سقوط النيوليبرالية في واشنطن هل هي سقوطها في الخرطومّ! (1من 11)
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
طارق بشري
في هذا المقال نود القول إن حرب 15 أبريل 2023 ربما هي آخر طلقة في نعش النيوليبرالية كمرحلة متوحشة من تاريخ الاقتصاد السياسي في السودان و الذي امتد قرابة 5 عقود بدءا من نهاية السبعينات إلى 15ابريل 2023.طوال هذه السنوات ال50 كان النظام السياسي السائد هو نظام استبدادي بقيادة الحزب الواحد الحاكم بالمطلق: نظام نميري و المؤتمر الوطني(باستثناء 4 سنوات هي الديمقراطية الثالثة 1985-1989) و كان الاقتصاد السياسي المصاحب (الحجل بالرجل) لهذا الاستبداد السياسي هو السوق الحر اي قيادة المصالح الخاصة بالاقتصاد بكلياته انتاجا و توزيعا و تبادلا ( نظريا و عمليا لم يكن كما يقول نص كتاب الاقتصاد النيوكلاسيكي في تعريفه لآليات السوق الحر والمنافسة الحرة لكن ((انسي) و لنفترض أنه كان مثلما هو في نظريات كتاب الاقتصاد النيوكلاسيكي) وعقب هذه المقالة (1 من 11) ربما نبتدر سلسلة مقالات في نقد الاقتصاد النيوكلاسيكي (neoclassical economics) و نعاين العلمي فيه شنو و الايدولوجي فيه شنو) لادارة الاقتصاد إنتاجا و توزيعا و تبادلا عبر سن وإصدار القرارات والسياسات الاقتصادية(النقدية و المالية و غيرها).
ووفق جاري جيرستل (The Rise and Fall of the Neoliberal Order 2022)في مقدمة كتابه و الذي يوثق لتاريخ النيوليبرالية صعودا و سقوطا في امريكا فان تعريف النظام السياسي هو(الترجمة من عندنا) يتكون من كوكبة من الأيديولوجيات والسياسات والدوائر الانتخابية التي تشكل السياسة الأميركية بطرق تستمر إلى ما بعد الدورات الانتخابية التي تمتد الي 2 و4 و 6 سنوات. ففي الفترة من 1930 الى 2020، كان لدى أمريكا نظامان سياسيان: نظام الصفقة الجديدة(new deal) الذي نشأ في ثلاثينيات واربعينيات القرن العشرين، وبلغ ذروته في الخمسينيات والستينيات، ثم سقط في السبعينيات؛ والنظام النيوليبرالي الذي نشأ في السبعينيات والثمانينيات، وبلغ ذروته في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وسقط في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ولكل نظام سياسي برنامجه المميز للاقتصاد السياسي. تأسس نظام الصفقة الجديدة على قناعة مفادها أن الرأسمالية إذا تركت لأجهزتها الخاصة ستؤدي إلى كارثة اقتصادية. وكان لا بد من إدارتها من قبل دولة مركزية قوية قادرة على حكم النظام الاقتصادي بما يحقق المصلحة العامة. وعلى النقيض من ذلك، كان النظام النيوليبرالي يرتكز على الاعتقاد بأن قوى السوق لا بد من تحريرها من الضوابط التنظيمية الحكومية التي كانت تعيق النمو والإبداع والحرية. لقد شرع مهندسو النظام النيوليبرالي في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي في تفكيك كل ما فرضه نظام الصفقة الجديدة(Gary Gerstle 2022).
تتر يخة تطبيق و ممارسة السياسات النيوليبرالية في السودان منذ السبعينات هي تتريخة لاحقة سيادة وسيطرة النظام النيوليبرالي على المستوى العالمي و بشي اكثر تحديدا صعود النظام النيوليبرالي في امريكا بدا من فوز ريغان 1980 و تاتشر في بريطانيا 1979 و من بعد سيطرتها أي النيوليبرالية على مستوى المؤسسات الاقتصادية الدولية من مثل صندوق النقد والبنك الدولي و من بعد تطبيقها الواسع في بقية دول العالم.في هذه السلسلة من المقالات نبدو معنيين أكثر بالفترة من 1980 الى 2024 وهي الفترة التي تلت فترة قيادة رأسمالية الدولة لو قل دور الدولة(القطاع العام منها جزءا هاما) في اجتراح التنمية و التي يمكن تتريخها من الاستقلال السياسي 1956 إلى بدايات السبعينات.ففي المقال القادم (2 من 11) سوف نتفاكر حول الثمرة المرة الأولى ( تنامي الاحتكارات و احتكارات القلة)لسيطرة النيوليبرالية في الولايات المتحدة (1980 الي 2020) و في السودان في ظل ممارسة ذات النيوليبرالية (1980 الى اليوم ).
tarig.b.elamin@gmail.com
///////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
تغيير نظام إيران.. إقرأوا ما قاله تقريرٌ إسرائيليّ
نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً جديداً إن الهجوم العسكري على إيران لا يكفي باعتبار أن تغيير النظام هناك هو وحده الكفيل بإنهاء التهديد النووي. ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إن "سلسلة الغارات الجوية الأخيرة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، قد تكون عطّلت طموحات طهران مؤقتاً، لكنها لم تضع حداً لها"، وأضاف: "كما حدث في العراق قبل عام 2003، لا تكفي الضربات التكتيكية وحدها لتحييد تهديد استراتيجي، لأن طهران لا تزال ملتزمة أيديولوجياً بامتلاك سلاح نووي". وتابع: "إن منع هذه النتيجة يتطلب أكثر من مجرد الاحتواء، فالأمرُ يحتاج إلى بذل جهدٍ جاد لإزالة النظام الذي يسعى إلى تحقيق هذه النتيجة". وأكمل: "يُمثّل تدمير المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان على يد إسرائيل والولايات المتحدة خلال شهر حزيران الماضي، ضربةً موجعةً لسعي النظام الإيراني إلى امتلاك سلاح نووي. مع هذا، تؤكد تقييمات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية وقوع أضرار جسيمة في تلك المُنشآت، مما يشير إلى أن الضربات أعادت البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء بضع سنوات. ومع ذلك، فإن الضرر الذي ألحقته هذه الحملات الجوية لم يقضِ تماماً على القدرات النووية الإيرانية". وأضاف: "تُشير تقييمات مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران ربما تكون قد نجحت في نقل مواد حيوية، مثل 408 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب، إلى مواقع مختلفة قبل الهجمات، الأمر هذا يُشير إلى احتمال كبير أن تتمكن إيران من استعادة نشاطها النووي واستئناف تطويره في المستقبل القريب". وقال: "تظل الطموحات النووية الإيرانية تشكل تهديداً للأمن القومي الإسرائيلي والاستقرار الإقليمي على نطاق أوسع. منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979، كرّس النظام في طهران جهوده للقضاء على الصهيونية فكرياً. يتجذر هذا الاعتقاد في مبدأ ولاية الفقيه، ويتجلى من خلال الحرس الثوري الإيراني، الذي يعمل بمثابة مُنفّذ لفكر النظام". واستكمل: "لقد أجّج الحرس الثوري الإيراني العنف وزعزعة الاستقرار في كل أنحاء الشرق الأوسط من خلال عملياته في لبنان والعراق وسوريا وغزة والضفة الغربية. ويُعدّ دعم الحرس الثوري المباشر لهجوم حركة حماس ضد إسرائيل يوم 7 تشرين الأول 2023، مثالاً واحداً من أمثلة عديدة على تطرف النظام وعدائه المستمر تجاه الشعب اليهودي". وتابع: "لعقود، كرّس النظام الإيراني موارد ضخمة لتطوير سلاح نووي دمار شامل تحت ستار إنتاج الطاقة السلمي، ولطالما صُوّر هذا المسعى المتعصب للجمهور الغربي على أنه إجراء دفاعي أو مبادرة للطاقة، لكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة". وقال: "لقد اتخذت إسرائيل خطواتٍ جوهريةً لإضعاف حزب الله وحماس والجماعات الشيعية في الخارج، بما في ذلك استهداف كبار مسؤولي الحرس الثوري الإيراني داخل إيران من خلال عملياتٍ عسكرية. ومع ذلك، فإن هذه الجهود وحدها لا تكفي لإحداث تغييرٍ في النظام الإيراني، ويجب الآن السعيُ بنشاطٍ إلى استراتيجيةٍ متماسكةٍ تدعم التحول السياسي الداخلي في إيران. وحالياً، لا توجد معارضة داخلية موحدة في طهران قادرة على تشكيل تحدٍّ فعال للنظام، ولكن من الممكن، بل ينبغي، بناء معارضة قادرة على ذلك بالتضامن مع الشعب الإيراني. يبدأ ذلك بجهود لإضعاف البنية التحتية القمعية الداخلية للنظام، وتحديداً قوات الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني، المكلفة بقمع المعارضة". وتابع: "ينبغي أيضاً تقديم الدعم لحركات المقاومة المسلحة في المناطق النائية بإيران. لا تزال الجماعات الكردية، مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني (PDKI)، وحزب الحياة الحرة (PJAK)، وحزب حرية كردستان (PAK)، وحزب كومله، نشطة في غرب إيران (Rojhelat)، بينما تواصل الجماعات البلوشية في جنوب شرق البلاد مقاومة سيطرة طهران". وقال: "رغم امتلاك هذه الجماعات تنظيماً وتسليحاً محلياً، إلا أنها تفتقر إلى القدرة على العمل خارج نطاق مناطقها العرقية، ويمكن أن يُشكّل التواصل الاستراتيجي والتنسيق مع هذه الحركات أساساً لمعارضة وطنية أكثر تماسكاً. وفي حين يدعم بعض أفراد الشتات الإيراني شخصيات معارضة منفية مثل رضا بهلوي أو مريم رجوي، إلا أن هؤلاء الأفراد يفتقرون إلى دعم حقيقي داخل إيران، ومن غير المرجح أن يكونوا بدائل فعالة للنظام الحالي. في غياب معارضة محلية موحدة وذات صدقية، لا بد من اتباع استراتيجيات بديلة لتسهيل التغيير". واستكمل: "يُعدّ التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل والشركاء الأوروبيين والإصلاحيين الإيرانيين أمراً بالغ الأهمية لمعالجة غياب معارضة داخلية فاعلة. وكما أقرّت الولايات المتحدة قانون تحرير العراق عام 1998 لدعم المعارضين لصدام حسين، ينبغي سنّ قانون تحرير إيراني مماثل لدعم الحركات المؤيدة للديمقراطية داخل إيران".وتابع: "يتضمن ذلك تعزيز النشاط الشعبي والمساعدة في تشكيل معارضة سياسية منظمة، على غرار الدور الذي لعبه المؤتمر الوطني العراقي سابقاً. ومن خلال المساعدة المالية والدعم اللوجستي والتواصل الدبلوماسي، سيكون الهدف تحديد وتمكين بدائل ديمقراطية وعلمانية للنظام الحالي". ورأى التقرير أنَّ "وجود معارضة داخلية شرعية قادرة على تولي السلطة في حال انهيار النظام أمرٌ ضروري لمنع إيران من الانزلاق إلى الفوضى"، وأضاف: "هذا ليس ضرورةً استراتيجية فحسب، بل ضرورةً أخلاقيةً أيضًا، إذ أبدى النظام الحالي استعداده للتضحية بالاستقرار الوطني سعياً لتحقيق أهدافه الأيديولوجية. إن الحاجة المُلِحّة لكبح طموحات طهران الداخلية والإقليمية المتعصبة تتطلب عملاً دولياً منسقاً". وتابع: "لن يُوقف تجديد الاتفاق النووي سعي النظام إلى امتلاك سلاح نووي، لأن مكافأة طهران بحوافز مالية بعد تدهور بنيتها التحتية العسكرية بشكل كبير يُرسل رسالة خاطئة. لقد مكّن الاتفاق النووي، بقيادة إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، إيران من التعافي، وتوسيع برامجها الصاروخية والنووية، وزيادة دعمها للقوى التابعة لها في كل أنحاء المنطقة. لا ينبغي لإدارة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، ولا للحكومات الأوروبية، الوقوع في الفخ نفسه بتكرار نهجٍ ثبت فشله". وختم: "لا يمكن القضاء على البرنامج النووي الإيراني بالكامل من دون إزالة النظام الذي يسعى إليه. طموحات طهران النووية متأصلة في سعي أيديولوجي لتدمير إسرائيل. لن تكفي الغارات الجوية المحدودة التي تشنها إسرائيل أو الولايات المتحدة لتفكيك هذا التهديد - يجب اتباع استراتيجية تهدف إلى تسهيل تغيير النظام في طهران بجدية. سيتطلب هذا جهداً منسقاً ومتضافراً من واشنطن والقدس وحكومات أخرى لتمكين الشعب الإيراني من الانتفاضة ضد النظام الحاكم، ولن يتسنى إرساء أمن إقليمي دائم إلا بزوال النظام".
المصدر: ترجمة "لبنان 24" مواضيع ذات صلة "إسرائيل خسرت أمام إيران".. إقرأوا ما قاله باحث إسرائيليّ Lebanon 24 "إسرائيل خسرت أمام إيران".. إقرأوا ما قاله باحث إسرائيليّ