في ذكرى ٨ مارس: وقف الحرب وكل اشكال القهر للمرأة
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
بقلم: تاج السر عثمان
١
يمر ٨ مارس اليوم العالمي للمرأة في ظروف معاناة المرأة السودانية من الحرب اللعينة التي اندلعت في الخرطوم وكردفان والجزيرة وغيرها من الولايات، والتي مر عليها أكثر من ١٠ شهور، أدت لنزوح ٨ مليون شخص داخل وخارج البلاد ومقتل أكثر من ١٢ ألف شخص.
ادت الي الابادة الجماعية والعنف الجنسي كما في حالات الاغتصاب الموثقة كما حدث في دار مساليت غرب دار فور من الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معه، وقتل الأطفال، ونهب الحواكير والممتلكات، وحالات اختطاف النساء، والعنف الجنسي.
اضافة لمصادرة الحريات والحقوق الأساسية والقمع الوحشي للمعارضين للحرب كما في حالات القتل والاعتقال والتعذيب للسياسيين وأعضاء لجان المقاومة والخدمات في الأحياء والمستشفيات من طرفي الحرب، اضافة لحل لجان المقاومة والخدمات ولجان تسيير قوى الحرية والتغيير، مما اكد ان هدف الحرب الأساسية تصفية الثورة والاستمرار في نهب ثروات البلاد، والتفريط في السيادة الوطنية.
٢
كانت جماهير النساء الأكثر تضررا من الحرب والجرائم ضد الانسانية والتطهير العرقي.وتحمل المدنيون وفي مفدمتهم النساء والأطفال وطاة الحرب.
وحسب الأمم المتحدة ١٨ مليون سوداني تاثروا بالمجاعة نتيجة الحرب، كما تعرض ملايين الأطفال للتشريد وضاع عليهم العام الدراسي وسط قلق الأمهات على فلذات اكبادهن من أهوال الحرب.
كما اشار تقرير بعثة الأمم المتحدة الي أعمال العنف الجنسي المستند الى النوع الاجتماعى، وتجنيد الأطفال َواستخدامهم في الحرب اللعينة وهذه بلا شك جريمة حرب.
كما اشارت نقابة اطباء السودان الي ان انهيار القطاع الصحي في السودان يهدد النساء الحوامل بالأطفال، اضافة لاضطرار أكثر من ٣،٥ مليون طفل للنزوح والفرار من منازلهم.
كما اشارت الأمم المتحدة الي ١٩ مليون طفل خارج المدارس بسبب الحرب، و٢٥ مليون شخص يحتاجون لمساعدات انسانية عاجلة.
كما كان لقطع التيار الكهربائي وخدمات المياه وشبكة الاتصالات والانترنت اثره على حياة الأسر واوضاعها المعيشية.،فقطع الاتصالات والانترنت جريمة حرب، فقد اصبح من ضروريات الحياة، واصبحت الكثير من الأسر والنساء بعتمدن على الحوالات التي تصلها عبرخدمة" بنكك" وغيرها في ظروف الحصار المضروب عليها بسبب الحرب.
كما تعاني النساء من ويلات الحرب في معسكرات النزوح
وغير ذلك من المعاناة والمآسي التي تعيشها النساء واطفالهن في السودان من اهوال الحرب.
٣
واخيرا في ذكرى ٨ مارس، يصبح وقف الحرب واسترداد الثورة الواجب الرئيسي. والعمل من أجل تحقيق المطالب العاجلة للمرأة مثل :
حماية النساء من العنف الجنسي.
تحسين الاوضاع المعيشية والصحية وتوفير احتياجات المواطنين الاساسية، وتوفير خدمة الاتصالات والانترنت باعتبارها من حقوق الإنسان الضرورية.
تقديم المسؤولين عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية والاغتصاب للمحاكمات، وعدم تكرار الافلات من العقاب.
رفض كل اشكال العنف والتمييز ضد المرأة.
فتح الممرات الآمنة لحماية النساء ووصول الإغاثة، وتوفير مياه الشرب النقية والخدمات الصحية والأدوية المنقذة للحياة وفصول التعليم في معسكرات النزوح.غير ذلك من المطالب العاجلة للمرأة.
إضافة لمشاركة المرأة الفعالة في وقف الحرب و تمثيلها بنسبة لأتقل عن ٥٠ ٪ في مؤسسات الثورة، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية.
alsirbabo@yahoo.co.uk
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: أکثر من
إقرأ أيضاً:
بين الطموح والواقع: قراءة نقدية لمبادرة الحزب الشيوعي السوداني لوقف الحرب واسترداد الثورة
17 ديسمبر 2024
في قراءة المبادرة التي قدمها الحزب الشيوعي السوداني لوقف الحرب واسترداد الثورة، لا بد من التوقف عند قيمتها كطرح وطني يحمل في جوهره رغبة صادقة في الخروج من دوامة الحرب والدمار التي تعصف بالسودان.
المبادرة، بلا شك، تأتي في توقيت مفصلي من تاريخ البلاد، وتُجدد التأكيد على أن الحلول الحقيقية تنبع من إرادة الشعب، وتستند إلى نضال جماهيري منظم. لكن رغم وضوح الرؤية في بعض جوانبها، فإنها تظل بحاجة إلى مزيد من التفصيل والمرونة لمعالجة القصور الذي قد يحد من فاعليتها، خاصة في ظل الظروف المعقدة التي تعيشها البلاد.
تستند المبادرة إلى رؤية تاريخية تذكّرنا بمواقف شعبنا البطولية في أكتوبر 1964، وأبريل 1985، وديسمبر 2018، حين كانت وحدة الجماهير هي الأساس الذي ارتكزت عليه تلك التحولات الكبرى. هذا التذكير يُعيد الثقة بقدرة الشعب السوداني على إحداث التغيير، ويُعزز فكرة أن المبادرة الجماهيرية ليست ترفًا، بل ضرورة لإيقاف الحرب واستعادة الثورة. ومع ذلك، من الضروري الاعتراف بأن السياقات الراهنة تختلف عن سابقاتها، فالحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023 خلّفت واقعًا إنسانيًا واجتماعيًا بالغ التعقيد، حيث يعاني الملايين من النزوح واللجوء، وحيث فقدت قطاعات واسعة من الشعب القدرة على المشاركة السياسية بفعل الظروف القاهرة.
الدعوة إلى تنظيم النازحين واللاجئين تظل فكرة طموحة وملهمة، لكن تحقيقها يتطلب وسائل عملية تتجاوز حدود الخطاب السياسي إلى إيجاد حلول ملموسة تُعيد لهم شيئًا من الأمن والاستقرار أولًا.
أحد الجوانب الإيجابية في المبادرة هو النقد الشجاع الذي توجهه للفترات الانتقالية السابقة، والتي اتسمت بالقصور في تحقيق أهداف الثورة. هذا النقد يُعبر عن موقف وطني مسؤول، إذ يُعترف بأن الإخفاقات السابقة كانت سببًا مباشرًا في تفاقم الأزمة الحالية وعودة القوى المناهضة للثورة إلى المشهد السياسي. لكن من المهم هنا الإشارة إلى أن معالجة هذه الإخفاقات تتطلب قراءة أكثر شمولية وعمقًا؛ فالدولة السودانية ظلت لعقود طويلة محكومة ببنية سياسية واقتصادية معقدة، لا يمكن تفكيكها بخطوات سريعة أو قرارات سطحية.
إن التغيير الحقيقي يتطلب رؤية متكاملة، تستند إلى مشروع وطني جامع قادر على معالجة جذور الأزمة، بدءًا من إعادة بناء المؤسسات، مرورًا بتعزيز الديمقراطية، ووصولًا إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة.
من النقاط المهمة التي تُطرح في المبادرة أيضًا، مسألة الاعتماد على الخارج في حل الأزمة السودانية. هذه النقطة تُحسب لصالح الطرح، حيث تُشير إلى خطر الرهان على المبادرات الدولية والإقليمية التي غالبًا ما تأتي محملة بمصالح متباينة للأطراف المتدخلة.
صحيح أن المجتمع الدولي قد يُشكل عاملًا مساعدًا، لكن الحلول المستدامة يجب أن تنبع من الداخل، من إرادة السودانيين أنفسهم. غير أن الدعوة إلى الاعتماد على الذات تظل ناقصة ما لم تُطرح معها آليات واضحة لكيفية تحقيق ذلك على أرض الواقع، خاصة وأن الجماهير اليوم تواجه ظروفًا استثنائية تتطلب دعمًا وإسنادًا إنسانيًا عاجلًا قبل الحديث عن العمل السياسي والتنظيمي.
الجانب الاقتصادي الذي تتناوله المبادرة يُعد من أكثر القضايا أهمية، حيث تُشير إلى ضرورة مفارقة سياسات “الليبرالية الجديدة” التي كرست الفقر وعدم المساواة، والانطلاق نحو نهج اقتصادي يعتمد على الذات.
هذا الطرح يتماشى مع تطلعات الشعب السوداني الذي عانى لسنوات طويلة من التبعية للخارج ومن سياسات اقتصادية عمّقت الأزمات. لكن النجاح في تحقيق هذه الرؤية يتطلب خطوات عملية تُركز على استعادة دور الدولة في إدارة القطاعات الاستراتيجية، وتوجيه الموارد لخدمة المواطنين، وهو ما يحتاج إلى تخطيط دقيق يراعي الإمكانيات الحالية والتحديات التي فرضتها الحرب.
أما ما يتعلق بالدعوة إلى إصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية وبناء جيش قومي موحد، فهي دعوة ضرورية ولا خلاف حول عدالتها. السودان لن يستقر ما لم تُحل مشكلة تعدد الجيوش والمليشيات، وما لم تُعاد هيكلة القوات المسلحة على أسس مهنية بعيدًا عن الولاءات السياسية أو الجهوية. لكن هذه الدعوة، رغم عدالتها، تحتاج إلى التعامل بحذر وواقعية؛ فالانقسامات العميقة التي أفرزتها الحرب تجعل تحقيق هذه الأهداف أمرًا بالغ التعقيد، ويتطلب توافقًا وطنيًا واسعًا يشمل كل الأطراف.
إن المبادرة إذ تُنادي بعقد المؤتمر الدستوري القومي، فإنها تُشير إلى واحدة من أهم أدوات بناء الدولة الحديثة، حيث يُتاح للسودانيين فرصة الجلوس معًا لتحديد كيف يُحكم السودان. هذه الدعوة تُعبر عن رغبة حقيقية في التأسيس لدولة مدنية ديمقراطية، تحترم التنوع وتُحقق العدالة. ومع ذلك، فإن نجاح المؤتمر الدستوري يتطلب تهيئة مناخ سياسي ملائم، وبناء الثقة بين مكونات المجتمع السوداني المختلفة، وهو ما لن يتحقق إلا بوقف الحرب أولًا، وبتقديم ضمانات حقيقية لالتزام كل الأطراف بما يتم الاتفاق عليه.
في المجمل، المبادرة تُعد خطوة إيجابية وجادة في اتجاه البحث عن مخرج للأزمة السودانية، وتُعبّر عن موقف وطني مسؤول يدعو إلى وحدة القوى السياسية والمدنية لاستعادة الثورة ووقف الحرب. لكن هذه الرؤية، رغم وضوحها، تحتاج إلى أن تكون أكثر واقعية ومرونة في طرحها، مع التركيز على آليات التنفيذ العملية التي تُراعي ظروف السودانيين اليوم.
إن النقد الموضوعي لهذه المبادرة لا يقلل من قيمتها، بل يُسهم في تطويرها لتُصبح أكثر فاعلية، وأكثر قدرة على مخاطبة الواقع بما فيه من تعقيد وتناقض.
السودان اليوم بحاجة إلى توافق وطني حقيقي يُعيد بناء الثقة بين أبنائه، ويُرسي دعائم السلام والعدالة والتنمية.
المبادرات وحدها لا تكفي؛ إذ يتطلب الأمر عملًا جماعيًا جادًا، تُشارك فيه كل القوى الوطنية بمسؤولية وشفافية، بعيدًا عن الحسابات الضيقة. هذا الوطن الذي عانى طويلًا يستحق أن نتعامل مع أزماته بروح وطنية خالصة، لا تنحاز إلا لمصلحة الشعب السوداني الذي ظل دائمًا مصدر القوة والأمل في أحلك الظروف.
Sent from Yahoo Mail for iPhone
zoolsaay@yahoo.com