الغاز يتدفق من كاريش.. اسرائيل تسرق حقل قانا وكونسورسيوم الطاقة يتنصل وينسحب
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
بعد أسابيع قليلة على بدء الحرب على غزة سارعت إسرائيل إلى إبرام صفقة بين شركتي "إيني" الإيطالية، و"دانا بتروليوم" البريطانية، و"ريشيو إنرجيز" الإسرائيلية، يجري بمقتضاها منح تراخيص للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل غزة، وفق ما أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية في 29 تشرين الأول الماضي، وسط معلومات تشير إلى أن إسرائيل أيضا تسرق غاز حقل قانا منذ العام 2020 وأن هناك خرائط ومعلومات تؤكّد ذلك، ولذلك حاولت شركة توتال التنصل من الحفر والتنقيب بالإدعاء أن البئر المحفور في حقل قانا المحتمل في البلوك 9 لا يحتوي على الغاز، وربطا أيضا بانسحاب كونسورسيوم توتال الفرنسية و"قطر للطاقة" و"إيني الإيطالية" من استثمار مشروع استخراج الغاز والنفط في البلوكين 8 و 10.
وفي الأيام الماضية، بدأ الغاز الطبيعي بالتدفق من حقل "شمال كاريش" إلى "إنرجان باور"البريطانية-اليونانية، وهي سفينة ضخمة عائمة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال وتصنيعه وتخزينه وهي راسية بجواره. وستتم معالجة الغاز على متن السفينة قبل نقله إلى الشاطئ جنوبي حيفا عبر خط أنابيب ممتد في قاع البحر. كما سيجري استخراج سوائل الغاز، أو النفط في الواقع، وتخزينها على متن السفينة لتحميلها في الناقلات التي ستنقلها إلى أسواق التصدير كل بضعة أسابيع. منع الغاز المستخرج من حقل "كاريش" حدوث نقص كان محتملاً عندما توقف حقل "تمار" عن الإنتاج لعدة أسابيع في بداية حرب غزة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وفي وقت لاحق، قال الرئيس التنفيذي لشركة "إنرجان" لصحيفة "فاينانشال تايمز": "يحتّم علينا الإنتاج لكي تبقى الأضواء منارة في إسرائيل".
لا شك أن إسرائيل ومنذ عشية الترسيم البحري كانت قد بدأت بالضخ التجريبي والعمل في الموضوع الغازي و الوقود الاحفوري عموما" فهي تمضي في ذلك قدماً لجملة اعتبارات أولها الاستهلاك الداخلي وثانيها جملة الاتفاقات الموقعة مع المصريين والأوروبيين لاسيما في ظل المعركة المفتوحة بين موسكو وكييف والحاجة الأوروبية للغاز القادم من شرق المتوسط لاسيما "إسرائيل" حيث الحديث أن الكميات الإسرائيلية المتنوعة بكل أشكال الغاز قد تسد حوالي 10% من الحاجة الأوروبية و بأسعار معقولة وهذا ما احتفلت به آنذاك كل من كارن حرار وزيرة الطاقة الإسرائيلية والسيدة فوندرلاين عن الاتحاد الأوروبي في حزيران المنصرم.
لقد تحركت إسرائيل مدعمة لوجستيا منذ أعوام وترجمت سرعة الحركة إبان عملية التفاوض والترسيم، وكانت إنرجان باور جاهزة لسرعة التنفيذ و هذا ما أشار إليه العديد من الوكالات الإعلامية الغربية ومن المفارقة أنه لم يكن من الممكن لحقل "كاريش" ولا "شمال كاريش" أن يقعا في مياه الكيان الإسرائيلي(فلسطين المحتلة) لو أصر لبنان على ما طالب به في عام 2020 بأن حدوده البحرية تمتد جنوباً، إلا أن المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة أفضت إلى الحدود الحالية القائمة مع بقاء نقطة B1 وخط الطففات عالقين ضمن حالة من الضبط برعاية الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين.
من المؤكد أن إسرائيل تعمل في بيئة غير آمنة بالمعنى الاستثماري والعملي وتاليا" إنرجان باور تعمل تحت وطأة ظروف حساسة للغاية وكأنها في قلب معسكر حيث تحميها الكثير من القطع البحرية الإسرائيلية حيث الغاز ضمن أولويات حكومة بنيامين نتنياهو بما تمثله من أمن قومي اقتصادي ومالي في زمن اهتزاز الأمن الاقتصادي الإسرائيلي، من تقهقر الشيكل إلى ضعف البورصة وأزمة الانفاق و عجز الموازنة وهبوط التصنيف الائتماني الإسرائيلي .....الخ وعليه، فإن الوضعن بحسب ما يؤكد استاذ الاقتصاد في الجامع اللبنانية محمد موسى لـ"لبنان24" حساس جداً بالنسبة لتل أبيب ضمن إطار ما يجري من غزة مروراً بلبنان وصولا إلى البحر الأحمر وتأثيراته على الامدادات الاحفورية إلى دولة الكيان وتهديد موانئ إيلات و غيرها من الموانئ القريبة من غلاف غزة.
أما على خط لبنان، من الواضح أن هناك سعيا من أجل المضي في استخراج الثروة النفطية بعد إضاعة فرص جمة وهدر سنوات من الوقت ضمن المماحكات اللبنانية التي ألحقت الضرر بالقطاع علماً أن الفرص كانت ستكون ممتازة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية. لكن لم يتم اكتشاف الغاز في حقل قانا رغم أن المسوحات الزلزالية السابقة أكدت وجود كميات هيدروكربونية. ولعل الظروف السياسية لم تتطابق ما هو تحت البحر، بحسب موسى. فالظرف الأمني الراهن شكل عائقاً كبيراً أمام رحلة الاستكشاف خاصة بعدما قرر كونسورتيوم الغاز المغادرة من دورة التراخيص الجديدة. وقال وزير الطاقة وليد فياض إن الحكومة تدرس إمكانية تعديل شروط المشاركة في عمليات الاستكشاف من خلال مرسوم جديد يصدره مجلس الوزراء، ويهدف هذا التعديل إلى تسهيل الإجراءات وتشجيع مشاركة عدد أكبر من الشركات بما يعود بالنفع على قطاع الطاقة اللبناني،مشيراً إلى رفض الحكومة عرض قدمته إحدى الشركات التي فازت في مزاد سابق للتنقيب عن الغاز بسبب تمسك الشركة بالاستمرار في العمل حتى عام 2027 متجاوزة الموعد النهائي الذي حدده الجانب اللبناني وهو منتصف 2026، بالإضافة إلى سعي الشركة لتخفيض حصة لبنان من عائدات المشروع، وهو ما اعتبرته الحكومة اللبنانية غير مقبول. مع الاشارة إلى أن دورة التراخيص الثالثة الممتدّة حتى تموز المقبل تشمل تسعة بلوكات من أصل عشرة، كون التنقيب عن الغاز في البلوك الرقم 9 قد لزّم بالكامل إلى تحالف كل من "توتال و"إيني" و"قطر للطاقة"،في حين تبحث وزارة الطاقة إمكانية خفض العتبة الدنيا لرأسمال الشركات الراغبة بالمشاركة في الدورة الثالثة دون التخلي عن الشروط والمعايير العالمية المطلوبة، وذلك لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الشركات.
وقال فياض ان لبنان يعتزم توسيع نطاق الشركات المؤهلة للمشاركة في عمليات استكشاف الغاز الطبيعي بعد تعثر مفاوضات التنقيب في القطاعين 8 و10 في الآونة الأخيرة.
عاد اليوم الحديث عن المغريات الاقتصادية لترسيم الحدود البرية و تنفيذ القرار 1701 وسط ربط بين جبهة غزة وجبهة الجنوب حيث اشارت المعلومات،وفق موسى، إلى إعادة طرح التفاوض عن الحفر و التنقيب والمساعدة في توصيل الغاز من مصر والأردن، لكن الأمور لا تزال ضمن الوعود التي لا يمكن الرهان عليها، ومرد ذلك أن التنقيب لم يستكمل، وقانون قيصر لا يزال سداً منيعاً أمام إيصال الغاز إلى لبنان. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حقل قانا
إقرأ أيضاً:
العجز الطاقي بتونس يتفاقم وخبراء يقترحون هذه الحلول
ارتفع عجز الميزان التجاري الطاقي في تونس مع نهاية شهر سبتمبر الماضي وعلى أساس سنوي بنحو 29 بالمائة ليصل إلى ما يناهز 2.9 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من هذا العام مقابل 2.2 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.
وسجل البلد انخفاضا في قيمة الصادرات، خلال هذا العام بنسبة 7 بالمائة في حين سجلت الواردات ارتفاعا بنسبة 18 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من 2023 وخاصة على مستوى واردات النفط الخام، وفق آخر نشرية للمرصد الوطني للطاقة (حكومي).
يأتي ذلك في وقت تعتمد تونس على الاستيراد من الخارج لتلبية أكثر من نصف احتياجاتها الطاقية، فيما تشهد أسعار النفط والغاز ارتفاعا وسط مخاوف من اضطراب الإمدادات في ظل التوترات الجيوسياسية في العالم.
في المقابل، يثير تفاقم العجز التجاري الطاقي في تونس الجدل في الأوساط الاقتصادية والإعلامية خاصة بشأن أسباب ذلك العجز وتداعيات تصاعد التوتر الجيوسياسي المرتبط بالحرب الروسية الأوكرانية على هذا القطاع.
تراجع الإنتاج المحلي
يرجع الخبير الدولي في مجال الطاقة عزالدين خلف الله أسباب ارتفاع عجز الميزان التجاري الطاقي في تونس إلى انخفاض الإنتاج المحلي جراء تراجع الحقول النفطية في البلاد، وتقلص رخص الاستكشاف من 50 رخصة سنة 2010 إلى 16 رخصة حالية وهي التي تمثل نشاط الاستكشاف.
ويقول خلف الله لـ"الحرة": إن عدد الآبار التي يتم حفرها تراجعت، ولم يتم سنة 2022 حفر أي بئر، وفي 2024 تم حفر بئر وحيدة ما أدى إلى اكتشاف جديد وهو في طور التقييم، لذلك فإن عدم وجود اكتشافات جديدة يعني غياب المخزون لتعويض الآبار القديمة.
وأشار المتحدث في هذا السياق إلى أن بعض الشركات أتمت رخصها وغادرت تونس نتيجة انتهاء تعهداتها وذلك في ظل غياب اكتشافات جديدة، لافتا إلى وجود "تباطؤ إداري أدى ببعض الشركات الكبرى إلى المغادرة رغم أنها في حيز الاستغلال".
وفي ما يتعلق بالغاز الطبيعي، يشدد الخبير الدولي في الطاقة على أن حجم الطلب عليه تزايد في ظل التوترات والصراعات التي يشهدها العالم خاصة الحرب الروسية الأوكرانية لافتا إلى ارتفاع واردات تونس من الكهرباء من الجزائر وليبيا.
ويؤكد أن الغاز المحلي تراجع بالنظر إلى نقص الموارد وأصبح يمثل 28 من المائة أواخر سبتمبر 2024 بعد أن كان يمثل 35 بالمائة، مبينا أن الغاز المتأتي من الجزائر ينقسم إلى أتاوة بنسبة 22 بالمائة بالنظر إلى مرور الغاز من الجزائر نحو إيطاليا وشراءات بنسبة 51 بالمائة.
ويوضح في هذا الصدد أن تونس تعاني تدهورا في إنتاج الغاز فرغم اكتشاف حقل نوارة ودخوله حيز الاستغلال منذ 2020، ولكن توقفه في 2024 أدى إلى انخفاض في الموارد ما أدى إلى ارتفاع العجز الطاقي.
وتشير البيانات الصادرة عن المرصد الوطني للطاقة أن واردات تونس من الكهرباء المتأتية من الجزائر وليبيا سجلت ارتفاعا نسبيا وساهمت في تغطية 14من المائة من حاجيات البلاد من الطاقة الكهربائية.
مخاوف من اضطراب الإمدادات
يرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي أن تونس باتت في حاجة إلى توريد جزء كبير من احتياجاتها من الغاز والنفط من الجزائر بسعر أعلى من السعر العالمي نتيجة التوترات والتغيرات الجيواستراتيجية في بعض بلدان الشرق الأوسط والتي ساهمت في ارتفاع تكاليف نقل النفط ومعاليم تأمينه في المسالك البحرية.
ويوضح الشكندالي في حديثه لـ"الحرة" أن تزايد الطلب العالمي على الغاز الجزائري جعل هذا البلد المغاربي يرفع في أسعار مبيعاته مما اضطر تونس إلى اقتنائه بسعر أرفع من السعر العالمي وهو ما أثقل كاهل ميزانها التجاري الطاقي من حيث الإنفاق.
وبخصوص المخاوف من تسجيل اضطراب في الإمدادات في النفط والغاز، يشدد الخبير الاقتصادي على أن الصراعات والحروب التي تشهدها عدة بلدان في العالم، جعل خطوط الإمداد محفوفة بالمخاطر مما يزيد في حجم الصعوبات التي تواجهها الدول المستوردة للنفط والغاز ومن ضمنها تونس في تأمين احتياجاتها الطاقية.
من جانب آخر، يلفت المتحدث إلى أن ميزانية الدولة التونسية بنيت على فرضية 81 دولارا للبرميل لهذا العام في حين أن أسعار التداول اليوم تناهز 74 دولارا للبرميل، مما جنبها تكبد خسارة بنحو 4.5 مليون دولار عن كل زيادة بدولار واحد بعد السعر المحدد في الميزانية.
ولمواجهة العجز الطاقي في البلاد، يدعو الخبير الاقتصادي السلطات التونسية إلى التعويل على الطاقات المتجددة والاستثمار فيها من خلال دعم المشاريع المتعلقة بإرساء نظام "فوتوفولتاييك" المعتمد أساسا على الطاقة الشمسية.
تواصل دعم الطاقة
وفي نفس المنحى، تعتزم السلطات التونسية مواصلة دعم هذا القطاع بما قيمته 2.3 مليار دولار، وفق ما يكشفه قانون المالية لسنة 2025 والذي ينظر فيه البرلمان منذ أكتوبر 2024.
وبحسب هذا القانون، فإن تونس ستعمل على مزيد ترشيد نفقات الطاقة عبر الحد من الانتفاع غير المشروع من الكهرباء والغاز وتحسين استخلاص الفواتير فضلا عن مراقبة مسالك التوزيع قوارير الغاز المعدة للاستهلاك المنزلي.
كما تؤكد الحكومة عدم توجهها إلى إقرار أي زيادة في أسعار المحروقات الكهرباء وقوارير الغاز المنزلي الموجه للاستهلاك الأسري والتي تصل نسب دعهما إلى 76 بالمائة.
يشار إلى أن تونس تخطط في إطار الاستراتيجية الوطنية الطاقية في أفق سنة 2030 إلى إنتاج 35 بالمائة من الكهرباء من الطاقات المتجددة والتخفيض في حدود 46 بالمائة من انبعاث الكربون وقد وقعت في مايو 2024 على اتفاقيتين لإنجاز محطتين لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية بكل من محافظتي قفصة (وسط غرب) وتطاوين (جنوب) بقدرة 300 ميغاواط.
المصدر: الحرة