لست فقيرة لكن لم أعد قادرة.. أسعار مضاعفة تنهك التونسيين مع قدوم شهر رمضان
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
يستعد التونسيون عادة لشهر الصوم من خلال تخزين كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساسية، لكن هذا العام يؤثر ارتفاع الأسعار وسط الركود الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، بشكل كبير، على قدرتهم الشرائية.
وتفصح فايقة، وهي موظفة متقاعدة، أنها المرة الأولى في حياتها التي تشتري فيها "الفواكه والخضروات بالقطعة" في بلد يواجه سكانه "المنهكون" أصلا، ارتفاعا متواصلا لتكاليف المعيشة.
وتقول فايقة، البالغة من العمر 65 عاما، وهي متواجدة في سوق "باب الفلّة" الشعبي في تونس العاصمة: "لست فقيرة، لكن لم أعد قادرة، فمعاشي التقاعدي لم يعد يسمح لي بتغطية احتياجاتي".
وتحرم فايقة نفسها حتى من اللحوم الحمراء المفرومة، التي يتجاوز سعر الكيلوغرام منها 40 دينارا (أكثر من 13 دولارا)، مقابل راتب شهري قدره ألف دينار (حوالي 328 دولارا).
وتقول بأسف: "اليوم لا أستطيع شراء سوى المواد متدنية الجودة وبالقطعة".
وتتابع: "لم يكن الوضع صعباً وخانقاً إلى هذا الحد من قبل. فأنا أضطر إلى الوقوف في طوابير للحصول على بعض المنتجات (تلك التي تدعمها الدولة) ودفع فواتير الكهرباء والمياه، وأحياناً بشكل متأخر".
"سئمت هذا الوضع"من جانب آخر، لم يعد محمد الدرعي، بائع الخضار الذي يبلغ من العمر 69 عاما، يعرض أسعاره في لافتات للعموم، خشية نفور زبائنه، ويُبين مشيراً إلى الشارع الضيق حيث حركة المارة تبدو ضعيفة: "في هذا الوقت في السابق لم يكن من الممكن أن تطأ قدمك السوق لأنه كان مزدحماً للغاية، لكن الوضع تغير اليوم".
وعانت تونس من ارتفاع معدلات التضخم لمدة عامين (10 في المئة في المتوسط سنويا)، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في بعض الأحيان 3 أضعاف، مما أدى إلى تراجع أوضاع الطبقات العاملة والوسطى.
وبلغت نسبة النمو الاقتصادي خلال عام 2023 نحو 0,4 في المئة، متأثرة بأزمة جفاف متواصلة منذ 5 سنوات، أهلكت المحاصيل الزراعية.
ودخلت البلاد في ركود اقتصادي بنهاية 2023، وعاودت البطالة الارتفاع (16,4 في المئة في نهاية عام 2023 مقارنة بـ 15,2 في المئة عام 2022) فيما يعيش 4 ملايين تونسي تحت خط الفقر.
وتعيش البلاد تحت وقع أزمة سياسية متواصلة منذ أن قرر الرئيس، قيس سعيد، المنتخب ديمقراطيا عام 2019، احتكار السلطات الكاملة في يوليو 2021.
وفي محل لبيع اللحوم، تطلب خمسينية على استحياء 150 غراما من لحم البقر. وتهمس للبائع: "لقد توفي زوجي مؤخراً ولا أستطيع شراء المزيد".
ويوضح القصّاب مصطفى بن سلمان، (52 عاما): "هناك الكثير من الناس الذين يطلبون دينارين من اللحم المفروم (أقل من 100 غرام) أو 1,5 دينار من النقانق، ولا أستطيع أن أقول لهم لا. الناس منهكون"، مضيفا أنه "سئم الوضع".
ويضيف: "يعاني معظم الناس من صعوبات مالية. فقد تم صرف الرواتب قبل شهر رمضان، ولن تصل (الرواتب التالية) إلا قبل وقت قصير من العيد (المرتقب في 10 أبريل)، لذلك يجد معظم الناس أنفسهم بلا دخل"، بينما تكثر خلال شهر رمضان المصروف والاستهلاك.
ويقول الخبير الاقتصادي، رضا الشكندالي: "من الناحية الاقتصادية، نحن نشهد فترة من الركود التضخمي، أي انخفاض في النمو وارتفاع في التضخم"، مما له "تأثير مزدوج على القدرة الشرائية للتونسيين"، ويؤدي إلى "انخفاض الدخل الحقيقي".
ومن أسباب الوصول إلى هذا الوضع، يشير الخبير الاقتصادي إلى "الاختيار المتعمد للسلطات لتفضيل سداد الديون، خاصة الخارجية، على حساب تزويد السوق بالمواد الغذائية الأساسية والمواد الزراعية" كالأسمدة والأعلاف.
وتحتكر الحكومة التونسية مركزية شراء المنتجات المدعومة، كما أن نقص الأموال في الخزينة العامة، المثقلة أيضًا برواتب أكثر من 650 ألف موظف حكومي، يتسبب بانتظام في نقص بعض المواد، كالدقيق أو الأرز أو السكر.
فضلا عن ذلك، يتزايد الطلب على البنوك التونسية لتمويل ديون البلاد (80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، مما يقوض قدرتها على إقراض القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة.
وينجم نقص الموارد أيضا عن "خيار تعليق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي"، حسب تقديرات الشكندالي.
ورفض الرئيس التونسي، العام الماضي، اتفاقا مبدئيا أبرم مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بقيمة ملياري دولار، معتبرا الإصلاحات التي يوصي بها الصندوق، من إعادة هيكلة الشركات الحكومية والرفع التدريجي للدعم على بعض المنتجات الأساسية، "إملاءات".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
الجفاف يهدد محاصيل المغرب ويعصف الاقتصاد الوطني
يمر المغرب موجة جفاف شديدة دفعت الملك المغربي، محمد السادس، إلى دعوة المغاربة للاستغناء عن أضحية عيد الأضحى هذا العام نظراً لانخفاض أعداد رؤوس الماشية بسبب الجفاف.
اذ قبل عام التقط قمر صناعي تابع لوكالة ناسا صوراً تُظهر مدى تضرر مدينة الدار البيضاء المغربية الواقعة على المحيط الأطلسي من آثار الجفاف، إذ اختفت المساحات الخضراء وحل بدلاً منها.
ورغم أن البيانات أظهرت ارتفاعاً في معدل ملء السدود إذ بلغ 28.44 في المئة في يناير كانون الثاني 2025 مقابل 23.27 في المئة في الفترة نفسها من العام الماضي، ووفقاً لوزارة التجهيز والماء المغربية، فإن التوقعات تشير إلى تراجع كبير في محاصيل الحبوب بالمغرب خلال الموسم 2024-2025.
كما لفت إدريس عيسوي المحلل الاقتصادي المغربي، إن نحو 60 في المئة من قطاع الفلاحة بالمغرب تضرر بسبب الجفاف المتواصل على مدار 6 سنوات, وأضاف أن هذا العام الأمطار لم تأتِ بالشكل المناسب، لذا ستتراكم تداعيات الجفاف لعام جديد
اذ تشير توقعات وزارة الزراعة الأميركية إلى أن إنتاج المغرب من الحبوب في الموسم الجاري 2024-2025 سينخفض مقارنة بمتوسط مستوى الخمس سنوات الماضية منذ 2019 إلى 2023.
وبحسب التوقعات، فإن إنتاج القمح سينخفض 40 في المئة، والشعير سينخفض 50 في المئة، والذرة سينخفض 46 في المئة خلال الموسم 2024-2025.
ويقول محلل الاقتصاد المغربي، إن محصول هذا العام قد لا يزيد على 20 في المئة ما يحتاج إليه المغرب.
وعلى مدار السنوات الماضية حاولت الحكومة المغربية التقليل من وطأة الجفاف عن طريق عدة مبادرات تهدف إلى اتباع نمط معين في مجال تربية المواشي، وإبعاد المحاصيل الزراعية كلّها المستهلكة للمياه، إلّا أن الأرقام تقول إن الاقتصاد المغربي تضرر بشكلٍ كبير من الجفاف، وفقاً لعيسوي.
ومع انخفاض إنتاج الحبوب، يتوقع أن يزيد المغرب من وارداته السنوية من الحبوب خلال الموسم الجاري.
وتنبأت وزارة الزراعة الأميركية أن يزيد المغرب من وارداته السنوية من القمح إلى 7.5 مليون طن متري في موسم 2024-2025 بزيادة 52 في المئة على متوسط واردات المغرب في 10 سنوات.
ويقول عيسوي إن المغرب لجأ للاستيراد الحبوب من دول مثل أوروبا وأوكرانيا، لكن عملية الاستيراد كانت تحدث دون تأثير في الميزانية العمومية للبلاد، ومن خلال مؤسسة حكومية تتابع من كثب الأسواق وتُتيح فرص الشراء وفقاً لمواردها المالية.
وفي محاولة لتخفيف وطأة الجفاف على المستهلكين، منحت الحكومة المغربية المستوردين دعماً مالياً لاستيراد ما يلزم من الحبوب لتفادي انخفاض الإنتاج.
لكن صندوق النقد الدولي صنّف قبل أشهر قليلة نوبات الجفاف والانخفاض في الإنتاج الزراعي في المغرب بأنهما أكبر خطر سلبي على النمو الاقتصادي في البلاد.
فيما توقعت ميزانية المغرب عام 2025 أن ينمو الاقتصاد بنحو 4.6 في المئة مقابل 3.3 في المئة كانت متوقعة في 2024، لكن في حال استمرار الجفاف من المحتمل أن يفقد الاقتصاد ما لا يقل عن 0.8 في المئة من النمو.
حبث يعتمد المغرب بشكلٍ كبير على القطاع الزراعي، حتى ولو كان يمثّل نحو 14 في المئة من الناتج المحلي للبلاد وربع صادرات السلع.
ف بحسب صندوق النقد، فإن نحو ثلث القوى العاملة المغربية تعمل في القطاع الزراعي كما أن التضخم في المغرب حساس للغاية للتغيرات في أسعار المواد الغذائية التي تمثّل نحو 40 في المئة من سلة مؤشر أسعار المستهلك.
وفي نهاية عام 2024 ارتفع معدل البطالة إلى 13.3 في المئة، وفقاً لبيانات المندوبية السامية للتخطيط المغربية، وهو أعلى معدل منذ عام 1999، مع تسبب الجفاف لفقدان المزارعين المتضررين وظائفهم.
كلمات دالة:سوق العملصندوق النقد المغربالقطاع الزراعيالمغربالجفافمشروعات الطاقة المتجددةالقطاع الزراعي في المغربسلسلة موجات الجفافازمةاخبار المغرب© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن