طارق بشري
  في هذا المقال نود القول إن حرب 15 أبريل 2023  ربما هي آخر طلقة في نعش النيوليبرالية  كمرحلة متوحشة من تاريخ الاقتصاد السياسي في السودان و الذي امتد قرابة 5 عقود بدءا من نهاية السبعينات إلى 15ابريل 2023.طوال هذه السنوات ال50 كان النظام السياسي السائد هو نظام استبدادي بقيادة الحزب الواحد الحاكم بالمطلق: نظام نميري و المؤتمر الوطني(باستثناء 4 سنوات هي الديمقراطية الثالثة 1985-1989) و كان الاقتصاد السياسي المصاحب (الحجل بالرجل) لهذا الاستبداد السياسي هو السوق الحر اي قيادة المصالح الخاصة بالاقتصاد بكلياته انتاجا و توزيعا و تبادلا ( نظريا و عمليا لم يكن كما يقول  نص كتاب الاقتصاد النيوكلاسيكي في تعريفه لآليات السوق الحر والمنافسة الحرة لكن ((انسي) و لنفترض أنه كان مثلما هو في نظريات كتاب الاقتصاد النيوكلاسيكي) وعقب هذه المقالة (1 من 11) ربما نبتدر سلسلة مقالات في نقد الاقتصاد النيوكلاسيكي (neoclassical economics) و نعاين العلمي فيه شنو و الايدولوجي فيه شنو) لادارة الاقتصاد إنتاجا و توزيعا و تبادلا عبر سن وإصدار القرارات والسياسات الاقتصادية(النقدية و المالية و غيرها).

و عندما نقول الحرب المندلعة منذ 15 أبريل آخر نعش لا نود سوى القول ان الحرب ربما هي آخر مراحل ازمة النيوليبرالية في السودان و لا خيار مستقبلي لها تحت اي نسخة اخرى من الشراكة السياسية و حتى و ان تمظهرت بثوب المدنية والانتقال الديمقراطي مثلما كانت إبان حكومة حمدوك( قحت و الشراكة مع اللجنة الأمنية) و أن هناك خيارا جديدا آخر يتنامي ضد هذا النظام القديم (النيوليبرالية صاحبة العمر الطويل المقارب ال50 عاما)و هو خيار ربما يسمي (نظاما اجتماعيا ديمقراطية) تستعيد فيه الدولة المزاوجة المحددة بين القطاع العام و الخاص و المشترك و تركن جانبا الدور المركزي لآلية السوق(النيوليبرالية) و التي ما جلبت  لانسان السودان اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا سوى 10 نتائج كارثية:1- سيطرة الاحتكارات في الإنتاج والاستهلاك 2- تفاقم معدلات التفاوت الاجتماعي بين الأغنياء الجدد و الاغلبية الفقيرة 3-الخصخصة و تخفيض عدد المؤسسات العامة في الإنتاج و التجارة و التوزيع 4- حرب على قوى العمل و تهميش الحقوق النقابية و المهنية 5- تدني الأجور الحقيقية 6- زيادة التبعية وانكشاف الاقتصاد الوطني تجاه الاقتصادات الإقليمية و العالمية والمؤسسات الدولية (الصندوق و البنك الخ) 7- زيادة الديون الخارجية 8- صعود الاقتصاد الريعي و الاستخراجي و الطفيلي مقابل تدني مكانة الانتاج الزراعي والصناعي 9- تدني راس المال البشري (الخدمات الصحية والتعليمية) 10- زيادة الإنفاق العسكري والأمني لاستدامة وتأمين الاستبداد السياسي و الصرف علي الحروب الداخلية و التمليش (صناعة النظام للميليشيات )على حساب الإنفاق على التنمية. و كل واحدة من ال10 نتائج و التي كانت الثمار المرة لسيادة و لسيطرة النيوليبرالية طوال ال 50 عاما سوف نفرد لها مقالا في هذه السلسلة من القول البحثي.
     ووفق جاري جيرستل (The Rise and Fall of the Neoliberal Order 2022)في  مقدمة كتابه  و الذي يوثق لتاريخ النيوليبرالية صعودا و سقوطا في امريكا فان تعريف النظام السياسي هو(الترجمة من عندنا) يتكون من كوكبة من الأيديولوجيات والسياسات والدوائر الانتخابية التي تشكل السياسة الأميركية بطرق تستمر إلى ما بعد الدورات الانتخابية التي تمتد الي 2 و4 و 6 سنوات. ففي الفترة من 1930 الى 2020، كان لدى أمريكا نظامان سياسيان: نظام الصفقة الجديدة(new deal) الذي نشأ في ثلاثينيات واربعينيات القرن العشرين، وبلغ ذروته في الخمسينيات والستينيات، ثم سقط في السبعينيات؛ والنظام النيوليبرالي الذي نشأ في السبعينيات والثمانينيات، وبلغ ذروته في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وسقط في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
  ولكل نظام سياسي برنامجه المميز للاقتصاد السياسي. تأسس نظام الصفقة الجديدة على قناعة مفادها أن الرأسمالية إذا تركت لأجهزتها الخاصة ستؤدي إلى كارثة اقتصادية. وكان لا بد من إدارتها من قبل دولة مركزية قوية قادرة على حكم النظام الاقتصادي بما يحقق المصلحة العامة. وعلى النقيض من ذلك، كان النظام النيوليبرالي يرتكز على الاعتقاد بأن قوى السوق لا بد من تحريرها من الضوابط التنظيمية الحكومية التي كانت تعيق النمو والإبداع والحرية. لقد شرع مهندسو النظام النيوليبرالي في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي في تفكيك كل ما فرضه نظام الصفقة الجديدة(Gary Gerstle 2022).
 تتر يخة تطبيق و ممارسة السياسات النيوليبرالية في السودان منذ السبعينات هي تتريخة لاحقة سيادة وسيطرة النظام النيوليبرالي على المستوى العالمي  و بشي اكثر تحديدا صعود النظام النيوليبرالي في امريكا بدا من فوز ريغان 1980 و تاتشر في بريطانيا 1979 و من بعد سيطرتها أي النيوليبرالية على مستوى المؤسسات الاقتصادية الدولية من مثل صندوق النقد والبنك الدولي و من بعد تطبيقها الواسع في بقية دول العالم.في هذه السلسلة من المقالات نبدو معنيين أكثر بالفترة من 1980 الى 2024 وهي الفترة التي تلت فترة قيادة رأسمالية الدولة  لو قل دور الدولة(القطاع العام منها جزءا هاما) في اجتراح التنمية  و التي يمكن  تتريخها من الاستقلال السياسي 1956 إلى بدايات السبعينات.ففي المقال  القادم (2 من 11) سوف نتفاكر حول الثمرة المرة الأولى ( تنامي الاحتكارات و احتكارات القلة)لسيطرة النيوليبرالية في الولايات المتحدة (1980 الي 2020) و في السودان في ظل ممارسة ذات النيوليبرالية (1980 الى اليوم ).

tarig.b.elamin@gmail.com
///////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

موسكو تطور نظام اليد الميتة لشن ضربة نووية في حال القضاء على القيادة الروسية

وكالات

طورت روسيا نظام “اليد الميتة”، وهو آلية متقدمة قادرة على إطلاق ضربة نووية مدمرة في حال تدمير كل القيادة الروسية في بداية حرب عالمية نووية.

ويعمل النظام الذي صممته وزارة الدفاع الروسية على مبدأ ضمان الرد النووي التلقائي، حتى في حال تعرضت القيادة الروسية لأقصى درجات الهجوم.

ويعتمد النظام على مراقبة مستمرة للأنشطة النووية عبر الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار الأرضية. وفي حال عدم اكتشاف أي رد على الهجوم النووي من قبل موسكو، يفترض النظام أن القيادة قد اختفت أو تم القضاء عليها.

في هذه الحالة، يقوم النظام على الفور بإطلاق نحو 4000 صاروخ نووي باتجاه الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو، في محاولة لتوجيه ضربة نووية مضادة تطال العديد من المواقع الاستراتيجية. ويُقال إن هذا النظام قد صُمم لضمان الرد على أي تهديد نووي موجه ضد روسيا، بغض النظر عن الفوضى التي قد تنشأ نتيجة الهجوم.

ويعود الحديث عن “اليد الميتة” إلى الفترة السوفيتية، عندما تم تطويره خلال ذروة الحرب الباردة كإجراء وقائي يهدف إلى حفظ التوازن النووي بين القوى الكبرى. ومع تحديث الأنظمة التكنولوجية وزيادة الأبحاث النووية، يُعتبر النظام الآن أكثر تقدمًا مع إمكانية التشغيل التلقائي دون الحاجة إلى تدخل بشري.

وأشارت التقارير إلى أن موسكو ترى في هذا النظام عنصرًا أساسيًا من عناصر الردع النووي، معتبرةً إياه جزءًا من استراتيجيتها لحماية أمنها القومي في مواجهة أي تهديد نووي محتمل.

مقالات مشابهة

  • فورد تورس تيتانيوم 2025: سيارة فاخرة بأداء قوي وسعر منافس
  • 17 مليون طفل سوداني بلا تعليم بسبب الحرب
  • الحرب في السودان: تعزيز فرص الحل السياسي في ظل فشل المجتمع الدولي
  • بيان من المكتب السياسي للحزب الإشتراكي الديمقراطي الوحدوي (حشد الوحدوي)
  • دراسة تكشف عن نظام غذائي مثالي لخفض ضغط الدم وفقدان الوزن
  • إيران: واشنطن تعارض الحل السياسي في اليمن وتواصل زعزعة المنطقة
  • وزير كندي سابق: إيران تستهدف معارضيها في الخارج بشكل مكثف
  • هل من أستاذ يزيل جهلي السياسي في قضية الحرب علي السودان؟
  • موسكو تطور نظام اليد الميتة لشن ضربة نووية في حال القضاء على القيادة الروسية
  • طلب البعثة الاممية التي قدمه حمدوك كانت تصاغ وتُكتب من داخل منزل السفير الانجليزي في الخرطوم!!!