الجنرال الذهبي.. 55 عاماً على وفاة الفريق أول عبد المنعم رياض
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
تحيي مصر والقوات المسلحة في التاسع من مارس من كل عام ذكرى يوم الشهيد، وهو ذكرى استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق عام 1969، حينما ضرب أروع الأمثال في الفداء والتضحية من أجل حماية الوطن.
الفريق أول عبد المنعم رياضففي التاسع من مارس عام 1969 توجه الفريق أول عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق للجبهة المصرية ليتابع بنفسه معارك وبطولات الجيش أمام الكيان المحتل، وأثناء تواجده على الجبهة، استشهد وسط أبطال القوات المسلحة، ليضرب بذلك المثل في الشرف والتضحية، وليسجل التاريخ واحدة من أروع وأعظم قصص البسالة والشجاعة والفداء من أجل الوطن وليحفظ له التاريخ أيضا هذا الموقف العظيم.
والتاريخ يؤكد دائماً على أن عطاء أبطال القوات المسلحة على مر العصور، يجسد الشرف والتفاني والإخلاص والانتماء الذي يعكس عقيدة الجيش المصري العظيم، حيث ستظل العسكرية المصرية، رمزا للفداء والتضحية في سبيل الحفاظ على هذا الوطن العظيم.
ولد الشهيد الفريق أول عبد المنعم رياض في 22 أكتوبر عام 1919 بقرية "سبرباي" التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية، وقد درس الشهيد في كتاب القرية وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة السيدة نفيسة بالعباسية ثم بمدرسة العريش الابتدائية ثم انتقل إلى مدرسة الرمل الابتدائية بالإسكندرية، والتحق بمدرسة الخديوي إسماعيل الثانوية.
وبرغم حب الفريق أول عبد المنعم رياض للجندية إلا أنه قدم أوراقه بعد تخرجه في المدرسة الثانوية لكلية الطب، وتم قبوله بها ودفع مصروفاتها إرضاءً لوالدته وأمضى بها عامين.
وكان والد الفريق أول عبد المنعم رياض، هو القائم مقام -"عقيد"-، محمد رياض عبد الله، قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية، وقد توفى والد الفريق عبد المنعم رياض عام 1931 وكان عمر الشهيد حينها لا يتجاوز الثانية عشرة.
التحاقه بالكلية الحربيةطموح الفريق أول عبد المنعم رياض في أن يكون مثل والده وحبه الشديد للجندية، دفعه للالتحاق بالكلية الحربية في يوم 6 أكتوبر 1936 وتخرج منها يوم 21 فبراير 1938 برتبة ملازم ثان وكان ترتيبه الثاني على دفعته، ثم التحق بكلية أركان الحرب، وحصل على ماجستير العلوم العسكرية عام 1944 وكان ترتيبه الأول على الخريجين.
وقد أجاد الفريق أول عبد المنعم رياض، عدة لغات منها: "الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية".
شارك الفريق أول عبد المنعم رياض في الحرب العالمية الثانية عام 1939 بالصحراء الغربية ومرسى مطروح، ثم شارك في حرب فلسطين عام 1948، كما تولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات في مايو 1952، ثم عين في يوليو 1954 قائدا للمدفعية المضادة للطائرات.
كما شارك في حرب السويس "العدوان الثلاثي" عام 1956، وفي 10 مارس 1964 صدر قرار بتعيينه رئيسًا لأركان القيادة العربية الموحدة، ورقي إلى رتبة "فريق" في 21 أبريل 1966، ثم عُين قائدا لمركز القيادة المتقدم في الأردن ثم عُين قائدا للجبهة الأردنية.
وسافر الفريق عبد المنعم رياض إلى إنجلترا، حيث حصل على تدريب خاص في سلاح المدفعية المضادة للطائرات بكلية "مانويير" بإنجلترا بتقدير امتياز، ثم استكمل دراسته بأكاديمية "وولتش" العسكرية، كما تلقى دراسات بالولايات المتحدة الأمريكية وقضى عدة سنوات في أرقى الكليات العسكرية بالاتحاد السوفييتي، حيث أطلق عليه الروس لقب "الجنرال الذهبي".
والتحق "رياض" بكلية التجارة بجامعة عين شمس عام 1967 رغبة منه في استكمال رسالة الدكتوراه التي كان يعدها في الإستراتيجية العسكرية، ولما أدرك أن بحثه لن يكتب له النجاح ما لم يستوعب العلوم الاقتصادية قرر الانتساب للكلية، وأدى بعض امتحانات الفرقة الأولى لكنه لم يستكملها نظرا لاستدعائه للجبهة الأردنية.
بعد 6 أيام فقط من نشوب حرب 5 يونيو 1967 عُين الفريق أول عبد المنعم رياض رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، وبدأ على الفور في إعادة بناء القوات المسلحة ونجح فيها بشكل أذهل الجميع.
حقق "رياض" انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة "رأس العش" التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بور فؤاد التي تقع في محافظة بورسعيد في يونيو 1967 ونجح الجيش في عهده في تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و1968.
مع بداية يوم 8 مارس 1969، شنت المدفعية المصرية قصفا لنقاط العدو فى خط بارليف، وحققت نتائج مبهرة وأصابت العدو بحالة من الجنون، وفى اليوم التالي قرر الفريق أول عبد المنعم رياض أن يكون هناك على الجبهة بين جنوده وضباطه يشد من أزرهم، وذهب الشهيد لمقر قيادة الجيش الثاني.
وفور وصول رئيس الأركان الأسبق إلى الإسماعيلية، استقل الشهيد سيارة عسكرية إلى الجبهة، وأصر على زيارة المواقع الأمامية التي لا يفصلها عن العدو سوى عرض القناة، وانطلق يسأل الجنود ويستمع لهم.
وفجأة انهالت دانات المدافع الإسرائيلية بعد وصول الفريق أول عبد المنعم رياض للموقع المتقدم وتجددت اشتباكات المدفعية وتبادل الجانبان القصف، وراح الشهيد يشارك في توجيه وإدارة المعركة النيرانية وإلى جانبه قائد الجيش ومدير المدفعية.
وأصدر الشهيد "رياض" أوامره إلى قائد الموقع وضباطه بأن يتصرفوا بسرعة حتى يديروا المعركة وبقى في مكانه يراقب اتجاه دانات المدافع، وبعدها بدقائق معدودة سقطت قذيفة مدفعية بالقرب من الخندق الذي يحتمي فيه الشهيد ومعه قائد الجيش ووقع انفجار هائل وانطلقت الشظايا إلى داخل الحفرة، فتوفي الشهيد الفريق أول عبد المنعم رياض، وحُمل جثمان الشهيد في عربة عسكرية إلى مستشفى الإسماعيلية ومنه إلى مستشفى المعادي العسكري بالقاهرة.
أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا خاصا تنعي فيه الشهيد الفريق أول عبد المنعم رياض بلسان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وخرجت جنازة الشهيد في اليوم التالي يتقدمها رئيس الجمهورية، وبرغم أنها كانت جنازة عسكرية إلا أن جموعًا غفيرة من المواطنين قدرت بمئات الآلاف، خرجت لوداع الشهيد في أكبر جنازة تشهدها مصر لرجل عسكري، وثاني أكبر جنازة على الإطلاق في تاريخ مصر بعد جنازة الرئيس جمال عبد الناصر.
تمت إقامة نصب تذكاري للشهيد الفريق أول عبد المنعم رياض في المكان الذي استشهد فيه بالإسماعيلية وأطلق أسمه على الموقع 6 الذي استشهد فيه، وخُصصت جائزة بأسمه تُمنح لأوائل الخريجين من الكلية الحربية والكلية البحرية والطيران والشرطة، وأطلق أسمه على المبنى الرئيسي بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية التي تخرج فيها وعمل أستاذا بها، كما أُطلق أسمه على أول دفعة تلتحق بالكلية الحربية في يوليو 1969 في احتفال عسكري وشعبي.
كما تم إطلاق أسمه على عدد من الميادين المهمة والشوارع الرئيسية والمدارس، كما أطلقت عدد من البلدان العربية أسمه على بعض الميادين والقاعات الدراسية، كما تم إنشاء مسجد الشهيد فريق أول عبد المنعم رياض بأرض الغابة الشجرية المقابلة لمبنى ديوان عام محافظة الإسكندرية على قطعة أرض بمساحة 10.4 فدان، ويتضمن المشروع إنشاء مسجد بمساحة 2135 مترًا مسطحًا سعة 1800 مصلى، وممشي جنازات عسكرية بطول 75 مترًا، 3 مبانٍ قاعات مناسبات تسع حتى 3500 فرد وتتكون من 11 قاعة مناسبات رجالي و11 قاعة مناسبات سيدات.
لقد كانت ومازالت بطولات وتضحيات رجال قواتنا المسلحة الباسلة هي أسس الانتصارات والأمجاد المصرية عبر التاريخ بل وهي سر خلود الوطن والحفاظ على سيادته وكرامته، كما أن تضحيات الشهداء كانت ومازلت وقوداً للبناء والتنمية والتقدم وأساساً قوياً انطلقت منه معجزة البناء والتنمية والتقدم التي أضاءت مصر خلال السبع سنوات الأخيرة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: يوم الشهيد القوات المسلحة الكلية الحربية الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية حرب القوات المسلحة بالکلیة الحربیة الشهید فی أسمه على رئیس ا
إقرأ أيضاً:
مقبرة الملك الذهبي.. "توت عنخ آمون" درّة الآثار المصرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
منذ أكثر من 102 عام تم اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، والتي تعد من أهم الاكتشافات الأثرية؛ لانها المقبرة الملكية الوحيدة بوادي الملوك التي تم اكتشاف محتوياتها سليمة ومتكاملة نسبيا، وكان اكتشاف المقبرة في الرابع من شهر نوفمبر عام ١٩٢٢ من قبل عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر، والذي يعد أول إنسان تطأ قدماه الغرفة التي تحوي تابوت الملك توت عنخ آمون.
كما أن مقبرة الملك توت عنخ آمون هي رقم 62 في وادي الملوك، وعلى الرغم من ثرواتها المهولة فهي متواضعة من ناحية الحجم والتصميم المعماري، وذلك مقارنة بالمقابر الاخرى في هذا الموقع، ولعل ذلك بسبب وصول الملك توت عنخ آمون إلى العرش في عمر صغير وحكم وهو في التاسعة من عمره، وذلك بحسب الموقع الرسمي لوزارة السياحة والآثار.
وفي شهر ديسمبر من نفس عام اكتشاف المقبرة خرجت أول قطعة أثرية منها، وبدأ تنظيف الغرفة الأمامية والتي استغرقت سبعة اسابيع، وتم اكتشاف المقبرة وهي مكدسة بالمتعلقات الملكية من دون ترتيب، وتمكن كارتر من اخذ صور لأكاليل من الزهور والتي سرعان ما تفككت بمجرد لمسها في محاولة لنقلها خارج المقبرة، ووصفه للمتعلقات الملكية بها استغرق عقد كامل، كما ضمت المقبرة ايضاً القناع الجنائزي للملك توت عنخ آمون، والمصنوع من الذهب الخالص ومطعم بالاحجار الكريمة، إلى جانب ما يقرب من ٥٠٠٠ قطعة أثرية اخرى عثر عليها في الغرف المختلفة في المقبرة والتي تعطينا فكرة عن طريقة المعيشة في القصر الملكي، وكان من ضمن القطع الموجودة: الخنجر الملكي وكان ملفوف في احد اللفائف الكتانية الملفوفة حول المومياء، وملابس الملك توت عنخ آمون، وأقمشة وحلي ذهبية، ومعدات حربية، وعربات تجرها الخيول، وأوعية ذهبية وفخارية، ومخزونات غذاء ومشروبات، وقطع للألعاب، ومصابيح بالزيت، وكراسي وقطع أثاث اخرى.
قبر الملك توت يحتوي على خمس غرف، ويتضمن ملحق وغرفة انتظار ومساحة ممر وخزانة وغرفة دفن، وفقًا للعديد من الرسوم التوضيحية والنماذج بالأحجام الطبيعية التي شاركها المؤرخون منذ اكتشاف القبر، وحجرة الدفن في مقبرة الملك توت كانت تبلغ 19.7 قدمًا (6 أمتار) في 13.1 قدمًا (4 أمتار) وتحتوي على تابوت خارجي مستطيل الشكل يحتوي على ثلاثة توابيت متداخلة، وتم بناء مقبرة الملك توت تحت الأرض في وادي الملوك، وهي مقبرة ملكية للقادة الوطنيين والنبلاء الأقوياء، والتي تقع على الضفة الغربية لنهر النيل مقابل مدينة الأقصر.
تم تخريب المقابر التي بنيت في وادي الملوك من القرن السادس عشر إلى القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وفقًا لموسوعة العالم الجديد، وكانت قد أفادت وزارة السياحة والآثار المصرية أن تابوت الملك توت كان مصنوعًا من الكوارتزيت وله أربعة آلهة مصورة بأجنحة منتشرة في كل زاوية.
أما بالنسبة للتوابيت الثلاثة، فقد ورد أن التابوت الخارجي مصنوع من الخشب المذهب بشكل أوزوري وزخارف زجاجية باللونين الأزرق والأحمر ومقابض فضية، أما التابوت الأوسط مصنوع من الخشب المذهب والزجاج متعدد الألوان المرصع؛ أما التابوت الأعمق فهو على شكل مومياء ومصنوع من الذهب الخالص الذي يزن 110.4 كجم.
وقد تم افتتاح المقبرة لاول مرة للجمهور في الخامس عشر من شهر نوفمبر عام ١٩٣٩، وكانت تضم حينها مومياء وتابوت الملك توت عنخ آمون، بالاضافة إلى ٢٠٠٦ قطعة أثرية اخرى، وتم تخزين باقي القطع بالمتحف المصري بالتحرير، وبعضها بمخازن علي حسن بالأقصر، ومن المقرر ان يتم عرض المجموعة الكاملة لمقبرة الملك توت عنخ آمون لاول مرة في المتحف المصري الكبير والمقرر افتتاحه في العام الحالي في احتفالية ضخمة تبهر العالم وتدل على عظمة الآثار المصرية.
300909574_512405567555267_5076609623241896246_n 343386Image1-1180x677_d FB_IMG_1541335251331 images (1) images