لندن- رغم التكتم الكبير الذي تفرضه وزارة الدفاع البريطانية حول متابعة جنودها بتهم جنائية، فإن واقعة متابعة 5 من قوات النخبة البريطانية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في سوريا، لم تكن لتبقى طي الكتمان مدة طويلة خاصة أنها المرة الأولى التي تتم فيها متابعة جنود شاركوا في عمليات عسكرية فيها.

وبعد تحقيق دام لأشهر قادته الشرطة العسكرية البريطانية، قدمت نتائج تحقيقها للنائب العام العسكري الذي قرر توجيه تهمة ارتكاب جرائم حرب في سوريا إلى 5 من القوات الخاصة البريطانية.

ورغم إصرار وزارة الدفاع -في بيان مقتضب لها- على أنها حريصة على "التزام جنودنا بأعلى المعايير ونأخذ أي اتهام بشكل جدي"، فإن كثيرين تساءلوا: هل الوزارة أو الجيش البريطانيين قررا فتح ملف الانتهاكات التي ارتكبها الجنود البريطانيين في سوريا خلال سنوات من القتال هناك؟

الدرس الأفغاني

حسب المعلومات العلنية حول هذه القضية، فإن الجنود الخمسة شاركوا في قتل رجل في سوريا دون وجود مبررات أمنية كافية، وحسب تحقيقات الشرطة العسكرية فإن الرجل لم يكن مسلحا ومع ذلك استعمل الجنود القوة المفرطة مما أدى لمقتله.

في المقابل، يقول الجنود إن الرجل كان مقاتلا في صفوف تنظيم الدولة، وهو أمر لم تستطع التحقيقات إثباته خصوصا وأنه كان غير مسلح.

هذا التحقيق الأول من نوعه في قضية تتعلق بسوريا، يأتي بعد سنوات من مشاركة قوات من الجيش البريطاني في عمليات عسكرية في سوريا تحت مبرر محاربة تنظيم الدولة.

غير أنها ليست المرة الأولى التي يلاحق فيها الجيش جنوده بسبب جرائم ارتكبوها خلال حروب سابقة مثلما حدث في حرب أفغانستان، حيث يتابع القضاء البريطاني أكثر من 88 ملفا متعلقا بجرائم لجنود بريطانيين ارتكبوها خلال حرب أفغانستان.

وزارة الدفاع البريطانية تتكتم على متابعة جنودها بتهم جنائية (رويترز) تلميع الصورة

يرى المحامي والخبير في القانون الدولي صباح المختار، في حديثه مع الجزيرة نت، أن متابعة الجنود من طرف المحاكم البريطانية تبقى دائما معقدة.

ويُرجع ذلك إلى أن المملكة المتحدة لا تعلن بشكل صريح عن الأعمال التي يقوم بها الجيش في الخارج، سواء تلك المرتبطة بتقديم دعم لوجيستي وعسكري لحركات انفصالية أو مجموعات ودول بعينها، أو التي تشارك أيضا في تدخلات عسكرية بإرسال أفراد من قوات النخبة دون الإعلان عن ذلك، حيث يقدمون مهام التوجيه والتدريب.

وفسر قيام الحكومة البريطانية بمعاقبة جنودها الذين تورطوا في تجاوزات تم توثيقها ضدهم، بالرغبة في إظهار التزامها بقواعد القانون الدولي والإنساني في الوقت الذي يرى فيه هؤلاء الجنود أنفسهم ضحية لهذه السياسات التي تضعهم محل اتهام، لا الحكومة البريطانية التي تورطت في إرسالهم إلى مناطق النزاع.

واعتبر صباح المختار أن حوادث القتل خارج إطار القانون تكررت في حروب شاركت فيها القوات البريطانية كحربي أفغانستان والعراق وتم فتح تحقيقات ضد جنود بتهم جرائم حرب، وأبرز مثال على ذلك التهم التي وُجهت للجنود البريطانيين للانتهاكات الصارخة التي اقترفوها خلال وجودهم بمدينة البصرة العراقية.

لكن ما يعيبه الخبير القانوني على تحرك الحكومة البريطانية هو أنها سرعان "ما تلتف على هذه القضايا"، ففي حالة العراق مثلا تم إلغاء لجان التحقيق واتخاذ إجراءات إدارية لحماية هؤلاء الجنود، ولم يقدَّم أحد للمحاسبة، وتمت مواجهة هذه الخطوات برفع دعاوى في المحكمة الأوروبية.

وخلُص إلى أن الحكومة البريطانية لا تعمل -عبر فتحها لهذه القضايا- سوى على غسل سمعتها، ولن يتجاوز الأمر -على الأغلب- حد الإعلان عن الاعتقال أو التوقيف دون أن ينتهي إلى المثول أمام المحاكم أو إصدار أحكام ضدهم.

قاعدة بريطانية في سوريا أنشئت في مايو/أيار 2016 (الجزيرة) منع التسيب

من جهته، أكد مازن المصري أستاذ القانون في جامعة لندن، للجزيرة نت، أن تعريف جريمة حرب في القانون البريطاني يتطابق مع تعريفات المعاهدات والقانون الدولي، كمعاهدات روما وجنيف والمحكمة الجنائية الدولية، حيث يقدم الادعاء العسكري تهما ضد أفراد الجيش الذين يشتبه بتورطهم في ارتكاب جريمة حرب، ويتم التحقيق معهم بناء على المعطيات والأدلة المتوفرة.

ويرى أن الجيش البريطاني لم يكن ليقدم على توقيف هؤلاء الجنود لولا وجود مخالفات جدية، وتوفر أدلة يمكن وصفها بالقوية ضدهم تم الإدلاء بها من طرف الادعاء، وعلى الأغلب تتعلق هذه الانتهاكات بتجاوزات يرتكبها الجنود ضد الأهالي.

وأكد المصري أن الجيش البريطاني لا يبادر عادة إلى اتخاذ هذا الإجراء دون وجود أدلة قوية، وشهود من داخل المؤسسة العسكرية تؤكد ارتكاب هذه الجريمة، مضيفا أن هذا الجيش معني بضبط عناصره تجنبا لحصول أي شكل من أشكال الفوضى وعدم الانضباط للأوامر في صفوفه.

ويفسر ذلك بأن العمليات العسكرية التي ينخرط فيها الجيش البريطاني في الخارج يجب أن تبقى خاضعة لمراقبة ومحاسبة أجهزته، ويبادر الجيش لاتخاذ هذه الإجراءات منعا لأي تسيب في أوساط أفراده خاصة في عمليات من هذا النوع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحکومة البریطانیة الجیش البریطانی جرائم حرب فی سوریا

إقرأ أيضاً:

تأجيل محاكمة متهم بالتخطيط لارتكاب أعمال إرهابية لجلسة الغد

قررت الدائرة الأولى جنايات الارهاب بمركز إصلاح وتأهيل وادي النطرون، برئاسة المستشار سامح عبد الحكم، تأجيل نظر محاكمة المتهم "ط.م" الهارب منذ عام 2015 والمتهم باعتناق الأفكار التكفيرية والتخطيط لارتكاب أعمال إرهابية، لجلسة الغد، لتعذر مثول المتهم فى الموعد المحدد اليوم.

وكانت المحكمة برئاسة المستشار سامح عبد الحكم رئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبد الرحمن صفوت الحسيني وياسر عكاشة المتناوي ومحمد مرعي ووائل محمد مكرم، قررت خلال الجلسة الماضية تأجيل المحاكمة لجلسة 24 نوفمبر لحضور المحامي الأصيل عن المتهم وأمرت المحكمة بإيداع المتهم بمركز إصلاح وتأهيل وادي النطرون على ذمة القضية.

وواجهت المحكمة المتهم بالتهم المنسوبة إليه فأنكرها وقرر أنه شاعر وله عدة دواوين، وأنه كان مكلف بإلقاء دواوين الشعر على منصة ميدان رابعة العدوية أثناء اعتصام الجماعة الإرهابية.

وأضاف أنه غادر البلاد منذ 2015 الى دولة السودان ومنها إلى ماليزيا، وحضر إلى مصر منذ أشهر، وتم بعدها إلقاء القبض عليه في شهر سبتمبر الماضي، وذلك لتقديمه للمحاكمة.

وكان قد تم استصدار إذن النيابة العامة لضبطه، وضبط ما يحوزه من أسلحة وذخائر حية ومتفجرات، بقصد استخدامها في العمليات العدائية، وأثناء ضبط المتهم قام بالتعامل وإطلاق الأعيرة النارية على القوة المرافقة المكلفة بالضبط وشرع في قتل أحد الضباط، مما أدى إلى إصابته بانفجار بمقلة العين اليمنى أدى لعاهة مستديمة نتيجة ذلك وهي فقد إبصار العين اليمنى، وتمكن عقب ذلك من الهرب.

كانت الإدارة العامة لمباحث تنفيذ الأحكام قد تمكنت من ضبط المتهم بعد أن ظل هارباً منذ ارتكابه الواقعة في 2015 وبعد صدور حكم غيابي ضده وتم عرضه على النيابة العامة في 25 سبتمبر الماضي والتي قد أحالته بعدة تهم وهي وفقاً لأمر الإحالة على النحو التالي :

1- الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوى إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والإعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي  تنفيذ أغراضها وإنضم إليها مع علمه بذلك وكان ذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

2- شرع في قتل نقيب شرطة -الضابط بالعمليات الخاصة بالأمن المركزي.

3- إحرز سلاح ناري بندقية آلية مما لايجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها وكان ذلك بقصد إستعمالها في نشاط يخل بالأمن العام وكان ذلك على النحو المبين بالتحقيقات.







مقالات مشابهة

  • مصدر عسكري يكشف معلومات خطيرة عن معركة الكدحة التي وقعت قبل ساعات.. تفاصيل مدوية
  • تأجيل محاكمة متهم بالتخطيط لارتكاب أعمال إرهابية لجلسة الغد
  • الجيش الأردني يعلن عن مقتل شخص وتوقيف 7 آخرين في 3 محاولات تسلل من سوريا  
  • الجيش الأردني يحبط محاولة تسلل من سوريا
  • جرائم ومخدرات.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في الأردن
  • والدة تتواطأ مع القاتل: تفاصيل جريمة قتل الطفلة إيزابيلا في بريطانيا
  • أزمة في الجيش الإسرائيلي.. الجنود يتخلصون من حياتهم بسبب حرب غزة ولبنان
  • يوم أسود بتاريخ إسرائيل.. الجنائية تقرر ملاحقة نتنياهو
  • العتبة العباسية تعلن حجم المساعدات التي ارسلتها للنازحين اللبنانيين في سوريا
  • إيطاليا تعلن إصابة 4 من جنودها بجنوب لبنان.. وتتهم هذه الجهة