الطرح الأمريكي على لسان الرئيس في الكونجرس بإنشاء ميناء على سواحل غزة لا قيمة له؛ فالقرار الخاص بهذا الميناء جاء متأخرُا للغاية، فنحن نتحدث عن حرب مر عليها خمسة شهور كاملة وقد لا يتم بناء هذا الميناء إلا بعد شهر كامل  من الآن؛ فضلًا عن الشروط الإسرائيلية التعجيزية لبناء هذا الميناء وإدارته.

قرار واشنطن ببناء ميناء على سواحل غزة يُعني استمرار الحرب وانحياز خفي لإسرائيل، وهو ما دفع حركة حماس ومازال للتمسك بشروطها التي تتعلق بخروج الرهائن الإسرائيلين، وهنا يمكن القول: إنّ أمريكا باتت جزءًا من مشكلة غزة وليست جزءًا من حلها، فضلًا على أنها لم تكن طرفًا محايدًا نزيهًا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قبل أكثر من سبعين عامًا.

هدف إنشاء ميناء غزة ليس ارسال المساعدات وإنما تقنين إرسالها! بمعنى مزيد من التضيق على سكان القطاع؛ فبدلًا من إرسال هذه المساعدات عبر معبر رفح والتي تُسيطر عليه مصر والحكومة المشكلة في قطاع غزة، بات هناك ميناء "أمريكي" سوف يكون في حوزة إسرائيل إذا استمر الاجتياح العسكري لقطاع غزة.

وهنا يبدو الفشل الأمريكي في حل الصراع، وهو ما سوف تدفع ضريبته واشنطن من سياستها الخارجية، فضلًا عما سوف يدفعه الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن وحزبه في الإنتخابات الرئاسية القادمة؛ ولذلك لا يمكن أنّ يُقارن الفشل الأمريكي في السياسة الخارجية الحالي بأي فشل أخر في أي مرحلة تاريخية أخرى، وهذا يعود في الأساس لإستجابة الإدارة الأمريكية للوبي اليهودي في الدوائر الأمريكية.

الفلسطينيون يموتون جوعُا نظرًا لنقص المساعدات عمدًا ورفض إسرائيل الدائم لدخولها ووضع عراقيل أمام هذا الدخول؛ كما أنها أخطأت بالضغط على الفلسطينين من خلالها، وقد يموتون تحت وقع هذه المساعدات التي يتم إلقاؤها عليهم جوًا؛ أو الوعد بإنشاء ميناء قد يستغرق ثلاثين يومًا وأكثر؛ فما الذي يمكن أنّ يجده الفلسطينيون بعد أن أكلوا علف الحيوان ونبات الصبار، حتى حشائش الأرض فقد احترقت بالنابلم الإسرائيلي.

الهدف من انشاء ميناء غزة هو مزيد من الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني؛ فإذا كانت واشنطن جادة في مساعدة الفلسطينيين لإرغمت إسرائيل على وقف آلة الحرب أو على الأقل وقف استهداف المشافي الصحية أو دخول المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية عبر معبر رفح المصري، ولكن قرار إنشاء الميناء المتأخر هو قرار سياسي وليس إنساني، وسوف يتم استخدامه للضغط على الفلسطينين وليس لحل مشاكلهم الرئيسية.

لا أحد يمكن أنّ يُنكر ما نجحت حماس في تحقيقه في 7 أكتوبر الماضي؛ فهو انتصار حقيقي بالمقاييس العسكرية، وأهميته ليس في الأهداف التي أحرزتها حماس في هذا اليوم ولكن في الدلالة، والتي يمكن اختصارها في إزالة هالة القداسة التي رسمتها إسرائيل لجيش الدفاع، هذه الهالة سقطت ومعها سقطت ورقة التوت الأخيرة عن أمريكا؛ وكل منهما سوف يدفع ضرية أكبر إنّ لم ينتبهو لضرورة تغيير سياساتهما.

لا يمكن أنّ يرسم ميناء غزة الحياة فيها بعد أن تخاذل العالم عن نجدة الشعب الفلسطيني، ولكن سوف تظل الأنفاق مأوى الحياة بداخلها بعد أنّ حاول العالم ومعهم إسرائيل أنّ يخفوها من على وجه غزة.

اختصارًا يلجأ الفلسطينيون إلى باطن الأرض لأنهم حرموا من الحياة على وجهها؛ وعندما تعقل إسرائيل هذه المعادلة سوف يكون هناك شأنٌ أخر؛ الشعب الفلسطيني يبحث عن حقه على الأرض وبين أعماقها في الأنفاق وفي السماء؛ فإذا كانت إسرائيل قد وصلت إليهم على الأرض فحتمًا لن تصل إليهم في عمقها ولن تُجاريها في الوصول إلى السماء.

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ميناء غزة غزة فلسطين معبر رفح الأزمة الإنسانية فى غزة میناء غزة یمکن أن

إقرأ أيضاً:

40 شهيدا بغزة وتحذيرات من وضع إنساني كارثي

أفاد مراسل الجزيرة بإصابة 12 فلسطينيا إثر قصف جوي إسرائيلي على خيمة تؤوي نازحين غربي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة مساء أمس السبت.

كما أشار المراسل إلى إصابة آخرين إثر قصف جوي إسرائيلي استهدف شقة سكنية في مخيم البريج وسط القطاع.

وكانت مصادر طبية قد أفادت للجزيرة بأن 40 فلسطينيا استشهدوا في غارات إسرائيلية على القطاع منذ فجر أمس السبت، منهم 13 في مدينة غزة.

وأفاد مراسل الجزيرة بارتفاع عدد ضحايا غارة إسرائيلية على منزل في حي الصبرة جنوبي مدينة غزة إلى أكثر من 40 بين شهيد ومفقود.

وأضاف المراسل أن 3 فلسطينيين استشهدوا في قصف طائرات مسيرة مجموعة من المواطنين في منطقة الزوايدة شمال مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.

إنسانيا، وبعد يوم من إعلان برنامج الغذاء العالمي أنه استنفد إمدادات الغذاء لديه في القطاع قال رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالأمم المتحدة جوناثان ويتال إن الأيام المقبلة ستكون حرجة بغزة في ظل عدم دخول المساعدات.

وأكد ويتال أن الذين لا يقتلون بالقنابل والرصاص في قطاع غزة يموتون ببطء بسبب إغلاق المعابر منذ نحو شهرين.

بدورها، قالت روث جيمس منسقة الشؤون الإنسانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة أوكسفام إن الأوضاع تزداد سوءا كل يوم، وإن المنظمة دعت مع منظمات إنسانية أخرى مرارا إلى إعادة فتح المعابر الحدودية التي ظلت مغلقة لأسابيع.

إعلان

ومنذ استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة في 18 مارس/آذار الماضي استشهد أكثر من ألفي فلسطيني وأصيب نحو 4500 آخرين، وفق بيانات السلطات في القطاع.

وأكدت وزارة الصحة في غزة ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 51 ألفا و495 شهيدا و117 ألفا و524 مصابا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

مقالات مشابهة

  • 40 شهيدا بغزة وتحذيرات من وضع إنساني كارثي
  • باحث سياسي: الإدارة الأمريكية لا تضغط بجدية على إسرائيل لإنهاء حرب غزة
  • الآلاف يتظاهرون في تعز تنديدا بجرائم إسرائيل وللمطالبة بكسر الحصار
  • تقرير: ليلة الآليات المحترقة .. حين تُقصف الأذرع التي تساعد غزة على النجاة
  • إسرائيل: سد فجوات بين الجيش والمستوى السياسي بشأن مساعدات غزة
  • السيسي: نرفع الهامات إجلالًا للقوات المسلحة التي قدمت الشهداء دفاعًا عن الأرض والعرض
  • إسرائيل تمنع وصول المساعدات إلى غزة منذ 7 أسابيع
  • مفاوضات غزة وتفاصيل ما يجري على الأرض
  • الأمم المتحدة: المساعدات الإنسانية التي نقدمها في غزة تتم وفق مبادئ الإنسانية
  • ألمانيا وبريطانيا وفرنسا تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال المساعدات إلى غزة