الجنرال الذهبى.. وأسد الصاعقة

تمر اليوم، التاسع من مارس، ذكرى يوم الشهيد والمحارب القديم، ذكرى استشهاد الجنرال الذهبى عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الذى ارتقت روحه إلى بارئه، فى عام 1969، وهو يدافع عن شرف الوطن وترابه.

عبد المنعم رياض، واحد من رجال قواتنا المسلحة البواسل الذين أخذوا على عاتقهم عبء تحويل «النكسة» إلى «نصر»، نصر بانت بشائــره - بعـد أيام مــن العدوان الصهيونى فى 5 يونيو - عندما دارت معركة «رأس العش» فى أول يوليو 1967، ونجحت قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة «ثلاثون مقاتلا» فى مواجـهـة سريـة دبابات إســرائيليـة «عشر دبابات» مدعومة بقوة مشاة ميكانيكية تحركت لاحتلال «بورفؤاد»، فتصدى لها الجيش المصرى العظيم، إيذانـًـا ببدء معركة تحرير الأرض أو حرب الاستنزاف المجيدة التى استمرت 3 سنوات، ومهَّـدت الطريق لنصر أكتوبر.

الجنرال الذهبى، الذى تم اختياره رئيـسـًـا لأركان حرب القوات المسلحة، فى 11 يونيو 1967 بعد أيام قليلة من النكسة، فأعاد مع وزير الحربية الفريق أول محمد فوزى، بناء القوات المسلحة التى حققت نصر أكتوبر العظيم.

كان يُشرف بنفسه على عمليات تدمير خط بارليف، تلك التى بدأت يوم السبت 8 مارس 1969 ضمن معارك حرب الاستنزاف، وفى التوقيت المحدد انطلقت نيران الجيش على طول خط الجبهة لتكـبِّد العدو الإسرائيلى أكبر قدر من الخسائر فى ساعـــات قليلة، وتدمـر جزءًا مهمـًــــا مـن مواقـع المدفعية الصهيونية، فى أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل معارك أكتوبر.

فى اليوم التالى كان الفريق عبد المنعم رياض بين جنوده، بل يقف فى أكثر المواقع تقدمـًــا على الجبهة، الـموقع رقم (6) الذى هاجم بشراسة دُشَم الكيان الصهيونى، ولم يكن يفصله عنها سوى أمتار قليلة.

وبعد معركة استمرت ما يقرب من الساعة ونصف الساعة، كان يقود فيها الفريق عبد المنعم رياض العمليات بنفسه، انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التى كان يقود منها المعركة، ليلقى ربه شهيدًا، وهو يقف وسط جنوده.

لم تمر أيام حتى انتقم الجيش المصرى لقائده، ونفَّذ البطل الشهيد إبراهيم الرفاعى «أسد الصاعقة» ومجموعته «39 قتال» عملية انتقامية ضد العدو الإسرائيلى، بعد أن طالبهم الزعيم عبد الناصر بالثأر.

ففى ليلة ذكرى الأربعين لاستشهاد رئيس أركان حرب الجيش، وبالتحديد يوم 19 أبريل عام 1969، عَـبر إبراهيم الرفاعى ورجاله القناة إلى المواقع الإسرائيليــــة، فى العملية الـمعــروفة بـ«لسان التمساح»، وأباد أبطال الصاعقة المصرية، 74 من الجنود والضباط الصهاينة بالموقعين اللذين نفذا الهجوم على الفريق عبد المنعم رياض، وفجَّروا مخزنــًــا للسلاح وآخر للوقود بالإضافة للآليات العسكرية، الدبابات والمدرعات، وعاد أبطالنا، ومعهم علم الموقع الإسرائيلى، حتى أن الكيان الصهيونى تقدم باحتجاج إلى مجلس الأمن من هول العملية، قائلا: إن جنودهم تم قتلهم بوحشية.

وعلى ذكر الشهيد إبراهيم الرفاعى أسد الصاعقة المصرية، فيجب أن يعرف شبابنا أنه البطل المصرى الذى أطلقت قوات العدو الإسرائيلى قذائف الهاون، احتفالا باستشهاده.

ولِمَ لا، وهو من أذاق الصهاينة مرارة الهزيمة فى عشرات العمليات التى قام بها هو والمجموعة «39 قتال»، وذلك قبل أن يلقى ربه شهيدًا صائمًا، فى 19 أكتوبر 1973 عندما كان يخوض هو ورجاله معركة عنيفة مع مدرعات العدو الإسرائيلى.

ففى «الثغرة» انطلق الرفاعى ورجاله إلى شرق القناة، لتنفيذ أصعب عملية قام بها على مدار خدمته، اخترقوا قواعد العدو إلى منطقة «الدفرسوار»، دارت العمليات، ومن ضراوتها ادَّعى شارون - رئيس وزراء «إسرائيل» - الإصابة، وطلب إنقاذه من جحيم المصريين، ما دفع قائد الجبهة الإسرائيلية للمطالبة بمحاكمته لفراره من المعركة.

دمر الرفاعى وأبطاله المعبر الذى أقامه العدو لمرور قواته، فتوقف الزحف «الإسرائيلى»، ولولاهم لتغير مسار الحرب كلها.

تحية إجلال وتقدير إلى روح القائد الفريق عبد المنعم رياض، وتحية إجلال وتقدير إلى روح المحارب العظيم إبراهيم الرفاعى وإلى أرواح شهداء القوات المسلحة المصرية، ورجالها الذين ضحوا ومازالوا يضحون حتى الآن، دفاعـًـا عــن الوطن، ليثبتوا كل يوم أن للشعب المصرى درعـًـا وسيفـًـا.

تحية إجلال وتقدير إلى جيشنا العظيم، فى «عيد الشهيد».

المصدر: الأسبوع