نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرًا حول تفاصيل الإصلاحات الاقتصادية المفاجئة التي قامت بها مصر بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي في ظل التحديات الخارجية بما في ذلك الحرب في غزة.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن مصر عقدت اتفاقًا مع صندوق النقد الدولي لمنحها قرضا بقيمة 8 مليارات دولار بعد ساعات من السماح بتعويم عملتها بحُريّة ورفع أسعار الفائدة في محاولة مفاجِئة لكسب المستثمرين الأجانب.

 

ونتيجة لذلك، فقد الجنيه المصري نحو 38 بالمائة من قيمته أمام الدولار الأمريكي بعد تعويم العملة، رغم قيام البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة الرئيسية. وقد جرى تداول الجنيه عند 49 جنيها للدولار الأمريكي في أحدث تعاملات، مقارنة بنحو 30 جنيها في اليوم السابق.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الاتفاق يمثل خطوة كبيرة مقارنة بالقرض البالغ 3 مليارات دولار الذي كان صندوق النقد الدولي يناقشه مع القاهرة سابقًا، مما يشير إلى استعداد المنظمة للمساعدة في دعم اقتصاد البلاد.

وكان تعويم مصر للعملة وتحريك سعر الفائدة جزءًا من جهد أوسع بذلته السلطات لجذب رأس المال الأجنبي وسط تراجع ثقة المستثمرين وتحقيق الاستقرار في الاقتصاد المحلي المتعثر حيث تفرض الحرب في غزة تحديات على الحكومة في القاهرة.


وأفادت الصحيفة بأن مصر تلعب دورًا رئيسيا في مفاوضات وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحماس، وتسعى إلى منع امتداد الصراع على نطاق أوسع، لكن اقتصادها المتعثر تعرض لضغوط متجددة.
تواجه مصر، المثقلة بأحد أعلى مستويات الديون الخارجية في العالم، احتمال التخلف عن السداد إذا لم تبدأ في إجراء إصلاحات مالية من شأنها جذب المستثمرين وإرضاء المتبرعين الدوليين.

وقد أثارت حرب غزة توترات دبلوماسية وسياسية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وكان تأثيرها الاقتصادي محسوسًا في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، وانكمش الاقتصاد الإسرائيلي بشكل حاد في أواخر العام الماضي مع قيام المستهلكين بخفض الإنفاق كرد فعل على حالة عدم اليقين، وأدى الصراع إلى تعطيل التدفقات التجارية وإغلاق خطوط الإنتاج لفترة وجيزة.

وأضافت الصحيفة أنه عندما بدأ الحوثيون استهداف السفن في البحر الأحمر، قام العديد من مشغلي الشحن بإعادة توجيه سفنهم، وتجنب قناة السويس التي تربط آسيا بالبحر الأبيض المتوسط، مما قلل من إيرادات مصر من رسوم العبور. وتواجه السلطات المصرية أيضًا تدفقًا محتملاً لعشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين يحاولون الفرار من القتال بين إسرائيل وحماس.

وقال محللون إن رئيس النظام، عبد الفتاح السيسي، الذي أعيد انتخابه لولاية رئاسية ثالثة في كانون الأول/ديسمبر، قاوم تعويم الجنيه بشكل كبير في إطار سعيه لتحقيق استقرار الأسعار والسيطرة على المعارضة السياسية. وقبل خطوة الأربعاء، كان الجنيه قد فَقد بالفعل حوالي نصف قيمته منذ آذار/مارس 2022، مما دفع التضخم إلى مستويات مذهلة ودفع العديد من الأسر المصرية إلى الفقر.

مع ذلك، تعرضت السلطات المصرية لضغوط للسماح بتعويم العملة بحرية، كوسيلة لاستعادة ثقة المستثمرين، وكان جيران مصر في الخليج الأكثر ثراء مترددين خلال العام الماضي في ضخ المزيد من رأس المال إلى البلاد دون تطمينات بشأن كيفية تداول الجنيه المصري.

وأوضحت الصحيفة أنه مع استمرار تعرض العملة لضغوط وتداولها على مستوى منخفض للغاية في السوق السوداء، كان المستثمرون يتوقعون منذ أشهر أن يسمح البنك المركزي بتخفيض حاد آخر في قيمة العملة. ومع ذلك، كان الإعلان عن التعويم الحر الكامل وتوقيته بمثابة مفاجأة.

ويمكن أن يؤدي الانخفاض الحاد في سعر صرف الجنيه على المدى القصير إلى تفاقم التضخم من خلال جعل الواردات أكثر تكلفة، مما يؤدي إلى صعوبات إضافية لمعظم المصريين، رغم أن العديد من الشركات كانت قد أخذت في الاعتبار هذه الخطوة بالفعل، وانخفض معدل التضخم إلى 29.8 بالمائة في كانون الثاني/يناير، بعد أن وصل إلى حوالي 33.8 بالمائة في كانون الأول/ديسمبر.

وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من المصريين اضطروا إلى الحد من تناول اللحوم وألقى البعض باللوم على السلطات في ارتفاع الأسعار. وحسب علاء السبع، وهو أب لطفلين صغيرين في القاهرة، والذي لا يتناول وجبتي الغداء والعشاء لتوفير المال، فإن قيام الحكومة بتعويم الجنيه يضر الناس أكثر.

وتم الإعلان عن الصفقة الجديدة الأربعاء في مؤتمر صحفي عقده رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي ورئيسة صندوق النقد الدولي في مصر إيفانا فلادكوفا هولار.

ووفقًا لتيموثي قلداس، المحلل المصري في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، فإن هذا سيمثل خطوة أخرى نحو استعادة الثقة في الاقتصاد المصري، وربما يمنح مصر وصولاً أسهل إلى رأس المال الخاص. وأضاف أن هذا لن يتحقق إلا إذا توقفت السلطات عن الإسراف في الإنفاق والتزمت بإصلاح جدي.


وحسب البنك المركزي المصري فإن الهدف الآن هو كبح جماح التضخم، الذي سيسعى إلى إبقائه في نطاق يتراوح بين 5-9 بالمائة، ورفع سعر الفائدة على الودائع إلى 27.25 بالمائة من 21.25 بالمائة، بعد أن رفع أسعار الفائدة بالفعل بمقدار نقطتين مئويتين الشهر الماضي.

وأفادت الصحيفة بأن دول الشرق الأوسط، وكذلك الولايات المتحدة - التي تعتبر مصر حليفاً في المنطقة وتزودها بأكثر من مليار دولار من المساعدات العسكرية كل عام - لديهم حافز للمساعدة في الحفاظ على استقرار الاقتصاد المصري حيث تهدد الحرب في غزة بالتحول إلى صراع إقليمي.

مع ذلك، أصبحت الإمارات إلى جانب السعودية مترددة بشكل متزايد في تقديم عمليات الإنقاذ المالي لمصر، كما فعلت في الماضي. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال العام الماضي أن دول الخليج لم تطرح مسألة إدارة مصر للعملة فحسب، بل أصرت أيضًا على تعيين مسؤولين جدد لإدارة الاقتصاد.

ووافقت شركة أبوظبي التنموية القابضة للاستثمار، الشهر الماضي على استثمار 35 مليار دولار في مشروعات عملاقة في مصر، بشرط أن تسمح السلطات بتعويم الجنيه المصري بحرية، وذلك حسب ما قاله أشخاص مطلعون على الصفقة. ومن جهتهم، حذّر الاقتصاديون من أن السماح بتعويم العملة لن يؤدي إلا إلى استعادة ثقة المستثمرين، بالنظر إلى ارتفاع مستوى الإنفاق الحكومي بالعجز والدور المتزايد للجيش المصري في الاقتصاد.

وحسب علياء المهدي، أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، فإنها خطوة جيدة، لكن الأوان قد فات، مؤكدة ضرورة تشجيع القطاع الخاص المصري بدلا من بيع أصول الدولة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الإصلاحات مصر السيسي التعويم مصر السيسي الإصلاحات التعويم المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

هل يؤثر سعر الدولار أمام الجنيه على قرار «المركزي المصري» غدا لتحديد سعر الفائدة؟

اجتماع البنك المركزي.. يجتمع غدا أعضاء لجنة السياسة النقدية بـ البنك المركزي المصري لتحديد سعر الفائدة، في اجتماع البنك المركزي الدوري الأخير خلال العام الجاري 2024. وأجمع خبراء اقتصاديون على أن يتجه البنك المركزي إلى تخفيض سعر الفائدة على مدار العام 2025، لكن من المتوقع تثبيت سعر الفائدة في اجتماعه غدا الخميس

ولجأ البنك المركزي في اجتماعاته الدورية الماضية من بداية العام الحالي وحتى آخر اجتماع يوم 21 نوفمبر الماضي لاتخاذ قرارات جريئة تتعلق بشأن سعر الفائدة لكبح مستويات التضخم المرتفعة في بداية عام 2024 قبل أن يتخذ صنّاع السياسة النقدية وأصحاب القرار في مصر قرارات جريئة بـ تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار «عملة الاستيراد الرئيسة في مصر» والتي أتت بثمارها على حالة سعر صرف الجنيه أمام الدولار.

وقرر أعضاء لجنة السياسة النقدية بـ البنك المركزي بعد ذلك في اجتماعاته الأربعة بعد قرارين من البنك المركزي برفع سعر الفائدة في بداية العام الحالي، أن يبقي على سعر الفائدة الحالي دون تغيير لمدة أربع مرات على التوالي على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب. كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%.

ومن المُتوقع أن لا يحيد قرار البنك المركزي غدا بحسب تصريحات أغلب توقعات خبراء المال والاقتصاد تواصلت معم «الأسبوع» عن تثبيت سعر الفائدة على أموال الإيداع والاقتراض، مع توقعات كبيرة باعتماد البنك المركزي خلال العام القادم بعض من قرارات سعر الفائدة تجاه الخفض.

الجنيه المصري-الدولار معاودة طفيفة لـ ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه

ورغم مواصلة الحكومة اعتماد قرارات من شأنها أن تخلق الموازنة المطلوبة بين سعر صرف الجنيه أمام الدولار، والتي في حالة ارتفاعه ينعكس على تحريك كثير من السلع الغذائية وغيرها كون مصر تعتمد في أغلب سلعها من المواد الغذائية على عمليات الاستيراد المختلفة التي تتطلب توافر العملة الدولارية اللازمة، إلا أن هناك ارتفاعا طفيفا في سعر الدولار أمام الجنيه لا يتعدى القروش، والذي لا يشكل إلى الوقت الحالي قلقا.

اجتماع البنك المركزي غدا

وبحسب استطلاع رأي لعدد من خبراء المال والاقتصاد المحليين ومديري الاستثمار في مصر أجرته الشرق، بلومبرج، فمن المتوقع بحسب ما أشار إليه هؤلاء الخبراء أن يستمر الجنيه المصري في التراجع أمام الدولار خلال عام 2025 حتى يصل مستوى صرف سعر الدولار لـ 54 جنيها.

توقعات خفض الفائدة

وكان قد أشار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء إلى أن تحرك سعر الدولار أمام الجنيه ارتفاع وانخفاضا بـ نسبة 5% هو أمر طبيعي وصحي في ظل نهج الحكومة تطبيق لمرونة سعر الصرف الدولار أمام الجنيه.

ووفقا لـ الشرق من خلال استطلاعتها مع عدد من بنوك الاستثمار العالمية، فهناك توقعات باعتماد البنك المركزي خفض أسعار الفائدة في الربع الأول من العام المقبل، مع تباين الآراء حول نسب الخفض المتوقعة. رجحت الغالبية خفض أسعار الفائدة بما يتراوح بين 300-400 نقطة أساس خلال 2025 بأكمله، فيما توقعت آراء أخرى أكثر جرأة خفضها بما بين 800-1000 نقطة أساس.

اقرأ أيضاًاليوم.. اجتماع البنك المركزي لحسم أسعار الفائدة

موعد اجتماع البنك المركزي المصري لحسم مصير أسعار الفائدة

موعد اجتماع البنك المركزي المصري لحسم مصير أسعار الفائدة

مقالات مشابهة

  • هل يمكن لمقترحات رجال أعمال مبارك أن تنقذ الاقتصاد المصري؟
  • الريال السعودي يواصل مسيرة الصعود أمام الجنيه المصري
  • استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري وآخر تحديثات أسعار الصرف
  • ما حجم العجز في الموازنة لغاية تشرين الاول الماضي؟
  • بعد تثبيت الفائدة.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري
  • توسع القطاعات غير النفطية وزيادة الاستثمارات يعززان نمو الاقتصاد العماني على المدى المتوسط
  • فرنسا تنقذ 107 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور قناة المانش إلى بريطانيا
  • فرنسا تنقذ عشرات المهاجرين خلال محاولتهم عبور المانش
  • مصر وصندوق النقد الدولي.. اتفاق جديد يمهد لصرف 1.2 مليار دولار
  • هل يؤثر سعر الدولار أمام الجنيه على قرار «المركزي المصري» غدا لتحديد سعر الفائدة؟