الحرب التي تخوضها إسرائيل حالياً ضد "حزب الله" تكشف عن تأثيرات طويلة المدى عسكرياً، وتشيرُ إلى أن تبدلات كبيرة ستفرض نفسها لاحقاً وخلال السنوات المقبلة في ميدان جنوب لبنان.    صحيحٌ أنّ المحاولات الديبلوماسية لفرض التهدئة ما زالت مُستمرة وقائمة، لكن ما تقوم به إسرائيل "تكتيكياً" يمكن أن يترك ندوباً ستظل ظاهرة لسنوات وسنوات.

. فكيف تتجلى هذه التأثيرات؟ وما هي الثغرات التي سيُعاني منها "حزب الله"؟   خفايا ما بين سطور التقارير الإسرائيلية تُوحي بأن تل أبيب لا تريد فقط مواجهة "حزب الله" في الوقت الآني، بل تسعى لنسف ما بناه الحزب على مدى 40 عاماً داخل جنوب لبنان، سواء من ناحية المعدات القتالية أو من حيث القدرات العسكرية أو البنى التحتية الخاصة به. ضُمنياً، المسألة هذه في حيثياتها ليست سهلة، وطالما استمرت المواجهات كلما ارتفع منسوب خسائر "حزب الله" المادية.   منذ بدء معارك جبهة جنوب لبنان يوم 8 تشرين الأول الماضي، والحزب لا يعلن تضرر أي مبنى أو مقر تابع له جراء قصف إسرائيلي، لكن سقوط الشهداء في أكثر من نقطة ومنطقة يوثق إستهدافات مباشرة لقواعد أساسية تابعة للحزب، كانت إسرائيل عملت على تحديدها في بنك أهداف منذ حرب تموز عام 2006.   هنا، فإنّ ما يواجهه الحزب ليس عادياً، بل يرتبطُ بـ"تحجيم عسكري" له في منطقة الجنوب وتحديداً في القرى الحدودية المتقدمة، وبيت القصيد يرتبط بهذه الزاوية. في هدفها المعلن من المواجهات الحالية، تقول إسرائيل إنها تريد إقصاء "حزب الله" عن الحدود وإبعاده إلى مسافة لا تقل عن 10 كيلومترات. الخطوة هذه ليست سهلة وقد لا تتحقق بموافقة الحزب، لكن إسرائيل ترى نفسها قد وصلت إليها من خلال عملياتها التي طالت مقرات عسكرية ويُعد تدميرها بمثابة "تشحيل" للوجود العسكري المتقدم.   في الواقع، فإن "حزب الله" قد لا يُقر بهذا الأمر وبالتالي لن يُسلم العدو أي ورقة إعتراف بـ"خسائر عسكرية"، لكنه في الوقت نفسه سينشطُ باتجاه إعادة بسط وجوده بسهولة وضمن الأماكن المستهدفة نفسها.. فهل هذا الأمرُ سهل؟
تقول مصادر معنية بالشؤون العسكرية إن الوصول إلى هذا الأمر يعتبر سهلاً، فحزب الله خسر مقرات عسكرية بشكل فعلي لأن هناك إستهدافات دقيقة حصلت، وتابعت: "المقرات التي تم قصفها تعتبر مراكز تنفيذية، لكن هذه الأماكن قد تكون عابرة بالنسبة لحزب الله، وطالما أن دماغ الأخير المركزي والمحوري ما زال بمنأى عن الإستهداف، عندها فإن الأمور جيدة. بمعنى آخر، فإنه طالما كانت المراكز العملياتية الأساسية خارج إطار القصف، طالما أنّ الحزب سيستطيع زرع مراكز تنفيذية جديدة في أي منطقة تبعاً لواقع الميدان".   على صعيد الأمور المادية، فإن "حزب الله" لن يكون متأثراً أبداً، لكن النقطة الأساس تكمنُ في مكانٍ آخر ويرتبط بمحاولة إسرائيل ضرب قيادات مستقبلية ضمن الحزب. الأمر هذا ليس سهلاً، فتل أبيب تتبنى هذا الخطاب، وما يتبين من خلال نمطية الإعلان عن الإغتيالات التي تطال أفراد الحزب هو أن إسرائيل تهدفُ إلى القضاء على الذين سيشكلون لاحقاً نواة محورية داخل الحزب.   إن تمّ النظر قليلاً في عمق الأمور، سيبرز استنتاجٌ من الخطاب الإسرائيلي مفادهُ إن الهدف هو "خردقة" الجيل الجديد داخل الحزب، فالقيادات التي تقدمت في السن قد لا تستمر على رأس عملها، ما يتطلبُ انخراطاً لأطراف جديدة تسعى إسرائيل لاستهدافها. واقعياً، الأمر هذا يؤكد الخبث الإسرائيلي الراغب في إحداث خضة تؤثر على "الدماء الجديدة" في جسد "حزب الله"، وهي الخطوة التي قد يتداركها الأخير فوراً من خلال تأهيل جيل قيادي جديد يتعلم من دروس وعبر المعركة الحالية.   خلاصة الكلام تؤكد أن المعركة التي تدور الآن ستكون ذات امتدادات عمرها عشرات السنوات، وطالما أن "حزب الله" مستمر طالما أن إعداده لبنى تحتية حديثة وقيادات جديدة سيبقى مستمراً، ما يعني أن إمكانية اندلاع معارك جديدة قائم في المستقبل، حتى وإن تم الوصول إلى تهدئة عبر التسوية الحالية.. حتماً، كل شيء وارد.. فما الذي يمنع حصول هذا السيناريو؟ المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: إسرائيل تبحث عن الأسلحة المحصنة في جنوب لبنان

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن معلومات تفيد بتنفيذ قوات خاصة إسرائيلية غارات صغيرة في جنوب لبنان لجمع معلومات استخبارية.

وفي تحليل لهذه التطورات، أوضح الخبير العسكري والإستراتيجي العميد حسن جوني أن هذه العمليات الخاصة تهدف على الأرجح إلى البحث عن أسلحة ومخابئ لم تستطع القوات الجوية الإسرائيلية استهدافها وتدميرها.

وأشار جوني -خلال فقرة التحليل العسكري- إلى أن هذه المخابئ قد تكون محصنة بشكل جيد داخل الجبال، مما يجعلها عصية على الهجمات الجوية التقليدية.

وأضاف جوني أن هذا السيناريو يتوافق مع أحد الاحتمالات التي تم طرحها سابقا، والمتمثل في تنفيذ عمليات خاصة إما عبر التسلل البري وإما الإنزال الجوي وإما "الإبرار البحري".

الضغط على الحزب

وفي سياق متصل، تطرق جوني إلى الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الشاملة في هجماتها على لبنان، مشيرا إلى أنها ترتكز على ثلاثة خطوط جهد رئيسية: الجهد الحربي، والجهد النفسي، والجهد الأمني.

وأوضح أن الجهد النفسي يلعب دورا مهما في هذه الإستراتيجية، حيث يهدف إلى الضغط على مقاتلي حزب الله والبيئة الحاضنة له والمجتمع اللبناني ككل.

وحول التسريبات الإسرائيلية عن قرب تنفيذ عملية عسكرية برية في لبنان، رأى جوني أن هذه التصريحات تندرج ضمن إطار الحرب النفسية والتهديد والتهويل، وأضاف أن الهدف من هذه التكتيكات قد يكون محاولة تحقيق إنجازات تغني عن التنفيذ الفعلي والمكلف للعملية البرية.

وفيما يتعلق بقدرات حزب الله في مواجهة أي تدخل بري محتمل، أشار جوني إلى أن كون عناصر الحزب من أبناء الجنوب اللبناني يمثل نقطة قوة أساسية.

سيناريو كارثي

وأوضح أن هذه الميزة لا يمكن استثمارها بشكل كامل إلا في المواجهة البرية، حيث تعطي للمقاتلين قوة مضاعفة نابعة من إيمانهم بأرضهم ومشروعية قتالهم.

وذكّر جوني بالتجارب السابقة لحزب الله في مواجهة إسرائيل، مشيرا إلى نجاح الحزب في تحطيم صورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، سواء خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان أو في حرب يوليو/تموز 2006.

وحول استعدادات حزب الله لمواجهة السيناريوهات الصعبة، أقر جوني بأن ما حدث مؤخرا من استهداف واسع النطاق لقيادات وعناصر الحزب يتجاوز ما يمكن لأي عقل عسكري توقعه، لافتا إلى أنه من الصعب تصور وجود خطة مسبقة لمواجهة مثل هذا السيناريو الكارثي.

ومع ذلك، أكد جوني على أهمية المرونة والقدرة على الاستجابة السريعة للتطورات الميدانية، مشيرا إلى أن الخبرة في التخطيط ومواجهة المواقف المستجدة ستلعب دورا حاسما في قدرة حزب الله على التعامل مع هذا التحدي الكبير.

مقالات مشابهة

  • هل إسرائيل جادّة في عملية برية ضد الحزب؟
  • كاتب صحفي: العقلية التي تقود إسرائيل تريد دفع المنطقة إلى حرب إقليمية
  • هل وصلت إسرائيل إلى أنفاق ومخازن الحزب؟ بيان يكشف
  • تتميّز بدقتها... ما هي صواريخ فادي التي يقصف حزب الله بها إسرائيل؟
  • لماذا نجحت إسرائيل أمام حزب الله وفشلت في غزة؟
  • خبير عسكري: إسرائيل تبحث عن الأسلحة المحصنة في جنوب لبنان
  • أمريكا تكشف نوع القنابل التي استخدمتها إسرائيل لاغتيال نصر الله
  • كاتب إسرائيلي: لا تنخدعوا باغتيال نصر الله فنتنياهو يقود إسرائيل إلى الهاوية
  • شبكة استخبارات طوقت نصرالله طيلة سنوات.. صحيفة تكشف اختراق إسرائيل لحزب الله
  • كيف نجحت إسرائيل باغتيال «نصر الله» ومن المرشح لقيادة الحزب؟