يرى الغالبية من المحللين السياسيين المختصين بالشأن الأميركي أن الوقت لا يزال مبكراً لمعرفة إذا ما كان دونالد ترامب سيكون أحد فرسان الرهان في الأمتار الأخيرة لانتخابات الرئاسة الأميركية القادمة لا سيما وهو يواجه عاصفة قانونية لا تبقي ولا تذر.
ومقابل هذا التشاؤم والرؤية الحصينة – عطفاً على معطيات الواقع – هنالك واقع آخر موازي يدعي «روح الديمقراطية الأميركية» و«ثقافة الرهان الشعبي» على الأقل حظاً في الفوز وهي أمور تمثل شغف الشعب الأميركي بالحصول على الشيء على الرغم من أن الإحصائيات والأرقام تشير إلى عكس ذلك، وهو جوهر الحلم الأميركي الذي لا يعترف بأن هناك شيئاً مستحيلاً متى ما توفرت الإرادة والعمل المضني والجاد وبأن الكل يستحق فرصةً ثانيةً إذا هي سيكولوجيا الانتخابات الأميركية التي تتعلق بمن يقدم للشعب بوادر الأمل في أن تكون حياته أفضل وبأن تكون أميركا سيدة العالم دون الحاجة لفقدان الأرواح وتوجيه أموال الضرائب للخارج.
يتقدم ترامب بفارق كبير على منافسيه «الجمهوريين»، ولا يزال بإمكانه الفوز بترشيح حزبه دون التنافس في ولايتي كولورادو أو ماين اللاتي أصدرن أحكاماً تنص على استبعاد دونالد ترامب من الترشح للرئاسة. والتساؤل الأهم هو: هل لا يزال بإمكان دونالد ترامب الترشح للرئاسة بعد أحكام ولايتي ماين وكولورادو؟ إن كلا الحكمين معلقين أثناء إجراء عملية الاستئناف، وهي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام المادة 3 من الدستور لاستبعاد مرشح رئاسي، وبالتالي هل يستطيع دونالد ترامب الاستمرار في الترشح لانتخابات 2024؟ الجواب هو نعم! حيث تنطبق هذه الأحكام فقط على كولورادو وماين على التوالي، ولن تقوم المحكمة الأميركية العليا بتعميمه على باقي البلاد إذا ما فهمنا دور القوانين العرفية في الثقافة الأميركية في مثل تلك الأحكام، ويجب أن لا ننسى أن ترامب يملك الفريق القانوني الأفضل في العالم وليس في بلده فقط، وفريقه الانتخابي الأكبر قادر على تسييس البيروقراطية الفيدرالية بشكل كامل والتعطيل المؤقت لسيادة القانون.
من جانب آخر يحظى ترامب بدعم قطاع الأعمال وهو عامل محوري في الانتخابات، ولكن هل سينجح في تفكيك «الدولة العميقة»؟ وهو ما قد يتطلب تجريد عشرات الآلاف من الموظفين المهنيين في الحكومة من سلطتهم إذا ما أراد فعلاً طمس الدولة العميقة بالكامل وهو تحدي لا يحسد عليه من جميع النواحي وحتماً سيحاول تحقيق ذلك من خلال إعادة إصدار الأمر التنفيذي لعام 2020 المعروف باسم «الجدول F» وهذا من شأنه أن يسمح له بإعادة تصنيف أعداداً كبيرة من الموظفين، مع التركيز بشكل خاص كما قال على «البيروقراطيين الفاسدين الذين استخدموا نظامنا القضائي كسلاح» و«الجهات الفاعلة الفاسدة لدينا في الأمن الوطني والاستخبارات»، ونظراً لغضبه من مكتب التحقيقات الفيدرالي والمدعين الفيدراليين الذين يتابعون القضايا الجنائية ضده، فمن المحتمل أن يستهدف ترامب الأشخاص المرتبطين بتلك المحاكمات والانتقام منهم.هناك تأثير للسمات الشخصية للمرشح على نفسية الناخب الأميركي وخاصةً في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي ورغبة القوى الكبرى في العالم برئيس توافقي فيما يخصّ موازين القوى العالمية والدور الخفي الذي ستلعبه حتماً في تحديد هوية الرئيس الأميركي فلم يعد الأمر كالسابق.
اليوم، وفي عصر الرقمنة المتقدمة، لن ينتخب الشعب رئيسه وحده هذه المرة، وستشارك معه قرى ومدن كاملة في دولة وسائل التواصل الاجتماعي وعقلية الحشود العابرة للحدود الجغرافية، مما سيتطلب أن يكون ترامب شخصين مختلفين في عالم واقعي وآخر افتراضي ليعيد تمركزه من مواقفه في العديد من الأمور كموقفه من النساء، وهذه السمات ربما تصبح القدرة الحقيقية التي ستميز ترامب عن غيره وتجعل ساحة الانتخابات أقرب إلى لعبة إلكترونية أو مسلسل شيّق سيرغب الفرد العادي في المشاركة فيه، وسيحدد عقله الباطن اختياراته التي ستكون ضحية للحملات الانتخابية الذكية، وفن تحويل الانطباعات والمواقف والآراء السلبية لآراء إيجابية وتكتيكات تحول المعارض لمحايد.
سالم سالمين النعيمي – كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات – صحيفة الاتحاد
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: دونالد ترامب
إقرأ أيضاً:
كلينتون يتحدث في كتاب جديد عن حياته بعد خروجه من البيت الأبيض (شاهد)
نشر الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون الجديد، كتابه "مواطن: حياتي بعد البيت الأبيض"، يحكي فيه عن حياته فترة طويلة من الخدمة العامة. ويقدّم الكتاب رؤية حول تحوّله من السياسة إلى العمل الخيري.
ويتحدث كلينتون عن شعوره بالضياع في البداية، عندما عاد لحياته العادية، ولم يعد يتلقى المعاملة الرسمية المخصصة للرؤساء، مشيرا إلى أن العمل الخيري منحه هدفًا جديدًا لتحقيق أثر عالمي ملموس.
وأطلق مبادرة كلينتون للوصول إلى الصحة، التي خفّضت تكاليف أدوية الإيدز وأنقذت أرواح الملايين، بحسب الكتاب.
My new memoir CITIZEN comes out this week — it's full of reflections on how I've kept score through the years and why I'll keep suiting up. https://t.co/U8sct1EKeupic.twitter.com/0RmwZ2OYCR — Bill Clinton (@BillClinton) November 17, 2024
كما نظّم جهودا إغاثة كبيرة، مثل جمع ملايين الدولارات لصناديق إغاثة الكوارث (إعصار كاترينا، زلزال هايتي، وغيرها).
وأكد الرئيس الأسبق في كتابه أن النجاح لا يُقاس بالألقاب الوظيفية، بل بما يحققه الإنسان من تغييرات إيجابية.
وفي الكتاب، أقر كلينتون بندمه على لقاءاته مع جيفري إبستين، مشيرًا إلى أنه لم يكن ليقابله لو عرف تاريخه.
وقال كلينتون لوكالة أسوشيتدبرس، حول تأثير انتخاب دونالد ترامب على عمل مبادرة كلينتون العالمية إنه ملتزم بمواصلة العمل الخيري بعيدًا عن التحديات السياسية.
وشدد كلينتون على أن المبادرة الخيرية كانت دائمًا غير حزبية، حيث ضمت داعمين من مختلف الأطياف السياسية، بما في ذلك مؤيدين للرئيس ترامب.
وأكد أنه سيواصل العمل لتحقيق الأهداف الإنسانية، بغض النظر عن الظروف السياسية أو التحديات.