وتبدأ القناة من نهر جيحون في منطقة كلدار بولاية بلخ، مرورًا بصحراء منطقة كلدار، وتتقاطع مع طريق "هراتان – مزار شريف".

ومن المتوقع أن يتم إنجاز المرحلة الأولى من المشروع خلال 6 أشهر تقريبًا. ويمكن اعتبار هذا المشروع بمثابة مشروع "الجنوب الشرقي الأناضولي" (GAP) لأفغانستان.

لا يخلو مشروع قناة قوشتيبة من بعض التوترات مع الدول المجاورة، وذلك بسبب قلة المياه التي ستتدفق إلى هذه الدول. ولكن يبقى التحدي الأكبر هو قدرة أفغانستان على إدارة هذا المشروع الضخم من خلال حكومة قوية ومستقرة.

في الواقع تشير هذه التطورات إلى مَن كان مسؤولًا عن تأخير تنمية بلد غني بالتاريخ والثقافة، في قلب آسيا الوسطى، يتمتع بإمكانات قوية للغاية، من حيث الموارد البشرية والموارد الجوفية والمياه والموقع الإستراتيجي.

ففي غضون 40 عامًا، لم يقدم المحتلون أيَّ استثمار نافع للبلاد سوى خلق 4 ملايين مدمن على المخدِّرات، ولكن الآن مع عودة البلاد إلى أصحابها الشرعيين، فإن أفغانستان على وشْك تحقيق نهضة تنموية شاملة.

ولكن لا أدري إن كانت هذه الأخبار تعد بشرى سارة أم سيئة لأولئك الذين يتحدثون عن المهاجرين الأفغان باستمرار. فمن الواضح أن السلام الداخلي والنمو الاقتصادي المتزايدين يومًا بعد يوم في أفغانستان يشيران إلى أن هجرة الشعب الأفغاني ستتوقف تمامًا، بل قد تصبح هناك هجرة عكسية إلى أفغانستان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أفغانستان على فی أفغانستان هذا المشروع من خلال

إقرأ أيضاً:

من واشنطن.. بوريطة يبرز أن دحر الإرهاب في العالم يمر حتما عبر تحقيق النصر في إفريقيا

جدد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، التأكيد، خلال الاجتماع الوزاري الحادي عشر للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش، المنعقد اليوم الاثنين بواشنطن، على الأهمية القصوى لجعل إفريقيا في صلب المعركة العالمية ضد الإرهاب، وذلك في مواجهة التنامي المقلق للأنشطة الإرهابية في القارة.

وأبرز بوريطة، خلال هذا الاجتماع الذي ترأسه وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بمشاركة وفود تمثل 87 دولة، أنه على الرغم من النجاحات التي تحققت في منطقة الشرق الأوسط، فإن تفشي الإرهاب انتقل إلى مناطق أخرى، خاصة بإفريقيا.

وفي مواجهة هذا الواقع، أشار بوريطة إلى أهمية التعبئة الدولية المكثفة من أجل دعم جهود البلدان الإفريقية في مجال مكافحة الإرهاب.

وشدد الوزير على أن هذه الجهود ينبغي أن تقوم على مبادئ التضامن والمساواة في السيادة والمسؤولية المشتركة، محذرا من استخدام التصور القائم على ضرورة إيجاد “حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية” ذريعة لتقاعس المجتمع الدولي.

وأضاف أن “الإرهاب، باعتباره تهديدا عابرا للحدود، يستدعي استجابة عالمية تقوم على التشاور والتنسيق”.

وأضاف الوزير، خلال هذا الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد داعش، الذي يخلد الذكرى العاشرة لتأسيسه، أن المغرب، وتنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يتموقع بصفته شريكا أساسيا في هذا المجال، لاسيما من خلال دوره كرئيس مشارك لمجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا التابعة للتحالف الدولي، إلى جانب الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيطاليا.

كما أبرز الدور الذي يضطلع به مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ومقره الرباط، الذي وفر تكوينا لأزيد من 1500 خبير إفريقي في ظرف لا يتجاوز ثلاث سنوات، مساهما في تعزيز قدرات القارة على التصدي لهذا التهديد.

وتطرق بوريطة إلى أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار وإعادة التأهيل في المناطق المحررة من سيطرة داعش، محذرا في هذا السياق من أن مناخ العنف والهشاشة الذي يسود الشرق الأوسط يشكل أرضية خصبة تغذي الجماعات المتطرفة، إذ يمكنها من نشر إيديولوجيتها وتعزيز صفوفها.

وخلص الوزير إلى التأكيد على ضرورة إعطاء الأولوية القصوى للتهديد الإرهابي في إفريقيا، من أجل ضمان الأمن والاستقرار على الصعيد العالمي، مؤكدا أن “الانتصار على الإرهاب في العالم يتطلب حتما دحر الإرهاب في إفريقيا”.

ويضم التحالف الدولي ضد داعش، الذي تم تأسيسه في سنة 2014، في عضويته 87 بلدا ومنظمة دولية توحد جهودها في إطار مكافحة جماعة داعش الإرهابية. وتهدف إلى تفكيك الشبكات الإرهابية التابعة لهذا التنظيم، وتجفيف مصادر تمويلها، والتصدي لدعايتها، وتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة من نفوذها.

ويعد المغرب عضوا في التحالف الدولي والرئيس المشارك لمجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا، وهي مجموعة عمل معنية بإفريقيا تابعة للتحالف الدولي، إلى جانب كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيطاليا.

مقالات مشابهة

  • حرب شاملة ولكن بالقطعة! كيف تدير أمريكا هذه الحرب؟
  • جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لجزيرة محمد بالوراق
  • "نزاهة" تجري 289 تحقيقًا وتوقف 136 شخصًا خلال سبتمبر
  • "نزاهة" تجري 289 تحقيقًا وتوقف 136 شخصًا خلال سبتمبر - عاجل
  • ضمن مبادرة «بداية».. جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لجزيرة محمد بالوراق
  • من واشنطن.. بوريطة يبرز أن دحر الإرهاب في العالم يمر حتما عبر تحقيق النصر في إفريقيا
  • قافلة طبية شاملة من جامعة قناة السويس إلى الجزيرة الخضراء بالتل الكبير
  • تحقيق للجزيرة نت يكشف ارتفاع التشوهات الخلقية لدى المواليد في غزة
  • اغتيال نصر الله.. "إجراء يحقق العدالة"؟!
  • عموتة: الجزيرة استعاد التوازن المطلوب